الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب الأول: كتاب الطهارة
[الباب الأول] : باب [أقسام المياه]
الماء طاهر مطهر1، لا يخرجه عن الوصفين2، إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه من النجاسات3، وعن الثاني4 ما أخرجه عن اسم الماء المطلق من المغيرات الطاهرة5. ولا
1 لا خلاف في ذلك، وقد نطق بذلك الكتاب: قال تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] . وبه أفصحت السنة.
أخرج البخاري "2/ 227- مع الفتح" ومسلم "5/ 96- بشرح النووي" وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبَّر في الصلاة سكت هنيَّةً قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟، قال:"أقول: اللهم باعد بيني وبين خطايا كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد".
وأخرج أبو داود "1/ 152-مع العون"، والترمذي "1/ 224- مع التحفة"، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه "1/ 136 رقم 386" وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه "1/ 67 رقم 309" والنسائي "1/ 50-رقم 59"، وغيرهم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو الطهور ماؤه الحل ميتته".
2 أي عن وصف كونه طاهرًا وعن وصف كونه مطهرًا.
3 بدليل الإجماع. قال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" ص33 رقم "10""وأجمعوا على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت الماء طعمًا، أو لونًا، أو ريحًا، إنه نجس ما دام كذلك". ونقل الإجماع ابن الملقن في مختصر البدر المنير ص18، والمهدي في البحر"1/ 31" والنووي في المجموع "1/ 110" وابن قدامة في المغني "1/ 53".
4 أي كونه مطهرًا.
5 كالصابون، والعجين، والزعفران، أو غير ذلك من الأشياء الطاهرة التي يستغنى عنها عادة فيصبح الماء طاهرًا في نفسه غير مطهر لغيره.
فرق بين قليل وكثير1، وما فوق القلتين وما دونهما2، ومستعمل وغير مستعمل3.
1 قال الإمام البغوي في شرح السنة "2/ 59-60: "وقدر بعض أصحاب الرأي الماء الكثير الذي لا ينجس بأن يكون عشرة أذرع في عشرة أذرع، وهذا تحديد لا يرجع إلى أصل شرعي يعتمد عليه".
قلتُ: أما الحديث الذي أخرجه ابن ماجه "2/ 831 رقم 2486"، والدارمي "2/ 273" عن عبد الله ابن مغفل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من حفر بئرًا فله أربعون ذراعًا لماشيته"، وهو حديث حسن، "انظر الصحيحة" للألباني رقم: 251"، فلا دليل فيه على تحديد الماء الكثير الذي لا ينجس بأن يكون عشرة أذرع في عشرة أذرع؛ لأن الواضح من الحديث أن حريم البئر من كل جانب أربعون ذراعًا. انظر: "فتح العناية بشرح كتاب النقاية" للمحدث على القاري تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة "1/ 109" اهـ.
ثم قال الإمام البغوي: "وحدَّه بعضُهم بأن يكون في غدير عظيم بحيث لو حرك منه جانب، لم يضطرب منه الجانب الآخر، وهذا في غاية الجهالة لاختلاف أحوال المحركين في القوة والضعف" اهـ. وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار "1/ 30": وللناس في تقدير القليل والكثير أقوال ليس عليها أثارة من علم" اهـ.
2 قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" وهو بذيل السنن الكبرى للبيهقي "1/ 265": "قد اختلف في تفسير القلتين اختلافًا شديدًا. ففسرنا بخمس قرب، وبأربع، وبأربع وستين رطلًا وباثنتين وثلاثين، وبالجرتين مطلقًا، وبالجرتين بقيد الكبر، وبالخابيتين، والخابية الجب فظهر بهذا جهالة مقدار القلتين فتعذر العمل بها" اهـ.
قلت: أما حديث ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء" فهو حديث ضعيف بهذه الزيادة: "من قلال هجر". أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2358" في ترجمة "المغيرة بن سقلاب". وقال عنه: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال ابن حجر في التلخيص "1/ 29" عن المغيرة هذا: منكر الحديث ثم قال: "1/ 30" والحديث غير صحيح؛ يعني: بهذه الزيادة.
3 الماء المستعمل هو الماء المنفصل عن أعضاء المتوضئ أو المغتسل.
والدليل على أن الماء المستعمل طاهر في نفسه. ما أخرجه البخاري "1/ 301- مع الفتح، ومسلم "3/ 1234 رقم 1616" وغيرهما، عن جابر بن عبد الله قال: "جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض لا أعْفِك فتوضأ وصب وضوءه علي".
وأما الدليل على أن الماء المستعمل مطهر لغيره، ما أخرجه أبو داود "1/ 91 رقم 130" عن ابن عقيل عن الربيع بنت معوذ "أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يده" وهو حديث حسن فهذا يدل على أن الماء المستعمل طاهر مطهر، فلو كان غير مطهر لما استعمله النبي صلى الله عليه وسلم في فرض الوضوء وهو مسح الرأس.
ولحديث أبي جحيفة قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فأتى بوضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به.." أخرجه البخاري رقم "187".