الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الكتاب الثاني] : كتاب الصلاة
[الباب الأول: مواقيت الصلاة]
أول وقت الظهر الزوال1، وآخره مصير ظل الشيء مثله سوى فيء الزوال، وهو أول وقت العصر، وآخره ما دامت الشمس بيضاء نقية، وأول وقت المغرب غروب الشمس، وآخره ذهاب الأحمر2 وهو أول العشاء، وآخره نصف الليل، وأول وقت الفجر إذا انشق الفجر وآخره طلوع الشمس3، ومن نام عن صلاته، أو سها عنها فوقتها حين
1 الزوال: تحول الشمس عن كبد السماء إلى جهة الغرب، وعلامته زيادة الظل بعد تناهي نقصانه.
2 الشفق: بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة، وقال الخليل: الشفق الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الأخير، فإذا ذهب قيل: غاب الشفق. وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: عليه ثوب كأنه الشفق، وكان أحمر. مختار الصحاح ص144.
3 تعيين أول أوقات الصلاة وآخرها قد ثبت في الأحاديث الصحيحة. "منها": ما أخرجه الترمذي "1/ 281 رقم 150"، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، والنسائي "1/ 255 رقم 513" وغيرهما، عن جابر بن عبد الله أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه مواقيت الصلاة، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر حين زالت الشمس، وأتاه حين كان الظل مثل شخصه فصنع كما صنع، فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى المغرب، ثم أتاه حين غاب الشفق فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العشاء، ثم أتاه حين انشق الفجر فتقدم جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الغداة، ثم أتاه اليوم الثاني حين كان ظل الرجل مثل شخصه فصنع مثل ما صنع بالأمس، فصلى الظهر، ثم أتاه حين كان ظل الرجل مثل شخصيه فصنع كما صنع بالأمس، فصلى العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس فصنع كما صنع بالأمس فصلى المغرب، فنمنا، ثم قمنا، ثم نمنا، ثم قمنا، فأتاه فصنع كما صنع بالأمس فصلى العشاء، ثم أتاه حين امتد الفجر وأصبح والنجوم بادية مشتبكة فصنع كما صنع بالأمس فصلى الغداة، ثم قال: ما بين هاتين الصلاتين وقت" وهو حديث صحيح. انظر الهامش "104".
يذكرها1 ومن كان معذورًا2 وأدرك ركعة فقد أدركـ[[ـها]] (*)
والتوقيت واجب 4
= تنبيه: قال الإمام الشوكاني في "السيل الجرار""1/ 185": "ولقد ابتلي زمننا هذا من بين الأزمنة، وديارنا هذه من بين ديار الأرض بقوم جهلوا الشرع، وشاركوا في بعض فروع الفقه، فوسعوا دائرة الأوقات، وسوغوا للعامة أن يصلوا في غير أوقات الصلاة، فظنوا أن فعل الصلاة في غير أوقاتها شعبة من شعب التشيع، وخصلة من خصال المحبة لأهل البيت فضلوا وأضلوا، وأهل البيت رحمهم الله براء من هذه المقالة مصونون عن القول بشيء منها. ولقد صارت الجماعات الآن تقام في جوامع صنعاء للعصر بعد الفراغ من صلاة الظهر، وللعشاء في وقت المغرب، وصار غالب العوام لا يصلي الظهر والعصر إلا عند اصفرار الشمس. فيالله وللمسلمين من هذه الفوارق في الدين" اهـ.
1 للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه "2/ 70 رقم 597" واللفظ له، ومسلم "1/ 477 رقم 684" وغيرهما، عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك"، {وَأَقِمُ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] .
2 كالنائم، والناسي، والمكره
…
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 57 رقم 580" ومسلم "1/ 423 رقم 161/ 607" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة".
وللحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 56 رقم 579" ومسلم "1/ 424 رقم 163/ 608" وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر".
تنبيه: أخرج الإمام مسلم (1 / 434 رقم 195 / 622) وغيره
عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي دَارِهِ بِالْبَصْرَةِ، حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الظُّهْرِ، وَدَارُهُ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ، قَالَ: أَصَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ؟ فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّمَا انْصَرَفْنَا السَّاعَةَ مِنَ الظُّهْرِ، قَالَ: فَصَلُّوا الْعَصْرَ، فَقُمْنَا، فَصَلَّيْنَا، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَاّ قَلِيلاً.
4 لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] ؛ ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن الصلاة كانت ولم تزل على المؤمنين واجبًا مكتوبًا عليهم، في أوقات محددة أوضحتها السنة إيضاحًا كليًّا، منها: ما أخرجه مسلم "1/ 429 رقم 178/ 614". عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه أتاه سائل عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئًا. قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضًا. ثم أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول: قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام بالعصر =
_________
(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ما بين [[المعكوفين المزدوجين]] زدته على أصل النسخة الإلكترونية، نقلا عن ط دار الهجرة - صنعاء (الطبعة الأولى - 1411 هـ - 1991 م)
....................................................
