الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ حُكْمِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ]
(الْمَادَّةُ 642) حُكْمُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ أَيْ لِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ قَدْ شَرَطَ تَسْلِيمَ الْمَكْفُولِ بِهِ فَيَلْزَمُ إحْضَارُهُ عَلَى الْكَفِيلِ بِطَلَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ فَبِهَا وَإِلَّا يُجْبَرُ عَلَى إحْضَارِهِ.
أَيْ يَلْزَمُ عَلَى الْكَفِيلِ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي شَرَطَ لِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ أَوْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَطْلُبُهُ الْمَكْفُولُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَالِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي طَلَبِ مُهْلَةٍ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ مَحِلُّ الْمَكْفُولِ بِهِ مَعْلُومًا وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَكَانِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (663) . وَهَذَا اللُّزُومُ مُسْتَنِدٌ عَلَى قَصْدِ قِيَامِ الْكَفِيلِ بِأَدَاءِ مَا الْتَزَمَ بِهِ (بِمُقْتَضَى الْكَفَالَةِ) لَكِنَّ لِلْكَفِيلِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (665) أَنْ يُسَلِّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ وَقْتٌ لِلتَّسْلِيمِ أَنْ يُحْضِرَ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَطْلُبُ الْمَكْفُولُ لَهُ إحْضَارَهُ فِيهِ.
فَإِنْ أَحْضَرَهُ فَبِهَا أَيْ يَكْتَفِي بِهَا وَيَكُونُ قَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى إحْضَارِهِ وَيُحْبَسُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ حَقٍّ لَازِمٍ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَتْ الْجِهَةُ الَّتِي قَصَدَهَا الْمَكْفُولُ عَنْهُ مَعْلُومَةً يُعْطِي الْحَاكِمُ مُهْلَةً لِلْكَفِيلِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجِهَةُ بَعِيدَةً أَمْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهَا وَيَجِيءَ وَلِلْمَكْفُولِ بِهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْكَفِيلِ كَفِيلًا؛ لِئَلَّا يَخْتَفِيَ فَإِذَا أَحْضَرَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ فِي نِهَايَةِ تِلْكَ الْمُهْلَةِ فَبِهَا وَإِلَّا يُحْبَرُ عَلَى إحْضَارِهِ.
كَذَلِكَ يُحْبَسُ الْكَفِيلُ وَيُجْبَرُ عَلَى إحْضَارِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِيمَا لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْمَكْفُولُ عَنْهُ. لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَحِلُّ بَعِيدًا أَوْ بَلَدًا أَجْنَبِيًّا. مَثَلًا لَوْ فَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ إلَى بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ وَالْتَحَقَ بِهَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِهِ فِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ دَوْلَتِهِ وَالدَّوْلَةِ الَّتِي فَرَّ إلَى بِلَادِهَا مُعَاهَدَةٌ عَلَى تَسْلِيمِ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْفَارِّينَ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى تِلْكَ الدَّوْلَةِ وَكَانَ بَيْنَ الدَّوْلَتَيْنِ صُلْحٌ وَسَلَامٌ. أَمَّا إذَا وُجِدَ فِي طَرِيقِ الْمَحِلِّ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْمَكْفُولُ عَنْهُ عُذْرٌ مَانِعٌ مِنْ الْمُرُورِ فِيهِ فَلَا يُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى الذَّهَابِ إلَيْهِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَحِلُّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ مَعْلُومًا وَتَصَادَقَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَلَى ذَلِكَ تَتَأَخَّرُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ إلَى أَنْ يَعْرِفَ مَحِلَّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي مَعْلُومِيَّةِ الْمَحِلِّ
فَقَالَ الْكَفِيلُ: لَا أَعْلَمُ مَحِلَّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ يُقِيمُهَا مِنْهُمَا. وَإِذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُهُمَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا كَانَ يُوجَدُ مَكَانٌ يَقْصِدُهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ عَادَةً لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِ كَالتِّجَارَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ وَيَلْزَمُ عَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لِلتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مَحِلٌّ كَهَذَا يَقْصِدُهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَحِلَّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالتَّنْوِيرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
لِلْكَفِيلِ أَنْ يُجْبَرَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَالْحُضُورِ، أَيْ أَنَّهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ يَصْدَعَ لِتَكْلِيفِ الْكَفِيلِ إيَّاهُ بِالتَّسْلِيمِ وَإِذَا لَمْ يَصْدَعْ لِتَكْلِيفِهِ وَلَمْ يَقْتَدِرْ الْكَفِيلُ عَلَى التَّسْلِيمِ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فَيُعِينُهُ بِأَعْوَانِهِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَإِلَّا فَيُرْشِدُ الْمَكْفُولُ لَهُ إلَى مَكَانِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَيُخْلِي بَيْنَهُمَا (الْفَتْحُ، الْهِنْدِيَّةُ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِنَفْسِ أَحَدٍ لَيْسَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَبْلَهُ شَيْءٌ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِهِ فِيمَا لَوْ بَيَّنَ الْمَكْفُولُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ عَدَّ إجْبَارَ الْكَفِيلِ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ يَسْتَحِقُّهُ عَبَثًا فَالْكَفَالَةُ الْوَاقِعَةُ عَلَى زَعْمِ الطَّالِبِ إنَّمَا تَكُونُ لِحَقٍّ يَلْزَمُ الْأَصِيلَ أَدَاؤُهُ.
وَالْحُكْمُ فِي الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا وَهَا هُوَ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِ فُلَانٍ الَّذِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ دَيْنَهُ وَلَمْ يُثْبِتْهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَحَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِفُلَانٍ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ لِزَعْمِهِ وُجُودَ ذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْفَرْعِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْأَصْلِ وَارِدٌ (الْهِنْدِيَّةُ بِإِيضَاحٍ) .
وَيَكُونُ الْكَفِيلُ مُجْبَرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِطَلَبِ الطَّالِبِ.
عَلَى أَنَّهُ لِلْكَفِيلِ حَقٌّ بِالتَّسْلِيمِ بِدُونِ طَلَبٍ أَيْضًا. وَسَيُبَيِّنُ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَيْنِ التَّسْلِيمَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (664) .