الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الثالثة
في
الحشر
- بعد البعث والنشر يكون الحشر، ومركز الحشر بلاد الشام، والحشر سوق الناس والجن ومن يبعثهم الله من الخلائق إلى مكان الحساب الذي تجتمع فيه الخلائق وفيه يحاسبون وتوزن أعمالهم ويعرف كل مصيره؛ فالحشر جمع الخلائق كلهم إلى الموقف بعد بعثهم وإحيائهم قال تعالى:{وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} (1).
- وكربات الحشر والموقف وما يكون فيه وما يكون يعده شيء هائل إلا على أهل هذا المقام {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (2).
- والناس يحشرون عراه حفاه مختونين ومن تحقيقات العلماء أخذًا من بعض النصوص أن رسولنا عليه الصلاة والسلام يبعث كاسيًا وأن إبراهيم عليه السلام أول من يكسى في الموقف.
- ويجمع الناس في الموقف ويخلق الله شمسًا تدنو من رؤوس العباد فيصيب الناس من الحر عشرة أضعاف حر الدنيا إلا من يظله الله بظله وفي مرحلة يؤتى بالنار إلى المحشر كما ورد في نصوص صحيحة، ويؤتى بالجنة فتكون قريبة، قال تعالى {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ} (3)، وقال:{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} (4)، وذلك لكي يبتهج المتقون ويستبشروا ويحزن الآخرون ويخافوا {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ} (5).
وفوق النار الصراط والصراط طريق العبور إلى ما بعده، ومن هناك إلى الجنة بعد الشفاعة الثالثة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1) الكهف: 47.
(2)
الأنعام: 82.
(3)
التكوير: 13.
(4)
ق: 31.
(5)
الشعراء: 90، 91.
ويطول الموقف بعد الحشر على الناس وهم في الحر والعرق إلا من وردت النصوص أنهم في ظل الله يومذاك ومن الوقافين عند الحق، والذين ينظرون المعسرين أو يضعون عنهم، والواصلون الأرحام، والأمهات اللواتي ترعى يتامى زوجها، والمطعمون الطعام، والعارفون بالله والمتحابون بالله وأصحاب الأخلاق الحسنة والقائمون بحقوق الله، ومنهم السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله الذين ورد فيهم الحديث الصحيح المعروف.
- وعلى طول يوم القيامة وهو خمسون ألف سنة فإنه يخفف على المؤمن فلا يحس بطوله بل هو عليه كوقت قصير من نهار.
- وبعض أهل الموقف يخصون بمزيد من العذاب.
- ويطول الموقف والناس صافون أقدامهم رافعو رؤوسهم ينتظرون فصل القضاء.
- وأهل الإيمان في الظل محشورون مع من يحبونه من أهل الفضل. ولواء الحمد بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والكافرون محشورون مع من يحبونهم.
وبعد طول المقام يفزع الناس إلى الأنبياء ليشفعوا في فضل القضاء فلا يستجيبون إلا رسولنا عليه الصلاة والسلام فإنه يَشْفَع ويُشَفَّعُ.
وبعد شفاعته عليه الصلاة والسلام لفصل الخطاب تحدث أحداث كبرى، فتتبع كل أمة ما كانت تعبد من دون الله، وتتميز الأمم عن بعضها، وتكون هناك عرضتان فيهما جدال ومعاذير ثم تطير الصحف آخذ بيمينه وآخذ بشماله وآخذ وراء ظهره وفي هذه المقامات تكون هناك شهادات الأنبياء على أقوامهم وشهادات أخرى، ويستدعى دعاة الضلالة ودعاة الهداية ليرجع أولئك ببشارة السوء امن تابعهم، ويرجع هؤلاء ببشارة الخير لمن تابعهم، ويزداد عطش الناس فيردون على أحواض أنبيائهم، فمنهم من يشرب ومنهم من يرد، ويكون الحساب والميزان، وبعد الحساب والميزان يحبس الناس قبل الصراط، وعندئذ يحدث تبدل جديد للسموات والأرض ثم يفزع الناس إلى الأنبياء ليؤذن لهم بالمرور على الصراط فيحيلون الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكون الشفاعة الثانية، ويؤذن بالمرور على الصراط.
وعند الحساب والميزان تكون شفاعات وبعد ذلك تكون شفاعات.
والحيوانات يقضى بينها ثم تكون ترابًا.
ومن الحشر إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار تكون هناك مظاهر الجلال الإلهي وتتجلى هيبة الملائكة من ربهم وطاعتهم له، وتظهر مظاهر من كثرة جند الله وضبطهم للأمور على مقتضى أمر الله وتظهر الجندية الكاملة للملائكة ويظهر من جلال الله ما تزداد به قلوب المؤمنين رهبة وتبلغ قلوب الكافرين الحناجر، وكل وصف إلا وصف النصوص لما يرجى في عرصات اليوم الآخر قاصر عن تأدية المراد، ومع دقة الوصف في النصوص، فالنصوص تذكر أنه يوم يأتي تأويلها على أرض الواقع يظهر للكثيرين أكثر مما قدروه أو توقعوه، قال تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (1)، وقال تعالى:{وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} (2)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء، فخطب، فقال:"عرضت علي الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا". قال فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه. قال: غطوا رؤوسهم ولهم خنين (3).
والنصوص في الحشر والموقف وما يكون في ذلك اليوم الطويل كثيرة.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل كرامته وولايته وهذه بعض نصوص من الكتاب والسنة في هذا الشأن وقد مرت وستمر معنا نصوص كثيرة لها علاقة بهذا المقام.
(1) الزمر: 67.
(2)
الزمر: 47.
(3)
البخاري (8/ 280) 65 - كتاب التفسير، 12 - باب {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ
…
}.
ومسلم (4/ 1832) 43 - كتاب الفضائل، 37 - باب توقيره صلى الله عليه وسلم. ولهما روايات أخرى.