المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نقولفي:السحر والكهانة والتنجيم - الأساس في السنة وفقهها - العقائد الإسلامية - جـ ٣

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الفقرة العشرونفي:صفة المسيح ابن مريم عليه السلام ونزوله

- ‌مقدمة

- ‌نصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌جدول ما ثبت بالقرآن والسنة من أمارات المسيح عيسى عليه السلام

- ‌بعض ما ورد من أحوال أمه عليهما السلام

- ‌محل ولادته عليه السلام وكيفية ذلك

- ‌أحوال مريم بعد ولادته عليه السلام

- ‌وجاهة عيسى عليه السلام

- ‌خصائص عيسى المسيح عليه السلام

- ‌حليته عليه السلام وقت نزوله

- ‌بعض أحواله عليه السلام وقت نزوله

- ‌محل نزوله عليه السلام ووقت نزوله

- ‌أحوال الحاضرين في المسجد وقت نزوله عليه السلام

- ‌بعض أحواله بعد نزوله عليه السلام

- ‌المشروعات التي يقوم بها بعد نزوله عليه السلام

- ‌البركات الظاهرة والباطنة في زمنه عليه السلام

- ‌أحوال العرب في ذلك الزمان

- ‌وفاته عليه السلام وبعض الأحوال قبل وفاته

- ‌أحوال المسلمين بعد وفاته عليه السلام

- ‌الفقرة الحادية والعشرونفي:يأجوج ومأجوج

- ‌مقدمة

- ‌القبائل المنغولية واليواشية:

- ‌منغوليا، مهد الشعوب القديمة:

- ‌نصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانية والعشرونفيلا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الثالثة والعشرونفي:نار عدن

- ‌مقدمة

- ‌النصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الوصل الثانيفيالموت والحياة البرزخية

- ‌المقدمة

- ‌بعض النصوص القرآنية

- ‌النصوص الحديثية

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الوصل الثالثفيالساعة وما يأتي بعدها

- ‌المقدمة

- ‌الفقرات

- ‌الفقرة الأولىعرض إجمالي

- ‌الفقرة الثانيةفي:النفختين وفي: يوم القيامة

- ‌1 - النصوص القرآنية

- ‌2 - النصوص الحديثية

- ‌3 - بعض ما يكون بالنفخة الأولى

- ‌4 - بعض ما يكون بالنفخة الثانية

- ‌الفقرة الثالثةفيالحشر

- ‌1 - النصوص القرآنية

- ‌2 - نصوص حديثية

- ‌الفقرة الرابعةفي:مشاهد من القرآن الكريم فيما يجري فياليوم الآخر من حوار

- ‌الفقرة الخامسةفي:أحاديث تصف بعض ما في الموقف وما بعده

- ‌تعليق وتأكيد:

- ‌الفقرة السادسةفيالحوض

- ‌النصوص

- ‌فوائد

- ‌الفقرة السابعةفي:الحساب والميزانعرض إجمالي

- ‌النصوص

- ‌الفقرة الثامنةفي:الصراطعرض إجمالي

- ‌النصوص

- ‌الفقرة التاسعةفي:الشفاعات

- ‌النصوص

- ‌الفقرة العاشرةفي:الجنة والنار:

- ‌1 - المقدمة

- ‌2 - مشاهد من القرآن الكريم

- ‌2 - نصوص حديثيه في النار

- ‌4 - نصوص حديثيةفي ما وصف به أهل الجنة وبعض نعيم أهلها

- ‌5 - في بعض ما ورد في آخر أهل النار خروجًا منه

- ‌6 - رؤية الله تعالى في الآخرة

- ‌مقدمة

- ‌النصوص

- ‌7 - في ذبح الموت

- ‌8 - في متفرقاتفي الجنة والنار وبعض صفات أهلهماوبعض ما يحصل لأهل كل منهما

- ‌9 - الجنة والنار مخلوقتان موجودتان

- ‌الفقرة الحادية عشر{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ}

- ‌خاتمة الباب الثاني

- ‌الباب الثالثفي:مباحث عقدية

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولفي:بعض المشوشات الزائفة على النبوةالسحر والكهانة والتنجيم

- ‌المقدمة

- ‌نُقولفي:السحر والكهانة والتنجيم

- ‌نصوصفي:السحر والكهانة والتنجيم

- ‌الفصل الثانيفي:نسبة الحادثات إلى الأسبابمقطوعة عن الله عز وجل

- ‌مقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الثالثفي:الطيرة والفأل والشؤم والعدوىوما يجري مجراها

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الرابعفي:العين والتمائم والرقي

- ‌المقدمة

- ‌النصوص

- ‌1 - في: العين

- ‌2 - في: التمائم

- ‌3 - في: الرقى

- ‌الفصل الخامسفيالنذر

- ‌عرض إجمالي

- ‌الفقرات

- ‌الفقرة الأولىفي:حكم النذر ومتى يجب الوفاء به

- ‌الفقرة الثانيةفي:النذر فيما لا يطيق

- ‌الفقرة الثالثةفي:حكم مراعاة المكان في النذر

- ‌الفقرة الرابعةفي:قضاء الحي نذر الميت

- ‌الفقرة الخامسةفي:نذر الجاهلية إذا وافق عبادة إسلامية

- ‌الفقرة السادسةفي:متى يكون للنذر حكم اليمين

- ‌الفقرة السابعةفي:نذر صيام يوم النحر

- ‌الفقرة الثامنةفي:نذر المقيم بمكة أو بالمدينة المنورة الصلاة ببيت المقدس

- ‌الفقرة التاسعةفي:موضوعات متعددة

- ‌نقول ومسائل وفوائد

- ‌الفصل السادسفي:اليمين

- ‌عرض إجمالي

- ‌الفقرات

- ‌الفقرة الأولى:في:بعض أقوال العلماء في اليمين

- ‌الفقرة الثانيةفي:بعض ما ورد في القرآن الكريم في اليمين

- ‌الفقرة الثالثةفي:بعض ما ورد في الحلف بغير الله

- ‌الفقرة الرابعةفي:اليمين الغموس

- ‌الفقرة الخامسةفي:أن الاستثناء في اليمين يلغي اليمين

- ‌الفقرة السادسةفيمن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها

- ‌الفقرة السابعةفي:متفرقات في الإيمان

- ‌اليمين على نية المستحلف:

- ‌بعض ما حلف به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حلف:

- ‌هل للحلف مكان

- ‌الترهيب من اقتطاع الحقوق بالإيمان وفي أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر:

- ‌كفارة الأيمان المنعقدة:

- ‌المسائل والفوائد

- ‌خاتمة قسم العقائدمؤمنون لا فلاسفة

الفصل: ‌نقولفي:السحر والكهانة والتنجيم

‌نُقول

في:

السحر والكهانة والتنجيم

قال فريد وجدي في دائرة معارفه عن السحر:

قال العلماء هو ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشياطين مما لا يقدر عليه الإنسان.

قال ابن خلدون في مقدمته: هو علم بكيفية الاستعدادات، تقتدر النفوس البشرية به على التأثيرات في عالم العناصر

ولما كانت هذه العلوم مهجورة عند الشرائع لما فيها من الضرر ولما يشترط فيها من الوجهة إلى غير الله من كوكب أو غيره؛ كانت كتبها كالمفقودة بين الناس إلا ما وجد في كتب الأمم والأقدمين فيما قيل نبوة موسى عليه السلام مثل النبط والكلدانيين، وكانت هذه العلوم في أهل بابل من السريانيين والكلدانيين، وفي أهل مصر من القبط وغيرهم، وكان لهم فيها التأليف والآثار، ولم يترجم لنا كتبهم فيها إلا القليل مثل الفلاحة النبطية من أوضاع أهل بابل فأخذ الناس منها هذا العلم، وتفننوا فيه ووضعت بعد ذلك الأوضاع مثل مصاحف الكواكب السبعة وكتاب طمطم الهندي في صور الدرج والكواكب وغيرهم.

[و] أعلم أن وجود السحر لامرية فيه بين العقلاء من أجل التأثير الذي ذكرناه وقد نطق به القرآن، قال الله تعالى:{وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (1).

