الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الكتاب الثاني والعشرون] : كتاب المفلس
يجوز لأهل الدين أن يأخذوا جميع ما يجدونه معه، إلا ما كان لا يستغني عنه وهو المنزل وستر العورة ما يقيه البرد ويسد رمقه ومن يعول1، ومن وجد ماله عنده بعينه، فهو أحق به2، وإذا نقص مال المفلس عن الوفاء بجميع دينه كان الموجود أسوة الغرماء3، وإذا تبين إفلاسه فلا يجوز حبسه4.
1 للحديث الذي أخرجه مسلم "3/ 1191 رقم 18/ 1556" وغيره عن أبي سعيد الخدري قال: أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تصدقوا عليه" فتصدق الناس عليه. فلم يبلغ ذلك وفاء دينه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه: "خذوا ما وجدتم. وليس لكم إلا ذلك".
قال الشوكاني في "السيل الجرار""3/ 421-422": "وهكذا ينبغي أن يترك للمفلس على كل تقدير ما تدعو إليه حاجته من الطعام والإدام إلى وقت الدخل، وهكذا يترك للمجاهد والمحتاج إلى المدافعة عن نفسه أو ماله وسلاحه، وللعالم ما يحتاج إليه من كتب التدريس والإفتاء والتصنيف، وهكذا يترك لمن كان معاشه بالحرث ما يحتاج إليه في الحرث من دابة وآلة الحرث". ثم قال: "والحاصل أن تفويض مثل هذه الأمور إلى أنظار حكام العدل العارفين بالحكم بما أنزل الله هو الذي لا ينبغي غيره؛ لاختلاف الأحوال والأشخاص والأمكنة والأزمنة" اهـ.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 62 رقم 2402" ومسلم "3/ 1193 رقم 22/ 1559" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس -أو: "إنسان قد أفلس" - فهو أحق به من غيره".
3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 792 رقم 3522" وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فإن كان قضاه من ثمنها شيئًا فما بقي هو أسوة الغرماء. وأيما امرئ هلك وعنده متاع امرئ بعينه اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء" وهو حديث صحيح.
4 لأنه خلاف حكم الله سبحانه قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] .
ولَيُّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته1، ويجوز للحاكم أن يحجره عن التصرف في ماله ويبيعه لقضاء دينه2، وكذا يجوز له الحجر على المبذر ومن لا يحسن التصرف3، ولا يمكن اليتيم من التصرف في ماله حتى يؤنس منه الرشد4، ويجوز لوليه أن يأكل من ماله بالمعروف5.
1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 45 رقم 3628" والنسائي "7/ 316" وابن ماجه "2/ 811 رقم 2427" والبخاري تعليقًا "5/ 62" وغيرهم عن عمرو بن الشريد عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَيّ الواجد يحل عرضه وعقوبته" وهو حديث حسن.
اللَّيّ: المطل، يقال: لواه حقه ليًّا وليانا أي مطله. الواحد: الغني. يحل عرضه: أي يغلط له وينسبه إلى سوء القضاء ويقول له: إنك ظالم ومتعدٍّ. وعقوبته: أي يحبس حتى يؤدي الحق.
2 حديث كعب بن مالك: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجز على معاذ ماله، وباعه في دين عليه" ضعيف. واعلم أن الحجر كان عند الصحابة أمرًا معروفًا ثابتًا في الشريعة؛ لما أخرج الشافعي في المسند "2/ 160 رقم 556" والبيهقي في السنن الكبرى "6/ 61"، عن عروة بن الزبير، قال: ابتاع عبد الله بن جعفر بيعًا، فقال علي رضي الله عنه: لآتين عثمان فلأحجرن عليك. أَعْلمَ ذلك ابن جعفرٍ الزبيرَ، فقال: أنا شريكك في بيعك، فأتى علي رضي الله عنه عثمان فقال: أحجر على هذا. فقال الزبير: أنا شريكه، فقال عثمان رضي الله عنه: أحجر على رجل شريكه الزبير"، وهو حديث صحيح.
3 لقوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5]، وقال الزمخشري في الكشاف "1/ 246": السفهاء: المبذرون أموالهم الذين ينفقونها فيما لا ينبغي، ولا يَدَ لهم بإصلاحها وتثميرها والتصرف فيها، والخطاب للأولياء، وأضاف الأموال إليهم؛ لأنها من جنس ما يقيم به الناس معايشهم
…
" اهـ.
4 لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] .
5 للحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 241 رقم 4575" ومسلم "4/ 2315 رقم 10/ 3019". عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6]"إنها نزلت في مال اليتيم إذا كان فقيرًا أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف".