المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - نصوص حديثية - الأساس في السنة وفقهها - العقائد الإسلامية - جـ ٣

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الفقرة العشرونفي:صفة المسيح ابن مريم عليه السلام ونزوله

- ‌مقدمة

- ‌نصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌جدول ما ثبت بالقرآن والسنة من أمارات المسيح عيسى عليه السلام

- ‌بعض ما ورد من أحوال أمه عليهما السلام

- ‌محل ولادته عليه السلام وكيفية ذلك

- ‌أحوال مريم بعد ولادته عليه السلام

- ‌وجاهة عيسى عليه السلام

- ‌خصائص عيسى المسيح عليه السلام

- ‌حليته عليه السلام وقت نزوله

- ‌بعض أحواله عليه السلام وقت نزوله

- ‌محل نزوله عليه السلام ووقت نزوله

- ‌أحوال الحاضرين في المسجد وقت نزوله عليه السلام

- ‌بعض أحواله بعد نزوله عليه السلام

- ‌المشروعات التي يقوم بها بعد نزوله عليه السلام

- ‌البركات الظاهرة والباطنة في زمنه عليه السلام

- ‌أحوال العرب في ذلك الزمان

- ‌وفاته عليه السلام وبعض الأحوال قبل وفاته

- ‌أحوال المسلمين بعد وفاته عليه السلام

- ‌الفقرة الحادية والعشرونفي:يأجوج ومأجوج

- ‌مقدمة

- ‌القبائل المنغولية واليواشية:

- ‌منغوليا، مهد الشعوب القديمة:

- ‌نصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانية والعشرونفيلا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الثالثة والعشرونفي:نار عدن

- ‌مقدمة

- ‌النصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الوصل الثانيفيالموت والحياة البرزخية

- ‌المقدمة

- ‌بعض النصوص القرآنية

- ‌النصوص الحديثية

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الوصل الثالثفيالساعة وما يأتي بعدها

- ‌المقدمة

- ‌الفقرات

- ‌الفقرة الأولىعرض إجمالي

- ‌الفقرة الثانيةفي:النفختين وفي: يوم القيامة

- ‌1 - النصوص القرآنية

- ‌2 - النصوص الحديثية

- ‌3 - بعض ما يكون بالنفخة الأولى

- ‌4 - بعض ما يكون بالنفخة الثانية

- ‌الفقرة الثالثةفيالحشر

- ‌1 - النصوص القرآنية

- ‌2 - نصوص حديثية

- ‌الفقرة الرابعةفي:مشاهد من القرآن الكريم فيما يجري فياليوم الآخر من حوار

- ‌الفقرة الخامسةفي:أحاديث تصف بعض ما في الموقف وما بعده

- ‌تعليق وتأكيد:

- ‌الفقرة السادسةفيالحوض

- ‌النصوص

- ‌فوائد

- ‌الفقرة السابعةفي:الحساب والميزانعرض إجمالي

- ‌النصوص

- ‌الفقرة الثامنةفي:الصراطعرض إجمالي

- ‌النصوص

- ‌الفقرة التاسعةفي:الشفاعات

- ‌النصوص

- ‌الفقرة العاشرةفي:الجنة والنار:

- ‌1 - المقدمة

- ‌2 - مشاهد من القرآن الكريم

- ‌2 - نصوص حديثيه في النار

- ‌4 - نصوص حديثيةفي ما وصف به أهل الجنة وبعض نعيم أهلها

- ‌5 - في بعض ما ورد في آخر أهل النار خروجًا منه

- ‌6 - رؤية الله تعالى في الآخرة

- ‌مقدمة

- ‌النصوص

- ‌7 - في ذبح الموت

- ‌8 - في متفرقاتفي الجنة والنار وبعض صفات أهلهماوبعض ما يحصل لأهل كل منهما

- ‌9 - الجنة والنار مخلوقتان موجودتان

- ‌الفقرة الحادية عشر{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ}

- ‌خاتمة الباب الثاني

- ‌الباب الثالثفي:مباحث عقدية

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولفي:بعض المشوشات الزائفة على النبوةالسحر والكهانة والتنجيم

- ‌المقدمة

- ‌نُقولفي:السحر والكهانة والتنجيم

- ‌نصوصفي:السحر والكهانة والتنجيم

- ‌الفصل الثانيفي:نسبة الحادثات إلى الأسبابمقطوعة عن الله عز وجل

- ‌مقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الثالثفي:الطيرة والفأل والشؤم والعدوىوما يجري مجراها

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الرابعفي:العين والتمائم والرقي

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌1 - في: العين

- ‌2 - في: التمائم

- ‌3 - في: الرقى

- ‌الفصل الخامسفيالنذر

- ‌عرض إجمالي

- ‌الفقرات

- ‌الفقرة الأولىفي:حكم النذر ومتى يجب الوفاء به

- ‌الفقرة الثانيةفي:النذر فيما لا يطيق

- ‌الفقرة الثالثةفي:حكم مراعاة المكان في النذر

- ‌الفقرة الرابعةفي:قضاء الحي نذر الميت

- ‌الفقرة الخامسةفي:نذر الجاهلية إذا وافق عبادة إسلامية

- ‌الفقرة السادسةفي:متى يكون للنذر حكم اليمين

- ‌الفقرة السابعةفي:نذر صيام يوم النحر

- ‌الفقرة الثامنةفي:نذر المقيم بمكة أو بالمدينة المنورة الصلاة ببيت المقدس

- ‌الفقرة التاسعةفي:موضوعات متعددة

- ‌نقول ومسائل وفوائد

- ‌الفصل السادسفي:اليمين

- ‌عرض إجمالي

- ‌الفقرات

- ‌الفقرة الأولى:في:بعض أقوال العلماء في اليمين

- ‌الفقرة الثانيةفي:بعض ما ورد في القرآن الكريم في اليمين

- ‌الفقرة الثالثةفي:بعض ما ورد في الحلف بغير الله

- ‌الفقرة الرابعةفي:اليمين الغموس

- ‌الفقرة الخامسةفي:أن الاستثناء في اليمين يلغي اليمين

- ‌الفقرة السادسةفيمن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها

- ‌الفقرة السابعةفي:متفرقات في الإيمان

- ‌اليمين على نية المستحلف:

- ‌بعض ما حلف به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حلف:

- ‌هل للحلف مكان

- ‌الترهيب من اقتطاع الحقوق بالإيمان وفي أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر:

- ‌كفارة الأيمان المنعقدة:

- ‌المسائل والفوائد

- ‌خاتمة قسم العقائدمؤمنون لا فلاسفة

الفصل: ‌2 - نصوص حديثية

‌2 - نصوص حديثية

1180 -

* روى البخاري ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار، تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسى معهم حيث أمسوا".

أقول: هذه النار التي تحشر الناس إلى الموقف غير النار التي مر ذكرها معنا على أنها آخر أشراط الساعة فتلك تكون قبل قيام الساعة.

1181 -

* روى الترمذي عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنفا مشاة، وصنفا ركبانا، وصنفا على وجوههم"، قيل: يا رسول الله، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال:"إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم، أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك".

1182 -

* روى الترمذي عن بهز بن حكيم رحمه الله عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنكم تحشرون رجالاً وركبانا، وتجرون على وجوهكم".

1180 - البخاري (11/ 377) 81 - كتاب الرقاق، 45 - باب الحشر.

مسلم (4/ 2195) 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 14 - باب فناء الدنيا، وبيان الحشر يوم القيامة.

والنسائي (4/ 115) 21 - كتاب الجنائز، 118 - باب البعث.

(طرائق): جمع طريقة: وهي الحالة.

(تقيل): من القائلة، والقيلولة: كسر الحر.

1181 -

الترمذي (5/ 305) 48 - كتاب التفسير، 18 - باب ومن سورة بني إسرائيل. وقال: حديث حسن.

1182 -

الترمذي (5/ 305) 48 - كتاب التفسير، 18 - باب ومن سورة بني إسرائيل. وقال: حديث حسن. وهو حسن بشواهده.

ص: 1254

1183 -

* روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، قال الله تعالى:{الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ} (2) أيحشر الكافر على وجهه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟ " قال قتادة حين بلغه: بلى، وعزة ربنا.

1184 -

* روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: "يبعث كل عبد على ما مات عليه".

1185 -

* روى الطبراني عن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من يتزود من الدنيا ينفعه في الآخرة".

1186 -

* روى أبو يعلى عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم الغر المحجلون".

1187 -

* روى أحمد عن عبد الله بن عمرو قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وطلعت الشمس فقال: "يأتي قوم يوم القيامة نورهم كنور الشمس" قال أبو بكر: نحن هم يا رسول الله؟ قال: "لا ولكم خير كثير، ولكنهم الفقراء المهاجرون الذين يحشرون من أقطار الأرض".

1183 - البخاري (8/ 492) 65 - كتاب التفسير، تفسير سورة (25)، 1 - باب الذين يحشرون على وجوههم

إلخ.

مسلم (4/ 2161) 50 - كتاب صفات المنافقين، 11 - باب يحشر الكافر على وجهه.

(2)

الفرقان: 34

1184 -

مسلم (4/ 2206) 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 19 - باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت.

1185 -

المعجم الكبير (2/ 305).

مجمع الزوائد (10/ 311) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

1186 -

مجمع الزوائد (10/ 344) وقال: رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح.

1187 -

أحمد (2/ 222).

مجمع الزوائد (10/ 258). وقال: رواه أحمد والطبراني في الأوسط والكبير وزاد في الكبير: (ثم قال: طوبي للغرباء طوبي للغرباء، قيل: من الغرباء؟ قال: ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم). وفي رواية: فقال أبو بكر وعمر: نحن هم. وله في الكبير أسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح.

ص: 1255

أقول: الخصوصية لا تقتضي الأفضلية، فالذين ذكروا ليس أفضل من أبى بكر ولكن لهم خصوصية.

1188 -

* روى الطبراني عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة قامت ثلة من الناس يسدون الأفق، نورهم كالشمس، فيقال: النبي الأمي فيتحشحش لها كل نبي فيقال محمد وأمته، ثم تقوم ثلة أخرى تسدما بين الأفق، نورهم مثل كل كوكب في السماء فيقال النبي الأمي فيتحشحش لها كل نبي ثم يحثى حثيتين فيقال: هذا لك يا محمد وهذا منى لك يا محمد ثم يوضع المزان ويؤخذ في الحساب".

1189 -

* روى أبو يعلى عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت الناس جمعوا للحساب".

1190 -

(3) روي الطبراني عن ابن مسعود قال: "إنكم مجموعون بصعيد واحد ينفذكم البصر وتسمعون الداعي".

1191 -

* روى البزار عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لنا: "إنكم تحشرون إلى بيت المقدس ثم تجتمعون يوم القيامة".

أقول: من المعلوم أن نار عدن التي تخرج قبيل الساعة تحشر الناس إلى الشام فالنص يحتمل الإشارة إلى هذا ويحتمل الإشارة إلى ما يحدث من اجتماع المؤمنين في مرحلة نزول المسيح عليه السلام ويحتمل الحشر بعد البعث وفي كل الأحوال فإن مركز الحشر بلاد الشام ومركز بلاد الشام بيت المقدس.

1188 - مجمع الزوائد (10/ 408). قال: رواه الطبراني، ورجاله وثقوا.

التحشحش: التحرك للنهوض.

1189 -

مجمع الزوائد (10/ 345). وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.

1190 -

مجمع الزوائد (10/ 343). وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير رباح النخفي وهو ثقة.

1191 -

كشف الأستار (4/ 153).

والمعجم الكبير (7/ 264).

مجمع الزوائد (10/ 343). وقال: رواه البزار والطبراني، وإسناده الطبراني حسن.

ص: 1256

1192 -

* روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد".

وفي رواية (1) إلى قوله (كقرصة النقي) ثم قال: قال سهل، أو غيره "ليس فيها معلم لأحد".

1193 -

* روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر الناس حفاة عراة غرلا" قالت عائشة، فقلت: الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: "الأمر أشد من أن يهمهم ذلك".

وفى رواية (2)"من أن ينظر بعضهم إلى بعض".

وللنسائي (3) في أخري قال: "لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه".

1194 -

* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول: "إنكم ملاقو الله حفاة عراة غرلا" وزاد في رواية (4) في أوله: "مشاة" وزاد في رواية (5): قال سفيان هذا مما يعد أن ابن عباس

1192 - البخاري (11/ 372) 81 - كتاب الرقاق، 44 - باب يقبض الله الأرض يوم القيامة.

مسلم (4/ 2150) 50 - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، 2 - باب في البعث والنشور

إلخ.

(عفراء): أرض عفراء: بيضاء، والعفرة: البياض.

(النقي): أراد به الخبز الأبيض الحوارى.

(1)

البخاري (11/ 372): الموضع السابق.

1193 -

البخاري (11/ 372) 81 - كتاب الرقاق، 45 - باب الحشر.

مسلم (4/ 2194) 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 14 - باب فناء الدنيا، وبيان الحشر يوم القيامة.

والنسائي (4/ 114) 21 - كتاب الجنائز، 118 - باب البعث.

(2)

مسلم (4/ 2194): الموضع السابق

(3)

النسائي (4/ 114): الموضع السابق

1194 -

البخاري (11/ 377) 81 - كتاب الرقاق، 45 - باب الحشر.

مسلم (4/ 2195) 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 14 - باب فناء الدنيا، وبيان الحشر يوم القيامة.

(4)

البخاري (11/ 377): الموضع السابق.

(5)

البخاري (11/ 377): الموضع السابق.

ص: 1257

سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي أخرى (1) قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة، فقال:"يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلاً {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} (2) إلا إن أول الخلائق يكسى يوم القيامة: إبراهيم عليه السلام، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب، أصحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} -إلى قوله- {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (3) قال: "فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم".

زاد في رواية (4): "فأقول: فسحقاً، فسحقاً".

أقول: هذا النص محمول على من ارتد من أصحابه بعد وفاته وقتل وهو مرتد وهؤلاء الذين حدث لهم ذلك ناس قليلون من جفاة الأعراب الذين لم يتأثروا بالتربية النبوية وسمير معنا هذا الموضوع بمناسبة الكلام عن الحوض وننقل هناك بعض ما ذكره ابن حجر حوله.

1195 -

* روى البخاري ومسلم عن نافع مولي ابن عمر عن ابن عمر رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (5) قال: "يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه".

(1) مسلم (4/ 2195): الموضع السابق.

(2)

الأنبياء: 104.

(3)

المائدة: 117، 118.

(4)

البخاري (11/ 464) 81 - كتاب الرقاق، 53 - باب في الحوض.

1195 -

البخاري (11/ 392) 81 - كتاب الرقاق، 47 - باب قوله تعالى {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ

}.

مسلم (4/ 2195) 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 15 - باب في صفة يوم القيامة، أعاننا الله على أهوالها.

والترمذي (4/ 615) 78 - كتاب صفة القيامة، 2 - باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص.

وقال: حديث حسن صحيح.

(5)

المطففين: 6.

ص: 1258

1196 -

* روى مسلم عن المقداد الأسود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق، حتى تكون منهم كمقدار الميل" زاد الترمذي "أو اثنين" قال سليم بن عامر: فو الله ما أدري ما يعنى بالميل: أمسافة الأرض، أو الميل الذي تكحل به العين؟ - قال:"فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما" وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه.

وفي رواية الترمذي (1) قال: "فتصهرهم الشمس، فيكونون في العرق كقدر اعمالهم"

الحديث.

أقول: مر معنا من قبل أن الشمس والقمر يكوران يوم القيامة وهذا يفيد أن شمسنا الحالية لا تبقى فالشمس المذكورة في الحديث شمس أخرى والله أعلم فأمر القيامة غيب.

1197 -

* روى البخاري ومسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعرق الناس يوم القيامة، حتى يذهب في الأرض عرقهم سبعين ذراعا، وإنه يلجمهم حتى يبلغ آذانهم".

1198 -

* روى الطبراني في الأوسط عن عبد العزيز العطار عن أنس بن مالك لا أعلمه إلا رفعه قال "لم يلق ابن آدم شيئا منذ خلقه الله عز وجل أشد عليه من الموت

1196 - مسلم (4/ 2196) 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 15 - باب في صفة يوم القيامة، أعاننا الله على أهوالها.

والترمذي (4/ 614) 38 - كتاب صفة القيامة، 2 - باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص.

وقال: حديث حسن صحيح

(1)

الترمذي (4/ 614): نفس الموضع.

(حقويه): الحقو: مشد الإزار عند الخصر.

1197 -

البخاري (11/ 392) 81 - كتاب الرقاق، 47 - باب قول الله تعالى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ

}.

مسلم (4/ 2196) 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 15 - باب في صفة يوم القيامة، أعاننا الله على أهوالها.

1198 -

مجمع الزوائد (10/ 334). وقال: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده جيد.

ورواه أحمد (3/ 154) باختصار عنه ولم يشك في رفعه، وإسناده جيد.

ص: 1259

أهون مما بعده وإنهم ليقلون من هول ذلك اليوم شدة حتى يلجمهم العرق حتى إن السفن لو أجريت فيه لجرت".

1199 -

* روى مسلم عن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بالنار يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها".

1200 -

* روى البخاري ومسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجمع الله الناس يوم القيامة، فيهتمون لذلك" وفى رواية: "فيلهمون لذلك فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، حتى يريحنا من مكانتنا هذا؟ " قال: "فيأتون آدم فيقولون: أنت آدم أبو الخلق، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك. اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب. فيستحي ربه منها، ولكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض" قال: "فيأتون نوحا، فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي ربه منها، ولكن ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست هناكم، وذكر خطيئته التي أصاب، فيستحى ربه منها، ولكن ائتوا موسى الذي كلمه الله وأعطاه التوراة" قال: "فيأتون موسى، فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي ربه منها، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته فيأتون عيسى روح الله وكلمته، فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمد، عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيأتونني، فاستأذن على ربى، فيؤذن لي، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله، فيقال: يا محمد، ارفع، قل يسمع، سل تعطه اشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأحمد ربى

1199 - مسلم (4/ 2184) 51 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، 12 - باب في شدة حر نار جهنم،

إلخ.

1200 -

البخاري (8/ 160) 65 - كتاب التفسير، سورة البقرة، 1 - باب قول الله:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} .

مسلم (1/ 180) 1 - كتاب الإيمان، 84 - باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها.

ص: 1260

بتحميد يعلمنيه ربي، ثم أشفع، فيحد لي حدا، فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجدًا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال لي: ارفع يا محمد، قل يسمع، سل تعطه، اشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه، ثم أشفع، فيحد لي حداً، فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة" قال: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة "فأقول: يا رب، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن" أي وجب عليه الخلود.

أقول: بدأ الحديث يذكر طلب الشفاعة لفصل القضاء، ثم ذكر الشفاعة للإخراج من النار ودخول الجنة، فالحديث طوى ما حدث من شفاعة لفصل الخطاب لأنها قد حصلت وذكر شفاعات أخرى لأن السامع يفهم ذلك من سياق الخطاب. قال ابن كثير في توضيح هذا المعنى في كتابه النهاية:

والعجب كل العجب من إيراد الأئمة لهذا الحديث من أكثر طرقه لا يذكرون أمر الشفاعة الأولى في أن يأتي الرب لفصل القضاء كما ورد هذا في حديث الصور كما تقدم وهو المقصود في هذا المقام، ومقتضى سياق أول الحديث أن الناس إنما يستغيثون إلى آدم فمن بعده من الأنبياء طمعًا في أن يفصل بين الناس ويستريحوا من مقامهم ذلك كما دلت عليه سياقاته من سائر طرقه فإذا وصلوا إلى المحشر فإنما يذكرون الشفاعة في عصاة الأمة وإخراجهم من النار، وكان مقصود السلف في الاقتصار على هذا المقدار من الحديث هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة الذين أنكروا خروج أحد من النار بعد دخولها يذكرون هذا القدر من الحديث الذي فيه النص الصريح في الرد عليهم فيما ذهبوا إليه من البدعة المخالفة للأحاديث. اهـ.

1201 -

* روى البزار موقوفا عن حذيفة قال: يجمع الله الناس في صعيد واحد ولا تكلم نفس فأول من -أحسبه قال- يتكلم محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: "لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت وعبدك بين يديك

1201 - كشف الأستار (4/ 167).

مجمع الزوائد (10/ 377) وقال: رواه البزار موقوفًا ورجاله رجال الصحيح.

ص: 1261

ومنك وإليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت" فهذا قوله {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} .

1202 -

* روى أحمد عن كعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل ويكسوني ربي حلة خضراء ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود".

أقول: المقام المحمود هو الذي يشفع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الموقف بعد طول الوقوف ليفصل الله عز وجل في شأنهم وهذه الشفاعة هي التي تسمى شفاعة فصل الخطاب ولرسول الله صلى الله عليه وسلم شفاعتان بعدها تكونان بعد أن يلجأ الناس إلى الأنبياء، فيحال الأمر عليه، وهي الشفاعة لجواز الصراط، والشفاعة لدخول الجنة وله مع ذلك ست شفاعات أخرى سنراها والشفاعات الثلاثة الأولى كلها تدخل تحت ما يسمى المقام المحمود.

1203 -

* روى الطبراني عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئتم أنبأكم بأول ما يقول الله عز وجل للمؤمنين يوم القيامة وبأول ما يقولون". قالوا: نعم قال: "إن الله عز وجل يقول للمؤمنين: هل أحببتم لقائي؟ فيقولون: نعم يا ربنا، فيقول: لم؟ فيقولون: رجونا رجمتك وعفوك. فيقول: فقد وجبت لكم رحمتي".

1204 -

* روى الترمذي عن عمرة بن شعيب رحمه الله عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن في جهنم، يقال

1202 - أحمد (3/ 456).

مجمع الزوائد (7/ 51) وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

1203 -

المعجم الكبير (20/ 125).

مجمع الزوائد (10/ 358). وقال: رواه الطبراني بسندين أحدهما حسن.

1204 -

الترمذي (4/ 655) 38 - كتاب صفة القيامة، 47 - باب حدثنا سويد بن نصر.

وقال: حديث حسن صحيح. =

ص: 1262

له: بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال".

1205 -

* روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أول من يدعى يوم القيامة: آدم عليه السلام، فتراءى ذريته، فيقال لهم: هذا أبوكم آدم؟ فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول: يا رب، كم أخرج؟ فيقول: اخرج من كل مائة تسعة وتسعين"، فقالوا: يا رسول الله، إذا أخذ منا من كل مائة تسعة وتسعون فماذا يبقى ما؟ قال:"إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود".