وقد شاهد الأوربيون أن في الأقيانوسية عقيدة تأثير الساحر على الإنسان منتشرة كل

(1) البقرة: 102.

ص: 1465

الانتشار، ويكيفه للاستيلاء عليه أن يملك خصلة من شعره أو أي قطعة من جسمه وقد لا يعوزه غير خرقة كانت له.

وللسحرة في أفريقيا شأن يذكر؛ فأين يتوجه السائح يجد الساحر معتبرًا كأنه شخص إلهي عنده الأسرار الملكوتية يشفي من الأمراض ويطرد المردة والجنة وينزل الأمطار على الأماكن المجدية. فلا يتحول ملك الصقع الذي هو فيه لمحاربة عدو أو لسكني جهة أو للبحث عن أنعام ضالة إلا استشارة، وجعل رأيه متنزلًا من حكيم حميد، ويدعونه هناك مانجانا أو نيانجا.

[و] تكثر عند الأفريقيين القائم والتعاويذ والطلاسم فإنهم يعزون لها أمورا خارقة للعادة تحفظ من الحسد وتشفي من الأمراض وتجلب الرزق وتوجب المحبة والانعطاف فإذا بدا لأحدهم أن طلسما أخطأ غرضا ولم ينتج النتيجة المنتظرة منه لا يشك في أصله ولا يزيد على أن يبدله بسواه معتقدًا فيه العقيدة عينها التي كانت عنده لسابقه.

ولما احتل الإسبانيون أمريكا وجدوا للسحر الاعتبار نفسه الذي لأمثالهم في جميع بقاع الأرض. رأوهم منقطعين في الفيافي يأوون إلى الغيران صائمين متقشفين محافظين على رسوم محدودة من الرياضة يزعمون أنها وصلتهم إلى مناجاة الأرواح والتسلط على نواميس الطبيعة.

ورأوا للسحرة في أمريكا الشمالية اطلاعًا واسعًا على خواص النباتات، فكانوا يصفونها للأمراض المختلفة، وكانوا يزعمون أنهم بالتأثير على صورة الشخص أو تمثاله ينتقل ذلك التأثير إلى صاحب الصورة أو التمثال فيضره أو ينفعه كما يريد الساحر.

وقد دلت المخطوطات المصرية القديمة التي وجدت على ورق البردي أن السحر كان له في مصر الاعتبار الأعلى عند جميع الطوائف حتى رتبت له رسوم وطقوس وجعلت له وظائف يقوم بها رجال الدين.

[و] الأمم التي تعتبر أنبغ الأمم في السحر والنجامة هم الكلدانيون.

وقد ذكر القرآن الكريم السحر في مواضيع كثيرة وقد مضى متقدمو الأمة معتقدين

ص: 1466

وجدوه وأنه من العلوم السرية التي يتحصل عليها بالرياضة وغيرها. ومال بعضهم وكثير من المتأخرين إلى زعم أن السحر سرعة في اليد وصناعة في التمويه وليس لها سبب ما وراء الطبيعة. وهو قول ليس له دليل يسنده، كما أنه ليس لنا دليل على إثبات السحر إلا لما نص عليه القرآن، ثم ما تقرؤه في كتب الخوارق التي ظهرت في أوروبا من منذ تسعين سنة باسم اسبرتزم وغيره مما يرينا جلياً أن هنالك عالماً روحانياً وفيه من الكائنات ما لا نتصوره وأننا نستطيع أن نناجي تلك الكائنات وتناجيا بوسائل خاصة. ومتى كان هذا ممكنا وتقرر أن الوجود عامر بالآيات المغيبة عنا فلا يبعد أن يكون السحر تابعاً لقوى روحانية وأنه ليس بمجرد صناعة أو سرعة في يد الساحر. أهـ.

وقال فريد وجدي في دائرة معارفه عن التنجيم:

قال العلامة ابن خلدون في مقدمته:

هذه الصناعة يزعم أصحابها أنهم يعرفون بها الكائنات في عالم العناصر قبل حدوثها من قبل معرفة قوى الكواكب وتأثيرها في المولدات العنصرية مفردة ومجتمعة.

ثم إنه يشترط مع العلم بقوى النجوم وتأثيراتها مزيد حدس وتخمين وحينئذ يحصل عنده الظن بوقوع الكائن.

وقد بان لك بطلان هذه الصناعة من طريق الشرع، وضعف مداركها مع ذلك عن طريق العقل مع مالها من المضار في العمران الإنساني بما تبعث في عقائد العوام من الفساد، إذا اتفق الصدق من أحكامها في بعض الأحايين اتفاقًا لا يرجع إلى تعليل ولا تحقيق فيلهج بذلك من لا معرفة له ويظن أطراد الصدق في سائر أحكامها وليس كذلك فيقع في رد الأشياء إلى غير خالقها. ثم ما ينشأ عنها كثيرًا في الدول من توقع القواطع وما يبعث عليه ذلك التوقع من تطاول الأعداء والمتربصين إلى الفتك والثورة، وقد شاهدنا من ذلك كثيرًا فينبغي أن تحظر هذه الصناعة على جميع أهل العمران لما ينشأ عنها من المضار في الدين والدول.

ولكن لا يجوز لنا الانتقال من هذه المادة حتى نورد تاريخ علم التنجيم من المصادر

ص: 1467

الأوروبية ليكون المبحث تامًا من كل وجه فنقول:

يطلق التنجيم عند الأوروبيين على صناعة الإنباء بالحوادث المستقبلية من النظر في الكواكب والحوادث العلوية. وقد رأى العلماء الباحثون في أساطير كل أمة أقوالا عن هذه الصناعة وإن لم تكن بالغة من الإتقان مبلغًا يرفعها إلى درجة العلوم المقررة. أول أمة رقت هذا العلم إلى درجته المعروفة هي أمة الكلدانيين، ثم أخذه عنهم المصريون الأقدمون وعن هؤلاء أخذه اليونان فنقله عنهم الهنديون والرومانيون. وانتقل هذا العلم من العالم القديم إلى القرون الوسطى، واشتغل به ناس كثيرون وعكفوا عليه وما زال آخذًا من الأذهان محلا إلى القرن الماضي حيث انتشرت العلوم الكونية وعرف الناس حقائق الأجرام السماوية فقل الاشتغال به وكاد يزول لولا أن العالم لا يخلو في كل زمان من رؤوس لا ترى لها لذة إلا التمسك بكل قديم وإن ناقض العقل والحس معًا، ولا تزال هذه الصناعة تأوي إلى رؤوس في الشرق والغرب فيتلقف بعض الناس ما يقوله أهلها كأنه الوحي، ويذهبون في النظر فيه وتأويله وتوجيهه كل مذهب ويلتمسون لقائليه الأعذار مهما كذبتهم الحوادث حتى إننا لنرى أن من الناس من يسهل عليه أن يتهم عقله في فهم أقوال أولئك الأفاكين ولا يسهل عليه أن يتهمهم بالإفك.

على أن مبنى هذه الصناعة ظاهر البطلان، لا يحتاج إلى إطالة بيان، وذلك أن أكثر الأقدمين كانوا يؤلهون الكواكب ويعبدونها وكانوا يتخيلون أن لكل منها نصيبًا من إرادة الكون، وكان الكلدانيون والمصريون من أكثر الأمم تشبثًا بهذه العقيدة، فلا عجب أن تكون صناعة التنجيم نتيجة لازمة لهذه العقائد الباطلة، فما دامت الكواكب آلهة وأبناء آلهة وأن لها أرواحاً وحياة وتصريفاً في الكون فما الذي يمنع من تعرف إرادتها، بوجهة حركاتها، أو بوقت اقترانها بسواها، فلما جاء الإسلام وأسقط الآلهية الخيالية والحسية وقرر عبادة الخالق الحق وحده لم يبق لصناعة التنجيم مجال لأن طبيعة الإسلام تنافي التأثير لغير الله أهـ.

