الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَدَّقُوا مِنْ الطَّرَفَيْنِ قَوْلَهُ كَانَ لَهُ الْقَوْلُ، لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَشْهَدُ لَهُ وَإِذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الصَّنْعَةِ فَبَعْضُهُمْ قَالَ بِمَا قَالَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِمَا قَالَ بِهِ الْآجِرُ يُعْتَبَرُ الِادِّعَاءُ وَالْإِنْكَارُ حِينَئِذٍ؛ أَيْ يَكُونُ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِمُنْكِرِ الزِّيَادَةِ وَهُوَ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْبَيِّنَةُ تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (التَّنْقِيحُ) .
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمَصْرُوفَاتِ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ بَلْ إذَا كَانَ فِي أَسَاسِ التَّعْمِيرِ كَمَا إذَا أَمَرَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجِرَ بِأَنْ يُعَمِّرَ الْمَأْجُورَ عَلَى أَنْ يَحْسِبَ ذَلِكَ مِنْ الْأُجْرَةِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: قَدْ عَمَّرْته وَقَالَ الْآجِرُ لَمْ تُعَمِّرْهُ فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ)(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) .
الْوَسِيلَةُ إلَى مَنْعِ مَا سَيَقَعُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا أَذِنَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى تَعْمِيرِ الْمَأْجُورِ هِيَ: أَنْ يُعْطِيَ الْمُسْتَأْجِرُ قِسْمًا مِنْ الْأُجْرَةِ إلَى الْآجِرِ وَيَرُدَّهُ الْآجِرُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَأْمُرَهُ بِإِنْفَاقِهِ فِي تَعْمِيرِ الْمَأْجُورِ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْيَمِينِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1774) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ أَمِينًا. وَقَدْ يَكُونُ الْإِذْنُ بِالتَّعْمِيرِ مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ وَذَلِكَ كَأَنْ يُعْطِيَ الْآجِرُ إذْنًا بِالتَّعْمِيرِ بِشَرْطِ أَنْ يَجْرِيَ الْإِنْفَاقُ وَالتَّعْمِيرُ بِاطِّلَاعِهِ أَوْ بِاطِّلَاعِ وَكِيلِهِ فَإِذَا أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمَأْجُورِ بِدُونِ اطِّلَاعِهِ عُدَّ مُتَبَرِّعًا.
كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَانُوتَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَأَذِنَهُ النَّاظِرُ أَنْ يُنْفِقَ مَا يَلْزَمُ لِلتَّعْمِيرِ إلَّا أَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ بِاطِّلَاعِهِ أَوْ اطِّلَاعِ وَكِيلِهِ وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ مُتَبَرِّعًا وَنَظَّمَ بِذَلِكَ سَنَدًا ثُمَّ صَرَفَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمَأْجُورِ وَعَمَّرَهُ بِدُونِ اطِّلَاعِ النَّاظِرِ أَوْ اطِّلَاعِ وَكِيلِهِ عُدَّ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْسِبَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ (التَّنْقِيحُ) .
جَاءَ فِي الشَّرْحِ قَيْدٌ (إذَا كَانَ مِلْكًا) لِأَنَّ حُكْمَ الْوَقْفِ غَيْرُ حُكْمِ الْمِلْكِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ فِي تَغْيِيرِ مُسْتَأْجِرِ الْوَقْفِ الْمَأْجُورِ: إذَا هَدَمَ أَحَدٌ دَارَ الْوَقْفِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا ثُمَّ بَنَاهَا يَنْظُرُ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ مَا غَيَّرَهَا إلَيْهِ أَكْثَرَ نَفْعًا لِلْوَقْفِ وَمُوجِبًا لِازْدِيَادِ أُجْرَتِهَا أُخِذَتْ أُجْرَةُ الدَّارِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَأُبْقِيَ الْبِنَاءُ الْجَدِيدُ لِلْوَقْفِ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ التَّغْيِيرُ أَكْثَرَ نَفْعًا لِلْوَقْفِ وَلَا مُوجِبًا لِازْدِيَادِ أُجْرَتِهِ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِهَدْمِهِ وَإِعَادَتِهِ إلَى الصِّفَةِ الْأُولَى بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ لِتَغْيِيرِهِ الْوَقْفَ.
مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا وَقْفًا فَهَدَمَهَا وَجَعَلَهَا طَاحُونًا أَوْ فُرْنًا يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَا صَارَتْ إلَيْهِ أَنْفَعَ وَأَكْثَرَ رِيعًا أُخِذَ مِنْهُ وَأُبْقِيَ مَا عَمَّرَهُ لِلْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَإِلَّا أُلْزِمَ بِهَدْمِهِ وَإِعَادَتِهِ إلَى الصِّفَةِ الْأُولَى بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَقْفِ) .
[
(الْمَادَّةُ 531) أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَاءً فِي الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ أَوْ غَرَسَ شَجَرَةً]
(الْمَادَّةُ 531) لَوْ أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَاءً فِي الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ أَوْ غَرَسَ شَجَرَةً فَالْآجِرُ مُخَيَّرٌ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ شَاءَ قَلَعَ الْبِنَاءَ أَوْ الشَّجَرَةَ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَى ذَلِكَ وَأَعْطَى قِيمَتَهُ كَثِيرَةً كَانَتْ أَمْ قَلِيلَةً.
أَيْ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُنْشِئَ فِيهِ بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ شَجَرَةً أَوْ ذُرَقًا (وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ النَّبَاتِ) أَوْ نَوْعًا آخَرَ مِمَّا يُغْرَسُ لِلثَّمَرِ أَوْ لِلْوَرَقِ وَلَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ أَوَكَانَ لَهُ نِهَايَةٌ بَعِيدَةُ كَقَصَبِ السُّكَّرِ كَانَ الْمُؤَجِّرُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مُخَيَّرًا عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ:
1 -
لِلْآجِرِ أَنْ يُبْقِيَ الشَّجَرَ أَوْ الذُّرَقَ مَثَلًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَاحِبَ الْأَرْضِ فَلَهُ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأَجْرٍ أَوَبِلَا أَجْرٍ عَلَى سَبِيلِ الْإِعَارَةِ، قَالَ الزَّيْلَعِيّ لِأَنَّ الْحَقَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَإِذَا رَضِيَ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى مَا كَانَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ. انْتَهَى.
وَحِينَئِذٍ تَجِبُ مُرَاعَاةُ الشُّرُوطِ لِبَقَاءِ الشَّجَرِ فَإِذَا عُقِدَتْ إجَارَةٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ كَانَ ذَلِكَ إجَارَةٌ جَدِيدَةٌ وَإِلَّا فَإِعَارَةٌ وَالشَّجَرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ، وَالْعَقَارُ لِلْآجِرِ أَوْ الْمُعِيرِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا آجَرَ الْأَرْضَ مَعًا قُسِمَتْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ) وَتُعَيَّنُ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (425) .
2 -
وَلَهُ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الشَّجَرِ أَوْ الذُّرَقِ وَاسْتِلَامُ الْمَأْجُورِ فَارِغًا وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إبْقَاءُ الْبِنَاءِ أَوَالشَّجَرِ فِي حَالِ عَدَمِ رِضَاءِ الْآجِرِ بِبَقَائِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إعَادَةُ الْمَأْجُورِ إلَى الْآجِرِ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ فَارِغًا كَمَا أَخَذَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَلْعُ مَا حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْآجِرُ بِبَقَائِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَبَقَاؤُهُ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ بَقَاءٌ دَائِمِيًّا مِمَّا يَضُرُّ بِالْآجِرِ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (96 وَ 591 وَ 593) غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الشَّجَرِ ثَمَرٌ لَمْ يُدْرِكْ أَبْقَى الشَّجَرَ فِي أَرْضِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى إدْرَاكِ ثَمَرِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (480) شَرْحًا وَمَتْنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ اتَّحَدَ الْجَوَابُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَهِيَ الْإِجَارَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْغَصْبُ حَيْثُ يَجِبُ فِيهِمَا الْقَلْعُ وَالتَّسْلِيمُ فَارِغًا.
وَفِي الزَّرْعِ اخْتَلَفَ الْجَوَابُ فَفِي الْغَصْبِ يَلْزَمُ الْقَلْعُ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الزِّرَاعَةِ وَفِي الْإِجَارَةِ يُتْرَكُ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ اسْتِحْسَانًا بِأَجْرِ الْمِثْلِ.
وَفِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ وَغَيْرِ الْمُوَقَّتَةِ أَنْ يَأْخُذَهَا صَاحِبُهَا إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ مَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي الزِّرَاعَةِ بِجِهَةِ الْعَارِيَّةِ. وَلِإِدْرَاكِ الزَّرْعِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَيُتْرَكُ، قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ (الشِّبْلِيُّ) .
3 -
إذَا كَانَ هَدْمُ الْبِنَاءِ أَوْ قَلْعُ الشَّجَرِ مُضِرًّا بِالْعَقَارِ الْمَأْجُورِ مَثَلًا فَلِلْآجِرِ إبْقَاءُ الشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ وَإِعْطَاءُ قِيمَتِهِ مُسْتَحَقًّا لِلْقَلْعِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً وَسَوَاءٌ أَرَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرْضَ وَيَتَمَلَّكُهَا بِالرَّغْمِ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ وَبِذَلِكَ يَتَضَرَّرُ الْمُؤَجِّرُ.
وَقَدْ جُعِلَ لِدَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ حَقُّ امْتِلَاكِ الْمُحْدَثَاتِ بِإِعْطَائِهِ قِيمَتَهَا دَفْعًا لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (31) لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لَهُمَا حَيْثُ أَوْجَبْنَا لِلْمُؤَجِّرِ تَسَلُّمَ الْأَرْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ قِيمَتُهُمَا مُسْتَحِقَّيْ الْقَلْعِ لِأَنَّ أَصْلَ وَصْلِهِمَا بِحَقٍّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَبِذَلِكَ فَقَدْ أُزِيلَ الضَّرَرُ اللَّاحِقُ بِكِلَا الْعَاقِدَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
وَأَمَّا اقْتِصَارُ التَّمَلُّكِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَهُوَ نَاشِئٌ عَمَّا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا يَلْحَقُهُ شَيْءٌ مِنْ الضَّرَرِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ الَّتِي سَيَأْخُذُهَا تَقُومُ مَقَامَ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ، وَتَعْرِيفُ قِيمَتِهِ مُسْتَحَقُّ الْقَلْعِ.
قَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (885) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْمَأْجُورِ فَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِغَيْرِ رِضَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ وَرِضَاءُ الْمُسْتَأْجَرِ فِي إبْقَائِهِ وَتَمَلُّكِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الْآجِرَ وَالْمُسْتَأْجِرَ مُتَسَاوِيَانِ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ فَلَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ (الدُّرَرُ الْهِنْدِيَّة، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْخَيْرِيَّةُ) .
فَلَا بُدّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا فِي التَّرْكِ بِخِلَافِ الْقَلْعِ حَيْثُ يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالِ دُون الْآخَرِ (الزَّيْلَعِيّ) .
أَمَّا إذَا كَانَ الْعَقَارُ الْمَأْجُورُ أَرْضًا لِوَقْفٍ أَوْ أَرْضًا لِبَيْتِ الْمَالِ فَتَجْرِي فِيهِ عِنْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ: مَثَلًا لَوْ أَذِنَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِمُسْتَأْجِرِ عَرْصَةِ الْوَقْفِ أَنْ يَبْنِيَهَا لِنَفْسِهِ وَعَلَى ذَلِكَ بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ الْعَرْصَةَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ إذَا شَاءَ أَنْ يُبْقِيَ الْبِنَاءَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَدْفَعَ أَجْرَ الْمِثْلِ لِلْأَرْضِ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَلْحَقْ الْوَقْفَ ضَرَرٌ بِهِ وَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَطْلُبُوا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَلْعَ الْبِنَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ، وَالْخَيْرِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَأْجُورَ إذَا كَانَ وَقْفًا مَشْرُوطًا فِيهِ الِاسْتِغْلَالُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْجِيرِهِ فَإِيجَارُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ تَعَنُّتٌ وَضَرَرٌ، وَالضَّرَرُ مَمْنُوعٌ شَرْعًا لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أَمَّا إذَا زَادَ الْغَيْرُ عَلَى الْأُجْرَةِ وَلَمْ يَقْبَلْ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُؤَجِّرُ مِنْ الْغَيْرِ وَلَهُ إذَا شَاءَ رَفْعُ بِنَائِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي رَفْعِهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَأْجُورِ.
وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ قَاضٍ عَادِلٍ عَالِمٍ وَعَلَى كُلِّ قَيِّمٍ أَمِينٍ غَيْرِ ظَالِمٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْأَوْقَافِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ تُسْتَأْجَرُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيَرْفَعَ الْبِنَاءَ وَغَرْسَهُ أَوْ يَقْبَلَهَا بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ وَقَلَّمَا يَضُرُّ الرَّفْعُ بِالْأَرْضِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ نَفْعٌ وَغِبْطَةٌ لِلْوَقْفِ (التَّنْقِيحُ) .
أَمَّا إذَا كَانَ رَفْعُهُ مُضِرًّا فَلَيْسَ لَهُ رَفْعُهُ وَيَأْخُذُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَتَهُ وَيَتْرُكُهُ لِلْوَقْفِ وَعَلَى الْمُتَوَلِّي أَنْ يُعْطِيَهُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ مَبْنِيًّا وَمَقْلُوعًا وَيَضْبِطَهُ لِلْوَقْفِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهُنَا لَا يُجْبَرُ الْمُتَوَلِّي عَلَى إعْطَاءِ بَدَلِ الْبِنَاءِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى التَّرَاضِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. لَكِنْ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ أَنْ يَنْتَظِرَ إلَى أَنْ يَخْلُصَ بِنَاؤُهُ مِنْ الْعَرْصَةِ وَيَسْتَلِمَهُ حِينَئِذٍ وَإِذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ الْبِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَلِمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أُعْطِيَ إلَيْهِ أَيْ إلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلنَّاظِرِ حِينَئِذٍ بَيْنَ تَمَلُّكِهِ جَبْرًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ بِنَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْأَرْضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِلِ الْإِجَارَةِ) .
وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ أَرْضِ الْوَقْفِ بِلَا شُبْهَةٍ لِأَنَّ إبْقَاءَ الْبِنَاءِ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ لَا لِمَصْلَحَتِهِ، وَلَوْ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لَزِمَهُ ضَرَرَانِ أَحَدُهُمَا الْتَزَمَ بِهِ بِفِعْلِهِ وَالْآخَرُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِهِ وَهُمَا ضَرَرُ التَّرَبُّصِ إلَى وَقْتِ التَّخَلُّصِ وَقَدْ الْتَزَمَ بِفِعْلِهِ إذْ بَنَى فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِحُسْنِ اخْتِيَارِهِ بِنَاءً لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِضَرَرِ الْوَقْفِ فَيَلْزَمُهُ وَضَرَرُ الْأُجْرَةِ مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ بِالْأَرْضِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ (الْخَيْرِيَّةُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمُخَيَّرُ هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ.
كَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي دَارِ الْوَقْفِ الْمَأْجُورَةِ مِنْهُ تَرْمِيمًا غَيْرَ مُسْتَهْلَكٍ بِدُونِ إذْنِ النَّاظِرِ
فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا دَفَعَ مِنْ الْمَصْرُوفَاتِ مِنْ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَقْلُوعًا إذَا كَانَ قَلْعُهُ مُضِرًّا بِالْوَقْفِ وَيَبْقَى الْبِنَاءُ مِلْكًا.
رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ جِهَاتِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرٍ شَرْعِيٍّ وَعَمَّرَ فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ النَّاظِرُ أَذِنَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ تَلْزَمُ الْعِمَارَةُ جِهَةَ الْوَقْفِ حَيْثُ يَأْذَنُ النَّاظِرُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا أَوْ هَلْ لِلنَّاظِرِ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ وَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ فَأَفْتَى سَيِّدِي الْجَدُّ شَيْخُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْعِمَارَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَلْزَمُ جِهَةِ الْوَقْفِ وَالنَّاظِرُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً أَوْ يُكَلِّفُ الْمُسْتَأْجِرَ بِقَلْعِهَا وَتَسْوِيَةِ الْوَقْفِ فَيَفْعَلُ الْأَنْفَعَ لِلْوَقْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) .
الْأَرَاضِي الْمُحْتَكَرَةُ: الْأَرَاضِي الْمُحْتَكَرَةُ هِيَ مَا تُؤَجَّرُ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ وَهِيَ وَقْفٌ أَيْضًا وَالِاسْتِحْكَارُ عَقْدُ إجَارَةٍ يُرَادُ بِهِ اسْتِبْقَاءُ الْأَرْضِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَوَجْهُهُ إمْكَانُ رِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْقَلْعِ إذْ لَوْ قُلِعَتْ لَا تُؤَجَّرُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلِوَرَثَتِهِ اسْتِبْقَاؤُهُ وَلَوْ حَصَلَ ضَرَرٌ مَا بِأَنْ كَانَ هُوَ وَوَارِثُهُ مُفْلِسًا أَوْ مُتَغَلِّبًا سَيِّئَ الْمُعَامَلَةِ يُخْشَى عَلَى الْوَقْفِ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ لَا يُجْبَرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
قِيلَ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْقِيمَةُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الشَّجَرِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرَاضِيِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَدِّيَ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَيَمْتَلِكَهَا، وَالْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي (رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي الْعِبَارَةُ الَّتِي جَاءَتْ فِي هَذَا الْخُصُوصِ بِرُمَّتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِلْكًا لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا.
كَذَلِكَ إنْ أَبَى الْمَالِكُ إلَّا الْقَلْعَ بَلْ يُكَلِّفُهُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْغِرَاسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَةَ الْأَرْضِ لِلْمَالِكِ فَتَكُونُ الْغِرَاسُ وَالْأَرْضُ لِلْغَارِسِ وَفِي الْعَكْسِ يَضْمَنُ الْمَالِكُ قِيمَةَ الْغِرَاسِ فَتَكُونُ الْأَرْض وَالْأَشْجَارُ لَهُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةِ، وَذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ الْعَرْصَةُ الْمَأْجُورَةُ وَقْفًا وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ امْتِلَاكِ الْعَرْصَةِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ الْمَوْجُودِ فِيهَا وَالْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا فِي (رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَيْضًا. إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ الَّذِي يَغْتَصِبُ أَرْضًا مِنْ آخَرَ وَيَبْنِيَ فِيهَا بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا يُؤْمَرُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (906) مِنْ الْمَجَلَّةِ بِقَلْعِ أَشْجَارِهِ أَوْ هَدْمِ بِنَائِهِ وَتَسْلِيمِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا، غَيْرَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَجَاءَتْ أَقْوَالُهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: عَلَى الْغَاصِبِ قَلْعُ الشَّجَرِ أَوْ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَإِخْلَاءُ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَرَدُّهَا لِصَاحِبِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ أَوْ ذَلِكَ الْبِنَاءِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ تَزِيدُ عَنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلِلْغَاصِبِ تَمَلُّكُ الْأَرْضِ بَعْدَ أَدَاءِ ثَمَنِهَا إلَى مَنْ غُصِبَتْ مِنْهُ، وَهُنَا يَتْبَعُ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَرَاضِيِ وَالْبِنَاءِ فِي الْقِيمَةِ الْأَكْثَرَ مِنْهَا.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إذَا بَنَى الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ أَوْ غَرَسَ شَجَرًا بِزَعْمِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَلِلْغَاصِبِ حِينَئِذٍ أَنْ يُؤَدِّيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قِيمَتَهَا وَيَمْتَلِكَهَا أَمَّا إذَا لَمْ