1206 -

* روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك" زاد في رواية: "والخير في يديك فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار، قال: يا رب، وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فحينئذ تضع الحامل حملها، ويشيب الوليد {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} "(1) فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم. زاد بعض الرواة (2): قالوا: يا رسول الله، أينا ذلك الرجل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعون، ومنكم واحد -ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في

= (طينة الخبال): جاء تفسيرها في بعض الحديث: قيل: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال:"هي صديد أهل النار".

1205 -

البخاري (11/ 378) 81 - كتاب الرقاق، 45 - باب الحشر.

1206 -

البخاري (8/ 441) 65 - كتاب التفسير، تفسير سورة الحج، 1 - باب {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} .

مسلم (1/ 201) 1 - كتاب الإيمان، 96 - باب قوله: "يقول الله لآدم أخرج بعث النار

"

(1)

الحج: 2.

(2)

البخاري (8/ 441) الموضع السابق

ص: 1263

جنب الثور الأسود".

وفي رواية (1): "أو كالرقمة في ذراع الحمار- وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة"، فكبرنا، ثم قال:"ثلث أهل الجنة" فكبرنا، ثم قال:"شطر أهل الجنة" فكبرنا.

1207 -

* روى البخاري عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يدي". قال: "يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فذاك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكرى وما هم بسكرى ولكن عذاب الله شديد". فاشتد ذلك عليهم فقالوا: يا رسول الله أينا ذلك الرجل؟ قال: "أبشروا، فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل". ثم قال: "والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة". قال فحمدنا الله وكبرنا. ثم قال: "والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالرقمة في ذراع الحمار".

قال ابن حجر في فتح الباري:

قوله (أخرج بعث النار)

معناها هنا ميز أهل النار من غيرهم، وإنما خص بذلك آدم لكونه والد الجميع ولكونه كان قد عرف أهل السعادة من أهل الشقاء، فقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وعن يمينه أسودة

وعن شماله أسودة الحديث كما تقدم في حديث الإسراء، وقد أخرج ابن أبي الدنيا من مرسل الحسن قال: يقول الله لآدم: يا آدم أنت اليوم عدل بيني وبين ذريتك، قم فانظر ما يرفع إليك من أعمالهم

وفي التوفيق بين العددين من كل ألف واحد ومن كل مائة واحد قال الكرماني: والمقصود

(1) مسلم (1/ 202) الموضع السابق.

1207 -

البخاري (11/ 388) 81 - كتاب الرقاق، 46 - باب قوله عز وجل:{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} .

ص: 1264

من العددين واحد وهو تقليل عدد المؤمنين وتكثير عدد الكافرين اهـ. قلت: ومقتضى كلامه الأول تقديم حديث أبي هريرة على حديث أبي سعيد فإنه يشتمل على زيادة، فإن حديث أبي سعيد يدل على أن نصيب أهل الجنة من كل ألف واحد، وحديث أبي هريرة يدل على عشرة فالحكم للزائد، ومقتضى كلامه الأخير أن لا ينظر إلى العدد أصلا بل القدر المشترك بينهما ما ذكره من تقليل العدد، وقد فتح الله تعالى في ذلك بأجوبة أخر وهو حمل حديث أبي سعيد ومن وافقه على جميع ذرية آدم فيكون من كل ألف واحد، وحمل حديث أبي هريرة ومن وافقه على من عدا يأجوج ومأجوج فيكون من كل ألف عشرة، ويقرب ذلك أن يأجوج ومأجوج ذكروا في حديث أبي سعيد دون حديث أبي هريرة، ويحتمل أن يكون الأول يتعلق بالخلق والثاني بخصوص هذه الأمة، ويقربه قوله في حديث أبي هريرة "إذا أخذ منا" لكن في حديث ابن عباس "وإنما أمتي جزء من ألف جزء" ويحتمل أن تقع القسمة مرتين مرة من جميع الأمم قبل هذه الأمة فيكون من كل ألف واحد ومرة من هذه الأمة فقط فيكون من كل ألف عشرة، ويحتمل أن يكون المراد ببعث النار الكفار ومن يدخلها من العصاة فيكون من كل ألف تسعمائة وتسعون كافرًا ومن كل مائة تسعة وتسعون عاصيًا والعلم عند الله تعالى. قوله (فذاك حين يشيب الصغير وتضع، وساق إلى قوله شديد) ظاهرة: أن ذلك يقع في الموقف، وقد اسشكل بأن ذلك الوقت لا حمل فيه ولا وضع ولا شيب، ومن ثم قال بعض المفسرين: إن ذلك قبل يوم القيامة، لكن الحديث يرد عليه، وأجاب الكرماني بأن ذلك وقع على سبيل التمثيل والتهويل، وسبق إلى ذلك النووي فقال: فيه وجهان للعلماء فذكرهما وقال: التقدير أن الحال ينتهي إلى أنه لو كانت النساء حينئذ حوامل لوضعت: كما تقول العرب: وأصابنا أمر يشيب منه الوليد، وأقول: يحتمل أن يحمل على حقيقته، فإن كل أحد يبعث على ما مات عليه فتبعث الحامل حاملًا والمرضع مرضعة والطفل طفلًا، فإذا وقعت زلزلة الساعة، وقيل ذلك لآدم ورأى الناس آدم وسمعوا ما قيل له وقع بهم من الوجل ما يسقط معه الحمل ويشيب له الطفل وتذهل به المرضعة). اهـ (الفتح).

