الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نصوص
1078 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد".
زاد في رواية (1): "وحتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها". ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ
…
} الآية. [النساء: 156].
وفي أخرى (2) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وكيف أنتم إذ نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم؟ ".
وفي رواية (3): "فأمكم". وفي أخرى (4): "فأمكم منكم". قال ابن أبي ذئب: تدري. ما أمكم منكم؟ قلت: تخبرني. قال: فأمكم بكتاب ربكم عز وجل وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم.
وفي أخرى (5) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لينزلن ابن مريم حكما عادلًا، فليكسرن الصليب، وليقتلن الخنزير، وليضعن الجزية، ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد".
1078 - البخاري (4/ 414) 34 - كتاب البيوع، 103 - باب قتل الخنزير
…
الخ.
مسلم (1/ 135) 1 - كتاب الإيمان، 71 - باب نزول عيسى ابن مريم
…
الخ.
(1)
البخاري (6/ 490، 491) 60 - كتاب الأنبياء، 49 - باب نزول عيسى ابن مريم
…
الخ.
مسلم (1/ 135، 136) في الموضع السابق.
(2)
البخاري (6/ 491) 60 - كتاب الأنبياء، 49 - باب نزول عيسى
…
الخ.
مسلم (1/ 136) في الموضع السابق.
(3)
مسلم في الموضع السابق.
(4)
مسلم (1/ 137) في الموضع السابق.
(5)
مسلم (1/ 136) في الموضع السابق.
وفي رواية أبي داود (1): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس بيني وبينه" -يعنى المسيح- "نبي، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنه رجل مربوع، إلى الحمرة والبياض، وينزل بين ممصرتين، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك المسيح الدجال، ثم يمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفي، ويصلي عليه المسلمون".
(الحكم): الحاكم الذي يقضي بين الناس، والأمير الذي يلي أمورهم.
(مقسطا): المقسط: العادل، والقاسط: الجائر.
(فيكسر الصليب): قال الشيخ عبد الفتاح:
"قال الحافظ ابن حجر: أي يبطل دين النصرانية، بأن يكسر الصليب حقيقة، ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه" ا. هـ (التصريح).
(ويقتل الخنزير): قال الشيخ عبد الفتاح:
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري: 4/ 343": أي يأمر بإعدام الخنزير، مبالغو في تحريم أكله. وفيه توبيخ عظيم للنصارى الذين يدعون أنهم على طريقة عيسى عليه السلام، ثم يستحلون أكل الخنزير، ويبالغون في محبته. اهـ (التصريح).
(وضع الجزية) هو إسقاطها عن أهل الكتاب، وإلزامهم بالإسلام، ولا يقبل منهم غيره، فذلك معنى وضعها.
(حكمًا عادلًا): قال الشيخ عبد الفتاح:
أي حاكمًا عادلًا. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 6: 356 "والمعنى أنه عليه السلام ينزل حاكمًا بهذه الشريعة، فغن هذه الشريعة باقية لا تنسخ، بل يكون عيسى عليه السلام حاكمًا من حكام هذه الأمة. وعند الإمام أحمد من حديث عائشة: "ويمكث
(1) أبو داود (4/ 117، 118) كتاب الملاحم، باب خروج الدجال.
عيسى في الأرض أربعين سنة". وللطبراني من حديث عبد الله بن مغفل: "ينزل عيسى ابن مريم مصدقا بمحمد على ملته". انتهى.
وقال القرطبي في "التذكرة بأحوال الآخرة" ص 678 عند ذكره لنزول سيدنا عيسى عليه السلام في آخر الزمان:
قال العلماء رضي الله عنهم: وإذا نزل عيسى عليه السلام في آخر الزمان، يكون مقررا لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ومجددا لها، لأنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكم بشريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، لأنها آخر الشرائع، ونبيها خاتم النبيين. فيكون عيسى حكمًا مقسطًا، لأنه لا سلطان يومئذ للمسلمين، ولا إمام ولا قاضي ولا مفتي لهم، وقد قبض الله العلم وخلا الناس منه.
فينزل وقد علم بأمر الله تعالى له في السماء قبل أن ينزل، ما يحتاج إليه من علم هذه الشريعة، ليحكم به بين الناس. وليعمل به في نفسه فيجتمع المؤمنون عند ذلك ويحكمونه على أنفسهم، إذ لا أحد يصلح لذلك غيره، ولأن تعطيل الحكم غير جائز، وأيضًا فإن بقاء الدنيا إنما يكون بالتكليف، فلا يزال التكليف قائمًا إلى أن لا يبقى على وجه الأرض من يقول: الله، الله. انتهى من "مختصر تذكرة القرطبي" للشعراني ص 179 - 180 من طبعة القاهرة سنة 1308.
وجاء في "صحيح مسلم" 15: 174: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى"، إلا أنه لا نبي بعدي".
قال الإمام النووي في شرحه 15: 174 "قال العلماء: في هذا الحديث دليل على أن عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، إذا نزل في آخر الزمان نزل حكما من حكام هذه الأمة، يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا ينزل نبيا
…
" اهـ (التصريح).
(القلاص): جمع قلوص، وهي الناقة.
(الشحناء): العداوة.
(ممصرتين) ثوب ممصر: إذا كان فيه صفرة خفيفة يسيرة.
(ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام):
قال الشيخ عبد الفتاح "يعلق على قوله: (فيهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام) بما يلي:
هذا النص في الحديث، يفيد شمول طهارة الأرض من الشرك والكفر، وانبساط الإسلام عليها، وهو يخالف ما ذهب إليه المؤلف الكشميري في كتابه "فيض الباري" 3: 195، وأنقله لينظر فيه.
قال رحمه الله تعالى: "ما اشتهر على الألسنة أن دين الإسلام يبسط في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام على البسيطة كلها، ليس في الأحاديث، والذي فيها أنه لا يقبل اليهودية والنصرانية بعد نزوله، فينقذ نفسه من أسلم، ويقتل من أبى. وهذا أيضا حيث يغزو نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام.
وملخص الأحاديث: أن اليوم تجري الأديان الثلاثة، فإذا نزل عيسى عليه الصلاة والسلام لا يقبل إلا الإسلام، وحينئذ يكون الدين كله لله.
فهذا بيان للمسألة، لا إخبار بما يكون في الخارج، فيجوز أن يبقى الكفر والكفار أيضًا، لكن إن يبلغ إليهم عيسى عليه الصلاة والسلام، لا يقبل منهم إلا دين الإسلام، لا الجزية، كما هو اليوم.
ويستفاد من الأحاديث أن الغلبة المعهودة، إنما تكون في الشام ونواحيه، حيث ينزل عيسى عليه الصلاة والسلام، وفساد يأجوج ومأجوج في هذه الأطراف، والجزيرة طبرية: أيضا نحو الشام.
وبالجملة: لم نجد في حديث أن عيسى عليه الصلاة والسلام أيضًا يدور في الأرض كدور الدجال، فلا تكون غلبة موعودة إلا في موضع نزوله، أما سائر البلاد فمسكوت عنها، والله تعالى أعلم بما يكون فيها. انتهى.
وقال المؤلف الكشميري أيضًا في كتابه "فيض الباري" 1: 172، عند حديث "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون": "أي لا يخلو زمان إلا وتوجد فيه تلك الطائفة القائمة على الحق، لا أنهم يكثرون في كل زمان، ولا أنهم يغلبون على من سواهم، كما سبق إلى بعض الأفهام.
حتى أن غلبة الدين في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام عندي ليس كما اشتهر على الألسنة، بل الموعود هو الغلبة، حيث يظهر عليه الصلاة والسلام فيما حواليه، أما فيما وراء ذلك فلم يتعرض إليه الحديث، والعمومات كلها واردة في البلاد التي يظهر فيها، ولا تتجاوز فيما وراءها، وإنما هو من بداهة الوهم والسبق إلى ما اشتهر بين الأنام". انتهى كلام الشيخ الكشميري، فتأمل. اهـ. (التصريح).
أقول:
إذا صح ما ذكره الشيخ الكشميري في تفسيره لهلاك الملل فهذا يرجح ما ذهبنا إليه أن بيننا وبين نزول المسيح عليه الصلاة والسلام أمدًا تقوم به دولة عالمية للإسلام كما ورد في مضمون بعض النصوص التي وردت معنا، ثم يحدث انحسار بالإسلام لدرجة القسطنطينية نفسها يحكمها النصارى من جديد ويفتحها المسلمون مرة أخرى، وبعد الفتح الثاني يظهر الدجال وينزل عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، ولاشك أن ذكره الكشميري في عدم وجود نصوص تدل على تحرك عالمي للمسيح حق، ولكن إذا عرفنا أن يأجوج ومأجوج وهم الذين يسيطرون على العالم وقتذاك يهلكون في زمن المسيح عليه السلام، وأن المسيح عليه السلام يقتل اليهود الذين يكونون مع الدجال، ولا يقبل من يهودي أو نصراني جزية فإن هذا يدل على هلاك للملل التي تكون في دائرة وجوده وسلطانه، وهل يعم ذلك العالم كله أو لا؟ الأمر محتمل وتفسيره وقوعه.
(ثم يمكث في الأرض أربعين سنة): قال الشيخ عبد الفتاح:
"يعلق على قوله: (ثم يمكث عيسى عليه السلام أربعين سنة) بما يلي:
هذه الأداة العاطفة (ثم) للترتيب الذكري لا الزمني، إذ مكثه عليه السلام في الأرض
كله أربعون سنة منذ نزوله حتى وفاته، وليس ابتداؤها بعد قتله الدجال، كما هو ظاهر العبارة. قاله العلامة الشيخ ناجي أبو صالح حفظه الله تعالى". اهـ (التصريح).
1079 -
* روى أحمد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ابن مريم إماماً عادلًا وحكمًا مقسطًا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرجع السلم ويتخذ السيوف مناجل ويذهب حمة كل ذات حمة. وينزل من السماء رزقها، وتخرج من الأرض بركتها، حتى يلعب الصبي بالثعبان ولا يضره، وترعى الغنم والذئب ولا يضرها، ويرعى الأسد والبقر ولا يضرها".
1080 -
* روى الترمذي عن مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقتل ابن مريم الدجال بباب لُد".
1081 -
* روى الطبراني، عن أوس بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء في دمشق".
1082 -
* روى مسلم، عن يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي قال: سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنه -وجاءه رجل- فقال: ما هذا الحديث الذي تحدث به الناس؟ تقول: إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا، فقال: سبحان الله! - أو لا إله إلا الله، أو كلمه نحوها- لقد هممت أن لا أحدث شيئًا أبدًا، إنما قلت: إنكم سترون بعد قليل أمرًا عظيمًا؛ يحرق البيت، ويكونُ ويكونُ. ثم سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1079 - مسند أحمد (2/ 482، 483).
قال ابن كثير في النهاية: تفرد به أحمد وإسناده جيد قوي صالح.
1080 -
الترمذي (4/ 515 (34 - كتاب الفتن، 62 - باب ما جاء في قتل عيسى ابن مريم للدجال.
وقال: هذا حديث صحيح.
وأحمد (2/ 430). وفي بعض طرقه: "إلى جانب باب لد".
(لد): بلدة في فلسطين قريبة من بيت القدس.
1081 -
المعجم الكبير (1/ 217).
مجمع الزوائد (8/ 205). وقال: رواة الطبراني ورجاله ثقاب.
1082 -
مسلم (4/ 2258، 2259) 52 - كتاب الفتن، 23 - باب في خروج الدجال ومكثه
…
الخ
مسند أحمد (2/ 166). =
"يخرج الدجال في أمتي، فيمكث أربعين". لا أدري -وفي رواية قال ابن عمرو: لا أدري أربعين يوما، أو شهرًا، أو عامًا- "فيبعث الله عيسى بن مريم، كأنه غزوة ابن مسعود، فيطلبه فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين، ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله عز وجل ريحًا باردةً من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه". قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: "فيبقى شرار الناس في خفة الطير، وأحلام السباع، لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا، فيتمثل لهم الشيطان، فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دار رزقهم، حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا، ورفع ليتا، فأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله" قال: "فيصعق، ويصعق الناس". قال: "ثم يرسل الله" -أو قال: "ينزل الله مطرًا كأنه الطل، أو الظل"- نعمان [أحد رواة الحديث] يشك- "فينبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، ثم يقال: يا أيها الناس، هلموا إلى ربكم {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} ثم يقال لهم: أخرجوا بعث النار، فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين" قال: "فذاك يوم يجعل الولدان شيبًا، وذلك يوم يكشف عن ساق".
أقول: كثيرًا ما يحدث أثناء الكلام عن الساعة وأشراطها وعما يكون بعدها أن يطوي بعض الرواة بعض المشاهد، أو يفهم بعض الرواة عن المحدثين فهما فيصوغه بعبارته، فيحدث لبس أو وهم، فمثلًا: ورد في هذا النص قول ابن عمرو: (ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله عز وجل ريحًا باردة من قبل الشام فلا يبقى
= (كبد جبل): كبد الجبل: استعارة، والمراد: ما غمض من بواطنه.
(أصغى ليتا): الليت: صفحة العنق، وإصغاءه: إمالته.
…
(يصعق): يغشى عليه ويموت
(الطل): الندى الذي ينزل من السماء في الصحو.
على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته) فهذه الرواية تفهم:
أن بعد سبع سنين من قتل الدجال يبعث الله هذه الريح ويصفها أنها تأتي من قبل الشام مع أن المعروف المشهور: أن عيسى عليه السلام يمكث في الأرض أربعين سنة، وبعد وفته يبقى الناس على فترة من الزمان على خير، ثم تأتي ريح من قبل اليمن فتقبض روح أهل الإيمان. فالحديث يحتاج إلى توجيه ومن ثم قال الشيخ عبد الفتاح حفظه الله معقبا على رواية عبد الله بن عمرو:(ثم يمكث الناس سبع سنين) بما يلي:
"هكذا جاء في جميع نسخ "صحيح مسلم" التي رجعت إليها وهي مختلفة الطبعات، وهكذا جاء في "المسند" و"الدر المنثور" و"المستدرك" في جميعها بلفظ (ثم يمكث الناس سبع سنين) برفع (الناس) على الفاعلية، وهي رواية صحيحة واضحة، ومعناها عندي- والله أعلم- أن الناس يعيشون متحابين ليس بينهم عداوة ولا بغضاء سنين طويلة، وهي أربعون سنة كما بينها رواية أبي داود وأحمد المتقدمة في ص 96، ونصها: "فيمكث- أي سيدنا عيسى- في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون". ويكون ذكر (سبع سنين) هنا رمزًا للكثرة لا للحصر كقوله تعالى:{كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} إذ التمثيل فيها للتكثير لا للحصر، وكقوله سبحانه:{وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} . قال الألوسي في "تفسيره" 6: 486 عند هذه الآية "المراد بالسبعة الكثرة بحيث تشمل المائة والألف مثلًا، لا خصوص العدد المعروف، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: "المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء". انتهى
أما الرواية التي وقعت قديمًا في بعض نسخ "صحيح مسلم" بلفظ "ثم يمكث الناس سبع سنين" كما جاء منقولًا عن "صحيح مسلم" بهذا اللفظ في "مشكاة المصابيح" من طبعة الهند ص 481 ومن طبعة دمشق 3: 51 وفي نسخة "المرقاة شرح المشكاة" للعلامة على القاري 5: 227 فتحتاج إلى تأويل، إذ الضمير فيها في "يمكث سبع سنين" عائد إلى سيدنا عيسى، فلهذا علق عليها كل من الحافظ ابن كثير والحافظ ابن حجر رحمهما الله تعالى.
قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 1: 583 "جاء في حديث عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة أن عيسى عليه السلام يمكث في الأرض بعد نزوله أربعين سنة. رواه الإمام أحمد، وفي حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم أنه يمكث سبع سنين. فيحتمل والله أعلم أن يكون المراد بلبثه في الأرض أربعين سنة مجموع إقامته فيها قبل رفعه وبعد نزوله، فإنه رفع وله ثلاث وثلاثون سنة في الصحيح". انتهى.
قلت: لكن الحافظ ابن حجر لم يرتض هذا الجمع، فلذا حط كلامه على أن مدة إقامته بعد نزوله. عليه السلام أربعين سنة إذ ذكر رواية "سبع سنين" ثم أعقبها بروايات صحيحة فيها ذكر "أربعين سنة" وسكت عليها مرتضيًا لها، وهذه عبارته في "فتح الباري" 6: 357 "روى مسلم من حديث ابن عمرو في مدة إقامة عيسى بالأرض بعد نزوله أنها سبع سنين. وروى نعيم بن حماد في كتاب الفتن من حديث ابن عباس أن عيسى إذ ذاك يتزوج في الأرض ويقيم بها تسع عشرة سنة، وبإسناد فيه راو مبهم عن أبي هريرة يقيم بها أربعين سنة، وروى أحمد وأبو داود بإسناد صحيح من طريق عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فيمكث -أي عيسى- في الأرض أربعين سنة". انتهى. فليكن هو المعول عليه، والله تعالى أعلم." اهـ (من التصريح).
1083 -
* روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي، يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة" قال: "فينزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقول أميرهم: تعال فصل فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة".
فسر بعضهم أحاديث الطائفة بأنهم أهل الشام وممن فسرها بذلك قتادة، وعلق الشيخ عبد الفتاح على تفسير قتادة بقوله:
"هذا التفسير من قتادة لـ (العصابة) هو أحد أقوال عشرة لخصها شيخنا عبد الله الغماري في "إقامة البرهان" ص 30، وحكى أن الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم"
1083 - مسلم (1/ 137) 1 - كتاب الإيمان، 71 - باب نزول عيسى بن مريم .. إلخ.
وأحمد (3/ 384).
13: 63 ارتاح إلى أن هذه العصابة عامة مفرقة بين أنواع المؤمنين، فمنهم علماء محدثون، ومنهم فقهاء، ومنهم زهاد، ومنهم مجاهدون مقاتلون، ومنهم قائمون بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، إلى غير ذلك من أنواع الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد أو قطر واحد" اهـ (التصريح).
1084 -
* روى البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟ " وفي رواية لمسلم (1): "فأمكم" وفي رواية أخرى (2): "فأمكم منكم".
ورواه أحمد (3)؛ قال: "كيف بكم إذا نزل
…
؟ ".
قال الشيخ عبد الفتاح:
"قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 6: 358: "وعند أحمد من حديث جابر في قصة الدجال ونزول عيسى: "وإذا هم بعيسى، فيقال: تقدم يا روح الله، فيقول: ليتقدم إمامكم فليصل بكم". ولابن ماجه في حديث أبي أمامة:
"وكلهم- أي المسلمون- ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، قد تقدم ليصلي بهم، إذ نزل عيسى، فرجع الإمام ينكص ليتقدم عيسى، فيقف عيسى بين كتفيه ثم يقول: تقدم فإنها لك أقيمت". وعند مسلم من حديث جابر: "فيقال له: صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة".
قال الحافظ ابن حجر بعد هذه الأحاديث: "وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه
1084 - البخاري (6/ 491) 60 - كتاب الانبياء، 49 - باب نزول عيسى
…
إلخ.
مسلم (1/ 136) 1 - كتاب الإيمان، 71 - باب نزول عيسى .. إلخ.
(1)
مسلم (1/ 136) في الموضع السابق.
(2)
مسلم (1/ 137) في الموضع السابق.
(3)
مسند أحمد (2/ 272).
وذكره البيهقي في كتاب "الأسماء والصفات"، وعزاه البخاري ومسلم، ولفظه:"إذا نزل ابن مريم من السماء فيكم، وإمامكم منكم".
الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة: دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة، والله أعلم". انتهى. وقبل. في معنى (وإمامكم منكم): وهو منكم أي عيسى، فوضع الاسم المظهر موضع الاسم المضمر تعظيماً له وتربية للمهابة في النفوس". اهـ (التصريح).
1085 -
* روى مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده: ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجًا أو معتمرًا، أو ليثنينهما".
وأخرجه أحمد في مسنده (1) ولفظه: "ينزل عيسى ابن مريم، فيقتل الخنزير، ويمحو الصليب، وتجمع له الصلاة، ويعطي المال حتى لا يقبل، ويضع الخراج، وينزل الروحاء، فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما". وتلا أبو هريرة رضي الله عنه: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} . فزعم حنظلة أن أبا هريرة قال: يؤمن به قبل موت عيسى، فلا أدري هذا كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم؟ أو شيء قاله أبو هريرة؟
وأخرجه الحاكم (2) وصححه كما في الدر المنثور ولفظه: "ليهبطن ابن مريم حكما عدلًا، وإماما مقسطًا، وليسلكن فجا حاجا أو معتمرًا، وليأتين قبري حتى يسلم علي، ولأردن عليه". يقول أبو هريرة: أي نبي أخي! إن رأيتموه فقولوا: أبو هريرة يقرئك السلام.
قال الشيخ عبد الفتاح حفظه الله:
"معنى (ليهلن): ليرفعن صوته بالتلبية قائلًا: لبيك اللهم لبيك، محرما بحج أو بعمرة. ومعنى (أو ليثنينهما): أو ليجمعن بين الحج والعمرة. وفج الروحاء: مكان في طريق النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى بدر. قيل يبعد عن المدينة ستة أميال.
1085 - مسلم (2/ 915) 15 - كتاب الحج، 34 - باب إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهديه.
(1)
مسند أحمد (2/ 290، 291).
(2)
المستدرك (2/ 595)، وقال صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.
(وتجمع له الصلاة): أي يصير هو الإمام في الصلاة مع قيامه بأعباء الإمامة العظمى. وإمامته بالصلاة إنما تكون بعد صلاته الصبح فور نزوله مؤتما بإمام المسلمين إظهارًا لكرامة هذه الأمة وفضلها.
(فزعم حنظلة): هو حنظلة الأسلمي المدني، تابعي روى هذا الحديث عن أبي هريرة. ومعنى (زعم): قال صادقًا. فإن الزعم كما يطلق على القول الكذب أو المشكوك فيه، يطلق أيضًا على القول المحقق والصدق الذي لا شك فيه". اهـ (التصريح).
1086 -
* روى البخاري ومسلم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: لا والله ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعيسى: "أحمر" ولكن قال: "بينما أنا نائم أطوف بالبيت، فإذا رجل آدم سبط الشعر، يهادى بين رجلين، ينطف رأسه ماء" أو "يهراق رأسه ماء"، "فقلت: من هذا؟ قالوا: ابن مريم، فذهبت ألتفت، فإذا رجل أحمر جسيم جعد الرأس، أعو عينه اليمنى، كان عينه اليمنى عنبة طافية، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا الدجال، وأقرب الناس به شبها ابن قطن". قال الزهري: رجل من خزاعة هلك في الجاهلية، ليس عند مسلم قول الزهري.
وفي رواية (1) قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بين ظهراني الناس المسيح الدجال، فقال:"إن الله تبارك وتعالى ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعور عين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية". قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أراني الليلة في المنام عند الكعبة، فإذا رجل آدم، كأحسن ما ترى من أدم الرجال، تضرب لمته بين منكبيه، رجل الشعر، يقطر رأسه ماء، واضعًا بيديه على منكبي رجلين، هو بينهما، يطوف بالبيت. فقلت: من هذا؟ فقالوا: المسيح ابن مريم، ورأيت
1086 - البخاري (12/ 417) 91 - كتاب التعبير، 33 - باب الطواف بالكعبة في المنام.
مسلم (1/ 156) 1 - كتاب الإيمان، 75 - باب في ذكر المسيح ابن مريم .. إلخ.
والموطأ (2/ 920) 49 - كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، 2 - باب ما جاء في صفة عيسى
…
إلخ.
(1)
البخاري (6/ 477) 60 - كتاب الانبياء، 48 - باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ
…
}.
مسلم (1/ 155) في الموضع السابق.
والموطأ: في الموضع السابق.
وراءه رجلاً جعداً قططاً، أعور عين اليمنى، كأشبه من رأيت من الناس بابن قطن، واضعًا يديه على منكبي رجلين، يطوف البيت، فقلت: من هذا؟ فقالة: هذا المسيح الدجال".
وفي رواية (1) قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيت عيسى وموسى وإبراهيم عليهم السلام، فأما عيسى: فأحمر جعد، عريض الصدر، وأما موسى: فآدم جسيم سبط، كأنه من رجال الزط".
(آدم): رجل آدم: شديد السمرة.
(يهادى): تهادى الرجل في مشيته: إذا تمايل، ورأيت فلانا يهادى بين رجلين: إذا كان يمشي متكئا [عليهما] من ضعف وتمايل.
(ينطف): أي: يقطر.
(عنبة طافية): إذا كانت خارجة القد والسمت عن أخواتها في العنقود.
(لمته): اللمة: شعر الرأس.
(رجل الشعر): شعر رجل، أي: مسرح غير شعث.
(قططاً): شعر قطط: متناهي الجعودة.
(الزط): جيل من الهند والسودان، معرب "جت".
قال محقق الجامع:
"قال الحافظ في الفتح: اللام في قوله: "لعيسى" بمعنى "عن" وهي كقوله تعالى:
(1) البخاري (6/ 477) 60 - كتاب الانبياء، 48 - باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ
…
}.
هكذا في كتاب البخاري، وليس فيه ذكر إبراهيم.
وقد ذكره البرقاني فيما حكله الحميدي، فقيل له: فإبراهيم؟ قال: "شبيه صاحبكم" وقال الحميدي: قال أبو مسعود [الدمشقي]: كذا في البخاري في سائر النسخ، عن مجاهد عن ابن عمر، وإنما رواه الناس عن محمد بن كثير، فقالوا: مجاهد عن ابن عباس، وعلى روايتهم اعتمد أبو بكر البرقاني، فأخرجه في مسند ابن عباس.
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} قال: وفيه جواز اليمين على غلبة الظن، لأن ابن عمر ظن أن الوصف اشتبه على الراوي، وأن الموصوف بكونه أحمر إنما هو الدجال، لا عيسى، وقرب ذلك أن كلا منهما يقال له: المسيح، وهي صفة مدح لعيسى، وصفة ذم للدجال، قال: وكان ابن عمر قد سمع سماعًا جزمًا في وصف عيسى أنه آدم، فساغ له الحلف على ذلك لما غلب على ظنه أن من وصفه بأنه أحمر واهم". اهـ.
أقول:
لقد مرت معنا رواية تصف المسيح عليه الصلاة والسلام بالحمرة والبياض، فليس ما رده ابن عمر في وصف المسيح صحيحًا، بل هو الحق، ولذلك استعمل ابن حجر تعبير الوهم أثناء الكلام عن موقف ابن عمر في وصفه المسيح بالسمرة ونفيه الحمرة عنه.
قال محقق الجامع:
"ابن قطن: رجل من خزاعة هلك في الجاهلية، قال الحافظ في "الفتح": اسمه: عبد العزى بن قطن بن عمرو بن جندب بن سعيد بن عائذ بن مالك بن المصطلق، وأمه هالة بنت خويلد، أفاده الدمياطي، قال: وقال ذلك أيضًا عن أكثم بن أبي الجون، وأنه قال: يا رسول الله هل يضرني شبهه؟ قال: "لا، أنت مسلم وهو كافر". حكاه عن ابن سعد، والمعروف في الذي شبه به صلى الله عليه وسلم أكثم بن عمرو بن لحي جد خزاعة، لا الدجال، كذلك أخرجه أحمد وغيره، وفيه دلالة على أن قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الدجال لا يدخل المدينة ولا مكة". أي في زمن خروجه، ولم يرد بذلك نفي دخوله في الزمن الماضي، والله أعلم". اهـ.
1087 -
* روى أحمد، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إني لأرجو إن طال بي عمر أن ألقى عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فإن عجل بي موت فمن لقيه منكم فليقرئه منى السلام".
1087 - مسند أحمد (2/ 218).
مجمع الزوائد: (8/ 5) وقال رواه أحمد بإسنادين، مرفوع وهو هذا، وموقوف، ورجالهما رجال الصحيح.
1088 -
* روى أبو سعيد النقاش، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طوبي لعيش بعد المسيح، يؤذن للسماء في القطر، ويؤذن للأرض في النبات، حتى لو بذرت حبك على الصفا لنبت، وحتى يمر الرجل على الأسد فلا يضره، ويطأ على الحية فلا تضره، ولا تشاح، ولا تحاسد، ولا تباغض".
أقول:
هذا دليل على أن بعد وفاة عيسى عليه السلام يبقى الخير ويستمر السلام والبركة، وأن الريح التي تقبض أرواح المؤمنين كما سيمر معنا تكون بعد ذلك، وهذا النص يؤكد أن النص المروي عن ابن عمرو الذي علقنا عليه وعلق عليه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة قد حصل فيه وهم أو لبس أو اختصار مخل من أحد الرواة.
1088 - فوائد العراقيين.
ورواه عنه أبو نعيم كما في "كنز العمال". ورمز السيوطي إلى حسنه، وقوى الغماري إسناده.
وقال المناوي (فيض القدير 4/ 275): ظاهر عدول المصنف للنقاش أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير، وهو غفلة فقد خرجه أبو نعيم والديلمي وغيرهما.
(طوبي): طوبي من الطيب، ومعناها هنا: فرح وقرة عين وقد يطلق لفظ (طوبي) ويراد به الجنة أو شجرة فيها.
(الصفا): أي الحجر الأملس الأصم.