المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل الأول: أحكام المحتضر] - الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية

[محمد صبحي حلاق]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات:

- ‌مقدمة الطبعة السادسة:

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة:

- ‌مقدمة الطبعة الأولى والثانية:

- ‌مقدمة:بقلم فضيلة الدكتور: عبد الوهاب بن لطف الديلمي

- ‌ترجمة الإمام الشوكاني:

- ‌المبحث الأول: نسبه وموطنه:

- ‌المبحث الثاني: مولده ونشأته

- ‌المبحث الثالث: حياته العلمية

- ‌المبحث الرابع: توليه القضاء

- ‌المبحث الخامس: مؤلفاته

- ‌صور المخطوطة

- ‌الكتاب الأول: كتاب الطهارة

- ‌[الباب الأول] : باب [أقسام المياه]

- ‌[الباب الثاني: النجاسات]

- ‌[الباب الثالث] : باب قضاء الحاجة

- ‌[الباب الرابع] : باب الوضوء

- ‌[الفصل الأول: فرائض الوضوء]

- ‌[الباب الخامس] : باب الغسل

- ‌[الفصل الأول: متى يجب الغسل]

- ‌[الباب السادس] : باب التيمم

- ‌[الباب السابع] باب الحيض [والنفاس]

- ‌[الفصل الأول] : الحيض

- ‌[الكتاب الثاني] : كتاب الصلاة

- ‌[الباب الأول: مواقيت الصلاة]

- ‌[الباب الثاني] : باب الأذان والإقامة

- ‌[الباب الثالث] : باب [شروط الصلاة]

- ‌[الباب الرابع] : باب كيفية الصلاة

- ‌[الباب الخامس: متى تبطل الصلاة وعمن تسقط]

- ‌[الباب السادس] : باب صلاة التطوع

- ‌[الباب السابع] : باب صلاة الجماعة

- ‌الباب التاسع: باب القضاء للفوائت

- ‌[الباب العاشر] : باب صلاة الجمعة

- ‌[الباب الحادي عشر] : باب صلاة العيدين

- ‌الباب الثاني عشر: باب صلاة الخوف

- ‌الباب الثالث عشر: باب صلاة السفر

- ‌[الباب الرابع عشر] : باب صلاة الكسوفين

- ‌[الباب الخامس عشر] : باب صلاة الاستسقاء

- ‌الكتاب الثالث: كتاب الجنائز

- ‌[الفصل الأول: أحكام المحتضر]

- ‌الكتاب الرابع: كتاب الزكاة

- ‌[الباب الأول] : باب زكاة الحيوان

- ‌[الباب الثاني] : باب زكاة الذهب والفضة

- ‌[الباب الثالث] : باب زكاة النبات

- ‌[الباب الرابع] : باب مصارف الزكاة

- ‌[الباب الخامس] : باب صدقة الفطر

- ‌الكتاب الخامس: كتاب الخمس

- ‌[الكتاب السادس] : كتاب الصيام

- ‌[الباب الأول: أحكام الصيام]

- ‌[الفصل الأول: وجوب صوم رمضان]

- ‌[الباب الثاني] : باب صوم التطوع

- ‌[الفصل الأول: ما يستحب صومه]

- ‌[الفصل الثاني: ما يكره صومه]

- ‌[الفصل الثالث: ما يحرم صومه]

- ‌[الباب الثالث] : باب الاعتكاف

- ‌[الكتاب السابع] : كتاب الحج

- ‌[الباب الأول: أحكام الحج]

- ‌[الفصل الأول: وجوب الحج]

- ‌[الباب الثاني] : باب العمرة المفردة

- ‌[الكتاب الثامن] : كتاب النكاح

- ‌[الفصل الأول: أحكام الزواج]

- ‌[الكتاب التاسع] : كتاب الطلاق

- ‌[الباب الأول: أنواع الطلاق]

- ‌[الفصل الأول: مشروعية الطلاق وأحكامه]

- ‌[الباب الثاني] : باب الخلع

- ‌[الباب الثالث] : باب الإيلاء

- ‌[الباب الرابع] : باب الظهار

- ‌[الباب السادس] : باب العدة

- ‌[الفصل الأول: أنواع العدة]

- ‌[الباب السابع] : باب النفقة

- ‌[الباب الثامن] : باب الرضاع

- ‌[الباب التاسع] : باب الحضانة

- ‌[الكتاب العاشر] : كتاب البيع

- ‌[الباب الأول: أنواع البيوع المحرمة]

- ‌[الباب الثالث] : باب الخيارات

- ‌[الباب الرابع] : باب السلم

- ‌[الباب الخامس] : باب القرض

- ‌[الباب الثامن] : باب الإحياء والإقطاع

- ‌[الباب الرابع عشر] : [باب] الوقف

- ‌[الباب الخامس عشر] : [باب] الهدايا

- ‌[الباب السادس عشر] : [باب] الهبة

- ‌[الكتاب الحادي عشر] : كتاب الأيمان

- ‌[الكتاب الثاني عشر] : كتاب النذر

- ‌[الكتاب الثالث عشر] : كتاب الأطعمة

- ‌[الباب الأول: المحرمات من الأطعمة]

- ‌[الباب الثاني] : باب الصيد

- ‌[الباب الثالث] : باب الذبح

- ‌[الباب الرابع] : باب الضيافة

- ‌[الباب الخامس] : باب آداب الأكل

- ‌[الكتاب الرابع عشر] : كتاب الأشربة

- ‌[الكتاب الخامس عشر] : كتاب اللباس

- ‌[الكتاب السادس عشر] : كتاب الأضحية

- ‌[الباب الأول: أحكام الأضحية]

- ‌[الباب الثاني] : باب الوليمة

- ‌[الفصل الأول: أحكام وليمة العرس]

- ‌[الكتاب السابع عشر] : كتاب الطب

- ‌الكتاب الثامن عشر: كتاب الوكالة

- ‌[الكتاب التاسع عشر] : كتاب الضمانة [الكفالة]

- ‌[الكتاب العشرون] : كتاب الصلح

- ‌[الكتاب الحادي والعشرون] : كتاب الحوالة

- ‌[الكتاب الثاني والعشرون] : كتاب المفلس

- ‌[الكتاب الثالث والعشرون] : كتاب اللقطة

- ‌[الكتاب الرابع والعشرون] : كتاب القضاء

- ‌[الكتاب الخامس والعشرون] : كتاب الخصومة والبينة والإقرار

- ‌[الكتاب السادس والعشرون] : كتاب الحدود

- ‌[الباب الأول] : باب حد الزاني

- ‌[الباب الثاني] : باب [حد] السرقة

- ‌[الباب الثالث] : باب حد القذف

- ‌[الباب الرابع] : باب حد الشرب

- ‌[الباب الخامس] : باب حد المحارب

- ‌[الكتاب السابع والعشرون] : كتاب القصاص

- ‌[الكتاب الثامن والعشرون] : كتاب الديات

- ‌[الباب الأول: أحكام الدية والشجاج]

- ‌[الكتاب التاسع والعشرون] : كتاب الوصية

- ‌[الكتاب الثلاثون] : كتاب المواريث

- ‌[الكتاب الحادي والثلاثون] : كتاب الجهاد والسير

- ‌[الفصل الأول: أحكام الجهاد]

- ‌ثبت المصادر والمراجع:

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌[الفصل الأول: أحكام المحتضر]

‌الكتاب الثالث: كتاب الجنائز

[الفصل الأول: أحكام المحتضر]

من السنة عيادة المريض1، وتلقين المحتضر الشهادتين2، وتوجيهه3 وتغميضه4، وقراءة "ياسين" عليه5، والمبادرة بتجهيزه إلا لتجويز حياته6

1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 112 رقم 1240" ومسلم "4/ 1704 رقم 2162". عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس".

2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 631 رقم 916": عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله".

لقنوا موتاكم: أي ذكروا من حضره الموت منكم بكلمة التوحيد، بأن تتلفظوا بها عنده.

3 لم يصح في توجيهه نحو القبلة حديث. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف "3/ 239" بسند صحيح عن زرعة بن عبد الرحمن أنه شهد سعيد بن المسيب في مرضه وعنده أبو سلمة بن عبد الرحمن فغشي على سعيد، فأمر أبو سلمة أن يحول فراشه إلى الكعبة فأفاق، فقال: حولتم فراشي فقالوا: نعم فنظر إلى أبي سلمة فقال: أراه علمك -بعلمك- فأمر سعيد أن يعاد فراشه.

4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 634 رقم 920" عن أم سلمة قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه. ثم قال:"إن الروح إذا قبض تبعه البصر"، فضج ناس من أهله، فقال:"لا تدعو على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون"، ثم قال:"اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين. واغفر لنا وله يا رب العالمين. وافسح له في قبره، ونور له فيه".

5 حديث معقل بن يسار المرفوع: "اقرؤوا "يس" على موتاكم" ضعيف. واعلم أنه لا يجوز إثبات الحكم بالحديث الضعيف. وانظر الكلام على هذه البدعة في تحقيقنا لكتاب "إرشاد السائل إلى دلائل المسائل" السؤال الخامس.

6 أخرج البخاري رقم "1315" ومسلم رقم "944" عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها، وإن يك سوى ذلك، فشر تضعونه عن رقابكم" وهو حديث صحيح. أما حديث الحصين بن وحوح المرفوع: "إني لا أرى طلحة إلا قد حدث به الموت فآذنوني به وأعجلوا؛ فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله" فضعيف. وحديث على المرفوع: "ثلاث لا يؤخرون: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفوًا" ضعيف أيضًا.

ص: 75

والقضاء لدينه1. وتسجيته2، ويجوز تقبيله3.

وعلى المريض أن يحسن الظن بربه4 ويتوب إليه5، ويتخلص من كل ما عليه6.

1 للحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 389 رقم 1078 و1079" وابن ماجه "2/ 806 رقم 2413": عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يُقضى عنه" وهو حديث صحيح.

2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 13 رقم 1241، 1242". ومسلم "2/ 651 رقم942" عن عائشة رضي الله عنها قالت: سُجِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات بثوب حبرة. سجي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات: معناه غُطِّي جميع بدنه. حبرة: ضرب من برود اليمن.

3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 513 رقم 3163" والترمذي "3/ 314 رقم 989" وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه "1/ 468 رقم 1456" عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل عثمان بن مظعون، وهو ميت، حتى رأيت الدموع تسيل"، وهو حديث صحيح بشواهده.

4 للحديث الذي أخرجه مسلم "4/ 2205 رقم 2877". عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاث، يقول:"لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن".

5 لقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 3] ولقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]، وللحديث الذي أخرجه البخاري "11/ 102 رقم 6309" ومسلم "4/ 2104 رقم 2747" عن أنس بن مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أشد فرحًا بتوبة عبده، حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها. قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ؛ من شدة الفرح".

6 للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 355 رقم 2738" ومسلم "3/ 1249 رقم 11627" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده".

ص: 76

[الـ] فصل [الثاني: غسل الميت]

ويجب غسل الميت المسلم على الأحياء1، والقريب أولى بالقريب إذا كان مِن

1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 137 رقم 1267" ومسلم "2/ 865 رقم 1206" عن ابن =عباس رضي الله عنه: أن رجلًا وَقَصَه بعيره، ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين ولا تمسوه طيبًا، ولا تخمروا رأسه؛ فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا".

وللحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 125 رقم 1253" ومسلم "2/ 646 رقم 939". عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: "اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني". فلما فرغنا آذناه، فأعطانا حقوه، فقال:"أشعرنها إياه" -تعني: إزاره.

ص: 76

جنسه1، وأخذ الزوجين بالآخر2، ويكون الغسل ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر بماء وسدر3، وفي الأخيرة كافور4، وتقدم الميامن5، ولا يغسل الشهيد6.

1 لم يصح في المسألة حديث.

2 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 470 رقم 1465" والدارمي "1/ 37-38" والدارقطني "2/ 74 رقم 11" وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع، فوجدني وأنا أجد صداعًا في رأسي، وأنا أقول: وارأساه. فقال: "بل أنا، يا عائشة وارأساه" ثم قال: "ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك". وهو حديث حسن، وللحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 470 رقم 1464" وأبو داود "3/ 502 رقم 3141" عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل النبي صلى الله عليه وسلم غير نسائه" وهو حديث صحيح.

3 لحديث أم عطية الأنصارية، انظر هامش "ص76".

4 لحديث أم عطية الأنصارية، انظر هامش "ص76".

5 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 269 رقم 167" ومسلم "2/ 648 رقم 42/ 939" عن أم عطية قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم لهن في غسل ابنته: "ابدأْنَ بميامينها ومواضع الوضوء منها" انظر هامش "ص38".

6 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 212 رقم 1347" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: "أيهم أكثر أخذًا للقرآن"؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد، وقال: "أنا شهيد على هؤلاء". وأمر بدفنهم ولم يُصَلِّ عليهم ولم يغسلهم".

تنبيه: "الشهداء الذين لم يموتوا بسبب حرب الكفار، كالمبطون، والمطعون، والغريق وصاحب الهدم، والميتة في الطلق، فهؤلاء يغسلون ويصلى عليهم بلا خلاف" قاله النووي في المجموع "5/ 264" وكذلك حكى المهدي في البحر "1/ 96" الإجماع على أنهم يغسلون.

ص: 77

[الـ] فصل [الثالث: تكفين الميت]

ويجب تكفيفه بما يستره1، ولو لم يملك غيره

1 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 651 رقم 943" وغيره: عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث، أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يومًا، فذكر رجلًا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل، وقبر ليلًا. فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يُصلَّى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه".

غير طائل: غير كامل الستر أي حقير. قبر ليلًا: أي دفن ليلًا.

ص: 77

ولا بأس بالزيادة1 مع التمكن من غير مغالاة2، ويكفن الشهيد في ثيابه التي قتل فيها3، وندب تطييب بدن الميت وكفنه4

1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 142 رقم 1276" ومسلم "2/ 649 رقم 940" عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: "هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئًا منهم مصعب بن عمير، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهديها، قتل يوم أحد فلم نجد ما نكفنُه إلا بردة إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه، وأن نجعل على رجليه من الإذخر" يهديها: أي يجتنيها.

2 لحديث ابن عباس، وحديث أم عطية انظر التعليقة "ص76". وللحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 252 رقم 1387" عن عائشة رضي الله عنها قالت:"دخلتُ على أبي بكر رضي الله عنه فقال: في كم كفنتنم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض شحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الاثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين. قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه، به ردع من زعفران فقال: "اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما. قلت: إن هذا خَلَق. قال: إن الحي أحق من الميت؛ إنما هو للمهلة. فلم يتوفَّ حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح" انظر هامش "ص76".

والأولى أن يكون الكفن من الأبيض؛ للحديث الذي أخرجه أبو داود "4/ 209 رقم 3878" وابن ماجه "2/ 1181 رقم 3566" والترمذي "3/ 319 رقم 994" وقال: حديث حسن صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم". وهو حديث صحيح.

3 لحديث جابر بن عبد الله، انظر الهامش "ص77".

4 لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المحرم الذي وقصته ناقته: "لا تمسوه طيبًا" وهو في الصحيحين من حديث ابن عباس، انظر الهامش "ص76". فإن ذلك يشعر أن غير المحرم يطيب، ولا سيما مع تعليله صلى الله عليه وسلم بقوله:"فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا".

ص: 78

[الـ] فصل [الرابع: صلاة الجنازة]

وتجب الصلاة على الميت1

1 لثبوت الصلاة على الأموات ثبوتًا ضروريًّا من فعله صلى الله عليه وسلم، وفعل أصحابه، ولكنها من واجبات الكفاية؛ لأنهم كانوا يُصلُّون على الأموات في حياته صلى الله عليه وسلم ولا يُعلِمونه، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 204 رقم 1337" ومسلم "2/ 659 رقم 956" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن أسود -رجلًا أو امرأة- كان يَقُمُّ المسجد، فمات، ولم يُعلَم النبي صلى الله عليه وسلم بموته، فذكره ذات يوم فقال:"ما فعل ذلك الإنسان"؟ قالوا: مات يا رسول الله. قال: "أفلا أذنتموني "؟ فقالوا: إنه كان كذا وكذا -قصته- قال: فحقروا شأنه. قال: "فدلوني على قبره". فأتى قبره فصلى عليه.

ص: 78

ويقوم الإمام حذاء رأس الرجل ووسطِ المرأة1، ويُكَبِّر أربعًا2 أو خمسًا3، ويقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة وسورة4، ويدعو بين التكبيرات بالأدعية المأثورة5، ولا

1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 533 رقم 3194" والترمذي "3/ 352 رقم 1034" وقال حديث حسن، وابن ماجه "1/ 479 رقم 1494". عن أبي غالب قال: صليت مع أنس بن مالك على جنازة رجل، فقام حيال رأسه، ثم جاءوا بجنازة امرأة من قريش، فقالوا: يا أبا حمزة صلِّ عليها، فقام حيال وسط السرير، فقال له العلاء بن زياد: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام على الجنازة مقامك منها، ومن الرجل مقامك منه؟ قال:"نعم". فلما فرغ قال: "احفظوا"، وهو حديث صحيح.

2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 202 رقم 1334" ومسلم "2/ 657 رقم 952" عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي فكبَّر أربعًا".

3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 659 رقم 957" وغيره عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: كان زيد يكبِّر على جنائزنا أربعًا. وإنه كبَّر على جنازة خمسًا. فسألته فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبِّرها.

4 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 203 رقم 1335". عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: "صليت خلف ابن عباس رضي الله عنه على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب. قال: لتعلموا أنها سنة". وأخرج النسائي "4/ 74 رقم 1987" بلفظ: "فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا، فلما فرغ أخذت بيده فسألته فقال: سنة وحق"، وهو حديث صحيح.

5 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 539 رقم 3201" والترمذي "3/ 343 رقم 1024" وابن ماجه "1/ 480 رقم 1498" وهو حديث صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال: "اللهم اغفر لحيِّنا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحْيِهِ على الإيمان، ومن توفيته منا فتوفَّه على الإسلام، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده".

وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 663 رقم 86/ 963" عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم "وصلى على جنازة" يقول: "اللهم اغفر له وارحمه، واعف عنا وعافه. وأكرم نزلة ووسع مدخلة. واغسله بماء وثلج وبرد. ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من زوجه. وقه فتنة القبر وعذاب النار"، قال عوف: فتمنيت أن لو كنت أنا الميت؛ لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الميت.

ص: 79

يصلَّى على الغالِّ1، وقاتل نفسه2، والكافر3، والشهيد4، ويصلَّى على القبر5، وعلى الغائب6.

1 الغالّ: هو الذي سرق من الغنيمة قبل قسمها، ولم يصح في ذلك حديث.

2 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 672 رقم 978" وغيره عن جابر بن سمرة، قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يُصَلِّ عليه".

بمشاقص: المشاقص سهام عراض. واحدها: مشقص.

3 لقول الله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] .

4 لحديث جابر بن عبد الله، انظر هامش "ص77".

5 لحديث أبي هريرة، انظر هامش "ص78".

6 لحديث جابر بن عبد الله، انظر هامش "ص79".

ص: 80

[الـ] فصل [الخامس: المشي بالجنازة]

ويكون المشي بالجنازة سريعًا1، والمشي معها2، والحمل لها سنة3، والمتقدم عليها والمتأخر عنها سواء4، ويكره الركوب5،

1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 524 رقم 3182" والنسائي "4/ 43 رقم 1913" وغيرهما عن أبي بكرة قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنا لنكاد نرمل بها رملًا".

الرَّمَل "بفتح الميم": المشي مسرعًا مع هز المنكبين.

2 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 108 رقم 47". ومسلم "2/ 652 رقم 945". عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من وقتها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط".

9 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 181 رقم 1314" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها، أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعه صَعِقَ".

10 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 522 رقم 3180" والنسائي "4/ 58" والترمذي "3/ 349 رقم 1031" وقال: حديث حسن صحيح عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: للراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها، والطفل يصلى عليه"، وهو حديث صحيح.

11 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 521 رقم 3177" عن ثوبان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركبها، فلما انصرف أتي بدابة فركب فقيل له، فقال:"إن الملائكة كانت تمشي فلم أكن لأركب وهم يمشون، فلما ذهبوا ركبت". وهو حديث صحيح.

ص: 80

ويحرم النعي1 والنياحة2، واتِّبَاعُها بنار وشق الجيب والدعاء بالويل والثبور3،

1 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 474 رقم 1476". والترمذي "3/ 313 رقم 986" وقال: حديث حسن صحيح، عن حذيفة بن اليمان قال: إذا مِتُّ فلا تؤذنوا بي؛ إني أخاف أن يكون نعيًا؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي"، وهو حديث حسن.

النعي: هو الإخبار بموت الميت. قلتُ: نعي الجاهلية هو النعي المحرم؛ وهو أن العرب إذا مات منهم شريف، أو قُتِل بعثوا راكبًا إلى القبائل ينعاه إليهم، يقول: نعاء فلانًا، أو يا نعاء العرب؛ أي هلك فلان، أو هلكت العرب بموت فلان.

قلتُ: أما إعلان الوفاة فجائز إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية، وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك. انظر هامش "ص78". وللحديث الذي أخرجه البخاري "رقم: 1188- البغا" ومسلم "2/ 656 رقم 951" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه؛ خرج إلى المصلى، فصفَّ بهم، وكبر أربعًا".

2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 160 رقم 1291" ومسلم "2/ 643 رقم 933" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من نيح عليه يعذب بما نيح عليه".

وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 644 رقم 29/ 934" عن أبي مالك الأشعري قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب".

الاستسقاء بالنجوم: يعني اعتقادهم نزول المطر بسقوط نجم في المغرب مع الفجر، وطلوع آخر يقابله من المشرق، كما كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا. درع من جرب: يعني يسلط على أعضائها الجرب والحكة بحيث يغطي بدنها تغطية الدرع، وهو القميص.

3 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 163 رقم 1294" ومسلم "1/ 99 رقم 103" وغيرهما. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية".

قلت: ومن البدع: رفع الصوت بالذكر أمام الجنازة؛ لقول قيس بن عباد: "كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند الجنائز" أخرجه البيهقي في السنن الكبرى"4/ 74" بسند رجاله ثقات، ولأن فيه تشبهًا بالنصارى؛ فإنهم يرفعون أصواتهم بشيء من أناجيلهم وأذكارهم مع التمطيط والتلحين والتحزين

قال الإمام النووي في الأذكار "4/ 183- مع الفتوحات الربانية": "واعلم أن الصواب المختار وما كان عليه السلف رضي الله عنهم السكوت في حال السير مع الجنازة فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك. والحكمة فيه ظاهرة، وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحق ولا تغتر بكثرة من يخالفه. فقد قال: أبو علي الفضل بن عياض رضي الله عنه، ما معناه: الزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين -ثم يشير إلى قول قيس بن عباد- وأما ما يفعله الجهلة من القراء على الجنازة بدمشق وغيرها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضعه فحرام بإجماع العلماء...." اهـ.

ص: 81

ولا يقعد المتبع لها حتى توضع1، والقيام لها منسوخ2.

1 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 178 رقم 1310" ومسلم "2/ 660 رقم 959" وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع".

2 لقد وردت أحاديث صحيحة في القيام إذا مرت بمن كان قاعدًا: كالحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 178 رقم 1308" ومسلم "2/ 659 رقم 958" عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأى أحدكم جنازة فإن لم يكن ماشيًا معها فليقم حتى يخلفها أو تخلفه، أو توضع من قبل أن تخلفه ".

يخلفها: أي يصير وراءها، غائب عنها. تخلفه: أي تصير وراءه، غائبة عنه، وقال القاضي عياض: ذهب جمع من السلف إلى أن الأمر بالقيام منسوخ بالحديث الذي أخرجه مسلم"2/ 661 رقم 962" عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، أنه قال: رآني نافع بن جبير، ونحن في جنازة قائمًا، وقد جلس ينتظر أن توضع الجنازة، فقال لي: ما يقيمك، فقلت: أنتظر أن توضع الجنازة. لما يحدث أبو سعيد الخدري. فقال نافع: فإن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد.

ص: 82

[الـ] فصل [السادس: دفن الميت]

ويجب دفن الميت في حفرة تمنعه من السباع1 ولا بأس بالضرح واللحد أولى2، ويدخل الميت من مؤخر القبر3

1 للحديث الذي أخرجه النسائي "4/ 80 رقم 2010" والترمذي "4/ 213 رقم 1713" وقال حديث حسن صحيح. وهو كما قال: عن هشام بن عامر قال: شُكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجراحات يوم أحد فقال: "احفروا وأوسعوا وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدموا أكثرهم قرآنًا"، فمات أبي فقُدِّم بين يدي رجلين.

2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 544 رقم 3208" والترمذي "3/ 363 رقم 1045" والنسائي "4/ 80 رقم 2009" وابن ماجه "1/ 496 رقم 1554": عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللحد لنا والشق لغيرنا"، وهو حديث حسن.

3 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 545 رقم 3211" بإسناد صحيح عن أبي إسحاق السبيعي قال: أوصى الحارث أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد الخطمي فصلى عليه، ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر، وقال: هذه من السنة. ويسن للذي يلحده أن يقول: "بسم الله وعلى سنة رسول الله" للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 546 رقم 3213" والترمذي "3/ 364 رقم 1046" وقال حديث حسن غريب من هذا الوجه. وابن ماجه "1/ 494 رقم 1550" عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال: "بسم الله وعلى سنة رسول الله" وهو حديث صحيح.

ص: 82

ويوضع على جنبه الأيمن مستقبلًا1، ويستحب حثو التراب من كل حاضر ثلاث حثياث2، ولا يرفع القبر زيادة على شبر3، والزيارة للموتى مشروعة4

1 وهو مما لا أعلم فيه خلافًا.

2 للحديث الذي أخرجه ابن ماجه "1/ 499 رقم 1565" عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة، ثم أتى قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثلاث" وهو حديث صحيح.

3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 666 رقم 969" وغيره. عن أبي الهياج الأسدي، قال:"قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أن لا تدع تمثالًا إلا طمسته. ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته".

4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 672 رقم 106/ 977" عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها".

وللحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 671 رقم 108/ 976" عن أبي هريرة قال: "زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال: "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي. فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت".

والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور؛ لوجوه:

1-

لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "فزوروا القبور". فيدخل فيه النساء.

2-

لمشاركة النساء الرجال في العلة التي من أجلها شرعت زيارة القبور: "فإنها تذكر الموت".

3-

للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 669 رقم 103/ 974" عن عائشة قالت: قلْتُ: كيف أقول لهم -أي لأهل القبور- يا رسول الله؟ قال: "قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون".

4-

للحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك "1/ 376" عن عبد الله بن أبي مليكة "أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها: يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور، قالت: نعم، كان نهى، ثم أمر بزيارتها". وسكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: صحيح، وهو كما قال.

ولا يجوز للنساء الصياح والتبرج واتخاذ القبور مجالس للنزهة؛ للحديث الذي أخرجه الترمذي "3/ 371 رقم 1056" وابن ماجه "1/ 502 رقم 1576" وغيرهما عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور" وهو حديث حسن.

ويجوز زيارة قبر من مات على غير الإسلام للعبرة فقط؛ لحديث أبي هريرة المتقدم في هذه الحاشية.

ص: 83

ويقف الزائر مستقبلًا للقبلة1.

ويحرم اتخاذ القبور مساجد2، وزخرفتها3، وتسريجها4، والقعود عليها5، وسب الأموات6، والتعزية مشروعة7

1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 546 رقم 3212" والنسائي "4/ 78 رقم 2001" وابن ماجه "1/ 494 رقم 1548" وغيرهم عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولم يلحد بعد، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة وجلسنا معه" وهو حديث صحيح.

يسن لزائر القبور أن يدعو بأدعية مأثورة:

منها: ما أخرجه مسلم "2/ 671 رقم 104/ 975" وغيره عن بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: في رواية أبي بكر: "السلام على أهل الديار". وفي رواية زهير: "السلام عليكم أهل الديار، من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله للاحقون. أسأل الله لنا ولكم العافية".

ومنها: ما أخرجه الترمذي "3/ 369 رقم 1053"، وقال: حديث حسن غريب وهو كما قال عن ابن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال:"السلام عليكم، يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر".

ومنها: حديث عائشة المتقدم. انظر هامش "ص83" الرقم "4".

2 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 200 رقم 1330" ومسلم "1/ 377 رقم 532". عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في مرضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا".

3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 667 رقم 94/ 970" وغيره عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر. وأن يقعد عليه، وأن يبني عليه".

4 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 558 رقم 3236" والنسائي "4/ 94 رقم 2043" والترمذي "2/ 136 رقم 320" وقال حديث حسن وهو كما قال، عن ابن عباس قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج. السرج: جمع "سراج" وهو المصباح.

5 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 667 رقم 971" وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر".

6 للحديث الذي أخرجه البخاري "3/ 258 رقم 1393" وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الأموات، فإنهم أفضوا إلى ما قدموا".

7 للحديث الذي أخرجه البخاري "10/ 118 رقم 5655" ومسلم "6/ 224- بشرح النووي" عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، أن ابنة للنبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه -وهو مع النبي صلى الله عليه وسلم وسعد وأبي نحسب أن ابنتي قد حضرت فأشهدنا. فأرسل إليها السلام ويقول:"إن لله ما أخذ وما أعطى، وكل شيء عنده مسمى، فلتحتسب". فأرسلت تقسم عليه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا، فرفع الصبي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ونفسه تقعقع، ففاضت عينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: "هذه رحمة وضعها الله في قلوب من شاء من عباده، ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء".

ص: 84

وكذلك إهداء الطعام لأهل الميت1.

1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 497 رقم 3132" وابن ماجه "1/ 514 رقم 1610" والترمذي "3/ 323 رقم 998" وقال: حديث حسن صحيح وهو كما قال، عن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا لآل جعفر طعامًا؛ فإنه قد أتاهم أمر شغلهم".

وقد أغفل المؤلف رحمه الله تعالى ما ينتفع به الميت من عمل غيره:

- دعاء المسلم له إذا توفرت فيه شروط القبول؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] . قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل" وهو حديث صحيح أخرجه مسلم رقم "88/ 2733" وأبو داود رقم "1534" وأحمد "6/ 452" من حيث أم الدرداء.

- ما خلفه من بعده من آثار صالحة وصدقات جارية: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" وهو حديث صحيح أخرجه مسلم رقم "14/ 1631" وأحمد "2/ 372" وأبو داود رقم "2880" والترمذي رقم "1376".

- قضاء ولي الميت صوم النذر عنه: عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" وهو حديث صحيح أخرجه البخاري رقم "1952" ومسلم رقم "153/ 1147".

- قضاء الدين عنه من أي شخص وليًّا كان أو غيره: لقضاء أبي قتادة الدينارين عن ميت.

- ما يفعله الولد الصالح من الأعمال الصالحة: قال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39]، وعن عمارة بن عمير قال: كان في حجر عمة لي ابن لها يتيم، وكان يكسب، فكانت تحرج أن تأكل من كسبه، فسألت عن ذلك عائشة فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولد الرجل من كسبه". وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "6/ 31، 127، 193" وأبو داود رقم "3528" والنسائي "7/ 240-241".

ص: 85