ص: 1265

أقول: وقع في رواية أبي هريرة (أول من يدعى يوم القيامة آدم عليه السلام: هذه الأولية هنا تحتمل الأولية المطلقة وتحتمل الاولية النسبية فإن كان المراد الأولية المطلقة فذلك يكون حين يميز أهل النار من أهل الجنة في الموقف قبل الحساب والميزان وإقامة الحجج، وإن كان المراد الأولية النسبية وهي ما تدل عليه النصوص التي تذكر خطاب الله لرسولنا عليه الصلاة والسلام آذنا له بالشفاعة لفصل الخطاب، فذلك يكون في موقف من مواقف يوم القيامة وذلك بعد أن يتم الحساب والميزان وعندئذ ينادى آدم ليخرج بعث النار، وهذا الذي أرجحه في هذا المقام، وهذه النصوص الواردة في بعث النار تدل على كثرة يأجوج ومأجوج بالنسبة لسكان الأرض، وهذا يرجح ما ذكرناه أثناء الكلام عن يأجوج ومأجوج ويرد على من يزعم أن سد يأجوج ومأجوج لا زال موجودًا يحجزهم عن الخروج وأنهم وإياه في مكان ما على الأرض لا زال مجهولًا، فهذا يتعارض تعارضًا صريحًا مع الواقع المعروف ومع هذه النصوص، ثم إن النصوص القرآنية الواردة في يأجوج ومأجوج لا تفيد ما يذكره هؤلاء بل هي محمولة على ما اتجهنا إليه دون تكلف.

1208 -

* روى أحمد عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة لآدم عليه السلام: قم فجهز من ذريتك تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار، وواحدًا إلى الجنة"، فبكى أصحابه وبكوا ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ارفعوا رؤوسكم فو الذي نفسي بيده ما أمتي في الأمم إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود" فخفف ذلك عنهم.

1209 -

(2) روي أبو يعلي عن أنس قال: نزلت {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ} إلى قوله {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} على النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له فرفع بها صوته حتى ثاب إليه أصحابه، فقال:"أتدرون أي يوم هذا؟ يوم يقول الله لآدم: قم فابعث بعثًا إلى النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحدًا إلى الجنة" فكبر ذلك

1208 - أحمد (6/ 441).

مجمع الزوائد (10/ 393) وقال: رواه أحمد والطبراني وإسناده جيد.

1209 -

مجمع الزوائد (10/ 394) وقال: رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن مهدي، وهو ثقة.

ص: 1266

على المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا وأبشروا فو الذي نفسي بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة. إن معكم لخليقتين ما كانتا في شيء قط إلا كثرتاه: يأجوج ومأجوج ومن هلك من كفرة الجن والإنس".

1210 -

* روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج عنق من النار يوم القيامة، له عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق، يقول: إني وكلت بثلاثة، بمن جعل مع الله إلها آخر، وبكل جبار عنيد، وبالمصورين".

أقول: الظاهر أن هذا العنق يخرج بعد أن تقام الحجة على الناس قيامًا كاملًا بالشهادات وبالصحف وبالوزن والميزان.

1211 -

* روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأما عرضتان، فجدال ومعاذير وأما العرضة الثالثة، فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله".

أقول: وقد تعجب ابن كثير في كتابه النهاية من تضعيف الترمذي للحديث وناقش ذلك.

الظاهر أنه بعد الوقوف الطويل والإذن بالشفاعة لفصل القضاء تكون العرضة الأولى ويكون السؤال عن الشرك وعن الاستجابة للرسل ويكون تنصل وعتاب، وفي العرضة الثانية تشهد الرسل وينكر الكافرون ويشهد محمد صلى الله عليه وسلم وأمته على صدق شهادة الرسل وتقوم

1210 - الترمذي (4/ 701) 40 - كتاب صفة جهنم، 1 - باب ما جاء في صفة النار.

وقال: حديث حسن صحيح غريب.

(عنق): العنق: طائفة من الناس، والمراد به: طائفة من النار كالعنق.

(جبار عنيد): الجبار: القهار المتكبر، والعنيد: الجائر عن الحق، كالمعاند له.

