الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ ضَمَانِ الْأَجِيرِ]
أَيْ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ فِي الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ.
(الْمَادَّةُ 607) لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِتَعَدِّي الْأَجِيرِ أَوْ تَقْصِيرِهِ يَضْمَنُ.
لِضَمَانِ الْأَجِيرِ ثَلَاثُ قَوَاعِدَ
: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى - إذَا تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ أَوْ فُقِدَ بِتَعَدِّي الْأَجِيرِ أَيْ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَوْ الْمُشْتَرَكِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ ضَمِنَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ وَيَكُونُ مَضْمُونًا بِالتَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ، الْأَنْقِرْوِيّ) .
وَالْخُلَاصَةُ أَنَّ الْأَجِيرَ أَمِينٌ وَتَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْمَوَادِّ (768 و 777 و 787) وَيَصِيرُ إيضَاحُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (8 0 6 و 9 0 6) الْآتِيَتَيْنِ.
مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ ذَلِكَ:
أَوَّلًا - لَوْ فَارَقَ الْمُكَارِي الْحِمْلَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إلَى آخَرَ بِدُونِ إذْنٍ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ الْمُكَارِي الْأَوَّلُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 790) .
ثَانِيًا - وَكَمَا يَضْمَنُ الرَّاعِي إذَا ضَرَبَ الْحَيَوَانَ فَقُلِعَتْ عَيْنُهُ أَوْ كُسِرَتْ رِجْلُهُ يَضْمَنُ أَيْضًا فِيهَا إذَا خَلَطَ غَنَمَ أَحَدِ النَّاسِ بِغَنَمِ آخَرَ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّمَيُّزُ بَيْنَهَا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْخَلْطِ هُوَ يَوْمُ الِاسْتِهْلَاك (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 788) وَالْقَوْلُ لِلرَّاعِي فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ أَمَّا إذَا كَانَ التَّمْيِيزُ مُمْكِنًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ وَالْقَوْلُ لِلرَّاعِي فِي تَعْيِينِ غَنَمِ كُلٍّ مَنْ أَصْحَابِ الْغَنَمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيّ، الْخَيْرِيَّةُ) .
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ مِنْ دُونِ تَعَدِّي الْأَجِيرِ وَلَا تَقْصِيرِهِ لَا يَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ضَمَانٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَجِيرُ خَاصًّا أَوْ مُشْتَرَكًا كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا.
مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا:
إذَا طَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ مِصْبَاحِ الْقَصَّارِ بَعْدَ أَنْ أَطْفَأَهُ وَتَرَكَهُ فِي حَانُوتِهِ فَأَصَابَتْ الثَّوْبَ وَأَفْسَدَتْهُ فَلَا ضَمَانَ.
ثَانِيًا - لَوْ نَشَرَ الصَّبَّاغُ الثَّوْبَ الَّذِي صَبَغَهُ مَعَ ثِيَابٍ أُخْرَى فَفُقِدَ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ نَشَرَهُ دَاخِلَ الْحَانُوتِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ (أنقروي) .
الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ - يَكُونُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ ضَامِنًا الْخَسَارَةَ الَّتِي تَتَوَلَّدُ عَنْ فِعْلِهِ وَلَوْ لَمْ تَنْشَأْ بِتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (611) .
اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ:
قَدْ أَجْمَع الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ يَدَ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ (يَدُ أَمَانَةٍ) كَمَا صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (0 1 6) وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ أَيْضًا.
أَمَّا الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ. فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَزُفَرَ وَحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَحَمَّادٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (وَهُوَ الْقِيَاسُ) .
إنَّ يَدَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَدُ أَمَانَةٍ كَيَدِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ وَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَدُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَدُ ضَمَانٍ. وَقَدْ رَجَحَ الزَّيْلَعِيّ هَذَا الْقَوْلُ؛ لِأَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ كَمَا سَيَجِيءُ تَوْضِيحُهُ (أنقروي وَزَيْلَعِيٌّ) وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةِ:
أَوَّلًا: إذَا ادَّعَى الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ أَنَّهُ رَدَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ أَنَّهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ فُقِدَ مِنْهُ أَوْ سُرِقَ يُصَدَّقُ عِنْدَ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1774) .
وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَا يُصَدَّقُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ مَا ادَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي الشَّلَبِيِّ (وَعِنْدَهُ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ عِنْدَهُمَا وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةِ) .
مَثَلًا لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ الْخَيَّاطِ الثَّوْبَ الَّذِي أَعْطَاهُ إلَيْهِ لِيَمْنَحَهُ وَادَّعَى الْخَيَّاطُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ إيَّاهُ فَعِنْدَ الْإِمَامِ. يُصَدَّقُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا يُصَدَّقُ قَوْلُهُ بِلَا بُرْهَانٍ (الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، الْفَتَاوَى وَابْنُ نُجَيْمٍ) .
ثَانِيًا: لَا يَلْزَمُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ ضَمَانٌ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إذَا تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِلَا صُنْعِهِ سَوَاءٌ تَلِفَ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ تَلَفُ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ كَأَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ رَاعِيًا فَأَكَلَ الذِّئْبُ الْغَنَمَ الَّتِي يَرْعَاهَا أَوْ بِسَبَبٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ وَسَوَاءٌ أَشُرِطَ الضَّمَانُ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ (زَيْلَعِيٌّ) . مَثَلًا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ رَاعِيًا مَثَلًا وَفُقِدَتْ مِنْهُ شَاهٌ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَلَوْ قَالَ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ فِقْدَانُهَا. (الْخَيْرِيَّةُ) .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ الْإِمَامَيْنِ فَرَأْيُهُمَا أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْحَيَوَانُ بِسَبَبٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ كَالْمَوْتِ حَتْفَ الْأَنْفِ وَحُصُولِ حَرِيقٍ كَبِيرٍ وَهُجُومِ جَمَاعَةٍ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ كَانَ مَرْعَى الْقَرْيَةِ غَابَةً فَلَا يَتَمَكَّنُ الرَّاعِي مِنْ الْإِشْرَافِ عَلَى كَافَّةِ الْأَغْنَامِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا. أَمَّا إذَا حَصَلَ التَّلَفُ بِسَبَبٍ كَالسَّرِقَةِ أَوْ لِخَطْفِهِ مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (الْأَنْقِرْوِيّ، وَالتَّنْقِيحُ) .
مَثَلًا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ رَاعِيًا وَفُقِدَ حَيَوَانٌ مِنْ يَدِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ فُقِدَ يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ (الْخَيْرِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَسَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (611) هَذَا أَيْضًا: وَخُلَاصَةُ الْكَلَامِ أَنَّ هَلَاكَ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
1 -
بِفِعْلِ الْأَجِيرِ الَّذِي يَقَعُ بِتَعَدِّيهِ
2 -
بِفِعْلِ الْأَجِيرِ الَّذِي يَقَعُ بِدُونِ تَعَدِّيهِ وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
3 -
بِالشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِ الْأَجِيرِ وَيَقَعُ بِشَيْءٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ.
4 -
بِالشَّيْءِ الَّذِي يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ مَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْأَجِيرِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَجِيرُ مُصْلِحًا أَمْ لَا وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ مُطْلَقًا.
وَجْهُ الِاخْتِلَافِ: هُوَ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ يَقُولُ إنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا هِيَ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ فَقَطْ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ وَالْحِفْظِ مَعًا فَالْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ مَضْمُونٌ وَلَا يَقْبَلُ الْقِيَاسَ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (777) .
أَمَّا الْإِمَامَانِ فَيَقُولَانِ إنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ فِي مُقَابِل الْعَمَلِ مَعَ الْحِفْظِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ فَقَطْ وَلِذَلِكَ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمَادَّةِ (777)(وَتَكْمِلَةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَدِيعَةِ) . وَقَدْ رَجَّحَتْ الْمُتُونُ الْفِقْهِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ كَمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْهُ؛ لِأَنَّهَا:
أَوَّلًا: ذَكَرْته فِي الْمَادَّةِ (609) بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَيْ أَنَّ عَدَمَ تَخْصِيصِ الْمَجَلَّةِ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِهَا مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْمُشَارَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا كَانَ الْأَجِيرُ مُشْتَرَكًا وَكَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مِثَالِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا وَهُنَاكَ سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
ثَانِيًا: إنَّ الْفِقْرَةَ (وَبِهَذَا الْوَجْهِ لَوْ حَبَسَ ذَلِكَ الْمَالُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ) مِنْ الْمَادَّةِ (472) هِيَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ " هِدَايَةٌ " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (482) .
