الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة التاسعة
في:
الشفاعات
- الشفاعة سؤال الخير للغير وهي تكون يوم القيامة من الأنبياء والملائكة والعلماء العاملين والشهداء والصالحين والمؤمنين وأولاد المؤمنين والمؤمنات ممن ماتوا صغيرًا، وتشفع بعض الأعمال فيشفع القرآن ويشفع الصيام.
- والشفاعة عند الله لا تكون إلا بإذنه {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (1){وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (2).
- ومن أعظم شفاعات رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاعته لفصل القضاء ثم شفاعته لعبور الصراط ثم شفاعته لدخول الجنة ومن شفاعاته عليه الصلاة والسلام شفاعته في قوم يدخلهم الجنة بغير حساب، ومنها شفاعته في قوم حوسبوا واستحقوا العذاب ألا يعذبوا، ومنها الشفاعة في إخراج عصاة المؤمنين من النار، ومنها شفاعته عليه الصلاة والسلام لأقوام أن ترفع درجاتهم في الجنة.
- ومن الأسباب في أن ينال العبد المؤمن شفاعته عليه الصلاة والسلام: الدعاء عقب الأذان، وسؤال الوسيلة والمقام المحمود لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن أسباب الشفاعة الموت في أحد الحرمين، ومن أسبابها كثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (3) دلت الآية بمفهومها على أن غير الكافرين تنفعهم شفاعة الشافعين من رسل وأنبياء وملائكة وصديقين وشهداء وصالحين وآخرين من أهل الإيمان، وقد مرت معنا نصوص في الشفاعة وستمر معنا نصوص في سياقات أخرى.
(1) البقرة: 255.
(2)
الأنبياء: 28.
(3)
المدثر: 48.
قال ابن كثير في النهاية ذاكراً أنواع شفاعاته عليه الصلاة والسلام:
فالنوع الأول منها: شفاعته الأولى. وهي العظمى، الخاصة به، من بين سائر إخوانه، من المؤمنين والمرسلين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وهي التي يرغب إليها فيها الخلق كلهم. حتى الخليل إبراهيم وموسى الكليم. ويتوسل الناس إلى آدم، فمن بعده من المرسلين، فكل يحيد عندها. ويقول: لست بصاحبها. حتى ينتهي الأمر إلى سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة. محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا. فيقول: "أنا لها. أنا لها" فيذهب، فيشفع عند الله عز وجل في أن يأتي للفصل بين عباده، ويريحهم من مقامهم ذلك. ويميز بين مؤمنهم وكافرهم، بمجازاه المؤمنين بالجنة. والكافرين بالنار.
النوع الثاني والثالث من الشفاعة: شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم ليدخلوا الجنة. وفي أقوام آخرين قد أمر بهم إلى النار، أن لا يدخلوا.
النوع الرابع من الشفاعة: شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات من يدخل الجنة فيها، فوق ما كان يقتضيه ثواب أعمالهم.
وقد ذكر القاضي عياض وغيره نوعًا أخر من الشفاعة. وهو: الخامس: في أقوام يدخلون الجنة بغير حساب، ولم أر لهذا شاهدًا فيما علمت، ولم يذكر القاضي فيما رأيت مستند ذلك، ثم تذكرت حديث عكاشة بن محصن حين دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يجعله من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب والحديث مخرج في الصحيحين، كما تقدم، وهو يناسب هذا المقام.
وذكر أبو عبد الله القرطبي في التذكرة:
نوعا آخر سادسًا من الشفاعة: وهو شفاعته في عمه أبي طالب، أن يخفف عذابه
…
واستشهد بحديث أبي سعيد في صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده أبو طالب فقال:
"لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار، يبلغ كعبيه، يغلي منه دماغه".
ثم قال: فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (1).
قيل له: لا تنفعه في الخروج من النار، كما تنفع عصاة الموحدين. الذين يخرجون منها، ويدخلون الجنة.
النوع السابع من الشفاعة: شفاعته صلى الله عليه وسلم لجميع المؤمنين قاطبة، في أن يؤذن لهم في دخول الجنة.
النوع الثامن من الشفاعة: شفاعته في أهل الكبائر من أمة محمد ممن دخل النار، فيخرجون منها وقد تواترت بهذا النوع الأحاديث. اهـ (النهاية في الفتن).
أقول: والتحقيق أنها عشر شفاعات: فهناك شفاعة فصل الخطاب، وهناك الشفاعة لجواز الصراط وهناك الشفاعة لدخول الجنة، وفي كل من هذه الشفاعات الثلاث يفزع الناس إلى آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، ثم يؤول الأمر إلى أن يشفع محمد صلى الله عليه وسلم ولم يذكر في كلام ابن كثير الشفاعة لجواز الصراط والشفاعة لدخول الجنة مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر أن الناس يفزعون إليه ثلاث فزعات يوم القيامة، ولغموض هذا المقام فإنه يلتبس على البعض حمل بعض النصوص على محاملها الصحيحة وقد مرت معنا من قبل نصوص كثيرة في الشفاعة وفيما يأتي نذكر بعض النصوص:
(1) المدثر: 48.