= والشمس مرتفعة. ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخر الظهر حتى كان قريبًا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول: قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل فقال:"الوقت بين هذين". انظر هامش "ص44".
وقد غفل المؤلف أمورًا تتعلق بمواقيت الصلاة:
1-
استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر؛ لحديث جابر بن سمرة قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا دحضت -أي زالت- الشمس" وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "5/ 106" ومسلم رقم "618" وأبو داود رقم "806" وابن ماجه رقم "674".
2-
استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر؛ لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم" وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "2/ 238، 256" والبخاري رقم "533" و"534" ومسلم رقم "615".
3-
استحباب التبكير بالعصر؛ لحديث أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مرتفعة"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "3/ 131، 169" والبخاري رقم "550" ومسلم رقم "621".
4-
إثم من أخر العصر إلى الاصفرار؛ لحديث أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تلك صلاة المنافقين يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعًا لا يذكر الله إلا قليلًا"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "3/ 149" ومسلم رقم "622" وأبو داود رقم "413" والترمذي رقم "160" والنسائي "1/ 254".
5-
إثم من فاتته صلاة العصر؛ لحديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله"، وهو حديث صحيح أخرجه البخاري رقم "552" ومسلم رقم "200/ 626".
6-
استحباب تعجيل المغرب وكراهة تأخيرها: لحديث سلمة بن الأكوع "أن رسول الله كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "4/ 51" والبخاري رقم "561" ومسلم رقم "636".
7-
استحباب تأخير العشاء ما لم تكن مشقة؛ لحديث عائشة قالت: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، فقال:"إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي" وهو حديث صحيح أخرجه مسلم رقم "219/ 638" والنسائي "1/ 267".
8-
كراهة النوم قبل العشاء، والسمر بعدها إلا في مصلحة؛ لحديث أبي برزة الأسلمي:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء التي يدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "4/ 421" والبخاري رقم "547" ومسلم رقم 237"، ولحديث عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر الليلة، كذلك في الأمر من أمر المسلمين وأنا معه"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "1/ 26، 34" والترمذي رقم "169" وحسنه.
9-
استحباب التغليس بالفجر؛ لحديث عائشة قالت: كنَّ نساءُ المؤمنات يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس" وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "6/ 33" والبخاري رقم "578" ومسلم رقم "645".
والجمع لعذر جائز1 والمتيمم وناقص الصلاة أو الطهارة يصلون كغيرهم من غير تأخير2، وأوقات الكراهة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، وعند الزوال، وبعد العصر حتى تغرب3.
1 وهو السفر؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 582 رقم 1112" ومسلم "1/ 489 رقم 704" عن أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم يجمع بينهما، وإذا زاغت صلى الظهر، ثم ركب".
وللحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 572 رقم 1091" ومسلم "1/ 489 رقم 45" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء".
وأما الجمع للمريض، والخائف، وفي المطر، فلم يرد في ذلك دليل يخصه إلا ما يفهم من قول الرواة لحديث الجمع بالمدينة؛ فإنهم قالوا:"من غير خوف ولا سفر ولا مطر". أخرج البخاري "رقم 518- البغا" ومسلم "1/ 489 رقم 49/ 705" عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا في غير خوف ولا سفر"، وفي رواية: "ولا مطر" وقد استدلوا على جواز الجمع لهم بقياسهم على المسافر وليس بقياس صحيح، ولو كان صحيحًا لجاز لهم قصر الصلاة، وقد مرض النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل إلينا أنه جمع بين الصلوات. وكذلك ما نقل إلينا أنه سوغ لأحد من المرضى جمع الصلوات" قاله الشوكاني في السيل الجرار "1/ 193".
2 بلا خلاف. "انظر السبيل الجرار "1/ 192-193".
3 للحديث الذي أخرجه مسلم "1/ 568 رقم 293/ 831" وغيره عن عقبة بن عامر الجهني قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب".
بازغة: يطلع قرصها. قائم الظهيرة: اشتداد الحر وأصله أن البعير إذا كان باركًا قام من شدة الحر. تزول: تميل عن وسط السماء. تضيف: تميل حال اصفرارها.
فائدة: وتكره الصلاة في وقتين آخرين وهما: بعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 61 رقم 586" ومسلم "1/ 567 رقم 288/ 827" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس".
والنهي في هذا الحديث محمول على ما لا سبب له؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 105 رقم 1233" ومسلم "1/ 57 رقم 297/ 834" عن أم سلمة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد العصر، فسألته عن ذلك فقال:"يا بنت أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان".