الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الثالثة
في:
حكم مراعاة المكان في النذر
1534 -
* روى أبو داود عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلًا ببوانة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ " قالوا: لا، قال:"هل كان فيها عيد من أعيادهم"؟ قالوا: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذرٍ في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم".
أقول: نص فقهاء الحنفية أن تعيين المكان والفقير والدرهم ليس بلازم، وعلى هذا فإن الذبح ببوانة يحمل الحنفية الوفاء به على الندب لا على اللزوم.
1535 -
* روى أبو داود عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني نذرت إن انصرفت من غزوتك سالمًا غانمًا أن أضرب على رأسك بالدف؟ قال:"إن كنت نذرت فأوفي بنذرك، وإلا فلا"، قالت: ونذرت أن أذبح لمكان كذا وكذا- مكانٍ يذبح فيه أهل الجاهلية- فقال: "هل كان بذلك المكان وثنٌ من أوثان الجاهلية يعبد؟ " قالت: لا، قال:"هل كان فيه عيدٌ من أعيادهم؟ " قالت: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أوفي بنذرك".
أقول: الضرب بالدف ليس من جنسه فريضة أو واجب وعلى هذا ففتوى الحنفية أنه لا يجب الوفاء به والأمر بالوفاء هنا محمول على الندب.
1534 - أبو داود (3/ 238) كتاب الأيمان والنذور، باب ما يؤمر به من الوفاء للنذر. وإسناده صحيح.
(بوانة): اسم موضع في أسفل مكى دون ياسلم.
1535 -
أبو داود (3/ 237) كتاب الأيمان والنذور، باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر. وإسناده صحيح.
وأحمد (5/ 356). وإسناده حسن أيضًا.
ومسلم (4/ 1935) 44 - كتاب فضائل الصحابة، 34 - باب فضائل حسان بن ثابت، رضي الله عنه.
وقال البغوي- وهو شافعي- في شرح السنة:
قال أبو سليمان الخطابي: ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي يتعلق بها النذور، وأحسن حاله أن يكون من باب المباح غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح بسلامة مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم من بعض غزواته، وكانت فيه مساءة الكفار، وإرغام المنافقين، صار فعله كبعض القرب، ولهذا استحب ضرب الدف في النكاح لما فيه من إظهاره، والخروج به عن معنى السفاح الذي لا يظهر، ومما يشبه هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء الكفار:"اهجوا قريشًا فإنه أشد عليها من رشقٍ بالنبل" أخرجه مسلم (1). اهـ.
أقول: لا كفارة على من نذر مباحًا، ولا يجب عليه الوفاء عند الحنفية والمالكية والشافعية في الأصح، وقال الحنابلة عليه كفارة يمين إذا لم يف بنذر مباح.
ومن كلام صاحب الفقه الإسلامي: لو نذر صدقة ما لا يملك لا يصح نذره بالاتفاق، فإذا قال: كل ما أملك في المستقبل فهو صدقة، وكل ما أشتريه أو أرثه فهو صدقة صح النذر خلافًا للشافعية.
* * *
(1) مسلم (4/ 1935) 44 - كتاب فضائل الصحابة، 34 - فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه.