الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الكتاب السابع والعشرون] : كتاب القصاص
يجب1 على المكلف2 المختار3 العامد4 إن اختار ذلك الورثة، وإلا فلهم طلب الدية4، وتقتل المرأة بالرجل والعكس5.
1 يجب القصاص؛ لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] . ولقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 179] ، وللحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 205 رقم 112" ومسلم "2/ 988 رقم 447/ 1355"، عن أبي هريرة قال: لما فتح الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة. قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: "
…
ومن قُتِل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يفدى وإما أن يُقتَل".
2 وحد التكليف: الإسلام، والبلوغ، والعقل. انظر هامش "ص58".
3 لحديث ابن عباس المتقدم في هامش "ص199".
4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 522 رقم 4353" والنسائي "7/ 91" وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم، ورجل خرج محاربًا لله ورسوله فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض، أو يقتل نفسًا فيقتل بها" وهو حديث صحيح.
5 لحديث أبي هريرة المتقدم في الهامش "1".
6 قتل المرأة بالرجل لا خلاف فيه، وأما قتل الرجل بالمرأة؛ للحديث الذي أخرجه النسائي "8/ 57 رقم 4853" وغيره، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابًا فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن هذه نسختها: "من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال قبل ذي رعين ومعاقر وهمدان، أما بعد
…
" وكان في كتابه: "إن من اغتبط مؤمنًا قتلًا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتلو وأن في النفس الدية مائة من الإبل وفي الألف إذا أوعب جدعة الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي كل أصبع من=
والعبد بالحر والكافر بالمسلم لا العكس1 والفرع بالأصل لا العكس2 ويثبت القصاص في الأعضاء ونحوها والجروح مع الإمكان3
= أصابع اليد والرجل عشر من الإبل وفي السن خمس من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل، وأن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار"، وهو حديث صحيح.
الجائفة: الطعنة التي تخالط الجوف وتنفذ فيه، والمراد بالجوف كل ما له قوة مخيلة كالبطن والدماغ. المنقلة: هي الشجة التي تخرج منها صغار العظام. الموضحة: هي الشجة التي تبدي وضح العظم، أي بياضه.
وللحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 204 رقم 6879" ومسلم "3/ 1299 رقم 15/ 1672"، عن أنس رضي الله عنه أن يهوديًّا قتل جارية على أوضاح لها فقتلها بحجر، فجيء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمق، فقال:"أقتلك فلان" فأشارات برأسها أن لا ثم قال الثانية فأشارت برأسها أن لا، ثم سألها الثالثة فأشارت برأسها أن نعم، فقتله النبي صلى الله عليه وسلم بحجرين.
1 أي لا يقتل الحر بالعبد؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى} [البقرة: 178] .
وكذلك لا يقتل المسلم بالكافر؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 246 رقم 6903". عن أبي جحيفة قال: سألت عليًّا رضي الله عنه: هل عندكم شيء ما ليس في القرآن، وقال مرة: ما ليس عند الناس؟، فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا في القرآن، إلا فهمًا يعطى رجل في كتابه، وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر.
2 أي لا يتمثل الأصل بالفرع؛ للحديث الذي أخرجه ابن الجارود في المنتقى رقم "788" والدارقطني "3/ 140 رقم 179" والبيهقي في السنن الكبرى "8/ 38" عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كانت لرجل من بني مدلج جارية فأصاب منها ابنا فكان يستخدمها، فلما شب الغلام دعا بها يومًا فقال: اصنعي كذا وكذا، فقال الغلام: لا تأتيك، حتى متى تستأمر أمي؟ قال: فغضب أبوه فحذفه بسيفه، فأصاب رجله أو غيرها فقطعها فنزف الغلام فمات، فانطلق في رهط من قومه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا عدو نفسه أنت الذي قتلت ابنك؟ لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يقاد الأب بابنه" لقلتك، هلم ديته، قال: فأتاه بعشرين أو ثلاثين ومائة بعير، قال: فتخير منها مائة فدفعها إلى ورثته، وترك أباه، وهو حديث صحيح.
3 لقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] ، وللحديث الذي أخرجه البخاري "8/ 177 رقم 4500" ومسلم "3/ 1302 رقم 24/ 675" عن أنس أن أخت الرُّبَيِّع، أم حارثة، جرحت إنسانًا، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "القصاص القصاص" فقالت أم الربيع: يا رسول الله، أيقتص من فلانة؟ والله لا يقتص منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"سبحان الله يا أم الربيع، القصاص كتاب الله" قالت: لا والله لا يقتص منها أبدًا، قال فما زالت حتى قبلوا الدية. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره".
ويسقط بإبراء أحد الورثة، ويلزم نصيب الآخرين من الدية1.
وإذا كان فيهم صغير ينتظر في القصاص بلوغه2. ويهدر ما سببه من المجني عليه3. وإذا أمسك رجل وقتل آخر قُتِل القاتل وحبس الممسك4. وفي قتل الخطأ الدية والكفارة5، وهو ما ليس بعمد أو من صبي أو مجنون وهي على العاقلة وهي العصبة6.
1 لأن أمر القصاص والدية إلى الورثة وأنهم بخير النظرين كما في حديث أبي هريرة المتقدم في هامش "ص205"، فإذا أُبرِؤوا من القصاص سقط، وإن أبرأ أحدهم سقط؛ لأنه لا يتبعض، ويستوفي الورثة نصيبهم من الدية.
وللحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 884 رقم 2647" وأبو داود 4/ 691 -694 رقم 4564" والنسائي "8/ 42-43 رقم 4801". وغيرهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعقل المرأة عصبتها من كانوا، ولا يرثوا منها شيئًا، إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها فهم يقتلون قائلها" وهو حديث حسن.
2 دليله ما قدمنا من أن ذلك حق لجميع الورثة، ولا اختيار للصبي قبل بلوغه. انظر هامش "ص"205" و"1".
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 229 رقم 6892" ومسلم "3/ 1300 رقم 1673" وغيرهما، عن عمران بن حصين أن رجلًا عض يد رجل فنزع يده من فمه فوقعت ثنيتاه، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل، لا دية له".
4 قلتُ: والحق أنه إذا اشترك جماعة من الرجال أو الرجال والنساء في قتل رجل عمدًا بغير حق قتلوا به كلهم؛ للأثر الذي أخرجه مالك في الموطأ "2/ 871 رقم 13" والبخاري تعليقًا "12/ 227 رقم 6896" عن ابن عمر رضي الله عنه، أن غلامًا قتل غيلة فقال عمر: لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم. وهو أثر موصول إلى عمر بأصبع إسناد.
6 للحديث الذي أخرجه البخاري "12/ 252 رقم 6909" ومسلم "3/ 1309 رقم 35/ 1681" عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في جنين من بني حيان بغرة عبد أو أمة. ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة، توفيت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصيبها، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت: قال العلماء: هذا الكلام قد يوهم خلاف مراده، فالصواب أن المرأة التي ماتت هي المجنى عليها أم الجنين، لا الجانية.