1211 -

الترمذي (4/ 617) 38 - كتاب صفة القيامة، 4 - باب ما جاء في العرض. وقال: لا يصح هذا الحديث من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة، وقد رواه بعضهم عن الحسن عن أبي موسى.

وإسناده ضعيف فإن الحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة ولا من أبي موسى الأشعري، قال الحافظ في "الفتح" بعد نقل كلام الترمذي هذا: وأخرجه البيهقي في "البعث" بسند حسن عن عبد الله بن مسعود موقوفًا.

ص: 1267

الحجة على الخلق، ثم تطير الصحف فيعرف كل إنسان ذنوبه ثم يكون الحساب والميزان وقد ذهب ابن كثير في كتابه النهاية إلى أن الحساب يكون قبل الميزان، قال رحمه الله:

قال أبو عبد الله القرطبي: قال العلماء: إذا انقضى الحساب، كان بعده وزن الأعمال؛ لأن الوزن للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لنفس الأعمال، والوزن لإظهار مقاديرها، فيكون الجزاء بحسبها قال: وقوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} يحتمل أن يكون ثم موازين متعددة توزن فيها الأعمال، ويحتمل أن يكون المراد الموزونات، فجمع باعتبار تنوع الأعمال الموزونة، والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ (النهاية في الفتن والملاحم).

وبمناسبة الكلام عن حديث العرضات الثلاث نقل ابن حجر في فتح الباري ما يلي:

قال الترمذي الحكيم: الجدال للكفار يجادلون لأنهم لا يعرفون ربهم فيظنون أنهم إذا جادلوا نجوا، والمعاذير اعتذار الله لآدم وأنبيائه بإقامته الحجة على أعدائه، والثالثة للمؤمنين وهو العرض الأكبر. اهـ.

أقول: أما ما ذكره الترمذي الحكيم في الجدال فمسلم، أما ما بعده فغير مسلم؛ فكيف يعتذر الله عز وجل والموقف موقف جلال، وتخصيص العرضة الثالثة بالمؤمنين يتنافى مع النص:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} (1).

1212 -

* روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء".

1213 -

* روى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقتص

(1) الإسراء: 13.

1212 -

مسلم (4/ 1997) 45 - كتاب البر والصلة والآداب، 15 - باب تحريم الظلم.

والترمذي (4/ 614) 38 - كتاب صفة القيامة، 2 - باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص.

وقال: حديث حسن صحيح.

(الجلحاء) شاة جلحاء: لا قرن لها.

1213 -

أحمد (2/ 363). =

ص: 1268

للخلق بعضهم من بعض حتى للجماء من القرناء وحتى للذرة من الذرة".

أقول: الظاهر أن الاقتصاص للحيوانات من بعضها بعضا يتقدم على حساب المكلفين لأنه بعد أن يتقص منها يقال لها كوني ترابًا فتكون ترابًا فيتمنى الكافر لو أنه كان معها، قال تعالى:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا * ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا * إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} (1)، غير أن هناك الحيوانات التي لم تؤد زكاتها، فهذه يعذب أهلها بها، فهذه قد تؤخر، على أن النصوص لم تحدد المقام الذي يقال فيه للحيوانات كوني ترابًا، فتكون ترابًا.

1214 -

* روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم، أن يقال له: ألم نصح لك جسمك؟ ونروك من الماء البارد؟ "؟

1215 -

* روى الترمذي عن أبي سهيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بالعبد يوم القيامة، فيقول له: ألم أجعل لك سمعًا وبصرًا ومالًا وولدًا؟ وسخرت لك الأنعام والحرث؟ وتركتك ترأس وتربع؟ فكنت تظن أنك ملاقي يومك هذا؟ فيقول: لا، فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني".

وقال: معنى قوله "اليوم أنساك كما نسيتني": اليوم أتركك في العذاب.

= مجمع الزوائد (10/ 352) وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

(1)

النبأ: 38 - 40.

1214 -

الترمذي (5/ 448) 48 - كتاب تفسير القرآن، 89 - باب ومن سورة التكاثر. وقال: حديث غريب. وإسناده قوي، وصححه ابن حيان.

1215 -

الترمذي (4/ 619) 38 - كتاب صفة القيامة، 6 - باب (منة) حدثنا عبد الله بن محمد

إلخ.

وقال: حديث صحيح غريب. وإسناده حسن.

(ترأس): الترؤس: التقدم على القوم وأن يصير رئيسهم.

(وتربع): أي: تأخذ المرباع، وهو ما يأخذه رئيس الجيش لنفسه من المغانم وهو ربعها، وقد روي "تربع" بتاءين من التنعم والرتع، يقال: رتعت الإبل، وأرتعها صاحبها: إذا كانت في موضع خصيب.

ص: 1269