الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَفَالَةُ الْمَرِيضِ إمَّا أَنْ تَكُونَ عَنْ أَجْنَبِيٍّ وَأَحْكَامُهَا مُفَصَّلَةٌ فِيمَا يَأْتِي: إنَّ كَفَالَةَ الْمَرِيضِ الْمَالِيَّةَ عَنْ أَجْنَبِيٍّ تُعْتَبَرُ إلَى ثُلُثِ مَالِهِ وَمَا لَمْ تُجِزْ وَرَثَتُهُ الزِّيَادَةَ عَنْ الثُّلُثِ فَلَا تُعْتَبَرُ وَتَكُونُ بَاطِلَةً فِيمَا يَزِيدُ عَنْ الثُّلُثِ كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ الْمَرِيضُ الَّذِي تَكُونُ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ بِدَيْنٍ عَلَى آخَرَ فَلَيْسَ لِكَفَالَتِهِ حُكْمٌ. كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ حِينَ الْكَفَالَةِ وَلَكِنْ لَوْ اُسْتُغْرِقَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَرِكَتُهُ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ وَأَقَرَّ لَهُ الْمَرِيضُ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْكَفَالَةِ أَيْضًا وَلِلْمُقِرِّ لَهُ أَنْ يَضْبِطَ كُلَّ التَّرِكَةِ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ وَيَسْتَوْفِيَهُ. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً لَيَسْتَوْفِيَ الدَّائِنُ الْمَكْفُولَ بِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْكَفِيلِ إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَكْفِي لِإِيفَائِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَافِيًا فَيَسْتَوْفِي الثُّلُثَ مَهْمَا كَانَ. إلَّا إذَا كَانَ الْمَرِيضُ قَدْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَفَلَ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَحِينَئِذٍ يُؤْخَذُ الدَّيْنُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1605)(رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . أَوْ تَكُونُ كَفَالَتُهُ لِوَارِثٍ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ سَتَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (1605) . وَإِنَّمَا إذَا عُلِّقَتْ الْكَفَالَةُ عَلَى شَرْطٍ فِي حَالٍ الصِّحَّةِ وَوُجِدَ الشَّرْطُ بَعْدَ الْمَرَضِ وَلَزِمَ الْمَرِيضَ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (82) فَتَكُونُ هَذِهِ الْكَفَالَةُ فِي حُكْمِ الْكَفَالَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي حَالِ الصِّحَّةِ كُلُّ مَا يُقِرُّ بِهِ فُلَانٌ لِفُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ وَمَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَضَ الْمَوْتِ أَوْ تُوُفِّيَ وَأَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِأَلْفِ قِرْشٍ لِلْمَكْفُولِ لَهُ لَزِمَتْ الْأَلْفُ قِرْشٍ مِنْ جَمِيعِ مَالِ الْمُتَوَفَّى وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ فِي حُكْمِ الْكَفَالَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ.
وَيُخَاصِمُ الْمَكْفُولَ لَهُ غُرَمَاءُ الْكَفِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَهَامِشُ الْأَنْقِرْوِيّ) . أَمَّا الْكَفَالَةُ النَّفْسِيَّةُ فَلَيْسَتْ بِمَالٍ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ وَارِثَهُ مِنْ كَفَالَةٍ بِالنَّفْسِ يَكُونُ صَحِيحًا فَلَوْ أَبْرَأَ أَجْنَبِيًّا مِنْ ذَلِكَ صَحَّ وَلَا تُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ الْمَرِيضُ الَّذِي تَكُونُ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ آخَرَ مِنْ الْكَفَالَةِ صَحَّ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ) أَمَّا إبْرَاءُ الْمَرِيضِ أَحَدًا مِنْ الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ وَتَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ فَلَا يَصِحُّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1581) .
