المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - مشاهد من القرآن الكريم - الأساس في السنة وفقهها - العقائد الإسلامية - جـ ٣

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الفقرة العشرونفي:صفة المسيح ابن مريم عليه السلام ونزوله

- ‌مقدمة

- ‌نصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌جدول ما ثبت بالقرآن والسنة من أمارات المسيح عيسى عليه السلام

- ‌بعض ما ورد من أحوال أمه عليهما السلام

- ‌محل ولادته عليه السلام وكيفية ذلك

- ‌أحوال مريم بعد ولادته عليه السلام

- ‌وجاهة عيسى عليه السلام

- ‌خصائص عيسى المسيح عليه السلام

- ‌حليته عليه السلام وقت نزوله

- ‌بعض أحواله عليه السلام وقت نزوله

- ‌محل نزوله عليه السلام ووقت نزوله

- ‌أحوال الحاضرين في المسجد وقت نزوله عليه السلام

- ‌بعض أحواله بعد نزوله عليه السلام

- ‌المشروعات التي يقوم بها بعد نزوله عليه السلام

- ‌البركات الظاهرة والباطنة في زمنه عليه السلام

- ‌أحوال العرب في ذلك الزمان

- ‌وفاته عليه السلام وبعض الأحوال قبل وفاته

- ‌أحوال المسلمين بعد وفاته عليه السلام

- ‌الفقرة الحادية والعشرونفي:يأجوج ومأجوج

- ‌مقدمة

- ‌القبائل المنغولية واليواشية:

- ‌منغوليا، مهد الشعوب القديمة:

- ‌نصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانية والعشرونفيلا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الثالثة والعشرونفي:نار عدن

- ‌مقدمة

- ‌النصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الوصل الثانيفيالموت والحياة البرزخية

- ‌المقدمة

- ‌بعض النصوص القرآنية

- ‌النصوص الحديثية

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الوصل الثالثفيالساعة وما يأتي بعدها

- ‌المقدمة

- ‌الفقرات

- ‌الفقرة الأولىعرض إجمالي

- ‌الفقرة الثانيةفي:النفختين وفي: يوم القيامة

- ‌1 - النصوص القرآنية

- ‌2 - النصوص الحديثية

- ‌3 - بعض ما يكون بالنفخة الأولى

- ‌4 - بعض ما يكون بالنفخة الثانية

- ‌الفقرة الثالثةفيالحشر

- ‌1 - النصوص القرآنية

- ‌2 - نصوص حديثية

- ‌الفقرة الرابعةفي:مشاهد من القرآن الكريم فيما يجري فياليوم الآخر من حوار

- ‌الفقرة الخامسةفي:أحاديث تصف بعض ما في الموقف وما بعده

- ‌تعليق وتأكيد:

- ‌الفقرة السادسةفيالحوض

- ‌النصوص

- ‌فوائد

- ‌الفقرة السابعةفي:الحساب والميزانعرض إجمالي

- ‌النصوص

- ‌الفقرة الثامنةفي:الصراطعرض إجمالي

- ‌النصوص

- ‌الفقرة التاسعةفي:الشفاعات

- ‌النصوص

- ‌الفقرة العاشرةفي:الجنة والنار:

- ‌1 - المقدمة

- ‌2 - مشاهد من القرآن الكريم

- ‌2 - نصوص حديثيه في النار

- ‌4 - نصوص حديثيةفي ما وصف به أهل الجنة وبعض نعيم أهلها

- ‌5 - في بعض ما ورد في آخر أهل النار خروجًا منه

- ‌6 - رؤية الله تعالى في الآخرة

- ‌مقدمة

- ‌النصوص

- ‌7 - في ذبح الموت

- ‌8 - في متفرقاتفي الجنة والنار وبعض صفات أهلهماوبعض ما يحصل لأهل كل منهما

- ‌9 - الجنة والنار مخلوقتان موجودتان

- ‌الفقرة الحادية عشر{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ}

- ‌خاتمة الباب الثاني

- ‌الباب الثالثفي:مباحث عقدية

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولفي:بعض المشوشات الزائفة على النبوةالسحر والكهانة والتنجيم

- ‌المقدمة

- ‌نُقولفي:السحر والكهانة والتنجيم

- ‌نصوصفي:السحر والكهانة والتنجيم

- ‌الفصل الثانيفي:نسبة الحادثات إلى الأسبابمقطوعة عن الله عز وجل

- ‌مقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الثالثفي:الطيرة والفأل والشؤم والعدوىوما يجري مجراها

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الرابعفي:العين والتمائم والرقي

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌1 - في: العين

- ‌2 - في: التمائم

- ‌3 - في: الرقى

- ‌الفصل الخامسفيالنذر

- ‌عرض إجمالي

- ‌الفقرات

- ‌الفقرة الأولىفي:حكم النذر ومتى يجب الوفاء به

- ‌الفقرة الثانيةفي:النذر فيما لا يطيق

- ‌الفقرة الثالثةفي:حكم مراعاة المكان في النذر

- ‌الفقرة الرابعةفي:قضاء الحي نذر الميت

- ‌الفقرة الخامسةفي:نذر الجاهلية إذا وافق عبادة إسلامية

- ‌الفقرة السادسةفي:متى يكون للنذر حكم اليمين

- ‌الفقرة السابعةفي:نذر صيام يوم النحر

- ‌الفقرة الثامنةفي:نذر المقيم بمكة أو بالمدينة المنورة الصلاة ببيت المقدس

- ‌الفقرة التاسعةفي:موضوعات متعددة

- ‌نقول ومسائل وفوائد

- ‌الفصل السادسفي:اليمين

- ‌عرض إجمالي

- ‌الفقرات

- ‌الفقرة الأولى:في:بعض أقوال العلماء في اليمين

- ‌الفقرة الثانيةفي:بعض ما ورد في القرآن الكريم في اليمين

- ‌الفقرة الثالثةفي:بعض ما ورد في الحلف بغير الله

- ‌الفقرة الرابعةفي:اليمين الغموس

- ‌الفقرة الخامسةفي:أن الاستثناء في اليمين يلغي اليمين

- ‌الفقرة السادسةفيمن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها

- ‌الفقرة السابعةفي:متفرقات في الإيمان

- ‌اليمين على نية المستحلف:

- ‌بعض ما حلف به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حلف:

- ‌هل للحلف مكان

- ‌الترهيب من اقتطاع الحقوق بالإيمان وفي أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر:

- ‌كفارة الأيمان المنعقدة:

- ‌المسائل والفوائد

- ‌خاتمة قسم العقائدمؤمنون لا فلاسفة

الفصل: ‌2 - مشاهد من القرآن الكريم

‌2 - مشاهد من القرآن الكريم

{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا * وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا * وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ * وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ * وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ * قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} (1).

جاءت سورة الواقعة بعد سورة الرحمن وقد ختمت سورة الرحمن بالحديث عن أهل النار وبالجنتين اللتين أعدهما الله للمحسنين ووصفتهما ثم بالحديث عن الجنتين اللتين أعدهما الله لأهل اليمين ووصفتهما، ثم جاءت سورة الواقعة فبدأت بالحديث عن أن الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: أهل يمين وأهل الشمال وسابقون وفصلت فيما أعد الله لكل، وختمت سورة الواقعة بما أعد الله للمقربين، وهم السابقون، وما أعده لأهل اليمين وما أعده لأهل الشمال. فالصورتان تتكاملان في العرض وقد بدأنا بذكر ما ورد في أوائل سورة الواقعة مما أعده الله

(1) الواقعة: 1 - 56.

ص: 1354

عز وجل للسابقين وأهل اليمين وأهل الشمال، ونكتفي بتفسير الكلمات التي تحتاج إلى تفسير:{الْوَاقِعَةُ} : القيامة. {كَاذِبَةٌ} : نفس الكاذبة تنكر وقوعها. {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} : خافضة للأشقياء رافعة للسعداء. {رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} زلزلت. {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ} : فتتت. {هَبَاءً مُنْبَثًّا} : غبار متفرقًا منتشرًا. {أَزْوَاجًا} أصنافاً. {الْمَيْمَنَةِ} : اليمن أو اليمين. {الْمَشْأَمَةِ} الشؤم أو الشمال. {ثُلَّةٌ} : أمة كثيرة من الناس. {سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} منسوجة من الذهب بإحكام. {وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} : مبقون على هيئة الولدان في البهاء. {بِأَكْوَابٍ} : أقداح. {وَأَبَارِيقَ} : أوان لها عرى وخراطيم. {وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} : قدح من خمر جارية من العيون. {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} : لا يصيبهم صداع بشربها. {وَلَا يُنْزِفُونَ} : لا تذهب عقولهم. {وَحُورٌ عِينٌ} : نساء بيض واسعات الأعين حسناتها. {اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} المصون في أصدافه. {لَغْوًا} كلامًا باطلًا لا خير فيه {تَأْثِيمًا} : نسبة إلى الإثم. {سِدْرٍ} : شجر النبق. {مَخْضُودٍ} : مقطوع شوكه {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} شجر الموز أو مثله نضد بالحمل من أسفله إلى أعلاه {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} : دائمًا يتقلص. {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ} : مصبوب يجري في غير أخاديد. {عُرُبًا أَتْرَابًا} متحببات إلى أزواجهن مستويات في السن. {سَمُومٍ} : ريح شديد الحرارة تدخل المسام. {حَمِيمٍ} ماء بالغ الحرارة. {يَحْمُومٍ} دخان شديد السواد. {وَلَا كَرِيمٍ} : لا نافع من أذى الحر. {الْحِنْثِ} : الذنب العظيم- الشرك- {زَقُّومٍ} شجر كريه جدًا في النار {شُرْبَ الْهِيمِ} الإبل العطاش التي لا تروى.

{فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ

ص: 1355

رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُدْهَامَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (1).

هذه الآيات من سورة الرحمن جاءت مباشرة قبل الآيات التي مرت معنا من سورة الواقعة وهي تتحدث عن مضمونها مع تفصيلات هنا أو هناك في الوصف فيما أعده الله لأهل الشمال أو لأهل اليمين أو للسابقين، وقد بدأ الحديث في سورة الواقعة عما أعده الله للسابقين وبدأ الحديث هنا عما أعده الله لأهل النار ثم ثني بالكلام عما أعده الله للمحسنين السابقين بدليل ختم الآيات التي تتحدث عن ذلك بقوله تعالى {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (2) ثم تحدثت عن الجنتين اللتين أعدهما الله لأهل اليمين وهما دون تلك الجنتين، وقوله تعالى {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} (3) هل المراد به الانشقاق الذي يكون يوم القيامة ثم ما يؤول إليه حال الناس بعد الموقف والسؤال والحساب أو المراد به انشقاق آخر يكون في جهة العلو يسبق إدخال أهل النار النار؟ الآية تحتمل هذا وهذا. وقوله تعالى {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} (4) يرجع القول الذي يقول بأنه انشقاق آخر غير الانشقاق الأول، فكأن هذا الانشقاق يكون بعد أن يتم الحساب والميزان وتقوم الحجة على الخلق ولم يبق إلا أن يدخل أهل النار النار وأهل الجنة الجنة، ومما قاله

(1) الرحمن: 27 - 78.

(2)

الرحمن: 60.

(3)

الرحمن: 27.

(4)

الرحمن: 39.

ص: 1356

صاحب كتاب "كلمات القرآن تفسير وبيان" في شرحه الكلمات التي تحتاج إلى شرح في هذا النص ما يلي:

{فَكَانَتْ وَرْدَةً} : كالوردة في الحمرة.

{كَالدِّهَانِ} : كدهن الزيت في الذوبان.

{بِسِيمَاهُمْ} : بسواد الوجوه، وزرقه العيون.

{فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي} : بشعور مقدم الرؤوس.

{حَمِيمٍ آنٍ} : ماء حار تناهي حرة.

{جَنَّتَانِ} : بستان داخل القصر وآخر خارجه.

{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} : أغصان. أو أنواع من الثمار.

{عَيْنَانِ} : التسنين والسلسبيل.

{زَوْجَانِ} : صنفان: معروف وغريب.

{إِسْتَبْرَقٍ} : غليظ الديباج.

{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ} : ما يجني من ثمارها.

{دَانٍ} : قريب من يد المتناول.

{قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} : قصرن أبصارهن على أزواجهن.

{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} : لم يقتضهن قبل أزواجهن.

{وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} : .... أدنى من السابقتين.

{مُدْهَامَّتَانِ} : خضراوان شديدتا الخضرة.

{نَضَّاخَتَانِ} : فوارتان بالماء لا تنقطعان.

ص: 1357

{خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} : خيرات الأخلاق حسان الوجوه.

{حُورٌ} : نساء بيض حسان.

{مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} : مخدرات في بيوت من اللؤلؤ.

{رَفْرَفٍ} : وسائد أو فرش مرتفعة.

{وَعَبْقَرِيٍّ} : بسط ذات خمل رقيق.

{تَبَارَكَ} : تعالى. أو كثر خيره وإحسانه.

{ذِي الْجَلَالِ} : العظمة والاستغناء المطلق.

{وَالْإِكْرَامِ} : الفضل التام والإحسان. أهـ.

{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} (1).

{يُحَلَّوْنَ} : أي يلبسون الحلي في أيديهم من الذهب كما يحلون باللؤلؤ إما مرصع به الذهب في الأيدي أو يحلون فيه أعناقهم، وكلام أهل الجنة هو الكلم الطيب، وهم مهديون هداية كاملة خلقية إلى كل ما يحبه الله ويرضاه فالجنة دار السلام.

{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (2).

{جَنَّاتُ عَدْنٍ} أي جنات إقامة أو هي الجنات التي في وسط الجنة.

والآية تدل على أن أزواج الصالحين وآباءهم وذرياتهم يقربون من منازل من هم أعلى منهم إذا اجتمع للأولين على منزلة ولهؤلاء صلاح وأن الملائكة تدخل على أصحاب الجنة منازلهم مسلمة عليهم مقدمة لهم ما أراد الله من هدايا وتحف وكل ذلك لزيادة الإكرام والإيناس.

(1) الحج: 23، 24.

(2)

الرعد: 23، 24.

ص: 1358

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (1).

{عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} أي يلون أمرها وهم الزبانية، وعدتهم كما ورد في سورة المدثر تسعة عشر وهم غلاظ الأقوال شداد الأفعال أو غلاظ الخلق أقوياء على الأفعال الشديدة، ونهى الكافرين عن الاعتذار لا ينفي وقوع الاعتذار منهم ولكنه تأكيد بأن الاعتذار لا ينفعهم.

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ} (2).

{أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} أي ثمرها دائم لا ينقطع وظلها لا ينسخ كما ينسخ في الدنيا بالشمس والمراد بكلمة {عُقْبَى} المال والمنتهى.

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} (3).

الماء الآسن: الماء الذي تغير طعمه وريحه. وخمر الجنة غير خمر الدنيا. وقوله تعالى عن أهل النار {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} أي بدل تلك الأشربة التي لأهل الجنة يشربون ماء حارًا يقطع أمعاءهم من فرط الحرارة.

{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا * إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا * إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا *

(1) التحريم: 6، 7.

(2)

الرعد: 35.

(3)

محمد: 15.

ص: 1359

إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا} (1).

قال صاحب (كلمات القرآن تفسير وبيان) في شرح المفردات ما يلي:

{هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} : بينا له طريق الهداية والضلال.

{سَلَاسِلَ} : بها يفادون وفي النار يسحبون.

{أَغْلَالًا} : بها تجمع أيديهم إلى أعناقهم ويقيدون.

{كَأْسٍ} : خمر أو زجاجة فيها خمر.

{مِزَاجُهَا} : ما تمزج الكأس به وتخلط.

{عَيْنًا} : ماء عين أو خمر عين.

{يَشْرَبُ بِهَا} : يشرب منها. أو يرتوي بها.

{يُفَجِّرُونَهَا} : يجرونها حيث شاءوا من منازلهم.

{مُسْتَطِيرًا} : فاشيا منتشرًا غاية الانتشار.

{يَوْمًا عَبُوسًا} : تكلح فيه الوجوه لهوله.

{قَمْطَرِيرًا} : شديد العبوس.

(1) الإنسان: 3 - 23.

ص: 1360

{وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً} : أعطاهم حسنا وبهجة في الوجوه.

{الْأَرَائِكِ} : السرر في الحجال. والحجال: جمع حجلة متحركة بيت يزين بالقباب والأسرة والستور.

{زَمْهَرِيرًا} : بردا شديدًا.

{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} : قريبة منهم ظلال أشجارها.

{وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا} : قربت ثمارها لتناولها.

{وَأَكْوَابٍ} : أقداح بلا عري وخراطيم.

{قَوَارِيرَ} : كالزجاجات في الصفاء.

{قَدَّرُوهَا} : جعلوا شرابها على قدر الري.

{كَأْسًا} : خمرًا أو زجاجة فيها خمر.

{مِزَاجُهَا} : ما تمزج به وتخلط.

{تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} : يوصف شرابها بالسلاسة في الانسياغ.

{وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} : مبقون على هيئة الولدان في البهاء.

{لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} : كاللؤلؤ المفرق في الحسن والصفاء.

{ثِيَابُ سُنْدُسٍ} : ثياب من ديباج رقيق". أهـ.

{إِسْتَبْرَقٍ} : الديباج الغليظ. والكافور والزنجبيل معروفان وهما في الآخرة غيرهما في الدنيا في الطعم واللذة.

{أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ

ص: 1361

النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} (1).

(النزل): الضيافة، فأهل الجنة ضيوف الله ولكنها ضيافة أبدية وإذا طالب الله العبد أن يكرم ضيفه فكيف تكون ضيافة الله لأهل ضيافته من الإكرام والكرامة مما يزداد إلى ما لا نهاية.

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} (2).

{أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} مما يستقذر من المرأة في الدنيا خلقًا أو خلقًا. (الظل الظليل) الظل الدائم الذي لا ينسخه شيء.

{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} (3).

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ} (4).

{تُحْبَرُونَ} تسرون سرورًا ظاهر الأثر.

{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا} (5).

{مُتَشَابِهًا} : أي مع مثله في الدنيا في الصورة مختلفاً في الطعم والمقدار.

(1) السجدة: 19، 20.

(2)

النساء: 57.

(3)

الحديد: 21.

(4)

الزخرف: 66 - 73.

(5)

البقرة: 25.

ص: 1362

{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (1).

قال صاحب "كلمات القرآن تفسير وبيان" في شرح المفردات ما يلي:

{كِتَابَ الْأَبْرَارِ} : ما يكتب من أعمالهم.

{لَفِي عِلِّيِّينَ} : لمثبت في ديوان الخير.

{الْأَرَائِكِ} : الأسرة في الحجال. والحجال: جمع حجلة- محركة- يتزين بالقباب والأسرة والستور.

{نَضْرَةَ النَّعِيمِ} : بهجته ورونقه وبهاءه.

{رَحِيقٍ} : أجود الخمر وأصفاه.

{مَخْتُومٍ} : إناؤه حتى يفكه الأبرار.

{خِتَامُهُ مِسْكٌ} : ختام إنائه المسك بدل الطين.

{فَلْيَتَنَافَسِ} : فليتسارع أو فليستبق.

{وَمِزَاجُهُ} : ما يمزج به ويخلط.

{تَسْنِيمٍ} : عين عالية شرابها أشرف.

{يَشْرَبُ} : يشرب منها.

(1) المصطفين: 18 - 36.

ص: 1363

{يَتَغَامَزُونَ} : يشيرون إليهم بالأعين استهزاء.

{فَكِهِينَ} : متلذذين باستخفافهم بالمؤمنين.

{هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ} : جوزوا بسخريتهم بالمؤمنين أهـ.

{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (1).

{وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} أي مشهود فيه أهل السموات والأرضين، أي كثير شاهدوه، فالجن والإنس والملائكة ممن يشهدونه. {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ}: أي بإذن الله تعالى وهذا في موقف. وقوله تعالى {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} (2) في موقف آخر. والاستثناء في قوله تعالى {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} إشارة إلى أن الخلود الحالي للسموات والأرض خلود نسبي ينقطع بيوم القيامة أما خلود الجنة والنار فخلود لا ينقطع بما حدث بمشيئة الله بقيام القيامة. (الزفير) إخراج النفس والشهيق رده بصورتين منكرتين {غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي غير مقطوع. وقد {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} الوارد في أهل الجنة والنار توجيها آخر فقال في كتابه: "كبري اليقينيات الكونية" عند هذه الآية: إن الاستثناء إنما هو من قوله: {شَقُوا} و {سُعِدُوا} أي: جميع الأشقياء خالدون في النار إلا من شاء الله منهم ألا يخلد فيها، وهم العصاة من أهل الإيمان والتوحيد، كما دلت على ذلك الأدلة الكثيرة الأخرى. وجميع أهل السعادة خالدون في الجنة إلا ما شاء الله منهم أن يعذب في النار إلى أمد قبل ذلك، وهو أولئك الذين غمرت حياتهم بالمعاصي والأوزار من المؤمنين، ولم تكتب

(1) هود: 102 - 108.

(2)

المرسلات: 25، 36.

ص: 1364

لهم الشفاعة أولاً. وإنما لم يأت الاستثناء بصيغة إلا من شاء الله، لأن المراد من المستثنى منه العدد المجرد، وذلك كقوله تعالى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} فقد عبر عن النساء "بما" لملاحظة العدد". أهـ.

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (1).

كما يزوج أهل الجنة من الحور العين فإن لهم زوجاتهم من أهل الدنيا، فليس في الجنة أعزب ولا عزباء والمزوجات من أهل الدنيا يكن أجمل في أعين أزواجهن من الحور العين على جمالهن.

{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (2).

هناك ناس يريدون العلو لأنفسهم- لا في سبيل الله- ولا يريدون فسادا، وهناك ناس يريدون الفساد مع العلو وهناك ناس يريدون الفساد بلا علو، والذين ينالون رضوان الله هم الذين لا يريدون علوا ولا فسادا وإنما يريدون العلو لكلمة الله بأنفسهم أو بغيرهم مع الإخلاص لله تعالى ومع البعد عن الفساد والإفساد.

{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (3).

{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ

(1) الدخان: 51 - 57.

(2)

القصص: 83.

(3)

الحاقة: 19 - 24.

ص: 1365

وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (1).

{زُمَرًا} جمع زمرة والمراد بها الجماعة، وإنما يساقون إلى الجنة زمرًا للإسراع بهم ولأن أهل الجنة يتفاوتون في الدرجات فأهل كل درجة يساقون مع بعضهم وقول الملائكة:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} أي لا يعتريكم بعد مكروه. {طِبْتُمْ} أي حلهرتم من دنس المعاصي وهذا يدل على أن أهل الجنة لا يدخلونها إلا بعد أن ينقبوا تنقية كاملة ظاهرًا وباطنًا، ومن آثامهم وظلمهم. {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ} ذهب بعضهم إلى أن المراد بالأرض هنا أرض الجنة وحملها بعضهم على التبدل الذي يطرأ على الأرض فتكون به خبرة يأكلها أهل الجنة فتكون لهم وراثة الأرض خالصة لا منازع.

{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2).

{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ} أي أيها الداخل إلى الجنة {حَافِّينَ} أي محدقين {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} أي بين الخلق بإدخال بعضهم الجنة وبعضهم النار والضمير في {وَقِيلَ} يعود على الملائكة أو على أهل الجنة.

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (3).

{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (4).

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (5).

(1) الزمر: 73، 74.

(2)

الزمر: 75.

(3)

العنكبوت: 58.

(4)

الزمر: 20.

(5)

الذاريات: 15 - 19.

ص: 1366

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1).

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (2).

{الْحُسْنَى} أي الجنة {وَزِيَادَةٌ} أي النظر إلى وجه الله الكريم {وَلَا يَرْهَقُ} أي ولا يغشى. {قَتَرٌ} غبرة فيها سواد.

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} (3).

نزع الغل من قلوب المؤمنين يكون قبل إدخالهم الجنة.

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا * رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا * يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا * ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا * إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} (4).

(المفاز): فوز وظفر بكل محبوب. (الكواعب): هن نساء الجنة وهن النسوة اللواتي لهن تهود مستديرة بأجمل ما يكون من الأحجام. (الأتراب): المتساويات في السن.

{الرُّوحُ} : إما جبريل وإما الملك الموكل بالأرواح أو خلق عظيم أعظم من الملائكة وإذا كانت الملائكة والروح على جلالة قدرهم يقفون مصطفين ولا يتكلمون إلا بعد إذن وبشرط أن يكون الكلام صوابًا فهذا يدل على جلالة الموقف وقوة الانضباط فيه. {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} : قيل في تفسيرها إن ذلك يقوله الكافر بعد أن

(1) يونس: 9، 10.

(2)

يونس: 26.

(3)

الحجر: 45 - 48.

(4)

النبأ: 31 - 40.

ص: 1367

يرى أن الحيوانات أصبحت ترابًا بأمرا الله بعد أن يقتص من بعضها لبعض فيتمنى أن لو كان ماله كذلك وقيل غير ذلك.

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ * وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} (1).

{عِينٍ} جمع عيناء وهي ذات العين الواسعة الجميلة. {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} أي في دخلوا الجنة بشرط وجود الإيمان وهذا يدل على أن صلاح الآباء ينفع الأبناء إذا كانوا مؤمنين. {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ} أي وما أنقصناهم. {رَهِينٌ} أي مرهون عند الله فلا يكفه إلا إيمانه وعمله الصالح. {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا} يتجاذبون. {كَأْسًا} خمراً. {لَا لَغْوٌ فِيهَا} لا كلام ساقط. {وَلَا تَأْثِيمٌ} ولا فعل يوجب الإثم على خلاف خمر الدنيا التي يرافقها اللغو والإثم. {اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} المصون. {عَذَابَ السَّمُومِ} نار جهنم النافذة من المسام.

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} (2).

(النمارق المصفوفة): الوسائد والمرافق يتكأ عليها موضوع بعضها إلى جنب بعض.

(الزرابي المبثوثة): البسط الفاخرة المفرقة في المجالس.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا * أُولَئِكَ لَهُمْ

(1) الطور: 17 - 28.

(2)

الغاشية: 8 - 16.

ص: 1368

جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} (1).

{الْأَرَائِكِ} جمع أريكة وهي ما يتكأ عليه ويراد به هنا- والله أعلم- السرر التي عليها الأرائك.

{وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ * إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} (2).

{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} أي ما له من انقطاع وفناء.

{جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} (3).

{وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} : فسرها بعضهم بأن المراد بذلك الديمومة فلا صباح ومساء في الجنة، وفسرها بعضهم بأن ذلك جرى على عادة أهل الرفاه في الدنيا وذلك عدا ما يشتهونه فهو موفر لهم في كل حال.

{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} (4).

{الْحَزَنَ} : كل ما يحزن ويغم. (النصب): التعب والمشقة. (اللغوب): الإعياء من التعب والفتور.

{قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا * لَهُمْ فِيهَا مَا

(1) الكهف: 20 - 21.

(2)

ص: 49 - 54.

(3)

مريم: 61 - 63.

(4)

فاطر: 33، 35.

ص: 1369

مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا} (1).

{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} (2).

{شُغُلٍ} : نعيم عظيم يلهيهم عما سواه. {فَاكِهُونَ} متلذذون أو فرحون. {مَا يَدَّعُونَ} أي ما يتمنون أو يطلبون. وقال البيذاوي عند قوله تعالى: {فِي شُغُلٍ: أنه أبهم (الشغل) تعظيمًا لما هم فيه من البهجة والتلذذ وتنبيها على أنه أعلى ما يحيط الأفهام ويعرب عن كنهه الكلام أهـ.

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} (3).

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (4).

{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) (5).

{وَيْلٌ} : عذاب أو هلاك أو واد في جهنم.

{هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} : طعان غياب غياب الناس.

{وَعَدَّدَهُ} : أحصاه. أوعده للنوائب.

{أَخْلَدَهُ} : يخلده في الدنيا.

(1) الفرقان: 15 - 16.

(2)

يس: 55 - 57.

(3)

المرسلات: 41 - 45.

(4)

المائدة: 36 - 37.

(5)

الهمزة: 1 - 9.

ص: 1370

{لَيُنْبَذَنَّ} : ليطرحن.

{الْحُطَمَةِ} : جهنم. لحطمها كل ما يلقي فيها.

{تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} : تغشى حرارتها أوساط القلوب.

{مُؤْصَدَةٌ} : مطبقة مغلقة أبوابها.

{فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} : بأعمدة ممدودة على أبوابها.

وهذا وصف يؤكد أن جهنم سجن ولكنه ليس كسجون الدنيا.

{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} (1).

{تَبَّتْ} : هلكت أو خسرت أو خابت.

{وَتَبَّ} : وقد هلك أو خسر أو خاب.

{مَا أَغْنَى عَنْهُ} : ما دفع التباب عنه.

{وَمَا كَسَبَ} : الذي كسبه بنفسه.

{سَيَصْلَى نَارًا} : سيدخلها أو يقاسي حرها.

{فِي جِيدِهَا} : في عنقها.

{مِنْ مَسَدٍ} : مما يفتل قويًا من الحبال.

قال البيضاوي {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} أي حبل من نار أهـ.

أقول: والذين فسروه بأنه حبل من ليف أخذوه على معناه في الدنيا ولا غرابة فالنار فيها شجر الزقوم فحال الآخرة غير حال الدنيا فإذا احترق الشجر والليف في نار الدنيا فإن لنار الآخرة خصائصها، وعلى كل الأحوال فإن النص يفيد الإذلال والمهانة على ما كانت

(1) المسد: 1 - 5.

ص: 1371

تفعله في الدنيا.

{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} (1).

{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} : هذان فوجان اختصموا في اله: وهم المؤمنون والكافرون وقد ذكر الله عز وجل ما أعد للكافرين الذين يخاصمون المؤمنين في الله فقد قدرت لهم على مقادير جثثهم ثياب من النار تحيط بهم إحاطة الثياب، وهل المراد بذلك أن النار التي تحيط بهم هي الثياب أو أن لهم ثيابًا من نار زيادة على نار جهنم؟ النص يحتمل هذا وهذا. والحميم الماء الحار. {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} سياط من حديد يجلدون بها.

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (2).

أي في الطبقة التي في قعر جهنم لأنهم أخبث الكفرة فقد ضموا إلى الكفر استهزاء بالله وخداعًا للمسلمين.

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} (3).

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} العفائف {الْغَافِلَاتِ} عما قذفن به المؤمنات بالله ورسوله، إن الذين يرمون هؤلاء أي يقذفونهن بالزنا. وقد قيل إن الوعيد المذكور في النص في حق المنافقين الذين قذفوا عائشة رضي الله عنها وقيل إنه في كل قاذف ما لم يتب وتقبل توبته ويعف أصحاب الحقوق عن حقوقهم وما أشد هذا الوعيد في حق كل من يقذف أعراض المؤمنين والمؤمنات.

(1) الحج: 19 - 32.

(2)

النساء: 145.

(3)

النور: 23 - 25.

ص: 1372

{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (1).

{وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} أي يسحبون بها في النار.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} (2).

أي يعاد ذلك الجلد بعينه على صورة أخرى أو يزال عنه أثر الإحراق ليعود إحساسه للعذاب كما قال {لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} أي ليدوم لهم ذوقه وقيل يخلق مكانه جلدًا آخر والعذاب في الحقيقة للنفس العاصية.

أقول: من أقوال علماء التشريح في عصرنا أن أشد أنواع الأعصاب حساسية بالألم هي أعصاب الجلود، فالآية فيها معجزة علمية من معجزات القرآن.

{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (3).

دل النص على أن أهل النار يأكلون ويتمتعون في الدنيا وهم غافلون عن الله، وما كلفهم به، وبذلك استحقوا ما استحقوه من العذاب.

{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (4).

هذا الوعيد لمن لا يؤدى حق الله في ماله فإنه يعذب به في نار جهنم، وهناك العذاب في الموقف بوطء الأنعام لمن لم يؤد زكاتها في الدنيا كما ورد في حديث سنورده في جزء الزكاة.

(1) الرعد: 5.

(2)

النساء: 56.

(3)

المرسلات: 46 - 50.

(4)

التوبة: 24 - 35.

ص: 1373

{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ * وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} (1).

{لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} لا يخفف عنهم. {مُبْلِسُونَ} آيسون من النجاة. و {مَالِكِ} هو خازن النار ورئيس الزبانية وقولهم {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} أي ليتنا فيكون الجواب {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} أي مقيمون أبدًا لا خلاص بموت أو غيره وهذا من أعظم الأدلة على كفر القائلين بفناء النار.

{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (2).

ورد في حديث صحيح أن الذي لا يؤدي زكاة ماله يطوقه الله عز وجل يوم القيامة بثعبان يطوق عنقه يأخذ بشدقيه وسيمر معنا الحديث في جزء الزكاة، وهذا يدل على أن من بخل بزكاة الأموال من ذهب وفضة وأمثالهما له عذابه في الحشر، وإذا دخل النار كان له عذاب خاص بسبب ما كنز مما لم يؤد زكاته.

{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} (3).

{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4).

{يَشْتَرُونَ} يستبدلون. {بِعَهْدِ اللَّهِ} أي بما عاهدوه عليه. {وَأَيْمَانِهِمْ} أي بما أقسموا أنه لو جاءهم الرسول الحق لأمنوا به ولنصروه. {لَا خَلَاقَ} لا نصيب لهم من رحمة الله في الآخرة. {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} أي: بما يسرهم أو لا يكلمهم أصلًا سخطًا منه عليهم لما

(1) الزخرف: 74 - 77.

(2)

آل عمران: 180.

(3)

الأحزاب: 66 - 68.

(4)

آل عمران: 77.

ص: 1374

قامت عليهم من الحجج ثم أصروا على الكفر. {وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} نظرة رحمة. {وَلَا يُزَكِّيهِمْ} أي ولا يثني عليهم جزاء على فعلهم في الدنيا إذ أنهم من حبهم للثناء في الدنيا عرفوا الحق وتركوه إرضاء للناس. وعلى القول بأنه لا يكلمهم أصلًا فإن ذلك محمول على بعض مواقف يوم القيامة.

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1).

كما أن من كفر أصلا له من العذاب ما ذكر في ما قبل هذا النص فإن من يكتم ما أنزل الله وهو قادر على إظهاره فإن له هذا العذاب الذي ذكرته الآية، وكذلك من يسأل عن علم يفترض عليه تعليمه فيكتمه يلجم يوم القيامة بلجام من نار، وقوله تعالى {مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ} فسرها البيضاوي بقوله:{مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ} : إما في الحال لأنهم أكلوا ما يتلبس بالنار لكونها عقوبة عليه، أو في المال أي لا يأكلون يوم القيامة إلا النار في بطونهم ملء بطونهم أهـ.

{كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2).

هناك ناس يرتدون ولا أمل في رجوعهم إلى الإسلام لأنهم ارتدوا بعد قيام الحجة كاملة عليهم، فهؤلاء ينفي الله أن يكونوا محل هدايته مرة أخرى وهؤلاء يستأهلون اللعنة من الله والملائكة والمؤمنين ومن الناس أجمعين في الدنيا وفي الآخرة، وهناك ناس يرتدون ثم يرجعون فيتوبون ويصلحون فهؤلاء يعدهم الله عز وجل مغفرة منه ورحمة.

{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي

(1) البقرة: 174.

(2)

آل عمران: 86 - 89.

ص: 1375

كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} (1).

{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} : أي أنهم لا يرون الله عز وجل لا في عرصات القيامة ولا بعد دخولهم النار فهم محرومون من هذه الرؤية على خلاف المؤمنين الذين يرون ربهم في عرصات القيامة ويرونه بعد أن يدخلون الجنة.

{فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (2).

{وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ * يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا * فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ * يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (3).

{وَالطُّورِ} قسم بجبل طور سيناء الذي كلم الله عنده موسى. {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} مكتوب على وجه الانتظام والمراد به القرآن أو اللوح المحفوظ {فِي رَقٍّ} ما يكتب فيه جلدًا أو غيره {مَنْشُورٍ} مبسوط غير مختوم عليه وقد استعير للكتاب المراد في الآية السابقة {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} إما كعبة الأرض وإما كعبة السماء وهي في السماء الرابعة والمراد يوم القيامة {إِنَّ عَذَابَ} جواب القسم بما سبق {تَمُورُ السَّمَاءُ} تضطرب وتدور كالرحى وذلك بين يدي طيها كطي السجل {فَوَيْلٌ} هلاك أو حسرة أو شدة عذاب {خَوْضٍ} اندفاع في الأباطيل والأكاذيب {يُدَعُّونَ} يدفعون بعنف وشدة {اصْلَوْهَا} ادخلوها أو قاسوا حرها.

{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلطَّاغِينَ مَآبًا * لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا * جَزَاءً وِفَاقًا * إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا * وَكَذَّبُوا

(1) المطففين: 15 - 17.

(2)

البقرة: 24.

(3)

الطور: 1 - 16.

ص: 1376

بِآيَاتِنَا كِذَّابًا * وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا * فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} (1).

قال صاحب "كلمات القرآن تفسير وبيان" في شرح المفردات ما يلي:

{كَانَتْ مِرْصَادًا} : موضع ترصد وترقب للكافرين.

{لِلطَّاغِينَ مَآبًا} : مرجعا ومأوى لهم.

{أَحْقَابًا} : دهورًا متتابعة لا نهاية لها.

{بَرْدًا} : نومًا أو روحًا من حر النار.

{حَمِيمًا} : ماء بالغًا نهاية الحرارة.

{وَغَسَّاقًا} : صديدًا يسيل من جلودهم.

{جَزَاءً وِفَاقًا} : جزيناهم جزاء موافقًا لأعمالهم.

{كِذَّابًا} : تكذيبًا شديدًا.

{أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا} : حفظناه وضبطناه مكتوبًا إما في اللوح المحفوظ أو في صحف الحفظة من الملائكة أو في الكتاب الذي ينسخ عن صحف الملائكة وقد كفر قوم بفهمهم من قوله تعالى {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} إذ وهموا فظنوا أن النار تفنى في النهاية وهو خلاف الإجماع والنصوص المحكمة القطعية، والمراد {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} فهناك أحقاب يكون هذا عذابهم ثم تأتي أحقاب أخرى فيجمع إلى هذا العذاب عذاب آخر قال تعالى {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} أو أن المراد أنه كلما انتهى حقب جاء حقب آخر إلى ما لا نهاية.

{وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} (2).

{حَصِيرًا} أي سجنًا يحصرون فيه وبعضهم فسرها بأن المراد فيها أنها فراش ومهاد لهم وهذا لا ينفي كونها سجنًا لقوله تعالى {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} .

(1) النبأ: 21 - 30.

(2)

الإسراء: 8.

ص: 1377

{وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (1).

قوله تعالى {وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} أي تغشاهم {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} أي لفرط سوادها وظلمتها والسواد يصيب الكافرين في الحشر وفي النار وهو في النار أشد.

{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} (2).

قال البيضاوي: لها سبعة أبواب: يدخلون فيها لكثرتهم أو طبقات ينلونها بحسب مراتبهم في المتابعة وهي جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية، {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ} من الأتباع {جُزْءٌ مَقْسُومٌ} أفرز له، فأعلاها للموحدين العصاة والثاني لليهود والثالث للنصارى والرابع للصابئين والخامس والسادس للمشركين والسابع للمنافقين. أهـ.

أقول: هذا اتجاه للعلماء فهموه استقراء وأما الجنة فلها ثمانية أبواب كما ورد في نصوص كثيرة.

{أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ: ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} (3).

من عادة الناس في الدنيا أنهم يحمون وجوهم بأيديهم أما في النار فإنهم يحمون أنفسهم بوجوهم، قال البيضاوي {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ} أي يجعله درقة يقي به نفسه لأنه يكون مغلولاً يداه إلى عنقه فلا يقدر أن يتقي إلا بوجهه) أهـ.

{يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ * يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ

(1) يونس: 27.

(2)

الحجر: 42 - 44.

(3)

الزمر: 24.

ص: 1378

فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (1).

{لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} أي ستحيط بهم يوم يأتيهم العذاب أو هي كالمحيطة بهم الآن لإحاطة الكفر والمعاصي التي توجبها. {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} أي من جميع جوانبهم {وَيَقُولُ} أي الله أو الملائكة بأمر الله {ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي جزاءه.

{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (2).

{وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ * وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ * وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ} (3).

{فَزِعُوا} خافوا عند الموت أو البعث. {فَلَا فَوْتَ} فلا مهرب ولا نجاة من العذاب. {مَكَانٍ قَرِيبٍ} موقف الحساب. {التَّنَاوُشُ} تناول الإيمان والتوبة. {مَكَانٍ بَعِيدٍ} هو الآخرة. {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ} يرجمون بالظنون. {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} يمكن أن يراد أن مما يعذبون به أن يحال بينهم وبين شواتهم ويمكن أن يراد به أنهم يشتهون الإيمان والعمل الصالح لينجوا بذلك من النار وقد حيل بينهم وبينه لأن محل ذلك الدنيا. {بِأَشْيَاعِهِمْ} بأمثالهم من الكفار. {مُرِيبٍ} موقع في الريبة والقلق.

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} (4).

(1) العنكبوت: 54 - 55.

(2)

الزمر: 71 - 72.

(3)

سبأ: 51 - 54.

(4)

الغاشية: 1 - 7.

ص: 1379

قال صاحب "كلمات القرآن تفسير وبيان" في شرح المفردات ما يلي:

{الْغَاشِيَةِ} : القيامة تغشى الناس بأهوالها.

{خَاشِعَةٌ} : ذليلة خاضعة من الخزي.

{عَامِلَةٌ} : تجر السلاسل والأغلال في النار.

{نَاصِبَةٌ} : تعبة مما تلاقيه فيها من العذاب.

{تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} : تدخل أو تقاسي نارًا تناهي حرها.

{عَيْنٍ آنِيَةٍ} : بلغت أناها (غايتها) في الحرارة.

{ضَرِيعٍ} : شيء في النار، كالشوك مر منتن.

{وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} : لا يدفع عنهم جوعا أهـ.

{قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ} (1).

{الْخَاسِرِينَ} الكاملين في الخسران. {خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} بالضلال وأهليهم بالإضلال. {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ} أي أطباق من النار. {وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} سمى ما تحتهم لأنه أطباق بالنسبة لمن تحتهم.

{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ * يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ * إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} (2).

{يَوْمَ الْفَصْلِ} يوم القيامة والحساب. {شَجَرَتَ الزَّقُّومِ} من أخبث الشجر تنبت

(1) الزمر: 15 - 16.

(2)

الدخان: 40 - 50.

ص: 1380

في النار، قال عنها ربنا:{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} (1).: {كَالْمُهْلِ} كالمعدن المذاب. {فَاعْتِلُوهُ} فجروه بعنف وقهر. {سَوَاءِ الْجَحِيمِ} وسط النار. {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} يدل على أن لأئمة الكفر عذابًا أشد من عذاب غيرهم فمقرهم وسط الجحيم {بِهِ تَمْتَرُونَ} تجادلون وتمارون.

{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} (2).

فسر بعضهم السرادق هنا بما يحيط بالبيت، وفسرها بعضهم بالجدار وقد وردت نصوص في كثافة وعرض جدران النار ستمر معنا. {كَالْمُهْلِ} كالمعدن المذاب. {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} ساءت مكانًا يقر فيه الإنسان ويسكنه وكأنه محل ارتفاقه وهذا شأ، هـ في الهول والعذاب.

{وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} (3).

{وَاسْتَفْتَحُوا} أي استنصر الرسل بالله على الظالمين. {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ} خسر وهلك كل متعاظم متكبر. {عَنِيدٍ} معاند للحق بجانب له. {مِنْ وَرَائِهِ} أي أمامه أو من وراء حياته. {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} أي ما يسيل من جلود أهل النار. {يَتَجَرَّعُهُ} يتكلف بلعه لحرارته ومرارته. {وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} أي لا يكاد يبتلعه لشدة كراهيته ونتنه. {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} أي أمامه في كل وقت يستقبل عذابًا أشد مما هو فيه وقيل هو الخلود في النار.

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا

(1) الصافات: 64 - 67.

(2)

الكهف: 29.

(3)

إبراهيم: 15 - 17.

ص: 1381

نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} (1).

{وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} رد على من كفر بقوله إن عذاب أهل النار ينقلب عليهم عذوبة فيتلذذون به وهذا من الكفر الذي اشتهر وانتشر في بعض الدوائر.

{بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا * إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} (2).

{إِذَا رَأَتْهُمْ} أي إذا كانت بمرأى منهم وكانوا على مرأى منها. {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} وهو أقصى ما يمكن أن ترى منه. {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} سمعوا لها- على بعد المكان- تغيظًا وزفيرًا أي صوت تغيظ، شبه صوت غليانها بصوت المغتاظ وزفيره وهو صوت يسمع من جوفه. {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا} أي في مكان. {ضَيِّقًا} وذلك لزيادة عذابهم فكلما ضاق المكان على الإنسان كان ذلك أشد في عذابه. {دَعَوْا هُنَالِكَ} ينادون في ذلك المكان. {ثُبُورًا} الثبور الهلاك، أي يطلبون الهلاك ولا يجدونه.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} (3).

{أَنَّى يُصْرَفُونَ} : كيف يصرفون عن الآيات مع صدقها ووضوحها. {الْأَغْلَالُ} القيود، تجمع الأيدي إلى الأعناق، ومع الأغلال فإن هناك سلاسل يلفون بها ويسحبون بها زيادة في الإهانة والعذاب. {الْحَمِيمِ} الماء البالغ نهاية الحرارة. {يُسْجَرُونَ} أي يحرقون فتزداد النار بهم إيقاداً. قال تعالى:{وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} .

ونختم هذه المشاهد بذكر وصف الكافرين في الدنيا ومواقفهم من الحق فاستحقوا بذلك

(1) فاطر: 36 - 37.

(2)

الفرقان: 11 - 14.

(3)

غافر: 69 - 72.

ص: 1382

{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} (1).

{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ} أي قوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (2). {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} أي غير مرئية حيث لا تغني عنهم الآيات والنذر {فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ} أي الأغلال واصلة إلى أذقانهم فلا تخليهم يطأطئون رؤوسهم. {فَهُمْ مُقْمَحُونَ} أي رافعون رؤوسهم غاضون أبصارهم في أنهم لا يلتفتون إلى الحق ولا يعطفون أعناقهم نحوه ولا يطأطئون رؤوسهم له. {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} أي أحاط بهم سدان من أمامهم ومن خلفهم فإن نظروا أمامهم لا يبصرون وإن نظروا خلفهم لا يبصرون وإن نظروا إلى المستقبل لا يبصرون وإن نظروا إلى ماضيهم لا يعتبرون وإن نظروا إلى ماضي الأمم لا يعتبرون. {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} أي ألبسنا أبصارهم وبصائرهم غشاوة- فأحمد الله يا أخي على أن كنت من أهل الإسلام ولم تكن من هؤلاء الذين تراهم واقعًا يتحرك.

(1) يس: 7 - 9.

(2)

هود: 119.

ص: 1383