الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الكتاب الثامن] : كتاب النكاح
[الفصل الأول: أحكام الزواج]
يشرع لمن استطاع الباءة1، ويجب على من خشي الوقوع في المعصية2 والتبتل غير جائز3 إلا لعجز عن القيام بما لا بد منه4.
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 119 رقم 1905" ومسلم "2/ 1018 رقم 1400" وغيرهما عن علقمة قال: بينا أنا أمشي مع عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه، فقال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من استطاع الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء". الباءة: يقال فيه الباءة والباء وقد يقصر، وهو من المباءة: المنزل؛ لأن من تزوج امرأة بوأها منزلًا، وقيل: لأن الرجل يتبوأ من أهله أي يستمكن كما يتبوأ من منزله. الوجاء "بكسر الواو": الوجء وهو أن ترضَّ أنثيا الفحل رضًّا شديدًا يذهب شهوة الجماع، يتنزل في قطعه منزلة الخصي.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 104 رقم 5063" ومسلم "4/ 129- الآفاق الجديدة" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها؛ فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فأنا أصلي الليل أبدًا، وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا. أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". واعلم أن صيانة النفس عن الحرام واجب ولا يتم إلا بالزواج فهو واجب.
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 117 رقم 5073" ومسلم "4/ 129- الآفاق الجديدة" عن سعد بن أبي وقاص قال: "رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا".
4 لما ثبت في الكتاب العزيز من النهي عن مضارَّة النساء والأمر بمعاشرتهن بالمعروف: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19] .
وينبغي أن تكون المرأة ودودًا ولودًا1 بكرًا2 ذات جمال وحسب ودين [ومال]3. وتخطب الكبيرة إلى نفسها، والمعتبر حصول الرضا منها4
1 للحديث الذي أخرجه أحمد "3/ 158، 245" وابن حبان "ص302 رقم 1228- الموارد" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا. ويقول:"تزوجوا الودود الوفود؛ فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة" وهو حديث صحيح.
2 للحديث: الذي أخرجه البخاري "9/ 121 رقم 5079" ومسلم "2/ 1088" رقم "57/ 715" عن جابر بن عبد الله، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، فلما أقبلنا تعجلت على بعير لي قطوف، فلحقني راكب خلفي. فنخس بعيري بعنَزة كانت معه، فانطلق بعيري كأجود ما أنت راءٍ من الإبل. فالتفت فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ما يعجلك يا جابر"؟ قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بعرس. فقال: "أبكرًا تزوجتها أم ثيبًا"؟ قال: قلت: بل ثيبًا. قال: "هلا جارية تلاعبها وتلاعبك"؟. قال: فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل. فقال: "أمهلوا حتى ندخل ليلًا -أي عشاء- كي تمشط الشعثة وتستحد المغيبة". قال: وقال: "إذا قدمت فالكيس الكيس".
قطوف: أي بطيء المشي. بعنَزة: هي عصاة نحو نصف الرمح. في أسفلها زج، أي حديدة. تمتشط: أي تسرح شعرها. الشعثة: هي المرأة المتفرقة شعر رأسها؛ أي لتتزين هي لزوجها. وتستحد المغيبة: الاستحداد استعمال الحديدة في شعر العانة وهو إزالته بالموس، والمراد هنا إزالته كيف كانت، والمغيبة: هي التي غاب عنها زوجها. وإن حضر زوجها فهي مشهد، بغير هاء، الكيس الكيس: الكيس الجماع. والكيس العقل. والمراد حثه على ابتغاء الولد.
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 132 رقم 5090" ومسلم "4/ 175- الآفاق الجديدة". عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".
تربت يداك: أي لصقتا بالتراب، وهي كناية عن الفقر، وهو خبر بمعنى الدعاء، لكن لا يراد به حقيقته.
4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1037 رقم 67/ 1421" وغيره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها".
واعلم أن على الولي أن يأخذ برأي ابنته ويأثم إن أرغمها؛ للحديث الذي أخرجه النسائي "6/ 86 رقم 3269" وابن ماجه "1/ 602 رقم 1874" وغيرهما عن عائشة أن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه؛ ليرفع بي خسيسته وأنا كارهة. قالت: اجلسي حتى يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول اله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم ألِلنساء من الأمر شيء، وهو حديث صحيح.
واعلم أنه يجوز للولي أن يعرض ابنته على من يتوسم فيه الصلاح والدين، ولا يعد ذلك إزراءًا به ولا بابنته؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 175 رقم 5122" وغيره عن عبد الله بن عمر،=
لمن كان كفئًا1، والصغيرة إلى وليها2، ورضا البكر صماتها3، وتحرم الخطبة في العدة4، وعلى الخطبة5، ويجوز النظر إلى المخطوبة6.
= أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي -وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي بالمدينة- فقال عمر بن الخطاب: أتيت عثمان بن عفان، فعرضت عليه حفصة فقال: سأنظر في أمري. فلبثت ليالي، ثم لقيني، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر، فصمتَ أبو بكر فلم يرجع إلي شيئًا، وكنت أوجد عليه مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر، فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئًا؟ قال عمر: قلت: نعم، قال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلتها".
1 لم أجد دليلًا على الكفاءة في الزواج، والحق عدم اعتبارها.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 123 رقم 5081" عن عروة، أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب عائشة إلى أبي بكر، فقال له أبو بكر: إنما أنا أخوك، فقال له:"أنت أخي في دين الله وكتابه، وهي لي حلال".
3 لحديث ابن عباس، انظر هامش "ص117".
4 للمعتدة من وفاة، أو من طلاق بائن، أو من طلاق رجعيٍّ؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 119 رقم 47/ 1480" عن فاطمة بنت قيس قالت إن زوجها طلقها ثلاثًا، فلم يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة. قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حللت فآذنيني" فآذنته. ويجوز أن يعرَّض للمعتدة من وفاة، أو من طلاق بائن؛ لقوله تعالى:{وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَاّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] .
عرَّضتم: لوَّحتم وأشرتم بما يتضمن رغبتكم بالزواج. سرًا: لا تعِدُوهن بالنكاح خفية. قولًا معروفًا: موافقًا للشرع، وهو التعريض. تعزموا عقدة النكاح: تحقِّقوا العزم على عقد الزواج. يبلغ الكتاب أجله: تنقضي العدة. وهي المدة التي فرضها الله عليها في كتابه.
5 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 198 رقم 5142" ومسلم "2/ 1032 رقم 49/ 1412" عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب بعضكم على خطبة بعض".
6 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1040 رقم 74/ 1424" وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنظرت إليها". قال: لا. قال: "فاذهب فانظر إليها؛ فإن في أعين الأنصار شيئًا".
تزوج امرأة من الأنصار: أي أراد تزوجها بخطبتها. فإن في أعين الأنصار شيئًا، هكذا الرواية شيئًا: وهو واحد الأشياء قيل المراد صغر. وقيل: زرقة.
ولا نكاح إلا بولي1 وشاهدين2 إلا أن يكون عاضلًا3 أو غير مسلم4، ويجوز لكل واحد من الزوجين أن يوكل لعقد النكاح ولو واحدًا5.
1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 568 رقم 2085" والترمذي "3/ 407 رقم 1101" وابن ماجه "1/ 605 رقم 1881" وغيرهم. عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي"، وهو حديث صحيح.
أما إذا لم يكن للمرأة ولي، أو تشاجر الأولياء، فالسلطان وليها؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 566 رقم 2083" والترمذي "3/ 407 رقم 1102" وقال: حديث حسن، وابن ماجه "1/ 605 رقم 1879" وغيرهم من حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإن تشاجرا -أي الأولياء- فالسلطان ولي من لا ولي له" وهو حديث صحيح.
2 للحديث الذي أخرجه الدارقطني "3/ 225 رقم 23" والبيهقي "7/ 125" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له". وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
3 عاضلًا: أي مانعًا من زواج المرأة.
4 لقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] ، وللحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 583 رقم 2107"، والنسائي "6/ 119 رقم 3350" عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش، فمات بأرض الحبشة، فزوجها النجاشيُّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأمهرها عند أربعة آلاف، وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة. وهو حديث صحيح.
5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 590 رقم 2117" وغيره عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أترضى أن أزوجك فلانة"؟ قال: نعم. وقال للمرأة: "أترضين أن أزوجك فلانًا"؟ قالت: نعم، فزوج أحدهما صاحبه، فدخل بها الرجل ولم يفرض لها صداقًا، ولم يعطها شيئًا، وكان ممن شهد الحديبية، وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر، فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقًا ولم أعطها شيئًا، وإني أشهدكم أني أعطيها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهمًا، فباعته بمائة ألف" وهو حديث صحيح.
[الـ] فصل [الثاني: الأنكحة المحرمة]
ونكاح المتعة1 منسوخ2
1 المتعة: فهو نكاح المرأة إلى أجل مؤقت، كيومين أو ثلاثة أو شهر أو غير ذلك.
2 فإنه لا خلاف أنه قد كان ثابتًا في الشريعة كما صرح بذلك القرآن: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24]، للحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 276 رقم 4615" ومسلم "2/ 1022 رقم11/ 1404". عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء، فقلنا: ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك، فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب، ثم قرأ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} [المائدة: 87] .
وثبت النسخ بأحاديث عدة: "منها" ما أخرجه مسلم "2/ 1025 رقم 21/ 1406" وغيره من حديث سبرة الجهني: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا".
والتحليل حرام1 وكذلك الشغار2، ويجب على الزوج الوفاء بشرط المرأة3، إلا أن يحل حرامًا أو يحرم حلالًا3، ويحرم على الرجل أن ينكح زانية أو مشركة4 والعكس5، ومن صرح القرآن
1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 562 رقم 2076" والترمذي "3/ 427 رقم 1119" وابن ماجه "1/ 622 رقم 1935" وغيرهم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه -قال إسماعيل: وأراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله المحلل والمحلل له" وهو حديث صحيح.
المحلل: متزوج المطلقة ثلاثًا؛ لتحل للزوج الأول.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 162 رقم 5112" ومسلم "2/ 1034 رقم 57/ 1415" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار. والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق.
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 323 رقم 2721" ومسلم "2/ 1035 رقم 63/ 1418" وغيرهما عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق الشرط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج".
4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 19 رقم 3594" وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلح جائز بين المسلمين".
زاد أحمد: "إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا". وزاد سليمان بن داود: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم" وهو حديث صحيح.
وللحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 187 رقم 2561" ومسلم "2/ 1141 رقم 6/ 1504" وغيرهما عن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته -قصة عتق بريرة- ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؛ من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله، فليس له، وإن شرط مائة مرة؛ شرط الله أحق وأوثق".
5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 542 رقم 2051" والنسائي "6/ 66 رقم 3228" والترمذي "5/ 328 رقم 3177" وقال: حديث حسن غريب عن عبد الله بن عمرو، أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي كان يحمل الأسارى بمكة، وكان بمكة بغي يقال لها: عناق، وكانت صديقته، قال: جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله أنكح عناق؟ قال: فسكت عني، فنزلت:{وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فدعاني فقرأها علي وقال: "لا تنكحها".
6 لأن هذا الحكم لا يختص بالرجل دون المرأة كما تفيد ذلك الآية: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلَاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] .
بتحريمه1 والرضاع كالنسب2، والجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها3، وما زاد على العدد المباح للحر والعبد4، وإذا تزوج العبد بغير إذن سيده فنكاحه باطل5، وإذا عتقت الأمة ملكت أمر نفسها، وخيرت في زوجها6، ويجوز فسخ النكاح بالعيب7، ويقر من أنكحة الكفار إذا أسلموا ما يوافق الشرع8.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 253 رقم 2645" ومسلم "2/ 1071 رقم 1447" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في بنت حمزة: "لا تحل لي، يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب؛ هي ابنة أخي من الرضاعة".
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 160 رقم 5109" ومسلم "2/ 1028 رقم 33/ 1408" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".
4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 677 رقم 2241" وابن ماجه "1/ 628 رقم 1952" عن الحارث بن قيس، قال: أسلمت وعندي ثمانِ نسوة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اختر منهن أربعًا"، وهو حديث حسن.
وللحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 435 رقم 1128" وابن ماجه "1/ 628 رقم 1953" وغيرهما عن ابن عمر، أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخير أربعًا منهن. وهو حديث صحيح.
5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 563 رقم 2078" والترمذي "3/ 419 رقم 1111" وقال حديث حسن، وهو كما قال. عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر".
6 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1143 رقم 9/ 1504" من حديث عائشة رضي الله عنها: أن بريرة كان زوجها عبدًا، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها، ولو كان حرًا لم يخيرها.
7 لم يأت من قال بجواز فسخ النكاح بالعيب بحجة نيرة، ولم يثبت شيء منها.
8 للحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 436 رقم 1130" وأبو داود "2/ 678 رقم 2243" وابن ماجه "1/ 627 رقم 1951" وغيره عن الضحاك بن فيروز، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، إني أسلمت وتحتي أختان، قال:"طلق أيتهما شئت"، وهو حديث حسن.
وإذا أسلم أحد الزوجين انفسخ النكاح، وتجب العدة1، فإن أسلم الآخر ولم تتزوج المرأة كانا على نكاحهما الأول ولو طالت المدة إذا اختارا ذلك2.
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 417 رقم 5286" عن ابن عباس: "كان المشركون على منزلتين من النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، وكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حل لها النكاح فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه، وإن هاجر عبد منهم أو أمة فهما حران، ولهما ما للمهاجرين".
2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 675 رقم 2240" والترمذي "3/ 448 رقم 1143" وابن ماجه "1/ 647 رقم 2009" وغيرهم عن ابن عباس، قال: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول، لم يحدث شيئًا، قال محمد بن عمرو في حديثه: بعد ست سنين، وقال الحسن بن علي: بعد سنتين وهو حديث صحيح، وانظر هامش "1".
[الـ] فصل [الثالث: أحكام المهر]
والمهر واجب1، وتكره المغالاة فيه2، ويصح ولو خاتمًا من حديد أو تعليم
1 لقوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] .
صدقاتهن: جمع صداق وهو المهر. نحلة: عطية وهبة مفروضة.
وللحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 190 رقم 5135" ومسلم "2/ 1041 رقم 76/ 1425" وغيرهما، عن سهل بن سعد، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني وهبت من نفسي، فقامت طويلًا، فقال رجل: زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، فقال صلى الله عليه وسلم:"هل عندك من شيء تصدقها"؟ قال: ما عندي إلا إزاري فقال: "إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئًا"، فقال: ما أجد شيئًا، فقال:"التمس ولو كان خاتمًا من حديد" فلم يجد، فقال:"أمعك من القرآن شيء"؟ قال: نعم سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال:"زوجناكها بما معك من القرآن".
3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 590 رقم 2117" وغيره عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير النكاح أيسره". وهو حديث صحيح.
وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1040 رقم75/ 1424" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هل نظرت إليها؛ فإن في عيون الأنصار شيئًا"؟ قال: قد نظرت إليها. قال: "على كم تزوجتها" قال: على أربع أواقٍ. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "على أربع أواق؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه". قال: فبعث بعثًا إلى بني عبس، بعث ذلك الرجل فيهم.
على أربع أواقٍ: هو جمع أوقية. الأوقية من الذهب =40 درهمًا. الدرهم =2.975 غرامًا، إذًا الأوقية من الذهب: =40× 2.975 = 19 جرامًا.
قرآن1، ومن تزوج امرأة ولم يسم لها صداقًا فلها مهر نسائها إذا دخل بها2 ويستحب تقديم شيء من المهر قبل الدخول3، وعليه إحسان العشرة4.
1 للحديث عن سهل بن سعد، انظر هامش "ص122".
2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 588 رقم 2224" والنسائي "6/ 121-122" والترمذي "3/ 450 رقم 1145" وابن ماجه "1/ 609 رقم 1891" وغيرهم عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقًا، ولم يدخل بها حتى مات. فقال ابن مسعود: لها مثل صداق نسائها، لا وَكَسَ ولا شطط، وعليها العدة ولها الميراث، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق، امرأة منا، مثل الذي قضيت، ففرح بها ابن مسعود، وهو حديث صحيح.
3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 596 رقم 2155" والنسائي "6/ 129 رقم 3375" وغيرهما عن ابن عباس قال: لما تزوج علي بن أبي طالب فاطمة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطها شيئًا" قال: ما عندي شيء. قال: "أين درعك الحطمية"؟ وهو حديث صحيح.
الحطمية: منسوبة إلى حطمة بطن من عبد القيس، وكانوا يعملون في الدروع. ويقال: إنها الدروع السابغة التي تحطم السلاح.
4 لقوله تعالى: و {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، وللحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 253 رقم 5186" ومسلم "2/ 1090 رقم 1468" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المرأة كالضلع إذا ذهبت تقيمها كسرتها، وإن تركتها استمتعت بها وفيها عوج".
ومن إحسان العشرة:
أولا: أن يكون عونا لها على طاعة الله عز وجل: فيعلمها التوحيد والعبادات ونحو ذلك: لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] . وللحديث الذي أخرجه البخاري "2/11 رقم 628" ومسلم "5/104 - بشرح النووي" وغيرهما عن مالك بهن الحويرث: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيما رفيقا، فلما رأى شوقنا إلى أهلينا قال:"ارجعوا فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا، فإذا حضرت الصلاة فيؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم".
ثانيا: أن يغار عليها، فلا يعرضها لما يخدش حياءها ويجرح كرامتها، وليس معنى الغيرة أن يسيء الظن بها فيتخونها ليلا؛ ليطلب عثراتها؛ فإن ذلك منهي عنه؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 114 رقم 2659" والنسائي "5/78 رقم 2558" وغيرهما عن جابر بن عتيك، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله: فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة
…
" وهو حديث حسن.
ثالثا: أن يعطيها مهرها المتفق عليه؛ لحديث سهل بن سعد، انظر الهامش "3".
رابعا: أن ينفق عليها وعلى أولادها، ولا يقتر عليهم إن كان في سعة، وأما إن كان في ضيق عيش وقلة ذات يد، فعليها أن تصبر. انظر هامش "ص545".
وعليها الطاعة1.
1 لقوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} [النساء: 34] .
ومن طاعة الزوجة لزوجها:
أولًا: أن تدخل بيت الرجل في غيابه من المحارم أو من يكره، وإن كان منهم؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 330 رقم 5232" ومسلم "14/ 153 بشرح النووي" وغيرهما عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إياكم والدخول على النساء" فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال:"الحمو الموت". الحمو: جمعه أحماء، وهم الأصهار من قبل الزوج، والأختان من جهة المرأة. والأصهار تجمع الفريقين أيضًا. وأراد ها هنا أخا الزوج فإنه لا يكون محرمًا للمرأة، وإن كان أراد أبا الزوج وهو محرم. فكيف بمن ليس بمحرم؟! وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 886 رقم 147/ 1218" من حديث جابر الطويل وفيه:"ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح". ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه: أي لا يحل لها أن تأذن لرجل ولا امرأة، لا محرم ولا غيره، في دخول منزل الزوج إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه. فاضربوهن ضربًا غير مبرح: الضرب المبرح هو الضرب الشديد الشاق ومعناه اضربوهن ضربًا ليس بشديد ولا شاق. والبرح: المشقة.
ثانيًا: لا تخرج من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت تردت في المعصية واستوجبت العقوبة؛ للحديث الذي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "7/ 293" والحاكم في المستدرك "2/ 189-190" عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تأذن في بيت زوجها وهو كارهٌ، ولا تخرج وهو كارهٌ ولا تطيع فيه أحدًا ولا تخشن بصدره ولا تعتزل فراشه ولا تضربه، فإن كان هو أظلم فلتأته حتى ترضيه فإن كان هو قبل فبها ونعمت وقبل الله عذرها وأفلح حجتها ولا إثم عليه، وإن هو أبى برضاها عنها فقد أبلغت عند الله عذرها" وهو حديث حسن بشواهده. وللفائدة انظر "مجموع الفتاوى""32/ 281" لابن تيمية، في مسألة خروج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها.
ثالثًا: أن تحرص على ماله، فلا تتصرف فيه بغير رضاه ولا تنفقه بغير علمه؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 824 رقم 3565" والترمذي "3/ 57 رقم 670" وقال: حديث حسن وغيرهما عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، ولا تنفق المرأة شيئًا من بيتها إلا بإذن زوجها" فقيل: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: "ذاك أفضل أموالنا" وهو حديث صحيح.
رابعًا: أن تطيعه في غير معصية؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "13/ 121 رقم 7144" ومسلم "12/ 226 بشرح النووي" وغيرها عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة". فإن أمرها زوجها أن تترك شيئًا من التطوعات كالصيام ونحوه وجب عليها ترك ذلك؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 293 رقم 5192" ومسلم "2/ 711 رقم 84/ 1026" وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه". =
ومن كان له زوجان فصاعدًا عدل بينهن في القسمة وما تدعو الحاجة إليه1، وإذا سافر أقرع بينهن2، وللمرأة أن تهب نوبتها أو تصالح الزوج على إسقاطها2، ويقيم عند الجديدة البكر سبعًا والثيب ثلاثًا3
= خامسًا: أن تكشر له حسن صنيعه إليها، ولا تجحد فضله؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 83 رقم 29" ومسلم "6/ 212-213- بشرح النووي" عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أريت النار، فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان؛ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا. قالت: ما رأيت منك خيرًا قط".
سادسًا: أن تخدمه في الدار، وتساعده على أسباب العيش الحسن؛ فإن ذلك يعينه على التفرغ لما هو فيه، لا سيما إن كان مشتغلًا بالعلم؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "7/ 71 رقم 3705" ومسلم "4/ 2091 رقم 80/ 2727" عن علي بن أبي طالب أن فاطمة رضي الله عنها شكت ما تلقى من أثر الرحى، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بسبي، فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبت لأقوم فقال:"على مكانكما"، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وقال:"ألا أعلمكما خيرًا مما سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما تكبران أربعًا وثلاثين وتسبحان ثلاثًا وثلاثين، وتحمدان ثلاثًا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم".
