الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِإِنْسَانٍ حَقُّ الِادِّعَاءِ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ أَمَرَ شَخْصًا بِإِتْلَافِ مَالِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُجْبَرًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1007) .
أَمَّا لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ آخَرَ بِإِتْلَافِ مَالِ إنْسَانٍ وَالْمَأْمُورُ لَا يَعْلَمُ إلَّا أَنَّهُ مَالُ الْآمِرِ وَأَنَّ الْأَمْرَ صَحِيحٌ فَيَحِقُّ لِلْمَأْمُورِ بَعْدَ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ الْمُتْلَفَ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْآمِرِ بِتَقْرِيرِهِ إيَّاهُ.
كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ مَدِينَهُ بِأَنْ يُلْقِيَ الدَّيْنَ الْمَطْلُوبَ لَهُ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ فَبِمَا أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ مُضَافًا لِمَالٍ يَمْلِكُهُ الْآمِرُ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِذَا أَلْقَى الْمَأْمُورُ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي يُسَاوِي الدَّيْنَ إلَى الْبَحْرِ فَيَكُونُ قَدْ غَرَّرَ بِنَفْسِهِ وَأَضَاعَ الْمَبْلَغَ الْمُلْقَى عَلَى نَفْسِهِ.
كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ بَنَّاءً بِفَتْحِ بَابٍ فِي حَائِطٍ وَفَعَلَ الرَّجُلُ ثُمَّ عَلِمَ بِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَتْ لِلْآمِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْآمِرِ.
أَمَّا إذَا قَالَ الْآمِرُ: افْتَحْ لِي بَابًا فِي حَائِطِي أَوْ كَانَ سَاكِنًا فِي الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْحَائِطُ وَقَالَ افْتَحْ بَابًا فِي هَذِهِ الْحَائِطِ فَلِلْبَنَّاءِ أَنْ يَرْجِعَ بِالضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ.
كَذَا لَوْ أَمَرَ رَجُلٌ وَلَدَهُ بِأَنْ يُتْلِفَ مَالَ إنْسَانٍ وَأَتْلَفَهُ فَالضَّمَانُ يَتَرَتَّبُ بِحَقِّ الْمُتْلِفِ وَلَا يَتَرَتَّبُ بِحَقِّ الْأَبِ الْآمِرِ وَخُلَاصَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي بُطْلَانِ الْأَمْرِ:
1 -
أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ 2 - أَنْ لَا يَكُونَ وِلَايَةً لِلْآمِرِ فَإِذَا أَمَرَ إنْسَانٌ آخَرَ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا يَمْلِكُهُ مِنْ مَالِ أَوْ غَيْرِهِ فَأَمْرُهُ صَحِيحٌ فَلَوْ نَدِمَ الْآمِرُ عَلَى أَمْرِهِ وَطَلَبَ تَضْمِينَ الْمَأْمُورِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ
[
(الْمَادَّةُ 96) لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ]
(الْمَادَّةُ 96) :
لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْفِقْهِيَّةِ (لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَا وِلَايَتِهِ) الْوَارِدَةِ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ. فَعَلَيْهِ إذَا أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يَبْنِيَ بِنَاءً مُحَاذِيًا لِحَائِطِ بِنَاءِ إنْسَانٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ حَائِطَ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِدُونِ إذْنِهِ حَتَّى وَلَوْ أَذِنَهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَلَهُ بَعْدَئِذٍ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إذْنِهِ.
كَذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْآخَرِ أَوْ مَزْرَعَتَهُ الْمُسَيَّجَةَ بِدُونِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِهِ الدَّارَ أَوْ الْمَزْرَعَةَ يَكُونُ قَدْ اسْتَعْمَلَهَا.
كَذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَرْكَبَ الْحَيَوَانَ الْمُشْتَرَكَ أَوْ أَنْ يُحَمِّلَهُ مَتَاعًا بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَإِذَا رَكِبَهُ أَوْ حَمَّلَهُ وَتَلِفَ يَكُونُ ضَامِنًا حِصَّةَ الشَّرِيكِ.
كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ حَائِطٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاتَّفَقَا عَلَى نَقْضِهَا وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ ارْتِفَاعَهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلًا فَيَحِقُّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ.