وقال فريد وجدي في دائرة معارفه عن الكهانة:

والكهانة هي استخدام الجن في معرفة الأمور المغيبة، وقد كانت هذه الصناعة معروفة عند العرب فكان إذا ناب أحدهم أمر يريد معرفة دخيلته أو مستقبله منه ذهب إلى الكاهن

ص: 1468

فأخبره بما يهمه منه. وكان لكل كاهن منهم صاحب من الجن يحضر إليه فيخبره بما يريد، وليس هذا الاستخدام ببعيد عن العقل؛ فإن ما يحصل في أوروبا من استحضار الأرواح يسهل فهمه على الباحثين أهـ.

وقال البغوي في شرح ألسنة:

"فالكاهن: هو الذي يخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار، ومطالعة علم الغيب، وكان في العرب كهنة يدعون معرفة الأمور، فمنهم من كان يزعم أن له رئيسًا من الجن، وتابعة تلقي إليه الأخبار، ومنهم من كان يدعي أنه يستدرك الأمور بفهم أعطيه. والعراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها، كالمسروق من الذي سرقها، ومعرفة مكان الضالة، وتتهم المرأة بالزنى، فيقول: من صاحبها، ونحو ذلك من الأمور. ومنهم من يسمى المنجم كاهنًا" أهـ.

وقال البغوي في شرح السنة (1) مثبتًا السحر وإمكانية تأثيره على أجساد الأنبياء وأن ذلك لا يترتب عليه ضرر في مهمات الرسل:

قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (2) وقال جل ذكره: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (3) وقال سبحانه وتعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (4). وقال سبحانه وتعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (5).

فنفي السحر جهل، والرد على من نفاه لغو وفضل.

فأما زعموا من دخول الضرر في الشرع بإثباته، فليس كذلك، لأن السحر إنما يعمل في أبدانهم [أي في أبدان الأنبياء] وهم بشر يجوز عليهم من العلل والأمراض ما يجوز على

(1) شرح السنة (12/ 184).

(2)

البقرة: 102.

(3)

طه: 69.

(4)

الفلق: 4. (والنفاثات): السواحر تنفث، أي: تنفل بلا ريق.

(5)

طه: 66.

(يخيل): أي. يشبه، والتخايل: كل ما لا أصل له.

ص: 1469

غيرهم، وليس تأثير السحر في أبدانهم بأكثر من القتل، وتأثير السم، وعوارض الأسقام فيهم، وقد قتل زكريا وابنه وسم نبينا صلى الله عليه وسلم بخيبر. فأما أمر الدين، فإنهم معصومون فيما بعثهم الله جل ذكره، وأرصدهم له، وهو جل ذكره حافظ لدينه، وحارس لوحيه أن يلحقه فساد أو تبديل، وإنما كان خيل إليه أنه يفعل الشيء من أمر النساء خصوصًا، وهذا من جملة ما تضمنه قوله:{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (1). فلا ضرر إذا يلحقه فيما لحقه من السحر على نبوته وشريعته والحمد لله على ذلك، والسحر من عمل الشيطان يفعل في الإنسان بنفثه، ونفخه، وهمزه، ووسوسته، ويتلقاه الساحر بتعليمه إياه، ومعونته عليه، فإذا تلقاه عنه، استعمله في غيره بالقول والنفث في العقد، وللكلام تأثير في الطباع والنفوس، ولذلك صار الإنسان إذا سمع ما كره يحمي ويغضب، وربما حم منه، وقد مات قوم بكلام سمعوه، ويقول امتعضوا منه، ولولا طول الكتاب لذكرناهم. هذا كلام الخطابي في كتابه أهـ.

وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم (2):

عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات، ومنه ما يكون كفرًا، ومنه ما لا يكون كفرًا، بل معصية كبيرة، فإن كان فيه ما يقتضي الكفر، كفر واستبيت منه، ولا يقتل، فإن تاب، قبلت توبته، وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر، عزر، وعن مالك: الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب، بل يتحتم قتله كالزنديق، قال عياض: وبقول مالك قال أحمد وجماعة من التابعين. أهـ.

(1) البقرة: 102.

(2)

شرح مسلم (14/ 176).

ص: 1470