الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْمُقَدِّمَةُ فِي الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِجَارَةِ]
ِ إنَّ الْمَوَادَّ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ لَيْسَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَحْكَامٍ وَإِنَّمَا قُصِدَ مِنْهَا إفْهَامُ مَعَانِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي سَتَرِدُ فِي الْفُصُولِ الْآتِيَةِ.
(الْمَادَّةُ 404) الْأُجْرَةُ الْكِرَاءُ أَيْ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ وَالْإِيجَارُ الْمُكَارَاةُ وَالِاسْتِئْجَارُ الِاكْتِرَاءُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْأُجْرَةُ هِيَ الْعِوَضُ الَّذِي يُعْطَى مُقَابِلَ مَنْفَعَةِ الْأَعْيَانِ، أَوْ مَنْفَعَةِ الْآدَمِيِّ، مَثَلًا: إذَا اُسْتُؤْجِرَ بَيْتٌ، أَوْ خَادِمٌ بِمِائَةِ قِرْشٍ فَالْمَبْلَغُ هُوَ الْأُجْرَةُ وَقَدْ عُرِّفَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْأُجْرَةُ أَوَّلًا وَالْإِيجَارُ ثَانِيًا وَالِاسْتِئْجَارُ ثَالِثًا فَالْأَوَّلُ اسْمٌ وَالثَّانِي مَصْدَرٌ قَائِمٌ بِالْمُؤَجَّرِ وَالثَّالِثُ مَصْدَرٌ قَائِمٌ بِالْمُسْتَأْجِرِ
[
(الْمَادَّةُ 405) الْإِجَارَةُ فِي اللُّغَةِ]
(الْمَادَّةُ 405) الْإِجَارَةُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْأُجْرَةِ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ فِي مَعْنَى الْإِيجَارِ أَيْضًا وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْلُومَةِ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ مَعْلُومٍ. الْإِجَارَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَفَتْحُهَا فَهِيَ مُثَلَّثَةُ الْهَمْزَةِ. وَلِلْإِجَارَةِ مَعْنَيَانِ:
الْأَوَّلُ: الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْأُجْرَةُ.
وَالثَّانِي: الْمَعْنَى الْمُسْتَعْمَلَةُ فِيهِ وَهُوَ الْإِيجَارُ وَالْأَوَّلُ مُسَبَّبٌ عَنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْإِيجَارَ سَبَبٌ لِلْأُجْرَةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ اسْتِعْمَالُ لَفْظَةِ الْإِجَارَةِ بِمَعْنَى (الْإِيجَارِ) مَجَازًا لُغَوِيًّا.
وَبَيَانُ مَعْنَى الْإِجَارَةِ فِي اللُّغَةِ وَالِاسْتِطْرَادُ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ عُنْوَانَ الْبَحْثِ قَاصِرٌ عَلَى الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ لِإِيضَاحِ الْمُنَاسَبَةِ فِي نَقْلِهَا مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إلَى الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ، و (الْبَدَلُ) فِي الْإِجَارَةِ كَمَا سَيَتَّضِحُ فِي الْمَادَّةِ 463 يَكُونُ:
(1)
عَيْنًا (2) دَيْنًا (3) مَنْفَعَةً مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَبِمَا أَنَّ الْعَمَلَ مَعْدُودٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ حَسَبَ الْمَادَّةِ 420 و 421 فَهَذَا التَّعْرِيفُ يَكُونُ مُشْتَمِلًا عَلَى نَوْعَيْ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَادَّةِ 421.
تَوْضِيحُ الْقُيُودِ: يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي يُعْقَدُ عَلَيْهَا فِي الْإِجَارَةِ مَقْصُودَةً فِي الشَّرْعِ وَنَظَرِ الْعُقَلَاءِ.
فَلَوْ
اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ حِصَانًا لِيَرْبِطَهُ أَمَامَ دَارِهِ، أَوْ لِيُجَنِّبَهُ، أَوْ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا لِيَضَعَهَا فِي بَيْتِهِ لِيَظُنَّ النَّاسُ أَنَّ لَهُ حِصَانًا، أَوْ ثِيَابًا نَفِيسَةً لِيَرَاهَا النَّاسُ وَيَظْهَرَ بِهَا بِمَظْهَرِ الْأَغْنِيَاءِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ مِنْ الْعَيْنِ فِي الشَّرْعِ وَنَظَرِ الْعُقَلَاءِ.
وَلَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَقْصُودَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الشَّرْعِ وَنَظَرِ الْعُقَلَاءِ.
وَالْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَجِبُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَأْجُورِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِذَلِكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْإِجَارَةُ مَعْقُودَةً عَلَى مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، فَاسْتِئْجَارُ التُّفَّاحِ لِلشَّمِّ وَالْحُلِيِّ لِوَضْعِهَا فِي مَحَلٍّ مَنْظُورٍ مِنْ الْبَيْتِ فَاسِدٌ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْحُلِيِّ لِلتَّزَيُّنِ بِهَا وَهَذَا مَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْإِعَارَةُ عَنْ الْإِجَارَةِ فَالْإِعَارَةُ فِيهِ جَائِزَةٌ وَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ.
وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ قَابِلَةً لِلْبَدَلِ وَبِهَذَا الْقَيْدِ تَخْرُجُ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ النِّكَاحِ؛ فَإِنَّ مَنَافِعَ النِّكَاحِ (وَهِيَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ) الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا النِّكَاحُ لَيْسَتْ إجَارَةً بَلْ تُسَمَّى نِكَاحًا (الْبَاجُورِيّ) .
حَتَّى إنَّ الْإِجَارَةَ يَجِبُ أَنْ تُعْقَدَ عَلَى مُدَّةٍ مُوَقَّتَةٍ أَيْ أَنَّ التَّوْقِيتَ فِي الْإِجَارَةِ لَازِمٌ بِعَكْسِ النِّكَاحِ؛ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ.
(تَكْمِلَةُ الْفَتْحِ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ)
وَبِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ (الْمَنْفَعَةُ) أَشَارَتْ إلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ مِنْ ثَوْبٍ قُبَاءَ عَلَى أَنْ يَكُونَ قُمَاشُ الْكُمَّيْنِ مِنْهُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ.
وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ بَنَّاءً لِيَبْنِيَ لَهُ دَارًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَوَازِمُ الْبِنَاءِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ بَيْعَ عَيْنٍ (الْبَحْرُ) .
وَسَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 262 مَزِيدُ إيضَاحٍ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
قَوْلُهُ (مَعْلُومَةٌ) : الْعِلْمُ بِالْمَنْفَعَةِ يَكُونُ تَارَةً بِبَيَانِ الْمُدَّةِ كَمَا فِي اسْتِئْجَارِ الدُّورِ لِلسُّكْنَى وَالْأَرَاضِي لِلزَّرْعِ كَمَا جَاءَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ.
وَتَارَةً يَكُونُ بِالتَّسْمِيَةِ كَاسْتِئْجَارِ صَبَّاغٍ، أَوْ خَيَّاطٍ لِصَبْغِ ثَوْبٍ، أَوْ خِيَاطَتِهِ.
وَتَارَةً يَكُونُ بِالتَّعْيِينِ وَالْإِشَارَةِ وَذَلِكَ كَاسْتِئْجَارِ رَجُلٍ لِنَقْلِ حِمْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الرَّجُلُ إلَى مَحَلٍّ مُشَارٍ إلَيْهِ.
وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي الْمَوَادِّ 452 و 455 و 456.
وَتُعَرَّفُ الْإِجَارَةُ بِثَلَاثَةِ تَعَارِيفَ:
الْأَوَّلُ: تَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَقْيِيدِ كُلٍّ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَالْعِوَضِ بِكَوْنِهِ مَعْلُومًا فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْهُولًا وَتَخْرُجُ بِذَلِكَ الْإِجَارَةُ الَّتِي هِيَ مَوْضُوعُ الْبَحْثِ فِي الْمَوَادِّ (450 و 451 و 460) مَعَ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ.
وَيَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ أَيْضًا الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ لِلشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ 429 فَإِذَا اعْتَبَرْنَا أَنَّ الْإِجَارَةَ الْمُعَرَّفَةَ هُنَا هِيَ الصَّحِيحَةُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ لِلشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ الْمَارِّ ذِكْرُهَا وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ تَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ فَيَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ لِأَغْيَارِهِ.
وَإِذَا اعْتَبَرْنَا أَنَّ الْمُعَرَّفَ هَهُنَا الْأَعَمُّ مِنْ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ تِلْكَ الْإِجَارَاتُ الْمُنْدَرِجَةُ تَحْتَهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ بِجَهْلِ الْبَدَلِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ فَيَكُونُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