ولم نجد لمن قال بعدم وجوب خدمة المراة زوجها في الدار دليلًا صالحًا. انظر "آداب الزفاف" للمحدث الألباني ص 118-120 تحت عنوان: "وجوب خدمة المرأة لزوجها" فقد أجاد وأفاد.
1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 600 رقم 2133" والنسائي "7/ 63 رقم 3942" والترمذي "3/ 447 رقم 1141" وابن ماجه "1/ 633 رقم 1969" وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل".
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 218 رقم 2593" عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم كل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 304 رقم 5206" ومسلم "4/ 2316 رقم 3021" عن عائشة رضي الله عنها: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] قالت: هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، فيريد طلاقها ويتزوج غيرها، تقول له: أمسكني لا تطلقني، ثم تزوج غيري، فأنت في حل من النفقة علي والقسمة لي، فذلك قوله تعالى:{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] . وانظر الهامش "2".
للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 314 رقم 5214" ومسلم "2/ 1084 رقم 1461" عن أنس قال: "من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعًا، وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثًا ثم قسم، قال أبو قلابة: ولو شئت لقلت إن أنسًا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يجوز العزل1 ولا إتيان المرأة في دبرها2، 3
1 الأصح جواز العزل؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "9/ 305 رقم 5209" ومسلم "2/ 1065 رقم 1440". عن جابر قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل".
وهناك أحاديث أخرى انظرها في كتابنا "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء النكاح، والأولى ترك العزل؛ للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 1067 رقم 141/ 1442" وغيره عن عائشة، عن جد أمة بنت وهب أخت عكاشة، قالت:
…
ثم سألوه عن العزل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك الوأد الخفي". العزل: هو النزع بعد الإيلاج؛ لينزل خارج الفرج.
2 هنا في المخطوط زيادة وهي "فصل: والوليمة للعرس مشروعة، وإجابتها واجبة ما لم تكن فيها ما لا يحل". وقد حذفتها؛ لأن المؤلف جاء بها بعد كتاب الأضحية فليعلم.
3 للحديث الذي أخرجه الترمذي "1/ 242 رقم 135" وأبو داود "4/ 225 رقم 3904" وابن ماجه "1/ 209 رقم 639" وغيرهم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم"، وهو حديث صحيح.
[الـ] فصل [الرابع: الولد للفراش]
والولد للفراش، ولا عبرة لشبهه بغير صاحبه1 وإذا اشترك ثلاثة في وطء أمة في طهر ملكها كل واحد منهم فيه فجاءت بولد وادعوه جميعًا فيقرع بينهم ومن استحقه بالقرعة فعليه للآخرين ثلثا الدية2.
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "4/ 292 رقم 2053" ومسلم "2/ 1080 رقم 36/ 1457" وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد ابن أبي وقاص، أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه. قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص وقال: ابن أخي، قد عهد إلي فيه. فقام عبد بن زمعة فقال: أخي. وابن وليدة أبي ولد على فراشه. فتساوقا إلى رسول الله صلى الله ليه وسلم فقال سعد: يا رسول الله، ابن أخي، كان قد عهد إلي فيه، فقال ابن زمعة: أخي، وابن وليدة أبي، ولد على فراشه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هو لك يا عبد بن زمعة"، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:"الولد للفراش وللعاهر الحجر"، ثم قال لسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم:"احتجبي منه يا سودة"؛ لما رأى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لقي الله.
2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "2/ 700 رقم 2269" وابن ماجه "2/ 786 رقم 2348" والنسائي "6/ 183 رقم 3490" وغيرهم عن زيد بن أرقم، قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من اليمن، فقال: إن ثلاثة نفر من أهل اليمن أتوا عليًّا يختصمون إليه في ولد، وقد وقعوا على امرأة في طهر واحد، فقال لاثنين منهما: طيبا بالولد لهذا، فغليا ثم قال الاثنين: طيبا بالولد لهذا فغليا، قال الاثنين: طيبا بالولد لهذا، فغليا، ثم قال: أنتم شركاء متشاكسون، إني مقرع بينكم فمن قرع فله الولد، وعليه لصاحبيه ثلثا الدية، فأقرع بينهم فجعله لمن قرع، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أضراسه أو نواجذه
…
وهو حديث صحيح. فغليا: من غلي القدر غليانًا: أي صاحا.