الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مَا يَصِحُّ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ وَمَا لَا يَصِحُّ]
الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِحُّ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ وَمَا لَا يَصِحُّ (الْمَادَّةُ 483) يَصِحُّ لِلْأَجِيرِ الَّذِي لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَسِيئَتَهَا.
وَبِهَذَا الْوَجْهِ لَوْ حَبَسَ ذَلِكَ الْمَالَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ وَلَكِنْ بَعْدَ تَلَفِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْأُجْرَةَ. أَيْ أَنَّ لِلْأَجِيرِ الَّذِي لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ (الْغَسَّالِ) وَالصَّائِغِ وَالنَّجَّارِ وَالْإِسْكَافِ وَالْخَفَّافِ وَمَنْ إلَيْهِمْ مِمَّنْ لِعَمَلِهِمْ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ أَوْ أَنَّ عَمَلَهُمْ مِمَّا يَجْعَلُ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ شَيْئًا آخَرَ أَيْ أَنَّ مَنْ يَعْمَلُونَ عَمَلًا بِالْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ مَا لَوْ عَمِلَهُ الْغَاصِبُ فِي الْمَغْصُوبِ لَزَالَتْ مِلْكِيَّتُهُ عَنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (899) أَنْ يُحْبَسَ الْمُسْتَأْجِرُ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ بِشَرْطَيْنِ:
(1)
- أَنْ لَا تَكُونَ شُرِطَتْ نَسِيئَتُهَا.
(2)
- أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ عَمِلَ عَمَلَهُ بِالْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ فِي دَارِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ إذْ إنَّ الْأُجْرَةَ تَلْزَمُ بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (469) وَلِلْأَجِيرِ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ بَعْدَ إيفَاءِ الْعَمَلِ لِحِينِ اسْتِيفَائِهِ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَصْفٌ قَائِمٌ فِي الْمَحَلِّ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ.
(الشَّلَبِيُّ)(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (278)) .
الْأَثَرُ، هُوَ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَجْزَاءِ الْمُتَّصِلَةِ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ وَهِيَ مِلْكٌ لِلْأَجِيرِ كَالْخَيْطِ وَالصِّبْغِ.
وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ إنَّهُ عِبَارَةٌ عَمَّا يُرَى فِي مَحَلِّ الْعَمَلِ وَيُعَايَنُ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا كَالْخُيُوطِ أَوْ عَرْضًا كَكَسْرِ الْحَطَبِ أَوْ الْفُسْتُقِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنْ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَالْخَيَّاطُ مَثَلًا يُدْمِجُ الْخَيْطَ الَّذِي هُوَ مِلْكُهُ بِالْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ الَّذِي هُوَ مِلْكُ الْآخَرِ وَأَثَرُ الْعَمَلِ هُنَا عِبَارَةٌ عَنْ الْعَيْنِ الْمُتَّصِلَةِ.
وَالصَّبَّاغُ أَيْضًا يُدْمِجُ الصِّبْغَةَ الَّتِي هِيَ مِلْكُهُ بِالْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ وَأَثَرُ عَمَلِهِ أَيْضًا ظَاهِرٌ يُرَى.
وَالْأَثَرُ فِي عَمَلِ الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ أَثَرٌ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مَعًا. أَمَّا غَسْلُ الثِّيَابِ فَأَثَرُهُ إذَا كَانَ بِالْمَاءِ فَقَطْ عِبَارَةٌ عَنْ بَيَاضِهَا الظَّاهِرِ لِلْعِيَانِ الَّذِي كَانَ مُسْتَتِرًا وَرَاءَ الْأَدْرَانِ وَالْأَوْسَاخِ.
أَمَّا إذَا كَانَ الْغَسْلُ بِصَابُونٍ أَوْ (بِالصُّودَا) وَمَا إلَيْهِ مَا مِمَّا يَكُونُ مِنْ مَالِ
الْقَصَّارِ أَيْ الْغَسَّالِ (إذْ إنَّ مَنْ يَغْسِلُ الثِّيَابَ بِإِضَافَةِ أَشْيَاءَ كَهَذِهِ إلَيْهَا يُسَمَّى قَصَّارًا) فَهُوَ الْمَالُ الْقَائِمُ الَّذِي اتَّصَلَ بِالثَّوْبِ كَمَا فِي الصَّبْغِ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَبْسِ مَا يُغْسَلُ لِلتَّحْسِينِ بِالْمَاءِ فَقَطْ وَعَدَمِهِ وَقَدْ اخْتَارَ عَامَّةُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ عَدَمَ جَوَازِ الْحَبْسِ. كَمَا أَنَّ قَاضِي خَانْ وَبَعْضَ الْفُقَهَاءِ اخْتَارُوا جَوَازَهُ وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ قَبُولَهَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَيْضًا وَالْأَصَحُّ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَى ذَلِكَ فَيُرَادُ بِالْأَثَرِ مَعْنَاهُ الثَّانِي.
وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي كَسْرِ الْحَطَبِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْحَطَبِ وَالدَّقِيقِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَلَهُ الْحَبْسُ عَلَى الثَّانِي (الطُّورِيُّ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَلَا يَجُوزُ حَبْسُ الثَّوْبِ الَّذِي يُغْسَلُ لِتَطْهِيرِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ حَبَسَ الْأَجِيرُ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ سَلَفًا وَأَمْسَكَهُ وَتَلِفَ بِيَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْإِمَامِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْحَبْسِ أَمَانَةً فَقَدْ بَقِيَ أَمَانَةً بَعْدَ الْحَبْسِ.
كَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا بِسَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَدِي مِنْ ضَمَانٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 768) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمَا مَضْمُونٌ قَبْلَ الْحَبْسِ وَبِمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِالْحَبْسِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 607) أَمَّا بِالتَّعَدِّي فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ أُجْرَةٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ إذَا حَبَسَهُ وَتَلِفَ بِيَدِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْآنِفَةِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. وَهَذَا مُوجِبٌ سُقُوطَ الْأُجْرَةِ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 293) .
تَفْصِيلُ الشُّرُوطِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً. حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَحَبَسَ الْأَجِيرُ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ عُدَّ غَاصِبًا إذْ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّ حَبْسِهِ بِذَلِكَ التَّأْجِيلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 483 و 474) .
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَلَّا يَكُونَ الْأَجِيرُ قَدْ سَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. فَالتَّسْلِيمُ الْحَقِيقِيُّ ظَاهِرٌ حَتَّى إنَّ الْأَجِيرَ إذَا سَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ مَرَّةً فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَبْسُهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) وَالتَّسْلِيمُ الْحُكْمِيُّ الْقِيَامُ بِالْعَمَلِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى إنَّ الْأَجِيرَ إذَا أَدَّى الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ لِأَنَّهُ يُعَدُّ بِذَلِكَ قَدْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ حُكْمًا.
وَالتَّسْلِيمُ الْحُكْمِيُّ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ الْحَقِيقِيِّ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) وَإِنْ حَبَسَهُ عُدَّ غَاصِبًا وَيَكُونُ ضَامِنًا فِيمَا لَوْ تَلِفَ.
وَإِذَا تَلِفَ الْمَأْجُورُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَحْبِسَهُ الْأَجِيرُ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ سَقَطَتْ أُجْرَةُ الْأَجِيرِ إذَا كَانَ مِمَّنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْحَمَّالِ لَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْإِجَارَةِ) .
فَائِدَةٌ: إذَا نَسَجَ الْأَجِيرُ قِطْعَةً مِنْ الْجُوخِ وَأَحْضَرَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَقَالَ لَهُ هَذَا (خُذْهَا لِبَيْتِك