فَعَدَمُ جَوَازِ فَتْحِ بَابٍ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ مِنْ شَخْصٍ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ بِتِلْكَ الطَّرِيقِ وَاشْتِرَاطُ كَوْنِ الْبَائِعِ وَالْمُؤَجِّرِ وَالْوَاهِبِ وَالْمُصَالِحِ مَالِكًا لِذَلِكَ الْمَالِ أَوْ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ وَصِيًّا عَلَيْهِ أَوْ وَلِيًّا لِنَفَاذِ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ الْمَالِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ (رَاجِعْ الْمَوَادَّ 1219 و 365 و 446 و 857 و 1546 و 1075) قَدْ ذُكِرَ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ قَيْدٌ وَهُوَ (عَدَمُ الْإِذْنِ) ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ بِإِذْنِهِ جَائِزٌ.
وَالْإِذْنُ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَرَاحَةً وَهُوَ كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي الْمَادَّةِ (95) وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ دَلَالَةً وَهُوَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1078 و 1079) .
فَالْإِذْنُ صَرَاحَةً هُوَ كَاَلَّذِي يَحْصُلُ فِي تَوْكِيلِ إنْسَانٍ آخَرَ لَأَنْ يَشْتَغِلَ فِي إحْدَى الْخُصُوصَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ لِلْمُوَكِّلِ الْقِيَامُ بِهَا كَتَوْكِيلِ إنْسَانٍ آخَرَ لَأَنْ يَبِيعَ لَهُ مَالًا أَوْ أَنْ يُؤَجِّرَ لَهُ عَقَارًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
أَمَّا الْإِذْنُ دَلَالَةً فَهُوَ كَذَبْحِ الرَّاعِي شَاةً مُشْرِفَةً عَلَى الْهَلَاكِ فَالرَّاعِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا صَرَاحَةً فَقَدْ اُعْتُبِرَ اسْتِحْسَانًا مَأْذُونًا.
أَمَّا لَوْ كَانَ ذَابِحُ الشَّاةِ غَيْرَ الرَّاعِي فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَالْبَعْضُ مِنْهُمْ يَقُولُ بِعَدَمِ ضَمَانِ الذَّابِحِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ كَالرَّاعِي مَأْذُونًا وَالْبَعْضُ قَالَ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ.
قَدْ مَرَّ مَعَنَا فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِأَنَّ (لِلْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ حَقَّ التَّصَرُّفِ بِلَا إذْنِ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ أَوْ وِصَايَتِهِ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (365 و 637) .
نَافِذٌ فَإِذَا شَبَّتْ النَّارُ فِي دَارٍ مَثَلًا فَلِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْمُرَ بِهَدْمِ الدُّورِ الَّتِي فِي جَانِبِهَا مَنْعًا لِسَرَيَانِ النَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْإِمَامِ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَأَمْرُهُ صَحِيحٌ وَمَشْرُوعٌ.
أَمَّا إذَا وَجَدَ ضَرُورَةً فَيَجُوزُ لِكُلِّ إنْسَانٍ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ كَمَا لَوْ سَقَطَ رِدَاءُ شَخْصٍ عَلَى دَارِ جَارِهِ وَخَافَ مِنْ الْجَارِ أَنْ يُخْفِيَهُ فَلِصَاحِبِ الرِّدَاءِ دُخُولُ الدَّارِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَإِنْ عُدَّ ذَلِكَ مِنْهُ تَصَرُّفًا فِيمَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ فَقَدْ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 27) .
وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ عَلَى الْإِذْنِ بِالدَّلَالَةِ:
إذَا مَرِضَ الْوَلَدُ أَوْ الْوَالِدُ فَلِلْوَالِدِ أَوْ الْوَلَدِ أَنْ يَصْرِفَ بِدُونِ إذْنِ الْمَرِيضِ مِنْ مَالِهِ لِمُدَاوَاتِهِ وَإِطْعَامِهِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِمُدَاوَاةِ الْمَرِيضِ وَإِطْعَامِهِ ثَابِتٌ عَادَةً فَاحْتِيَاجُ الْمَرِيضِ لِلْمُدَاوَاةِ وَالْإِطْعَامِ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ.
كَذَلِكَ: إذَا خَرَجَ جَمَاعَةٌ إلَى سَفَرٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَلِرُفَقَائِهِ بَيْعُ أَمْتِعَتِهِ لِتَجْهِيزِهِ مِنْهَا وَتَسْلِيمِ مَا بَقِيَ إلَى وَرَثَتِهِ.
كَذَا: لَوْ أُغْمِيَ عَلَى شَخْصٍ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَلِرُفَقَائِهِ أَنْ يُنْفِقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الرَّفِيقَ فِي السَّفَرِ بِمَنْزِلَةِ الْأَهْلِ وَالْعِيَالِ.