الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا كَانَ الْمُحِيلُ كَفِيلًا. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ بِأَنَّ الْكَفِيلَ هُوَ الْمُحِيلُ إلَّا أَنَّ مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْبَحْرِ هُوَ أَنْ تُعْقَدَ الْحَوَالَةُ بِلَا شَرْطٍ فَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (960) ثُمَّ يَكْفُلُ الْمُحِيلُ ذَلِكَ الدَّيْنَ فَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ، وَإِنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ مِنْ الْحَوَالَةِ الَّتِي وَقَعَتْ قَبْلًا إلَّا أَنَّهُ أَصْبَحَ مُؤَاخَذًا بِكَفَالَتِهِ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَبِمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْعِبَارَاتِ الَّتِي تُشِيرُ إلَى أَنَّ الْكَفِيلَ هُوَ الْمُحِيلُ عَلَى مَعَانٍ أُخْرَى، فَيَلْزَمُ اعْتِبَارُ الْكَفِيلِ هُوَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَ قَبْلًا وَقَدْ قَبِلَتْهُ دَارُ الْفَتْوَى الْعُلْيَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ سَابِقًا.
[
(الْمَادَّةُ 650) كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ]
(الْمَادَّةُ 650) لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ يَجُوزُ وَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى أَدَائِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَوْ رَدَّ ذَلِكَ الْمَالَ الْمُودِعَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ يَكُونُ ضَامِنًا.
تَكُونُ الْكَفَالَةُ بِإِيفَاءِ دَيْنٍ مِنْ مَالٍ مُعَيَّنٍ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ: الْأُولَى أَنْ يُعْطَى مِنْ مَالِ الْأَمَانَةِ الَّذِي فِي يَدِ الْكَفِيلِ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ بِأَمْرِهِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ كَالْأَمَانَةِ تَجُوزُ هَذِهِ اسْتِحْسَانًا وَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى أَدَائِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ.
قَالَتْ الْمَجَلَّةُ: (مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَفَلَ بِعِشْرِينَ جُنَيْهًا دَيْنًا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا مِنْ خَمْسَةَ عَشْرَ جُنَيْهًا الَّتِي فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الْخَمْسَةَ عَشْرَ جُنَيْهًا، أَمَّا الْخَمْسَةُ جُنَيْهَاتٍ الْبَاقِيَةُ فَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَالْكَفَالَةُ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ تُؤَدَّى مِنْهَا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهَا كَذَلِكَ إذَا لَمْ يُوفِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ ذَلِكَ الدَّيْنَ الْمُحَالَ بِهِ فَلَيْسَ الْمُحَالُ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْبَاقِيَ، (الذَّخِيرَةُ) . وَهَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْأَمَانَةِ الَّتِي مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ؟ أَمْ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَتْ الْأَمَانَةُ عَشَرَةَ جُنَيْهَاتٍ كَالدَّيْنِ فَالْكَفِيلُ مُجْبَرٌ عَلَى إعْطَاءِ الْعَشَرَةِ جُنَيْهَاتٍ أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةُ جُنَيْهَاتٍ وَالْأَمَانَةُ فَرَسًا وَكَفَلَ بِالدَّيْنِ عَلَى أَنْ يُؤَدَّى مِنْ الْأَمَانَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَعَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يَبِيعَ الْأَمَانَةَ وَيُوَفِّي الدَّيْنَ مِنْ بَدَلِهَا وَلَكِنْ هَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يُجْبَرُ عَلَى تَحَمُّلِ مَشَقَّةِ الْبَيْعِ وَمَئُونَتِهِ؟ قَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (761) أَنَّ الْعَدْلَ الَّذِي وُكِّلَ بِبَيْعِ الْمَرْهُونِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا لَكِنْ يُسْتَفَادُ أَنَّ هَذِهِ الْوَدِيعَةَ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ مُحْتَاجٌ لِلتَّحَرِّي أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَحْتَاجُ إلَى الْحَلِّ وَإِذَا تَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ عِنْدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ عِنْدَ الْكَفِيلِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (777) ؟ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْقَوْلُ فِي تَلَفِهِ لِلْكَفِيلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774)
فَالْمَجَلَّةُ لَا تَقْصِدُ بِقَوْلِهَا: (إذَا تَلِفَ) ، الِاحْتِرَازَ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ فَإِذَا غَصَبَهُ صَاحِبُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْوَدِيعِ وَأَتْلَفَهُ أَصْبَحَ الْوَدِيعُ أَيْ الْكَفِيلُ بَرِيئًا مِنْ الْكَفَالَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمَانٌ.
لَكِنْ لَوْ رَدَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَالَ الْمُودَعَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ إلَى صَاحِبِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ أَوْ أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِإِذْنِهِ يَكُونُ ضَامِنًا وَيُؤَاخَذُ بِكَفَالَتِهِ وَالْمَقْصُودُ بِالرَّدِّ هُنَا أَنْ يُعْطَى بِرِضَاءِ الْكَفِيلِ. أَمَّا إذَا أَخَذَهُ الْأَصِيلُ جَبْرًا فَلَيْسَ الْكَفِيلُ بِمَسْئُولٍ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا.
وَقَدْ قُيِّدَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ أَثْنَاءَ الشَّرْحِ بِقَصْدِ كَوْنِهَا وَقَعَتْ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ فِي الْكَفَالَةِ بِدُونِ أَمْرٍ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ تِلْكَ الْوَدِيعَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (963) .
وَمِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِلَا أَمْرٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الدَّيْنَ مِنْ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ الْآتِيَةَ.
وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (يَكُونُ ضَامِنًا) فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا بِالْمَكْفُولِ بِهِ أَيْ يَلْزَمُهُ إيفَاؤُهُ مِنْ مَالِهِ؟ يَكُونُ ضَامِنًا بَدَلَ الْوَدِيعَةِ. وَسَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (754) أَيْ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعَدْلِ أَنْ يُعْطَى الرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ بِدُونِ رِضَا الْآخَرِ وَإِنْ أَعْطَاهُ وَتَلِفَ قَبْلَ اسْتِرْدَادِهِ ضَمِنَ بَدَلَ الْمَرْهُونِ وَلَيْسَ الدَّيْنَ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ بَدَلُ الْوَدِيعَةِ مُسَاوِيًا لِلدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ يَلْزَمُ أَدَاءُ بَدَلِهَا تَامًّا وَعِنْدَمَا يَكُونُ بَدَلُهَا أَقَلَّ لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالزِّيَادَةِ مِنْ الدَّيْنِ عَنْ الْبَدَلِ وَإِذَا كَانَ الْبَدَلُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ ضَمِنَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ أَمَّا الزِّيَادَةُ فَيَكُونُ قَدْ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْأَصِيلِ. يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الَّذِي سَيَصِيرُ كَفِيلًا مَالٌ كَذَا وَدِيعَةً وَكَفَلَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْأَصِيلِ بِبَيْعِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ مَالِ الْأَصِيلِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ صَلَاحِيَّةٌ وَحَقٌّ فِي بَيْعِ مَالِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى يَقْتَدِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا وَقَعَتْ كَفَالَةٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَبِمَا أَنَّهَا تَكُونُ قَدْ عُقِدَتْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ الْكَفِيلُ مَعَهُ مُقْتَدِرًا عَلَى التَّنْفِيذِ فَلَا حُكْمَ لَهَا. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْمَكْفُولِ لَهُ (مِنْ ضَمَانٍ كردم ويذير فَتَمّ كه بَاغَ ويرا فروشهم، آن مَال بتودهم) أَوْ قَالَ يذير فَتُيَمّ كُهْ أَيْنَ مَال أُزْكِهِ وي بُدّهمْ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: إضَافَةُ الْكَفِيلِ الْكَفَالَةَ إلَى مَالِهِ، مَثَلًا لَوْ أَضَافَ الْكَفَالَةَ إلَى مَالِهِ كَأَنْ يَكْفُلُ أَحَدٌ بِدَيْنِ آخَرَ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ هَذَا الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِ دَارِهِ هَذِهِ فَإِذَا لَمْ يَبِعْ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ أَوْ احْتَرَقَتْ قَبْلَ بَيْعِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانٌ وَإِذَا لَمْ يَبِعْهَا مِنْ نَفْسِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الدَّارَ بِيعَتْ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ وَالْمَكْفُولُ بِهِ أَلْفُ قِرْشٍ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانُ غَيْرِ مِقْدَارِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ.
كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ بِدَيْنِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ ثَمَنِ فَرَسِهِ وَتَلِفَ الْفَرَسُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ.
وَإِذَا لَمْ يَبِعْ الْكَفِيلُ الْفَرَسَ بِنُقُودٍ بَلْ أَبْدَلَهَا بِبَغْلٍ كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