الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة السابعة
في:
الحساب والميزان
عرض إجمالي
- مر معنا أنه في الوقف يحشر الناس ويجمعون مصطفين وينتظرون ثم تكون الشفاعة لفصل القضاء، ثم يعرض الناس على ربهم عرضة يكون فيها جدال واعتذارات وتنصلات وأسئلة وإجابات، ثم تكون عرضة أخرى وتكون بها إقامة حجة، فتشهد الرسل وتشهد هذه الأمة وتشهد الأرض وتقوم الحجة على الخلق، ثم تطير الصحف فآخذ بيمينه وآخذ بشماله وآخذ وراء ظهره، ويكون في هذه المرحلة أو قبلها شرب من الحوض.
- ثم يكون الحساب والميزان فيسأل عما كلف به، يسأل عن سمعه وعن بصره وعن فؤاده:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (1).
ويسأل عما استرعاه الله، ويسأل عن العمر والعلم والمال والجسم والشباب ويسأل عن النعيم:{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (2). ويسأل عن الآلاء والنعم، ويحاسب على أعماله ما أراد بها فيسأله عن النيات والإخلاص:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (3)، ويحاسب الإنسان على أعمال الظاهر والباطن وخطايا الظاهر والباطن ويحاسب على أمراض القلوب:{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (4).
{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا
(1) الإسراء: 36.
(2)
التكاثر: 8.
(3)
هود: 15 - 16.
(4)
البقرة: 284.
وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} (1). وأول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله الصلاة، وأول ما يحاسب عليه من حقوق العباد الدماء، ومن أشد ما يحاسب عليه العبد الزكاة والعقوبة عليها تبدأ عند الموت وتستمر في القبر وتكون في الحشر والموقف ويحتسب عليها.
- وشهادات يوم القيامة كثيرة والشهداء كثر: فهناك شهادة الأنبياء وشهادة الملائكة وشهادة الجوارح وشهادة العباد بعضهم على بعض، وشهادة الأرض وكل من هؤلاء يؤدي شهادته في الوقت المناسب يوم القيامة:
{وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} (3).
{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (4).
- وسيجد الكلفون أن الأمو ر مضبوطة في غاية الضبط فكتاب عام محصى فيه كل شيء، وكتاب خاص لكل مكلف على حدة:
(1) آل عمران: 30.
(2)
النحل: 89.
(3)
ق: 21.
(4)
النور: 24.
(5)
يس: 65.
(6)
فصلت: 21.
(7)
الزلزلة: 1 - 8.
(8)
الجاثية: 29.
{وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (1).
{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} (2).
{وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} (3).
{وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} (5).
والنصوص القرآنية في الحساب والميزان وما يتعلق بذلك كثيرة، منها:
{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا) (7).
{وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (10).
(1) المؤمنون: 63.
(2)
القمر: 53.
(3)
القمر: 52.
(4)
الإسراء: 13، 14.
(5)
التكوير: 10.
(6)
الكهف: 49.
(7)
الإسراء: 13.
(8)
الحاقة: 25 - 34.
(9)
الانشقاق: 7 - 12.
(10)
الأنبياء: 47.
{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} (2).
{وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (3)، {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} (4).
{ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} (8).
{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} (9).
{ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (10).
(1) ص: 26.
(2)
الغاشية: 25، 26.
(3)
الرعد: 41.
(4)
الرعد: 21.
(5)
النساء: 40.
(6)
الأنبياء: 47.
(7)
القارعة: 6 - 11.
(8)
الزمر: 31.
(9)
النمل: 78.
(10)
آل عمران: 55.
(11)
النبأ: 17.
(12)
الزمر: 69 - 70.
- وحقوق العباد يشدد فيها أكثر مما يشدد في حقوق الله إلا حق التوحيد ومع شدة الهول يوم القيامة فإن الله عز وجل خلق مائة رحمة تسعا وتسعين منها أخرها إلى يوم القيامة، ولعل المسلم يخرج من قراءة النصوص الواردة في هذه الفقرة بنية جازمة ألا يظلم أحدًا، وأن يقوم بحقوق الله وحقوق التكليف كاملة ويسعى ليكون من الذين لا حساب عليهم، وقد استقرأ بعضهم النصوص التي وعد أهلها بألا يحاسبوا فذكر من أهل ذلك أنهم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، ومن ذلك قوام الليل وقراء القرآن والمخلصون والمؤذنون والدعاة إلى الله ومن قام بحق الله وحق العباد والعلماء العاملون والشهداء والعافون عن الناس والحمادون الله على كل حال.
وقد مر معنا من قبل كلام ابن كثير في النهاية أن الحساب يكون قبل الميزان غير أنه من الصعب التمييز بين مجموع النصوص الواردة في الحساب والميزان أيها يكون في الحساب وأيها يكون عند الميزان، وإن كان بعضها واضحًا أنه في الحساب أو أنه في الميزان، ولذلك دمجنا الكلام عن هذين الموضوعين في فقرة واحدة، ولا يدخل في دائرة التكليف أن يعرف المسلم على ما يحمل عليه كل نص مما ورد في الحساب والميزان إلا إذا كان قطعي الثبوت وقطعي الدلالة والمهم بالنسبة للمسلم أن يؤمن بالحساب والميزان وأن يسلم بالنصوص الواردة في ذلك وأن تحمله النصوص الواردة في ذلك على تحرير الاعتقاد وإحسان العمل والبعد عن كل ما يسخط الله عز وجل مما يشتد بسببه الحساب أو يخف بسببه الميزان.
(1) المجادلة: 6.