[
(الْمَادَّةُ 629) لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَاقِلًا وَبَالِغًا]
(الْمَادَّةُ 629) لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَاقِلًا وَبَالِغًا فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ. أَيْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ الْمَكْفُولُ لَهُ عَاقِلًا وَبَالِغًا فِي انْعِقَادِ الْكَفَالَةِ وَنَفَاذِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ مَا يَضُرُّ بِالْمَكْفُولِ عَنْهُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يَكُونُ الضَّرَرُ عَلَى الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ إذَا أَدَّى أَحَدٌ مَا عَلَى صَبِيٍّ مِنْ الدَّيْنِ بِمُقْتَضَى كَفَالَتِهِ إيَّاهُ عُدَّ مُتَبَرِّعًا بِهِ وَذَلِكَ مَا يَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَى الصَّبِيِّ فَعَلَيْهِ وَكَمَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ بِنَفْسِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ أَوْ مَالِهِ وَتَكُونُ نَافِذَةً تَصِحُّ كَفَالَتُهُ بِنَفْسِ الْمَجْنُونِ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَوْ دَيْنِهِ وَتَكُونُ كَفَالَتُهُ نَافِذَةً وَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ. وَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ مَا عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ
الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِمْ أَوْ بِدُونِ ذَلِكَ فَعَدَمُ الرُّجُوعِ مَعَ الْأَمْرِ هُوَ لِأَنَّ إقْرَارَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بِمُقْتَضَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (1573) فَيَكُونُ الْأَمْرُ الصَّادِرُ مِنْهُمْ فِي الْكَفَالَةِ لَيْسَ صَحِيحًا أَيْضًا أَمَّا عَدَمُ الرُّجُوعِ مَعَ عَدَمِ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِدُونِ الْأَمْرِ تَبَرُّعٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 657 وَشَرْحَهَا) . حَتَّى لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ وَكَفَلَ آخَرُ الْمَجْنُونَ أَوْ الصَّبِيَّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِدَيْنِهِ بِدُونِ إذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ صَحَّتْ كَفَالَتُهُ وَإِذَا أَرَادَ الْكَفِيلُ تَسْلِيمَ الصَّبِيِّ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ أَوْ بِأَمْرِ الصَّبِيِّ وَهُوَ مَأْذُونٌ فَلَهُ إحْضَارُ الصَّبِيِّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ جَبْرًا وَيُسَلِّمُهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الصَّبِيَّ عَلَى الْحُضُورِ وَتَسْلِيمِهِ الْمَكْفُولَ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .
وَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي شَرْح الْمَادَّةِ (612) .
كَذَلِكَ إذَا كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ صَبِيٍّ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فِي الْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ جَازَتْ كَفَالَتُهُ. وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ الصَّبِيَّ ضَمِنَ الْكَفِيلُ مَا يُحْكَمُ عَلَى وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ. وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الصَّبِيِّ فِيمَا يَضْمَنُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. مَا لَمْ تَكُنْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِالتِّجَارَةِ كَمَا سَتُفَصِّلُ ذَلِكَ الْمَادَّةُ (657)(رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالنَّتِيجَةُ) . وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْمَكْفُولُ عَنْهُ) لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ الْمَكْفُولِ لَهُ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بَالِغًا فَلَيْسَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (621) تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ قَبُولُ أَحَدٍ مِنْ طَرَفِهِ الْكَفَالَةَ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ لِتَحَرِّي كَوْنِهِ عَاقِلًا بَالِغًا. وَعَلَيْهِ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ مَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى شَخْصٍ فَكَفَالَتُهُ صَحِيحَةٌ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ مَعْلُومًا كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّنِي كَفِيلٌ بِكُلِّ مَالِك عَلَى النَّاسِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ إنَّنِي كَفِيلٌ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ لَك عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الدَّيْنِ) تَصِحُّ كَفَالَتُهُ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ (إنَّنِي أَكْفُلُ لَكُمْ أَوْ لِغَيْرِكُمْ أَثْمَانَ كُلِّ مَالٍ يُبَاعُ مِنْ فُلَانٍ) فَكَفَالَتُهُ فِي قَوْلِهِ (أَكْفُلُ لَكُمْ) لِلْمُخَاطَبِينَ صَحِيحَةٌ وَلِغَيْرِهِمْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ الْعِلْمُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ هَلْ هُوَ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ أَنَا كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ وَلَمْ يَقُلْ بِفُلَانٍ أَوْ بِمَالِهِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ مَا لَمْ تُوجَدُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْهُمَا. كَذَلِكَ فَكَمَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ نَفْسِيَّةً لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ اُكْفُلْ لِي هَذَا الرَّجُلَ وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَدْ كَفَلْتُهُ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مَالِيَّةً لَوْ قَالَ اُكْفُلْ لِي دَيْنِي الَّذِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَدْ كَفَلْتُهُ (رَدُّ الْمُحْتَار) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (66) مَتْنًا وَشَرْحًا. .