الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الثانية
في:
النفختين وفي: يوم القيامة
بمناسبة الكلام عن يوم القيامة يمر علينا ذكر الصوم الذي تتم فيه النفختان: النفخة الأولى، والنفخة الثانية، نفخة الإماتة وما يعقبها، ونفخة الإحياء وما يعقبها، والصور أشبه بالقرن والنافخ فيه هو إسرافيل بإجماع العلماء.
- وبمناسبة الكلام عن النفخة الأولى يمر معنا أن هناك خلقًا مستثنين من الإماتة قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} (1)، وهناك تحقيقات للعلماء فيمن يستثنى من الصعق. والمطلوب منا الإيمان بالاستثناء إجمالًا دون الدخول في التفصيلات، وكما أن بعض الأحياء مستثناة من الصعق فهناك بعض المخلوقات لا يدخل عليها تغير بسبب النفخة الأولى كالعرش.
- وبمناسبة الكلام عن النفخة الثانية تمر معنا كلمة عجب الذنب وهو العظم اللطيف الذي هو في أسفل الصلب وهو رأس العصعص وهو أول ما يجمع من الأرض في ابن آدم يوم القيامة، وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه والظاهر أن هذا الجزء من الإنسان إذا مات لا يدخل في تركيب أي جسم آخر، وليس المراد ببقائه أنه لا يتحلل، بل المشاهد أنه يحترق ويتحلل، ولكن الله عز وجل يحفظ أجزاءه فحيثما ذهبت فهي محفوظة، وهي أول ما تجمع يوم القيامة ثم يبنى عليها الإنسان من المطر الذي ينزله الله عز وجل ويتضمن أجزاء المخلوقات ليذهب كل جزء إلى صاحبه.
- وبمناسبة الكلام عن النفختين نذكر المدة بينهما، ومجموع الروايات تفيد أنها أربعون سنة والله أعلم.
- وبمناسبة الكلام عن النفخة الأولى يذكر ما يحدث للأرض، فالأرض لها تبدلات متعددة، والتبدل الأول هو ما يحدث من تسجير البحر بأن تصبح نارًا، والجبال تندك فتكون كالصوف المندوف ثم تصبح كالهباء المنبث في الهواء، ثم تسوى الأرض جميعًا فلا
(1) الزمر: 68.
يبقى فيها ارتفاع أو انخفاض، ثم تمد مدًا بعد أن كانت كروية، ثم تحدث لها تبدلات أخرى كما ذكرنا من قبل وكما سنرى من بعد، فقد نقل الألوسي عن بعضهم أن الأرض تبدل صفتها ابتداء ثم تبدل ذاتها بعد أن تحدث أخبارها قال: ولا مانع أن تكون هناك تبدلات على أنحاء شتى.
قال ابن كثير في النهاية:
وفي صحيح مسلم، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: سئل أين يكون الناس يوم تبدل الأرض والسموات؟ فقال: "في الظلمة دون الجسر".
وقد يكون المراد بذلك تبدلًا آخر غير هذا المذكور في هذا الحديث، وهو أن تبدل معالم الأرض فيما بين النفختين، نفخة الصعق، ونفخة البعث، فتسير الجبال، وتميد الأرض، ويبقى الجميع صعيدًا واحدًا، لا اعوجاج فيها ولا روابي ولا أودية قال الله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} (1). أي لا انخفاض فيها ولا ارتفاع وقال تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} (2).
وقال تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} (3).
وقال تعالى: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} (4).
وقال تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا * وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} (5). اهـ (النهاية في الفتن والملاحم).
- وبمناسبة النفخة الثانية تذكر بعض النصوص الصحيحة أن أول من تنشق عنه الأرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أبو بكر ثم عمر.
والنصوص القرآنية والحديثية كثيرة وحسبنا أن نذكر ههنا بعضها مع ملاحظة أن النصوص كثيرًا ما تتحدث عن أكثر من مشهد من مشاهد يوم القيامة.
(1) طه: 105 - 107.
(2)
النبأ: 20.
(3)
القارعة: 5.
(4)
الحاقة: 14.
(5)
الكهف: 47، 48.