الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومس الذكر1.
= حديث صحيح، قلت: الحديث لا يدل على نقض الوضوء بالقيء؛ لأنه مجرد فعل منه صلى الله عليه وسلم، والأصل أن الفعل لا يدل على الوجوب، وغايته أن يدل على مشروعية التأسي به في ذلك، وأما الوجوب فلا بد له من دليل خاص، وهذا ما لا وجود له هنا. وقد ذهب كثير من المحققين إلى أن القيء لا ينقض الوضوء، منهم ابن تيمية في "الفتاوى" له وغيرها. [الإرواء للمحدث الألباني "1/ 148"] . لم يأت من قال بأن الرعاف -خروج الدم- ناقض للوضوء بشيء يصلح للتمسك به. [انظر السيل الجرار للشوكاني "1/ 98"] .
1 للحديث الذي أخرجه أبو داود "1/ 125 رقم 181" والترمذي "1/ 126 رقم 82" والنسائي "1/ 100" وابن ماجه "1/ 161 رقم 479" وغيرهم عن بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مس ذكره فليتوضأ". وهو حديث صحيح.
وحديث طلق بن علي، قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده رجل كأنه بدوي، فقال: يا رسول الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعد أن يتوضأ؟ فقال:"وهل هو إلا بضعة منك" وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود رقم "182" والترمذي رقم "85" والنسائي "1/ 100" وابن ماجه رقم "483" وغيرهم.
قال المحدث الألباني في "تمام المنة""ص103": وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما هو بضعة منك" فيه إشارة لطيفة إلى أن المس الذي لا يوجب الوضوء إنما هو الذي لا يقترن معه شهوة؛ لأنه في هذه الحالة يمكن تشبيه مس العضو بمس عضو آخر من الجسم. بخلاف ما إذا مسه بشهوة فحينئذ لا يشبه مسه مس العضو الآخر؛ لأنه لا يقترن عادة بشهوة وهذا أمر بيِّن كما ترى، وعليه فالحديث ليس دليلًا للحنفية الذين يقولون بأن المس مطلقًا لا ينقض الوضوء، بل هو دليل لمن يقول: بأن المس بغير شهوة لا ينقض الوضوء، وأما المس بالشهوة فينقض، بدليل حديث بسرة. وبهذا يجمع بين الحديثين" اهـ.
[الباب الخامس] : باب الغسل
[الفصل الأول: متى يجب الغسل]
يجب بخروج المني بشهوة ولو بتفكر1، وبالتقاء الختانين2،
1 للحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي "1/ 193 رقم 114" وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه "1/ 168 رقم 504" عن علي رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي؟ فقال: "من المذي الوضوء، ومن المني الغسل".
المذي: وهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة، أو تذكر الجماع أو إرادته.
2 الختانين: مثنى ختان، وهو موضع الختن، وهو عند الصبي: الجلدة التي تغطي رأس الذكر قبل الختن، وعند الأنثى: جلدة في أعلى القبل مجاورة لمخرج البول، والمراد بالتقاء الختانين تحاذيهما، ويكون ذلك بدخول الحشفة في الفرج، وهو كناية عن الجماع. والدليل ما أخرجه البخاري "1/ 395 رقم 291" ومسلم "1/ 271 رقم 348". عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل". وفي رواية لمسلم: "وإن لم ينزل". شعبها الأربع: اختلف العلماء في المراد بالشعب الأربع؛ فقيل: هي اليدان والرجلان، وقيل: الرجلان والفخذان، وقيل: الرجلان والشفران، واختار القاضي عياض أن المراد شعب الفرج الأربع. والشعب النوامي واحدتها شعبها. وأما من قال: أشعبها. فهو جمع شعب. جهدها: حفزها، كذا قال الخطابي. وقال غيره: بلغ مشقتها. يقال: جهدته وأجهدته وبلغت مشقته. قال القاضي عياض: الأولى أن يكون جهدها بمعنى بلغ جهده في العمل فيها، والجهد طاقة. وهو إشارة إلى الحركة وتمكن صورة العمل. وهو نحو قول من قال: حفرها. أي كدها بحركته، وإلا فأي مشقة بلغ بها في ذلك؟
وبالحيض1 وبالنفاس2 وبالاحتلام مع وجود بلل3، وبالموت4، وبالإسلام5.
1 لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] . وللحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 409 رقم 306" ومسلم "1/ 262 رقم 333" عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟، فقال:"لا إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي".
2 للإجماع [انظر المجموع للنووي "2/ 148"] .
3 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 388 رقم 282" ومسلم "1/ 251 رقم 313" وغيرهما، عن أم سلمة أنها قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم إذا رأت الماء"، احتلمت: رأت في نومها أنها تجامع.
4 أي يجب على الأحياء أن يغسلوا من مات؛ للحديث الذي أخرجه البخاري "رقم 1195- البغا" ومسلم "2/ 646 رقم 939" عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته، فقال: اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورًا، أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني" فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه، فقال: أشعرنها إياه تعني إزاره.
حقوه: إزاره، والحقو في الأصل معقد الإزار، فأطلق على ما يشد عليه. أشعرنها من الإشعار، وهو إلباس الثوب الذي يلي بشرة الإنسان، ويسمى شعارًا؛ لأنه يلامس شعر الجسد.
62 للحديث الذي أخرجه الترمذي "2/ 502 رقم 605" وقال: هذا حديث حسن. والنسائي "1/ 109 رقم 188"، وأبو داود "1/ 251 رقم 355" وغيرهم: عن قيس بن عاصم، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام، فأمرني أن أغتسل بماء وسدر" وهو حديث حسن.
[الـ]ـفصل [الثاني: أركان الغسل وسننه]
والغسل الواجب هو أن يفيض الماء على جميع بدنه1 أو ينغمس فيه2، مع المضمضة والاستنشاق3، والدلك لما يمكن دلكه4، ولا يكون شرعيًّا إلا بالنية لرفع موجبه5، وندب تقديم غسل أعضاء الوضوء إلا القدمين6 ثم التيامن7.
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 360 رقم 248" ومسلم "1/ 253 رقم 316" عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء، فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه، ثم يفيض على جلده كله".
2 انظر هامش "ص24".
3 انظر هامش "ص31".
4 لحديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ فجعل يدلك ذراعيه: أخرجه ابن حبان "3/ 363" رقم "1082" تخريج الشيخ شعيب، وأخرجه الطيالسي "ص148 رقم 10999" ومن طريقه أحمد "4/ 39" وإسناده صحيح.
5 انظر الهامش "ص33".
6 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 368 رقم 257" ومسلم "1/ 254 رقم 317"، عن ابن عباس قال: قالت ميمونة: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم ماء للغسل، فغسل يديه مرتين أو ثلاثًا، ثم أفرغ على شماله، فغسل مذاكيره، ثم مسح يده بالأرض ثم مضمض واستنشق، وغسل وجهه ويديه، ثم أفاض على جسده، ثم تحول من مكانه فغسل قدميه".
7 للحديث الذي أخرجه البخاري "1/ 269 رقم 168". عن عائشة قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله".
[الـ]ـفصل [الثالث: متى يسن الغسل]
ويشرع لصلاة الجمعة1،
1 للحديث الذي أخرجه البخاري "2/ 356 رقم 877" ومسلم "2/ 579 رقم 844" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل".
وصرفه عن الوجوب ما أخرجه أبو داود "1/ 251 رقم354" والنسائي "3/ 94 رقم 1380" والترمذي "2/ 369 رقم 497" وقال حديث حسن، عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت؛ ومن اغتسل فالغسل أفضل" وهو حديث حسن بمجموع طرقه.
وللعيدين1، ولمن غسل ميتًا2، وللإحرام3، ولدخول مكة4.
1 قال البزار: لا أحفظ في الاغتسال في العيدين حديثًا صحيحًا. [تلخيص الحبير "2/ 81"] قلتُ: أخرج مالك في الموطأ "1/ 177 رقم 2" والشافعي في الأم "1/ 265" عن ابن عمر أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى"، وهو أثر صحيح.
2 للحديث الذي أخرجه أبو داود "3/ 511 رقم 3161" والترمذي "3/ 318 رقم 993" وقال: حديث حسن، وابن ماجه "1/ 470 رقم 1463" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"من غسل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ" وهو حديث صحيح، وصرفه عن الوجوب ما أخرجه البيهقي "3/ 398" والحاكم "1/ 386" عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه؛ فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" وهو حديث حسن.
3 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 869 رقم 109/ 1209" عن عائشة رضي الله عنها قالت: نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر يأمرها أن تغتسل، وتهل. نفست: أي ولدت.
4 للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 919 رقم 227/ 1259" عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى، حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهارًا، يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله.
وقد فات المؤلف أن يذكر بقية ما يسن له الغسل:
منها: غسل المستحاضة لكل صلاة، أو للظهر والعصر جميعًا غسلًا، وللمغرب والعشاء جميعًا غسلًا. وللفجر غسلًا. لحديث عروة بن الزبير عن أسماء بنت عميس قالت: قلت: يا رسول الله إن فاطمة بنت حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا من الشيطان لتجلس في مركن، فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر غسلًا، وتتوضأ فيما بين ذلك"، وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود رقم "296".
ومنها: الاغتسال بعد الإغماء: لحديث عائشة قالت: ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أصلى الناس "؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال:"ضعوا لي ماء في المخضب" قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق، فقال:"أصلى الناس"؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال:"ضعوا لي ماء في المخضب" قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق، قال:"أصلى الناس"؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فذكرت إرساله إلى أبي بكر
…
الحديث، وهو حديث صحيح. أخرجه أحمد "6/ 251" والبخاري رقم "687" ومسلم رقم "418".
ومنها: الاغتسال من دفن المشرك: لحديث علي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبا طالب مات. فقال: "اذهب فواره". قال: إنه مات مشركًا، قال:"اذهب فواره". فلما ورايته رجعت إليه. فقال لي: "اغتسل" وهو حديث صحيح. أخرجه أبو داود رقم "3214" والنسائي رقم "190" والبيهقي "3/ 398".
ومنها: الاغتسال عند كل جماع: لحديث أبي رافع: أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف ذات ليلة على نسائه يغتسل عند هذه، وعند هذه، قال: فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! ألا تجعله واحدًا. قال: "هذا أزكى وأطيب وأطهر"، وهو حديث حسن أخرجه أبو داود رقم "218" وابن ماجه رقم "590".