الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجوز التدبير1، فيعتق بموت مالكه، وإذا احتاج المالك جاز له بيعه2، ويجوز مكاتبة المملوك على مال يؤديه3، فيصير عند الوفاء حرًّا، ويعتق منه بقدر ما سلم4، وإذا عجز عن تسليم مال الكتابة عاد في الرق5، ومن استولد أمته لم يحل له بيعها6، وعتقت بموته7، أو بتنجيزه لعتقها8.
1 التدبير: هو عتق العبد إلى بعد الموت من قبل سيده؛ يقول له: أنت حر بعد دبر مني.
2 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 165 رقم 2534" ومسلم "3/ 1289 رقم 58/ 997" وغيرهما، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال:"أعتق رجل منا عبدًا له عن دبر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم به فباعه. قال جابر: مات الغلام عام أول".
3 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ} [النور: 33] .
4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 706 رقم 4581" والنسائي "8/ 45 رقم 4809" والترمذي "3/ 560" معلقًا وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنه، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قضى في المكاتب أن يؤدي بقدر ما عتق منه دية الحر.
5 لكون المالك لم يعتقه إلا بعوض، وإذا لم يحصل العوض لم يحصل العتق.
6 بل الأصح جواز بيعها؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 262، رقم 3954" عن جابر بن عبد الله، قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا.
وأخرجه ابن ماجه "2/ 841 رقم 2517". عن جابر قال: "كنا نبيع سرارينا وأمهات أولادنا، والنبي صلى الله عليه وسلم فينا حي لا يرى بذلك بأسًا"، وهو حديث صحيح، أما حديث ابن عباس: ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اعتقها ولدها" فضعيف لا تقوم به الحجة.
7 أي سيدها الذي استولدها، والأصح لم تعتق؛ لضعف حديث ابن عباس:"من وطئ أمته فولدت له فهي معتقة عن دبر منه" أي في دبر حياته.
8 أي تنجيز مستولدها لعتقها. قلت: هذا في حين وقوع العتق بالولادة، ولكن العتق لا يقع كما علمت آنفًا.
[الباب الرابع عشر] : [باب] الوقف
1
من حبس ملكه في سبيل الله صار محبسًا، وله أن يجعل غلاته لأي مصرف شاء مما
1 حث الإسلام على الوقف، ودل على ذلك، ما أخرجه الإمام مسلم "3/ 1255 رقم 1631" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه قال:"إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
فيه قربة، وللمتولي عليه أن يأكل منه بالمعروف1، وللواقف أن يجعل نفسه في وقفه كسائر المسلمين2.
ومن وقف شيئًا مضارة فهو باطل 3 (*) ، ومن وضع مالًا في مسجد أو مشهد لا ينتفع به أحد جاز صرفه في أهل الحاجات ومصالح المسلمين، ومن ذلك ما يوضع في الكعبة وفي مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4، والوقف على القبور؛ لرفع سمكها أو تزيينها أو فعل ما يجلب على زائرها فتنةً باطلٌ5.
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 354 رقم 2737" ومسلم "3/ 1255 رقم 15/ 1632" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنه، أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمر فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه فما تأمر به؟ قال:"إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها". قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء في القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول".
2 للحديث الذي أخرجه النسائي "6/ 235 رقم 3608" والترمذي "5/ 627 رقم 3703" وقال: حديث حسن، والبخاري "5/ 29" معلقًا، عن عثمان بن عفان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال:"من يشتري بئر رومة فيجعل دلعوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة". فاشتريتها من صلب مالي، وهو حديث حسن.
3 لحديث ابن عباس، انظر هامش "152".
4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 969 رقم 400/ 1333" عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية -أو قال: بكفر- لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحجر". فهذا يدل على جواز إنفاق مال الكعبة إذا زال المانع وهو حداثة عهد الناس بالكفر وقد زال ذلك.
وإذا كان هذا هو الحكم في الأموال التي في الكعبة فالأموال التي في غيرها من المساجد أولى بذلك بفحوى الخطاب.
5 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 666 رقم 93/ 969" وغيره عن أبي الهياج الأسدي، قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا إلا سويته".
اعلم أن الوقف على القبور مفسدة ومنكر كبير، إلا أن يقف على القبر مثلًا لإصلاح ما انهدم من عمارته التي لا إشراف فيها ولا رفع ولا تزيين، فقد يكون لهذا وجه صحة، وإن كان الحر أولى من الميت. وللإمام الشوكاني رضي الله عنه كتاب بعنوان "شرح الصدور في تحريم رفع القبور" بتحقيقنا نشر: دار الهجرة بصنعاء. فانظره لزامًا.
_________
(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة:في ط دار الهجرة - صنعاء (الطبعة الأولى - 1411 هـ - 1991 م) : ومن وقف شيئًا مضارة لوارثه كان وقفه باطلا