المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الاستطابة ‌ ‌الحديث الأول 11 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ١

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتْابُ الطَّهَارَة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌بابُ الجنابةِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌بابُ التَّيَمُّمِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌بابُ الحيضِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كِتْابُ الصَّلَاة

- ‌بابُ المواقيتِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن والحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌بابُ فضلِ صلاة الجماعةِ ووجوبِها

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

الفصل: ‌ ‌باب الاستطابة ‌ ‌الحديث الأول 11 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله

‌باب الاستطابة

‌الحديث الأول

11 -

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلاءَ، قَالَ:«اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» (1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (142)، كتاب: الوضوء، باب: ما يقول عند الخلاء، و (5963)، كتاب: الدعوات، باب: الدعاء عند الخلاء، ومسلم (375)، (1/ 273 - 284)، كتاب: الحيض، باب: ما يقول إذا أراد دخول الخلاء، وأبو داود (4، 5)، كتاب: الطهارة، باب: ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء، والنسائي (19)، كتاب: الطهارة، باب: القول عند دخول الخلاء، والترمذي (5، 6)، كتاب: الطهارة، باب: ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

«معالم السنن» للخطابي (1/ 10)، و «عارضة الأحوذي» لابن العربي (1/ 19)، و «إكمال المعلم» للقاضي عياض (2/ 229)، و «المفهم» للقرطبي (1/ 355)، و «شرح مسلم» للنووي =

ص: 177

[الْخُبُثُ -بضم الخاء والباء-، وهو جمع خبيث، والخبائث: جمع خبيثة، استعاذة من ذكران الشياطين وإناثهم].

* التعريف:

أنس بن مالك: بن النضر -بالضاد المعجمة الساكنة (1) - ابن ضمضم -بضادين- ابن زيد بن حرام -بفتح الحاء (2) والراء المهملتين- ابن جندب بن عامر ابن غنم بن عدي بن النجار، الأنصاري، النجاري، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكنى: أبا حمزة، كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة كان يجتنيها (3).

قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة (4) وهو ابن عشر سنين، فأتت به أمه،

= (4/ 70)، و «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 49)، و «النكت على العمدة» للزركشي (ص: 23)، و «التوضيح» (1/ 88)، و «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام» كلاهما لابن الملقن (1/ 421)، و «فتح الباري» لابن حجر (1/ 242)، و «عمدة القاري» للعيني (2/ 270)، و «كشف اللثام» للسفاريني (1/ 174)، و «سبل السلام» للصنعاني (1/ 73)، و «نيل الأوطار» للشوكاني (1/ 87).

(1)

في (ق) زيادة: وكذلك ضمضم بضادين معجمتين مفتوحتين بينهما ميم ساكنة بن ضمضم بن زيد.

(2)

في (ق): "بحاء مفتوحة.

(3)

رواه الترمذي (3830)، كتاب: المناقب، باب: مناقب أنس بن مالك رضي الله عنه، والإمام أحمد في «المسند»:(3/ 127)، وغيرهما.

(4)

المدينة ليس في (ق).

ص: 178

أم سليم الأنصارية، امرأة أبي طلحة اسمها الرميصاء - بالراء المهملة المضمومة والميم المفتوحة، وبعدها ياء ساكنة باثنتين تحتها بعدها صاد مهملة وهمزة ممدودة - ويقال: الغميصاء بنت ملحان، فعرضت عليه خدمته، فقبلها، قالت: يا رسول الله! أنس غلام (1) كاتب لبيب، يخدمك، فخرج معه في خدمته إلى بدر، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن عشرين سنة، وبقي بعده نحوا من ثمانين سنة (2).

وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين، وقيل: سنة اثنتين وتسعين (3)، وقيل: سنة ثلاث وتسعين، وهو ابن مئة وثلاث سنين، وقد قيل: ابن مئة وعشر سنين، ومات في قصره بالطَّفِّ (4) على فرسخين من البصرة، وصلى عليه قطن بن مدرك الكلابي، وهو آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: لم يبق على وجه الأرض من صلى القبلتين غيري (5).