وَقَدْ جَاءَ فِي الْهِدَايَةِ وَكُلُّ صَانِعٍ بِعَمَلِهِ أَثَّرَ فِي الْعَيْنِ كَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَصْفٌ قَائِمٌ فِي الثَّوْبِ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْمَبِيعِ وَلَوْ حَبَسَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْحَبْسِ فَيَبْقَى أَمَانَةً كَمَا كَانَ عِنْدَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ لِهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَانَتْ مَضْمُونَةً قَبْلَ الْحَبْسِ فَكَذَا بَعْدَهُ لَكِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ مَعْمُولًا وَلَهُ الْأَجْرُ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (482) .
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَدْ رَأَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ، أَنْ يَجْرِيَ الصُّلْحُ عَلَى نِصْفِ قِيمَةِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ جَبْرًا إذَا تَلِفَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ أَيْ أَنَّهُمْ قَدْ اخْتَارُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِسْمًا مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقِسْمًا مِنْ قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ يَلْزَمُ الْإِفْتَاءُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مِنْ بَعْدِ صُدُورِ الْمَجَلَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1801) .
الْقَوْلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْآخَرِينَ يَلْزَمُ الْأَجِيرَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّمَانُ إذَا كَانَ مُصْلِحًا وَإِذَا كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ يُصَالِحُ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ تَحْبِيذٌ لِهَذَا الْقَوْلِ وَمَا بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيْنَ الْإِمَامَيْنِ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً فَالْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَالتَّنْقِيحُ) . لَكِنْ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي سُلِّمَ إلَى الْأَجِيرِ لَيْسَ مَا يَحْدُثُ فِيهِ الْعَمَلُ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ بِالِاتِّفَاقِ بِتَلَفِهِ مِنْ دُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مُصْحَفًا لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا وَفُقِدَ ذَلِكَ الْمُصْحَفُ مِنْ يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُصْحَفَ لَا يَحْدُثُ فِيهِ الْعَمَلُ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ لَيْسَ الْمُصْحَفُ مِمَّا يَحْدُثُ فِيهِ الْعَمَلُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَالتَّنْقِيحُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إذَا تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ وَخُولِفَ الشَّرْطُ فَيَجْرِي عَلَى مَا يَجِيءُ فِي التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ:
1 -
إذَا أَعْطَى أَحَدٌ صَبَّاغًا ثِيَابًا عَلَى أَنْ يَصْبُغَهَا بِلَوْنِ كَذَا وَخَالَفَ الشَّرْطَ بِأَنْ عَدَلَ إلَى غَيْرِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُخَيَّرًا إذَا شَاءَ ضَمَّنَ الصَّبَّاغَ الثِّيَابَ بِلَوْنِهَا الْأَصْلِيِّ وَتَرَكَهَا لَهُ. وَإِذَا شَاءَ أَخَذَهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى أَلَّا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. وَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ الْمَذْكُورَةُ بِالْوَصْفِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُخَيَّرًا أَيْضًا فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثِّيَابَ لِلصَّبَّاغِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا بِلَوْنِهَا الْأَصْلِيِّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثِيَابَهُ وَدَفَعَ إلَى الْأَجِيرِ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى مَعَ أُجْرَةِ الزِّيَادَةِ الَّتِي حَدَثَتْ بِذَلِكَ الْوَصْفِ.
2 -
لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ حَكَاك الْأَخْتَامِ خَتْمًا لِيَنْقُشَ عَلَيْهِ اسْمَهُ فَنَقَشَ عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً اسْمَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَجِيرَ قِيمَةَ الْخَتْمِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَنْقُوشًا عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِ الْأَجِيرِ عَلَى أَلَّا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى.