الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْكَفِيلِ وَكَانَ مُسَاوِيًا لِمَا سَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ عُدَّ الْكَفِيلُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) .
مَسْأَلَةٌ سَادِسَةٌ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ دَيْنًا ذَا رَهْنٍ بِأَمْرِ الْمَدِينِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّاهُ إذَا سَقَطَ الدَّيْنُ بِتَلَفِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ فِي يَدِ الدَّائِنِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ وَهَذَا يَسْتَرِدُّ مَا أَعْطَى مِنْ الدَّائِنِ كَذَلِكَ لَوْ سَقَطَ الثَّمَنُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَعْدَ أَنْ كَفَلَهُ شَخْصٌ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي وَأَدَّاهُ إلَى الْبَائِعِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَاهُ إلَى الْكَفِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى) .
مَسْأَلَةٌ سَابِعَةٌ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ عَلَى آخَرَ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الدَّائِنُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا رَهْنًا مِنْ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ ثُمَّ أَخَذَ آخَرَ مِنْ الثَّانِي وَتَلِفَ هَذَا الرَّهْنُ الثَّانِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ سَقَطَ مِنْ الدَّيْن نِصْفُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ تَفِي بِالدَّيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) .
[
(الْمَادَّةُ 658) لَوْ غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ]
(الْمَادَّةُ 658) لَوْ غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ يَضْمَنُ ضَرَرَهُ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَرْصَةً وَبَنَى عَلَيْهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ ثَمَنَ الْأَرْضِ مَعَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ حِينَ التَّسْلِيمِ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِأَهْلِ السُّوقِ: هَذَا الصَّغِيرُ وَلَدِي بِيعُوهُ بِضَاعَةً فَإِنِّي أَذِنْته بِالتِّجَارَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَلَدُ غَيْرِهِ فَلِأَهْلِ السُّوقِ أَنْ يُطَالِبُوهُ بِثَمَنِ الْبِضَاعَةِ الَّتِي بَاعُوهَا لِلصَّبِيِّ.
لَوْ غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ كَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَالْإِجَارَةِ وَالْقِسْمَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ يَضْمَنُ ضَرَرَهُ.
وَتُسْتَثْنَى الشُّفْعَةُ مِنْ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا يُوجِبُ التَّغْرِيرُ فِي الشُّفْعَةِ ضَمَانًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي مُجْبَرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَشْفُوعِ لِلشَّفِيعِ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ جَبْرًا فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ غَرَّهُ.
مَثَلًا لَوْ ضُبِطَتْ عَرْصَةٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهَا أَحَدٌ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَنْشَأَ فِيهَا أَبْنِيَةً فَلَا يَأْخُذُ ذَلِكَ الشَّخْصُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي، (أَبُو السُّعُودِ فِي الشُّفْعَةِ) .
مِثَالٌ مِنْ الْبَيْعِ - مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَرْصَةً مِنْ آخَرَ ظَانًّا أَنَّهَا مِلْكُهُ وَبَعْدَ أَنْ بَنَى عَلَيْهَا ظَهَرَ لِلْعَرْصَةِ الْمَذْكُورَةِ مُسْتَحِقٌّ فَضَبَطَهَا بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ وَالْحَلِفِ أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَصِيَّ الْيَتِيمَ ثَمَنَ الْأَرْضِ أَيْ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْبَائِعِ مَعَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ حِينَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْبَائِعِ (التَّنْقِيحُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ) وَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ وَصِيَّ الْيَتِيمِ لَزِمَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ.
وَفِي هَذَا الْمِثَالِ بَيَانٌ لِلرُّجُوعِ بِشَيْئَيْنِ:
أَوَّلُهُمَا - الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ بَدَلُ الْمَبِيعِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الشَّرْحِ أَيْ الثَّمَنُ الَّذِي أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي إلَى بَائِعِهِ، وَالسَّبَبُ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ هَذَا هُوَ:
إذَا ضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَذَلِكَ أَكْبَرُ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ وَالْبَيْعُ الْمُطْلَقُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (336) يَقْتَضِي سَلَامَةً مِنْ الْعُيُوبِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ بَدَلَ الْمَبِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ) .
ثَانِيهِمَا - الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ حِينَ تَسْلِيمِهِ وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي إيضَاحُ ذَلِكَ: بَعْضُ أَحْكَامٍ مُسْتَنْبَطَةٍ مِنْ مِثَالِ الْمَجَلَّةِ هَذَا شَرْحًا وَمَتْنًا وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ:
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - يَلْزَمُ أَنْ يُسَلَّمَ الْبِنَاءُ قَائِمًا إلَى الْبَائِعِ حَتَّى تُؤْخَذَ قِيمَتُهُ مِنْهُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (قِيمَتِهِ مِنْ التَّسْلِيمِ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ. وَإِذَا سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ أَخَذَ أَنْقَاضَهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ هَدْمِهِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعَ بِقِيمَتِهِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ) .
مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَرْصَةً وَبَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً ضُبِطَ آخِرُ الْعَرْصَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا احْتَرَقَ الْبِنَاءُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْبَائِعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْ الْبَائِعِ.
كَذَلِكَ إذَا أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ وَقَلَعَهُ وَسَلَّمَ الْعَرْصَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِذَا حَضَرَ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ دُونَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ.
كَذَا لَوْ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى هَدْمِ الْبِنَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا وَبَعْدَ أَنْ هَدَمَ بَعْضَهُ حَضَرَ الْبَائِعُ وَسَلَّمَ هَذَا الْقِسْمَ الْقَائِمَ لِلْبَائِعِ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ مِنْهُ وَالْبَائِعُ يَهْدِمُ ذَلِكَ الْقِسْمَ وَيَأْخُذُ أَنْقَاضَهُ لِنَفْسِهِ لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي إذَا شَاءَ أَنْ يَهْدِمَ الْبِنَاءَ وَيَأْخُذَ أَنْقَاضَهُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ (الْوَاقِعَاتُ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَاعِدَةَ أَخْذِ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْبِنَاءِ مِنْ الْبَائِعِ بِإِعَادَتِهِ إلَيْهِ وُضِعَتْ لَنَفْعِ الْمُشْتَرِي وَفَائِدَتِهِ. وَلَا يَسْتَفِيدُ الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِإِعَادَةِ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: لَا بُدَّ أَنْ آخُذَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ غَائِبٌ: فَلْيَبْقَ الْبِنَاءُ بِدُونِ هَدْمٍ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ الْغَائِبُ وَأُسَلِّمُهُ إيَّاهُ قَائِمًا لِآخُذَ مِنْهُ قِيمَتَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ (الْوَاقِعَاتُ) .
وَهَذِهِ الْإِيضَاحَاتُ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَرَى إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا أَنْ تُقَدَّرَ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ ثُمَّ يُهْدَمُ الْبِنَاءُ وَتُحْفَظُ أَنْقَاضُهُ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي إذَا هَدَمَ الْبِنَاءَ وَحَفِظَ أَنْقَاضَهُ وَسَلَّمَهَا إلَى الْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا، أَمَّا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ الْأَنْقَاضَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ، (الْوَاقِعَاتُ) .
(وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ الْبِنَاءَ قَائِمًا فَهَدَمَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى النَّظَرِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَا كَلَّفَهُ الْمُسْتَحِقُّ الْهَدْمَ فَهَدَمَهُ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ ثُمَّ سَلَّمَ نَقْضَهُ إلَى الْبَائِعِ رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِتَغْيِيرٍ مَا) .
الْخُلَاصَةُ - إذَا ضُبِطَتْ الْعَرْصَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ أَنْشَأَ فِيهَا الْمُشْتَرِي بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا فَمَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ هُوَ قِيمَةُ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَقَلْعُهُ مِنْ الشَّجَرِ
وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَرْجِعُ بِالْكِلْسِ وَالطِّينِ وَصَرْفِيَّاتِ حَفْرِ الْبِئْرِ وَتَنْظِيفِ الْقَنَوَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْحُكْمُ الثَّانِي - قَدْ ذَكَرَ فِي الْمِثَالِ وَبَعْدَ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بِنَاءً وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَبْنِيَهُ مِنْ مَالِهِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ بَنَى بِالْأَنْقَاضِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْعَرْصَةِ بِنَاءً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَعْطَى مِنْ الْأُجْرَةِ الْيَوْمِيَّةِ لِلنَّجَّارِينَ وَأَنْفَقَ عَلَى ذَلِكَ الْبِنَاءِ مِنْ النَّفَقَاتِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْحُكْمُ الثَّالِثُ - وَالْغَرَضُ مِنْ عِبَارَةِ (إذَا ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَضَبَطَهَا) كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الشَّرْحِ ظُهُورُ مُسْتَحِقٍّ لِلْعَرْصَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَاءِ. أَمَّا إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَاءِ أَيْضًا وَضَبَطَ الْبِنَاءَ أَيْضًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ حِينَئِذٍ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْبِنَاءِ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ أَنَّ الْعَرْصَةَ لَهُ كَمَا ادَّعَى أَنَّ الْبِنَاءَ بَنَاهُ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ وَمِنْ مَالِهِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ وَضَبَطَ الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ مَعًا فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ وَلَيْسَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ - وَالْغَرَضُ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ كَمَا ذَكَرَ شَرْحًا قِيمَتُهُ مَبْنِيًّا وَلَيْسَ مَقْلُوعًا قَالَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ: أَيْ يُقَوَّمُ مَبْنِيًّا فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لَا مَقْلُوعًا وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ مِنْ طِينٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. انْتَهَى.
الْحُكْمُ الْخَامِسُ - وَذِكْرُ الْبِنَاءِ فِي الْمِثَالِ لَيْسَ بِاحْتِرَازٍ عَنْ الشَّجَرِ فَالْحُكْمُ فِي الشَّجَرِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَرْصَةِ بَعْدَ أَنْ غَرَسَهَا الْمُشْتَرِي شَجَرًا وَضَبَطَهَا يُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي الشَّجَرَ قَائِمًا إلَى الْبَائِعِ وَيَسْتَلِمُ ثَمَنَهُ هُوَ كَذَلِكَ.
لَكِنْ لَوْ غَابَ الْبَائِعُ وَلَمْ يُمْكِنْ تَسْلِيمُهُ الشَّجَرَ قَائِمًا بِإِجْبَارِ الْمُسْتَحِقِّ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِهِ فَلَيْسَ لَهُ مُرَاجَعَةُ الْبَائِعِ إلَّا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ وَلَيْسَ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ قَائِمًا وَإِذَا كَانَ قَلْعُ الشَّجَرِ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَالْمُسْتَحِقُّ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَلَعَ الشَّجَرَ وَضَمِنَ الْبَائِعُ نُقْصَانَهَا وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَتَمَلَّكَهُ قَائِمًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَإِذَا حَضَرَ الْبَائِعُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْأَشْجَارِ أَوْ بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ الَّذِي ضَمِنَهُ (الْوَاقِعَاتُ) .
الْحُكْمُ السَّادِسُ - يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (إذَا ضُبِطَتْ الْعَرْصَةُ) أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ رَحًى وَبَعْدَ أَنْ اسْتَعْمَلَهَا مُدَّةً ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لَهَا وَضَبَطَهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَا مَرَّ إلَّا أَخْذُ الرَّحَى وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ غَلَّةِ الْمُدَّةِ الَّتِي انْتَفَعَ بِهَا؛ (لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ بَلْ مِنْ كَسْبِهِ وَفِعْلِهِ وَاقِعَاتٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ) .
الْحُكْمُ السَّابِعُ - لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ. ثُمَّ فَهَلْ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ؟ لِلْبَائِعِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ رحمه الله الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِ الْعَرْصَةِ فَقَطْ دُونَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ.
أَمَّا الْإِمَامَانِ فَيَرَيَانِ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِثَمَنِ الْعَرْصَةِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِيمَا ذُكِرَ أَنْفًا) .
الْحُكْمُ الثَّامِنُ - جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (قِيمَتُهُ حِينَ التَّسْلِيمِ) وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ سَكَنَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ إنْشَائِهِ مُدَّةً وَهُدِمَتْ بَعْضُ جِهَاتِهِ فَحَصَلَ نُقْصَانٌ فِي قِيمَتُهٌ أَعْطَى الْبَائِعُ قِيمَتَهُ حِينَ التَّسْلِيمِ، لَا قِيمَتَهُ عِنْدَ الْإِنْشَاءِ وَلَوْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ أَخِيرًا لَزِمَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ) .
الْحُكْمُ التَّاسِعُ - لَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ: كُنْت بِعْته الْعَرْصَةَ مَعَ بِنَائِهَا فَلِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى حِدَةٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا بَنَيْته وَعَلَيْهِ لِي حَقُّ الرُّجُوعِ بِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِحَقِّ الرُّجُوعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
(سُئِلَ فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ فَأَجَّرَهَا مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَأَذِنَ لَهُ بِصَرْفِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ فِي تَرْمِيمِ الدَّارِ الْمَزْبُورَةِ وَقَبَضَ مِنْهُ الْبَاقِيَ وَصَرَفَ عَمْرٌو مَا أَذِنَ لَهُ بِصَرْفِهِ وَسَكَنَ الدَّارَ وَمَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَهُ عَتِيقٌ أَثْبَتَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ أَنَّ زَيْدًا كَانَ وَهَبَهُ الدَّارَ قَبْلَ إيجَارِ زَيْدٍ لَهَا مِنْ عَمْرٍو وَقَبْلَ أَنْ آذَنَ لَهُ فِي صَرْفِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ كَمَا ذَكَرَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الرُّجُوعَ فِي التَّرِكَةِ الْمَزْبُورَةِ بِالْبَاقِي لَهُ فِي مَصْرِفِهِ وَمِمَّا قَبَضَهُ مِنْهُ زَيْدٌ بَعْدَ ثُبُوتِ كُلِّ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ أَقُولُ: يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ عَنْ فَتَاوَى الصَّدْرِ الشَّهِيدِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى اسْتِدَانَةِ النَّاظِرِ مِنْ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْوَقْفِ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَطَوِّعًا فِيمَا أَنْفَقَهُ بِإِذْنِ الْمُؤَجِّرِ فَتَأَمَّلْ)(التَّنْقِيحَ فِي الْكَفَالَةِ) .
مِثَالٌ ثَانٍ لِلْبَيْعِ - كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِأَهْلِ السُّوقِ: هَذَا الصَّغِيرُ وَلَدِي بِيعُوهُ بِضَاعَةً فَإِنِّي أَذِنْته لِلتِّجَارَةِ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَلَدُ غَيْرِهِ فَلِأَهْلِ السُّوقِ أَنْ يُطَالِبُوهُ بِثَمَنِ الْبِضَاعَةِ الَّتِي بَاعُوهَا لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْوَاقِعَ قَبْلَ الْبَيْعِ يَكُونُ مَوْجُودًا أَيْضًا حِينَ عَقْدِ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 5 و 10) .
وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ أَنَّهُ يُوجَدُ لِلضَّمَانِ فِي هَذَا الْبَابِ شَرْطَانِ: أَوَّلُهُمَا - إضَافَةُ الْغَارِّ الْوَلَدَ الصَّغِيرِ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ: (ابْنِي) .
ثَانِيهِمَا - كَوْنُهُ قَدْ أَمَرَ أَهْلَ السُّوقِ بِمُبَايَعَتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمُرَابَحَةِ) .
الْمِثَالُ الْأَوَّلُ مِنْ الْإِجَارَةِ - لَوْ آجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَبَعْدَ أَنْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَأَخَذَ قِيمَتَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ بِبَدَلِ الضَّمَانِ (الْحَمَوِيُّ فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ) .
الْمِثَالُ الثَّانِي مِنْ الْإِجَارَةِ - لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَائِطًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ فِيهَا بَابًا وَبَعْدَ أَنْ فَتَحَ الْبَابَ ظَهَرَ أَنَّهَا لِآخَرَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ الْحَائِطَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (918) وَلَهُ الرُّجُوعُ بِبَدَلِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ.
مِثَالٌ ثَالِثٌ مِنْ الْإِجَارَةِ - لَوْ قَالَ صَاحِبُ الطَّاحُونَةِ لِمَنْ أَحْضَرَ إلَيْهِ حِنْطَةً لِيَطْحَنَهَا: ضَعْهَا فِي
الدَّلْوِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الدَّلْوَ فِيهِ خَرْقٌ وَلَمْ يُخْبِرْ صَاحِبَ الْحِنْطَةِ بِذَلِكَ وَالرَّجُلُ وَضَعَ الْحِنْطَةَ فِي الدَّلْوِ فَانْتَثَرَتْ فِي الْمَاءِ ضَمِنَ صَاحِبُ الطَّاحُونَةِ بَدَلَ الْحِنْطَةِ.
أَمَّا لَوْ غَرَّ أَحَدٌ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ مِنْ عُقُودِ التَّبَرُّعِ فَلَا يَضْمَنُ ضَرَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَصْفَ السَّلَامَةِ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ (أَبُو السُّعُودِ فِي الْهِبَةِ) كَمَا سَيُوَضَّحُ فِيمَا هُوَ آتٍ.
حُكْمٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ وَيُقَابِلُهُ عَقْدُ التَّبَرُّعِ وَعَقْدُ التَّبَرُّعِ قِسْمَانِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - هُوَ مَا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الْقَابِضِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَّةِ فَلَوْ غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي هَذَا الْقِسْمِ مِنْ عَقْدِ التَّبَرُّعِ فَلَا يَضْمَنُ الضَّرَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ وَصْفَ السَّلَامَةِ (أَبُو السُّعُودِ فِي الْهِبَةِ) وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ إيَّاهُ فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَوْهُوبِ وَضَمَّنَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَاهِبِ، (الْهِدَايَةُ، وَالْكَنْزُ فِي الْهِبَةِ) مَا لَمْ يَكُنْ الْوَاهِبُ قَدْ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْمَوْهُوبِ كَمَا سَيَأْتِي مُوَضَّحًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (861) .
كَذَلِكَ لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ مَالَهُ لِآخَرَ وَبَعْدَ أَنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُعَارِ إلَيْهِ اسْتَحَقَّهُ مُسْتَحِقٌّ وَضَمَّنَهُ الْمُعَارُ إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعِيرِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمَّنَهُ، (الْأَشْبَاهُ فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ) وَإِنَّمَا لَا يَرْجِعُ الْمُسْتَعِيرُ بِضَمَانِ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِهِ يُسَبِّبُ الْغُرُورَ وَهُوَ يَغُرَّهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ مُتَبَرِّعٌ كَالْوَاهِبِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (الزَّيْلَعِيّ فِي الْعَارِيَّةِ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي - عَقْدُ التَّبَرُّعِ الَّذِي يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الدَّافِعِ كَالْوَدِيعَةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ إذَا غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي هَذَا الْقِسْمِ مِنْ عُقُودِ التَّبَرُّعِ ضَمِنَ ضَرَرَهُ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فِي الْمَجَلَّةِ احْتِرَازِيًّا بِالنَّظَرِ إلَى هَذَا. مَثَلًا لَوْ أَوْدَعَ أَحَدٌ مَالًا عِنْدَ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَظَهَرَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدِعِ وَضَمَّنَهُ الْمُسْتَحِقُّ بَدَلَ الْوَدِيعَةِ لِكَوْنِ الْوَدِيعِ بِمَنْزِلَةِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ الرُّجُوعُ بِمَا ضُمِّنَّهُ عَلَى الْمُودِعِ أَيْضًا (لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْوَدِيعَةَ مِلْكِي)(حَمَوِيٌّ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) .
مِثَالٌ مِنْ الْقِسْمَةِ - قَدْ جَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ التَّغْرِيرَ فِي الْقِسْمَةِ مُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ وَاعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْقِسْمَةَ قَضَاءٌ لَا تَجْرِي فِيمَا كَانَ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ كَعِدَّةِ قُصُورٍ وَجَوَانِيتَ وَمَزَارِعَ وَلْنَفْرِضْ عَرْصَتَيْنِ مُشْتَرَكَتَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ قُسِّمَتَا بَيْنَهُمَا بِالرِّضَاءِ فَأَخَذَ عَمْرٌو إحْدَاهُمَا وَأَخَذَ الْأُخْرَى زَيْدٌ، وَمِنْ ثَمَّ بَنَى زَيْدٌ فِي حِصَّتِهِ بِنَاءً فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ لِعَرْصَةِ زَيْدٍ وَضَبَطَهَا فَلِزَيْدٍ أَنْ يُسَلِّمَ نِصْفَ الْبِنَاءِ إلَى شَرِيكِهِ عَمْرٍو وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا عِنْدَ تَسْلِيمِهِ.
أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَمْوَالُ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ كَعَرْصَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ حَانُوتٍ وَاحِدٍ أَوْ مَزْرَعَةٍ وَاحِدَةٍ وَجَرَتْ الْقِسْمَةُ فِيهَا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1133) فَالتَّغْرِيرُ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ مَثَلًا إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ وَاحِدَةٌ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَعْدَ أَنْ بَنَى زَيْدٌ فِي حِصَّتِهِ بَعْدَ
الْقِسْمَةِ بِنَاءً ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِحِصَّتِهِ وَأَخَذَهَا فَلَيْسَ لِزَيْدٍ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا نِصْفَ الْبِنَاءِ بِتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقِسْمَةِ، وَنَقُولُ الْبَهْجَةِ قُبَيْلَ السَّلَمِ) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِسْمَتَيْنِ عَدَمُ جَوَازِ الْجَبْرِ فِي الْأُولَى وَجَوَازُهُ فِي الثَّانِيَةِ.
وَضَمَانُ الْغَارِّ صِفَةَ السَّلَامَةِ مُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَر " اذْهَبْ مِنْ الطَّرِيقِ الْفُلَانِيِّ فَالطَّرِيقُ أَمَانٌ. وَإِذَا كَانَ مَخُوفًا وَسُلِبَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ " فَإِذَا سُلِبَ مَالُ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِمُرُورِهِ مِنْ ذَلِكَ الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ الضَّامِنُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 82) .
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْغُرُورِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ مَعْلُومًا أَمَّا إذَا لَمْ يَضْمَنْ الْغَارُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ فَلَا رُجُوعَ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (اذْهَبْ مِنْ الطَّرِيقِ الْفُلَانِيِّ فَالطَّرِيقُ أَمَانٌ) وَلَمْ يُعْقِبْ ذَلِكَ قَوْلُهُ (فَأَنَا ضَامِنٌ مَالِكِ إذَا أُخِذَ) فَإِذَا سَلَكَ الرَّجُلُ ذَلِكَ الطَّرِيقَ وَسُلِبَ مَالُهُ فَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ ضَمَانٌ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَى الْمَسْلُوبِ بَدَلَ مَالِهِ بِزَعْمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا أَعْطَى، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) .