ولم يبق بعده (6) ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم سوى أبي الطفيل عامر بن

(1) في (ق) زيادة: صغير.

(2)

وبقي بعده نحوا من ثمانين سنة ليس في (ق).

(3)

وقيل: سنة اثنتين وتسعين ليس في (ق).

(4)

في (ق): "بالطائف وهو خطأ، والطف: بفتح أوله وتشديد ثانيه. انظر: «معجم ما استعجم» لأبي عبيد البكري (3/ 891).

(5)

رواه البخاري (4219)، كتاب: التفسير، باب:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144].

(6)

في (ق): "غيره.

ص: 179

واثلة الليثي من بني كنانة، وهو الذي يقول:

وَبُقِّيتُ سَهْمًا فِي الْكِنَانَةِ وَاحِدًا

سَيُرْمَى بِهِ أَوْ يَكْسِرِ السَّهْمَ نَاضِلُهْ (1)

وكانت وفاته سنة مائة، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية أعوام، ولد عام أُحُد.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا لأنس بالبركة في ماله وولده، فكان يقول: إني لمن أكثر الأنصار مالاً وولدا (2).

ويقال: إنه ولد له ثمانون ولدا ليس فيهم أنثى سوى (3) اثنتين: حفصة، وأم عمرو، وثمانية وسبعون ذكرا، وتوفي في حياته من ولده وولد ولده نحو مائة (4).

روي لأنس بن مالك ألفا حديث، ومائتا حديث، اتفقا منها على مائة وثمانية وستين، وانفرد البخاري بثلاث وثمانين، وانفرد مسلم بأحد وسبعين حديثًا (5).

(1) انظر: «تاريخ دمشق» لابن عساكر (26/ 131).

(2)

رواه البخاري (1881)، كتاب: الصوم، باب: من زار قوما فلم يفطر عندهم. وانظر: «الاستيعاب» لابن عبد البر (1/ 111).

(3)

في (ق): "لا.

(4)

وقد ذكر أنس رضي الله عنه في حديث السابق المخرج عند البخاري: أن ابنته أمينة حدثته أنه دفن لصلبه مقدم الحجاج البصرتة بضع وعشرون ومئة.

(5)

وانظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (7/ 17)، و «الثقات» لابن حبان (3/ 4)، و «تاريخ دمشق» لابن عساكر (9/ 332)، و «صفة =

ص: 180

* ثم الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: قوله: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم» : (كان) هنا هي التي تدل على الملازمة والمداومة.

وقوله: «إذا دخل الخلاء» ؛ أي: إذا أراد الدخول، وهو كقوله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: 98]، هذا أولى من حمله على ظاهره؛ لأنه لا خلاف فيه؛ أعني: جواز الذكر قبل الوصول إلى المكان المعد لقضاء الحاجة.

وأما فيه نفسه: فقد اختلف فيه المذهب على قولين، وحمله على المجمع عليه أولى من المختلف فيه؛ لأن الخلاء المذكور في الحديث هو المعد لقضاء الحاجة بلا (1) إشكال، أما لو كان غير معد؛ كالصحارى، فلا خلاف في جواز الذكر فيه نفسه (2).

الثاني: (الخلاء) -بالمد-، وهو المتوضأ، وأصله: الموضع

= الصفوة» لابن الجوزي (1/ 710)، و «المنتظم» له أيضا (6/ 303)، و «أسد الغابة» لابن الأثير (1/ 294)، و «تهذيب الأسماء واللغات» للنووي (1/ 136)، و «تهذيب الكمال» للمزي (3/ 353)، و «سير أعلام النبلاء «للذهبي (3/ 395)، و «تذكرة الحفاظ «له أيضا (1/ 44)، و «العبر» له أيضا (1/ 107)، و «البداية والنهاية» لابن كثير (5/ 331)، و «الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (1/ 126)، و «تهذيب التهذيب» له أيضا (1/ 329).

(1)

في (ق): "فلا.

(2)

انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 50).

ص: 181

الخالي، كانوا ينتابونه لقضاء الحاجة، ثم كثر حتى تجوز به عن ذلك (1).

وأما الخلا -مقصورا-، فهو الرطب من الحشيش، وحسن الكلام - أيضا -، ومنه قولهم: هو حلو الخلا؛ أي: حَسَن الكلام، وقد يكون خلا مستعملاً (2) في باب الاستثناء.

وللعرب فيه حينئذ مذهبان: منهم من يجعله حرفًا، ومنهم من يجعله فعلاً.

فإن كسرت الخاء مع المد، فهو عيب في الإبل، كالحران في الخيل (3)، وفي

الصحيح: «ما خلأت القصواء، ولكن حبسها حابس الفيل» (4)، وفي حديث أم زرع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: «كنت لك كأبي زرع في الألفة والوفاء، لا في الفرقة والخلاء» (5).

وسمي موضع الحاجة خلاءً -بالفتح والمد-؛ لخلائه في غير

(1) المرجع السابق، الموضع نفسه.

(2)

في (ق): "يستعمل.

(3)

انظر: «جمهرة اللغة» لابن دريد (2/ 1056).

(4)

رواه البخاري (2581)، كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، من حديث المسور بن مخرمة ومروان.

(5)

من رواية الهيثم بن عدي، فيما رواه الدارقطني في «الأفراد» ، كما عزاه الحافظ في «الفتح» (9/ 275).

ص: 182

أوقات الحاجة، وهو أيضا: الكنيف، والمرحاض، والحُش. قال الشعبي: ما حدثوك (1) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاقبله، وما حدثوك (2) عن آرائهم، فاجعله في (3) الحُش (4). يعني: المرحاض.

قال ابن بزيزة: إشارة إلى بطلان الرأي والقياس في الدين. وانتصابه على أنه مفعول به، لا على (5) الظرف؛ لأن (دخل) عدته العرب بنفسه إلى كل ظرف مكان مختص، تقول: دخلت الدار، ودخلت المسجد، ونحو ذلك، كما عدت ذهب إلى الشام خاصة، فقالوا: ذهبت الشام، ولا يقولون: ذهبت العراق، ولا ذهبت اليمن، فاعرفه.

الثالث: قوله: «اللهم» : فيه لغتان: أفصحهما (6) أن تستعمل بالألف واللام، والثانية (لاهم) - بحذف الألف واللام، والثانية (لاهم) - بحذف الألف واللام-، والميم في آخره زائدة على حد زيادتها في: زرقم، وجلكم (7)، وزيدت لأن تجعل

(1) في (ق) زيادة: به.

(2)

في (ق) زيادة: به.

(3)

من ليست في (ق).

(4)

رواه الدارمي في «سننه» (1/ 78)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (2/ 190).

(5)

في (ق): "إلا أنه على.

(6)

في (ق): "أفصحها.

(7)

في (ق): "ورقم وحكم.

ص: 183

كالمعوض منه، ولما (1) كانت الميم المشددة عوضا من (يا)، لم يجز الجمع بينهما، فلا يقال: يا اللهم في فصيح الكلام، فأما قوله:[الرجز]

وَمَا عَلَيْكِ أَنْ تَقُولِي كُلَّمَا

سَبَّحْتِ أَوْ هَلَّلْتِ يَا اللَّهُمَّا

اُرْدُدْ عَلَيَّ شَيْخَنَا مُسَلَّمَا (2)

فضرورة، كما جمع الآخر بين العوض والمعوض منه في قوله:[الطويل]

هُمَا نَفَثَا فِي فِيَّ مَنْ (3) فَمَويهما

على النابح العاوي أشد الرجام (4)

فجمع بين الميم والواو في قوله: فمويهما، مع (5) أنها عوض عنها (6)، هذا هو الصحيح عند البصريين، وللكوفيين خلاف مذكور في كتب العربية (7)، لا نطول بذكره.

الرابع: «أعوذ» : أصله أعوُذ -بسكون العين وضم الواو-،

(1) في (ق): "وإذا.

(2)

هذا الرجز مما لا يعرف قائله، كما ذكر البغدادي في «خزانة الأدب» (2/ 295).

(3)

من ليست من (خ).

(4)

البيت للفرزدق، كما في «الكتاب» لسيبويه (3/ 365).

(5)

مع ليست في (ت).

(6)

في (ق): "منها".

(7)

في (ق): "النحو".

ص: 184

استثقلت الضمة على الواو، فنقلت (1) إلى العين، فبقيت الواو ساكنة، ومصدره: عوذ، وعِياذ، ومَعاذ (2).

ومعنى الاستعاذة: الاستجارة، والاعتصام (3)، فمعنى أعوذ بالله: أستجير بالله، وأعتصم به (4)(5).

الخامس: «الخبث» : -بضم الخاء والباء-، كما ذكره المصنف رحمه الله، وذكر الخطابي في «أغاليط المحدثين» روايتهم له بإسكان الباء (6).

(1) في (ق): "فانقلبت.

(2)

انظر: «إعراب القرآن» للعكبري (1/ 1).

(3)

في (ق): "والاستعصام.

(4)

به ليس في (ق).

(5)

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فمعنى «أعوذ» ألتجئ وأعتصم وأتحرز، وفي أصله قولان:

أحدهما: أنه مأخوذ من الستر.

والثاني: أنه مأخوذ من لزوم المجاورة.

فمن قال بالأول: استدل بأن العرب تقول للبيت الذي في أصل الشجرة، الذي قد استتر بها: عوذ، فكأنه لما عاذ بالشجرة، واستتر بأصلها وظلها، سمي عوذا، فكذا العائذ قد استتر من عدوه بمن استعاذه به.

ومن قال بالثاني: استدل بأن العرب تقول للحم إذا لصق بالعظم فلم يتخلص منه، عوذ؛ لأنه اعتصم به واستمسك، فكذا العائذ قد استمسك بالمعاذ به، واعتصم به، ولزمه.

انظر: «بدائع الفوائد» (2/ 426).

(6)

انظر: «إصلاح غلط المحدثين» للخطابي (ص: 48).

ص: 185

ق: ولا ينبغي أن يعد هذا غلطًا؛ لأن فُعلاً -بضم الفاء والعين - تخّفف عينه قياسا.

قلت: وكذلك فعل، بالكسر.

قال: ولا يتعين أن يكون المراد بالخبث -بسكون الباء - ما لا يناسب المعنى، بل يجوز أن يكون وهو ساكن الباء بمعناه وهو مضموم الباء، نعم، من حمله وهو ساكن الباء على ما لا يناسب، فهو غالط في الحمل على هذا المعنى، لا في اللفظ (1).

السادس: ظاهر الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر بهذه الاستعاذة ضرورة؛ كونها لولم تسمع، لم تنقل، ويبعد أن يكون ذلك جاء على طريق إخباره صلى الله عليه وسلم عن نفسه.

السابع: الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك إظهارا للعبودية، وتعليما للأمة، وإلا، فهو صلى الله عليه وسلم محفوظ من الجن والإنس، وقد ربط عفريتا في سارية من سواري المسجد، الحديث إلى آخره (2).

فائدة:

قال الشيخ زكي الدين عبد العظيم: قال ابن الأعرابي: أصل الخبث في كلام العرب: هو المكروه، فإن كان من الكلام، فهو

(1) انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق ر (1/ 50).

(2)

رواه البخاري (449)، كتاب: المساجد، باب: الأسير أو الغريم يربط في المسجد، ومسلم (541)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة، والتعوذ منه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 186

الشتم، وإن كان من الملل، فهو الكفر، وإن كان من الطعام، فهو الحرام، وإن كان من الشراب، فهو الضار (1).

* * *

(1) وكذا نقله ابن الجوزي في «كشف المشكل» (3/ 271)، والنووي في «شرح مسلم) (4/ 71).

ص: 187