الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّلَامَةِ إذْ يَتَحَقَّقُ السَّوْقُ بِدُونِهِ وَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ فَيَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ بِوَجْهِ الْإِلْحَاقِ بِهِ أَيْ لِلْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ حَيْثُ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ لَا بِغَيْرِهِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ أُبِيحَ لَهُ الضَّرْبُ هَهُنَا إنَّمَا أُبِيحَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ لَا لِحَقِّ الْمَالِكِ فَإِنَّ حَقَّ الْمَالِكِ فِي الْأَجْرِ يَتَقَرَّرُ بِدُونِهِ وَمِثْلُهُ يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالرَّمْيِ إلَى الصَّيْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ الْمَالِكُ بِهِ نَصًّا فَإِنْ فَعَلَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ كَانَ كَفِعْلِ الْمَالِكِ وَهَذَا إذَا ضَرَبَهُ ضَرْبًا يُضْرَبُ مِثْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَيَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ الْعَقْدِ لَا نَصًّا وَلَا عُرْفًا (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ وَالْعِنَايَةُ) .
[
(الْمَادَّةُ 557) أَذِنَ صَاحِبُ دَابَّةِ الْكِرَاءِ بِضَرْبِهَا]
(الْمَادَّةُ 557) لَوْ أَذِنَ صَاحِبُ دَابَّةِ الْكِرَاءِ بِضَرْبِهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إلَّا الضَّرْبُ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ وَإِنْ ضَرَبَهَا عَلَى غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمُعْتَادُ ضَرْبَهَا عَلَى عَرْفِهَا وَضَرَبَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَتَلِفَتْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. أَيْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ صَاحِبُ دَابَّةِ الْكِرَاءِ الْمُسْتَأْجِرَ بِضَرْبِهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إلَّا الضَّرْبُ عَلَى الْمَوْضِعِ. الْمُعْتَادِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36)) وَحِينَئِذٍ لَوْ عَطِبَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91)) .
وَإِنْ ضَرَبَهَا عَلَى غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ وَلَوْ بِمُوجِبٍ كَأَنْ ضَرَبَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَالْمُعْتَادُ ضَرْبُهَا عَلَى عَرْفِهَا وَعَطِبَتْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ الْمَالِكُ نَصًّا وَصَرَاحَةً بِالضَّرْبِ عَلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ الَّذِي لَمْ يُعْتَدْ الضَّرْبَ عَلَيْهِ. وَحِينَئِذٍ لَوْ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ لِضَرْبِهَا عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِأَنَّ ضَرْبَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ كَضَرْبِ الْمَالِكِ. فَكَمَا أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَا يَضْمَنُ فِيمَا لَوْ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ بِضَرْبِهِ فَالْمُسْتَأْجِرُ لَا يَضْمَنُ فِيمَا لَوْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ بِإِذْنِهِ وَعَطِبَتْ لِأَنَّ الْإِذْنَ وَالْإِجَازَةَ تَوْكِيلٌ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ وَالْكِفَايَةُ وَالْهِدَايَةُ) .
[
(الْمَادَّةُ 558) الرُّكُوبُ عَلَى دَابَّةٍ اُسْتُكْرِيَتْ لِلْحَمْلِ]
(الْمَادَّةُ 558) يَصِحُّ الرُّكُوبُ عَلَى دَابَّةٍ اُسْتُكْرِيَتْ لِلْحَمْلِ. أَيْ أَنَّكَ إذَا اسْتَكْرَيْتَ دَابَّةً لِتُحَمِّلَهَا يَصِحَّ لَك أَنْ تَرْكَبَهَا بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 426) لِأَنَّ الرُّكُوبَ أَقَلُّ ضَرَرًا مِنْ الْحَمْلِ وَالرِّضَاءُ بِالضَّرَرِ الْأَشَدِّ رِضَاءٌ بِمَا يُمَاثِلُهُ أَوْ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْهُ وَلِأَنَّ الرُّكُوبَ يُسَمَّى حَمْلًا يُقَالُ رَكِبَ فُلَانٌ وَحَمَلَ مَعَهُ غَيْرَهُ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حَمْلًا مَعْلُومًا فَلَمْ يَحْمِلْ عَلَيْهَا الْحَمْلَ وَرَكِبَهَا هُوَ أَوْ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ جَازَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) . وَمَرَّ لِهَذَا صُورَةٌ أُخْرَى فِي الْمَادَّةِ (550) .
[
(الْمَادَّةُ 559) اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عُيِّنَ نَوْعُ حِمْلِهَا وَمِقْدَارُهُ]
(الْمَادَّةُ 559) لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عُيِّنَ نَوْعُ حِمْلِهَا وَمِقْدَارُهُ يَصِحُّ تَحْمِيلُهَا حَمْلًا آخَرَ مُمَاثِلًا لَهُ أَوْ أَهْوَنَ مِنْهُ فِي الْمَضَرَّةِ أَيْضًا. وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَحْمِيلُ شَيْءٍ أَزْيَدَ فِي الْمَضَرَّةِ. مَثَلًا مَنْ اسْتَكْرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَةَ أَكْيَالٍ حِنْطَةً كَمَا يَصِحُّ لَهُ
أَنْ يُحَمِّلَهَا مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ أَيَّ نَوْعٍ كَانَ خَمْسَةَ أَكْيَالِ حِنْطَةٍ كَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَةَ أَكْيَالِ شَعِيرٍ.
وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ تَحْمِيلُ خَمْسَةِ أَكْيَالِ حِنْطَةٍ دَابَّةً اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسَةَ أَكْيَالِ شَعِيرٍ كَمَا لَا يَصِحُّ أَنْ تَحْمِلَ مِائَةَ أُوقِيَّةِ حَدِيدٍ دَابَّةٌ اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ مِائَةَ أُوقِيَّةِ قُطْنٍ.
إذَا قُيِّدَتْ الْإِجَارَةُ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ إلَى أَكْثَرَ مَا هُوَ مَأْذُونٌ بِهِ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ إلَى مَا يُمَاثِلُهُ أَوْ إلَى مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الرِّضَاءَ بِمَضَرَّةٍ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَاءِ بِمَا يُمَاثِلُهَا أَوْ بِمَا أَهْوَنُ مِنْهَا.
مَثَلًا لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عُيِّنَ نَوْعُ حِمْلِهَا وَمِقْدَارُهُ فَكَمَا يَصِحُّ تَحْمِيلُهَا ذَلِكَ الْحَمْلِ يَصِحُّ.
- 1 - تَحْمِيلُهَا حِمْلًا آخَرَ مُمَاثِلًا مِنْ نَوْعِهِ.
(2)
تَحْمِيلُهَا حِمْلًا أَهْوَنَ مِنْهُ فِي الْمَضَرَّةِ أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَحْمِيلُهَا حِمْلًا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِذَلِكَ الْحِمْلِ فِي الْمِقْدَارِ وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ لِيُحْمَلَ عَلَيْهَا.
مِقْدَارٌ مِنْ الزَّادِ مُعَيَّنٌ وَاسْتُهْلِكَ مِقْدَارٌ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَزِيدَ عِوَضَ ذَلِكَ مَا يُعَادِلُهُ مِنْ مَوْزُونٍ أَوْ مَكِيلٍ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَكَذَا غَيْرُ الزَّادِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا اُنْتُقِصَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عِوَضَ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُخَالِفَ إلَى مَا هُوَ شَرٌّ.
(1)
فِي نَوْعِهِ.
(2)
فِي مِقْدَارِ الْحِمْلِ الْمُتَّفِقِ عَلَيْهِ.
وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَحْمِيلُ شَيْءٍ أَزْيَدَ فِي الْمَضَرَّةِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ وَلَا بِمُسَاوٍ لَهُ فِي الْمِقْدَارِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةً مُقَدَّرَةً بِالْعَقْدِ فَاسْتَوْفَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ أَوْ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا؛ جَازَ وَإِنْ اسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ كُرَّ حِنْطَةٍ لِغَيْرِهِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِحَمْلِ كُرِّ حِنْطَةٍ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ (بَحْرٌ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (426) وَالظَّاهِرُ مِنْ فِقْرَةِ (وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَحْمِيلُ شَيْءٍ أَزْيَدَ فِي الْمَضَرَّةِ) أَنَّهُ تَرْجِعُ إلَى النَّوْعِ فَقَطْ وَلَكِنْ يَصِحُّ أَنْ تُرْجِعَهَا إلَى الْمِقْدَارِ أَيْضًا وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَمْثِلَةُ الْآتِيَةُ كُلُّهَا أَمْثِلَةً عَلَى النَّوْعِ فَقَدْ تُرِكَ إيرَادَ الْأَمْثِلَةِ عَلَى الْمِقْدَارِ لِظُهُورِهِ.
مَثَلًا لَوْ اسْتَكْرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ كَمَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْحِنْطَةِ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتِ شَعِيرٍ أَوْ سِمْسِمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إجَازَةِ كُرِّ حِنْطَةٍ وَمَنْعِ كُرِّ شَعِيرٍ بَلْ الشَّعِيرُ أَخَفُّ مِنْهُ فَكَانَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ (الْهِنْدِيَّةُ، وَالطُّورِيُّ) .
وَهَذَا الْمِثَالُ قَدْ وَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ مُرَتَّبًا عَلَى قَاعِدَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ.
وَإِذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) .
لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّعِيرُ أَخَفَّ مِنْ الْحِنْطَةِ فَضَرَرُ مِقْدَارٍ مِنْ الشَّعِيرِ أَخَفُّ مِنْ ضَرَرِ مَا يُسَاوِيهِ فِي الْكَيْلِ مِنْ الْحِنْطَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) .
وَذِكْرُهُ الْكَيْلَ فِي مِثَالِ الْمَتْنِ لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا
أُوقِيَّةً حِنْطَةً فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا قَدْرَ ذَلِكَ شَعِيرًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ مَوْضِعَ الْحَمْلِ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ مَا يُسَاوِيهِ وَزْنًا مِنْ الْقَمْحِ وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الشَّعِيرَ يَنْبَسِطُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْقَمْحِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ، بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (91) بَلْ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى.
وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ تَحْمِيلُ خَمْسَةِ أَكْيَالِ حِنْطَةٍ دَابَّةً اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسَةَ أَكْيَالِ شَعِيرٍ " لِأَنَّ الْحِنْطَةَ أَثْقَلُ مِنْ الشَّعِيرِ وَهِيَ أَصْلَبُ وَأَشَدُّ انْدِمَاجًا مِنْهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا "، وَإِنْ فَعَلَ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (603) وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (86)(الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) .
غَيْرَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ لِيُحْمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَةُ أَكْيَالِ شَعِيرٍ فَحُمِلَ عَلَيْهَا كَيْلَتَانِ وَنِصْفٌ مِنْ الْقَمْحِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ اسْتِحْسَانًا وَلِهَذَا قَدْ جَاءَ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ قَوْلُهُ خَمْسَةُ أَكْيَالِ حِنْطَةٍ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالطُّورِيُّ) .
وَفِقْرَةُ (وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ تَحْمِيلُ خَمْسَةِ أَكْيَالِ حِنْطَةٍ دَابَّةً اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسَةَ أَكْيَالِ شَعِيرٍ) مِثَالٌ لِفِقْرَةِ (وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَحْمِيلُ شَيْءٍ أَزْيَدَ فِي الْمَضَرَّةِ) .
كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ تَحْمِلَ مِائَةَ أُوقِيَّةِ حَدِيدٍ دَابَّةٌ اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ مِائَةَ أُوقِيَّةِ قُطْنٍ لِأَنَّ الْحَدِيدَ يَجْتَمِعُ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَيَضُرُّ بِهَا أَكْثَرَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ، وَالطُّورِيُّ) وَهَذَا مِثَالٌ آخَرُ لِلْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى حِدَةٍ.
قَاعِدَتَانِ فِي أَنْوَاعِ الْأَحْمَالِ الَّتِي تَكُونُ أَقَلَّ مَضَرَّةً وَالْأَنْوَاعِ الَّتِي تَكُونُ أَكْثَرَ مَضَرَّةً.
الْأُولَى: إذَا كَانَ الْحِمْلُ الْمَحْمُولُ أَيْ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ دُونِ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى يَشْغَلُ مَكَانًا مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَقَلَّ مِمَّا يَشْغَلُهُ الْحِمْلُ الْمُسَمَّى وَلَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْوَزْنِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْحِمْلَ الْمُسَمَّى لَمَّا كَانَ مِمَّا يَنْبَسِطُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَهُوَ أَخَفُّ عَلَيْهَا مِنْ الْمَحْمُولِ الَّذِي يَتَجَمَّعُ عَلَى مَوْضِعٍ صَغِيرٍ مِنْ ظَهْرِهَا.
مَثَلًا لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسِينَ أُوقِيَّةَ شَعِيرٍ أَوْ حِنْطَةٍ وَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسِينَ أُوقِيَّةَ حِجَارَةٍ أَوْ حَدِيدٍ وَعَطِبَتْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ.
أَمَّا إذَا كَانَ مَا يَشْغَلُهُ الْمَحْمُولُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَشْغَلُهُ الْحِمْلُ الْمُسَمَّى بِشَرْطِ أَلَّا يَتَجَاوَزَ مَوْضِعَ الْحِمْلِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ كَمَا فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَتْنِ.
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا تَجَاوَزَ الْحِمْلُ مَوْضِعَ الْحَمْلِ أَيْ أَنَّهُ إذَا سَمَّى حِمْلًا وَحَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ غَيْرَهُ وَتَجَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي يَشْغَلُهُ الْحِمْلُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ لَزِمَ الضَّمَانُ.
مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ أُوقِيَّةِ حِنْطَةٍ وَحَمَلَ عَلَيْهَا مِائَةَ أُوقِيَّةِ حَطَبٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ لَبِنٍ وَكَانَ الْحِمْلُ خَارِجًا عَنْ مَوْضِعِ الْحَمْلِ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمَامِ أَوْ مِنْ الْخَلْفِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَ الضَّمَانُ (الْهِنْدِيَّةُ) .
لِأَنَّ هَذَا الْحِمْلَ وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ مِنْ جِهَةٍ لِانْبِسَاطِهِ فَهُوَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَشَدَّ مَضَرَّةً بِهَا.
وَلِذَلِكَ رَجَحَتْ جِهَةُ الضَّرَرِ وَحَظَرَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْئَيْنِ مَتَى كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَرَرٌ فَوْقَ ضَرَرِ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْإِذْنِ فِي أَحَدِهِمَا الْإِذْنُ فِي الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَخَفَّ ضَرَرًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ (الطُّورِيُّ) .
تَفْصِيلَاتٌ فِي الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ إمَّا بِالْجِنْسِ أَوْ بِالْمِقْدَارِ وَتَقَعُ إمَّا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَإِلَيْكَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:
أَوَّلًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بِالْجِنْسِ وَوَقَعَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ.
مَثَلًا: إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ؛ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهَا.
لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهَا أَصْلًا (الْعِنَايَةُ) وَإِذَا حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا نِصْفَ الْحِمْلِ شَعِيرًا وَنِصْفَهُ حِنْطَةً وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ مَعَ نِصْفِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ جِنْسٌ آخَرُ غَيْرُ الشَّعِيرِ وَهِيَ أَثْقَلُ مِنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَكِيلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَةِ الدَّابَّةِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .
كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ أُقَّةٍ مِنْ الْقُطْنِ وَحَمَلَ عَلَيْهَا مِائَةَ أُقَّةِ حَدِيدٍ أَوْ أَقَلَّ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ.
وَهُنَا لَا تَلْزَمُهُ الْأَجْرُ لِمُخَالَفَةِ الْجِنْسِ وَلَوْ سَلَّمَ الدَّابَّةَ إلَى صَاحِبِهَا سَالِمَةً؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا قَدْ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ الدَّابَّةِ اغْتِصَابًا.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) .
ثَانِيًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ وَوَقَعَتْ مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَأْجِرِ يَلْزَمُ ضَمَانُ الْقِيمَةِ جَمِيعِهَا وَلِلْمُؤَجِّرِ هُنَا إذَا شَاءَ أَنْ يُضَمِّنَهَا الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ، وَإِذَا ضَمِنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي وَإِذَا ضَمِنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ.
مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا فَأَجَّرَهَا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ أَكْثَرَ مَضَرَّةً مِنْهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَتَلِفَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا.
ثَالِثًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ وَوَقَعَتْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ فِي هَذِهِ الْحَالِ ضَمَانٌ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ التَّوْضِيحِ الْآتِي قَرِيبًا:
رَابِعًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي مِقْدَارٍ وَوَقَعَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْحِمْلُ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ وَتَلِفَتْ بِسَبَبِهِ كَثِيرًا بِدَرَجَةٍ لَا تُطِيقُ حَمْلَهُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ لِلدَّابَّةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 86)(الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالزَّيْلَعِيّ) .
وَإِذَا كَانَ الْحِمْلُ الْمُسَمَّى مَعَ الزِّيَادَةِ مِمَّا تُطِيقُ الدَّابَّةُ حَمْلَهَا مَعًا سَوَاءٌ.
(1)
أَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ غَيْرَ مُتَأَثِّرَةٍ مِنْ ذَلِكَ.
(2)
أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى الْمَكَانِ
الْمَقْصُودِ، ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ بِنِسْبَةِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ إلَى الْحِمْلِ.
فَإِذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ رُبْعَ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى مَثَلًا ضَمِنَ رُبْعَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِفِعْلِ الْكُلِّ وَبَعْضُهُ مَأْذُونٌ فِيهِ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فَتَسْقُطُ حِصَّةُ الْحِمْلِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَتَجِبُ حِصَّةُ الْبَاقِي؛ وَلِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الثِّقَلِ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ صَارَ الْكُلُّ عِلَّةً وَاحِدَةً فَتَوَزَّعَ الضَّمَانُ عَلَى أَجْزَائِهَا (شَلَبِيّ) .
وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي أُشِيرَ إلَيْهَا بِرَقْمِ (1) أَيْضًا.
مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ خَمْسَ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا سِتَّ كَيْلَاتٍ مَرَّةً وَاحِدَةً وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ سِتِّ كَيْلَاتٍ لَزِمَهُ أَنْ يَضْمَنَ سُدُسَ قِيمَتِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا إحْدَى عَشْرَةَ كَيْلَةً فَكَانَتْ تُطِيقُ حَمْلَهَا لَزِمَهُ ضَمَانُ جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَضْمَنُ الْمِقْدَارَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِيهِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
وَإِذَا لَمْ يَحْمِلْ الْمُسْتَأْجِرُ الزِّيَادَةَ وَالْحِمْلُ الْمُسَمَّى دَفْعَةً وَاحِدَةً عَلَى الدَّابَّةِ وَحَمَلَ عَلَيْهَا الْحِمْلَ الْمُسَمَّى أَوَّلًا ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهَا الزِّيَادَةَ ثَانِيًا وَعَطِبَتْ؛ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهَا.
مَا لَمْ يُعَلِّقْ الزِّيَادَةَ عَلَى كَفْلِ الدَّابَّةِ؛ فَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ ضَمَانُ مِقْدَارِ الزِّيَادَةِ فَقَطْ (الْهِنْدِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَبَعْدَ أَنْ حَمَلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ حَمَّلَهَا كَيْلَةَ شَعِيرٍ وَاحِدَةٍ أُخْرَى عَلَى حِدَةٍ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهَا.
إلَّا أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الْكَيْلَةَ عَلَى كَفْلِ الدَّابَّةِ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ بِهِ عَشْرَ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ فَطَحَنَ إحْدَى عَشْرَةَ كَيْلَةً فَهَلَكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الطَّحْنَ يَكُونُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَمَّا طَحَنَ عَشْرَ كَيْلَاتٍ انْتَهَى إذْنُ الْمَالِكِ فَبَعْدَ ذَلِكَ هُوَ فِي الطَّحْنِ مُخَالِفٌ فِي جَمِيعِ الدَّابَّةِ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَيَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا فَأَمَّا الْحِمْلُ فَيَكُونُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَهُوَ فِي الْبَعْضِ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَفِي الْبَعْضِ مُخَالِفٌ فَيَتَوَزَّعُ الضَّمَانُ عَلَى ذَلِكَ (الْكِفَايَةُ) .
خَامِسًا - إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْقَدْرِ وَوَقَعَتْ مِنْ الْآجِرِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ.
فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَ هُوَ الْآجِرُ أَيْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ.
مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا فَأَحْضَرَ الْمُسْتَأْجِرُ عِدْلًا فِيهِ سِتُّ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَقَالَ أَمَامَ الْآجِرِ: إنَّهُ خَمْسُ كَيْلَاتٍ فَأَخَذَهُ الْآجِرُ وَوَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ مِنْ دُونِ أَنْ يَتَثَبَّتَ مِنْ صِحَّةِ قَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ (الطُّورِيُّ) .
إذْ كَانَ عَلَى الْآجِرِ أَلَّا يَثِقَ بِقَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ دُونِ كَيْلِ الشَّعِيرِ.