الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
25 -
عَنْ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ الأَسَدِيَّةِ: أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ؛ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ، إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِهِ ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ؛ فَدَعَا بِمَاءٍ، فَنَضَحَهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (221)، كتاب: الوضوء، باب: بول الصبيان، ومسلم (287)، (1/ 238)، كتاب: الطهارة، باب: حكم بول الطفل الرضيع: وكفية غسله، وهذا لفظ البخاري. ورواه أبو داود (374)، كتاب: الطهارة، با: بول الصبي يصيب الثوب، والنسائي (302)، كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي الذي لم يأكل الطعام، والترمذي (71)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن يطعم، وابن ماجه (524)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
«الاستذكار» لابن عبد البر (1/ 355)، و «المنتقى شرح الموطأ» للباجي (1/ 460)، و «عارضة الأحوذي» لابن العربي (1/ 93)، و «إكمال المعلم» للقاضي عياض (2/ 111)، و «المفهم» للقرطبي (1/ 546)، و «شرح مسلم» للنووي (3/ 194)، و «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 80)، و «التوضيح» لابن الملقن (4/ 407)، و «فتح الباري» لابن حجر (1/ 326)، و «عمدة القاري» للعيني (3/ 132)، =
وَحَدَّثَتْ (1) عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِصَبِيٍّ ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ ، فَدَعَا بِمَاءٍ ، فَأَتْبَعَهُ إيَّاهُ (2).
وَلِمُسْلِمٍ: فَأَتْبَعَهُ بَوْلَهُ ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ (3).
= و «كشف اللثام» للسفاريني (1/ 310)، و «نيل الأوطار» للشوكاني (1/ 55).
(1)
في (ق): "وحديث.
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (220)، كتاب: الوضوء، باب: بول الصبيان، وهذا سياقه، و (5151)، كتاب: العقيقة، باب: تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه، وتحنيكه، و (5656)، كتاب: الأدب، باب: وضع الصبي في الحجر، و (5994)، كتاب: الدعوات، باب: الدعاء للصبيان بالبركة، ومسح رؤوسهم، والنسائي (303)، كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي الذي لم يأكل الطعام، وابن ماجه (523)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم.
(3)
رواه مسلم (286)، (1/ 237)، كتاب: الطهارة، باب: حكم بول الطفل الرضيع، وكيفة غسله.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
«الاستذكار» لابن عبد البر (1/ 355)، و «المنتقى شرح الموطأ» لأبي الوليد الباجي (1/ 460)، و «إكمال المعلم» للقاضي عياض (2/ 111)، و «المفهم» للقرطبي (1/ 546)، و «وشرح مسلم» للنووي (3/ 193)، و «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 80)، و «فتح الباري» لابن حجر (1/ 325)، و «عمدة القاري» للعيني (3/ 129)، و «كشف اللثام» للسفاريني (1/ 310)، و «نيل الأوطار» للشوكاني (1/ 55).
* التعريف:
أم قيس: اسمها آمنة بنت محصن بن جرثان - بضم الجيم وسكون الراء المهملة وثاء مثلثة - بن قيس بن مرة بن كبير - خلاف صغير (1) - ابن غنم بن ذودان بن أسد بن خزيمة، وهي أخت عكاشة -بتشديد الكاف- ابن محصن.
أسلمت بمكة قديما، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة.
روي لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة وعشرون حديثًا، اتفقا منها على حديثين، روى عنها: من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: وابصة بن معبد، ومن التابعين: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ونافع مولى حمنة بنت شجاع.
روى لها الجماعة (2).
* ثم الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: الابن لا يقع إلا على الذكر خاصة إجماعا، والولد يقع على الذكر والأنثى، و «لم يأكل الطعام» في موضع خفض صفة (لابن)،
(1) في (ق): "بني كلاب صفر بدل خلاف صغير.
(2)
وانظر ترجمتها في: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (8/ 242)، و «الثقات» لبان حبان (3/ 459)، و «الاستيعاب» لابن عبد البر (4/ 1951)، و «أسد الغابة» لابن الأثير (7/ 368)، و «تهذيب الكمال» للموي (35/ 379)، و «الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (8/ 280)، و «تهذيب التهذيب» له أيضا (12/ 502).
وهو باب اجتماع المفرد والجملة صفتين، وتقديم المفرد على الجملة، وهو الأحسن، وإن كان الآخر حسنا جميلا (1)، ومنه قوله تعالى:{وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} [الأنبياء: 50]، ومن الآخر قوله تعالى:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92]، وإنما كان تقديم المفرد أولى؛ لأصالته دون الجملة (2).
والطعام: ما يؤكل، وربما خص الطعام بالبر دون غيره، قاله الجوهري (3).
وفي حديث أبي سعيد الخدري (4): كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، صاعا من طعام، أو صاعا من شعير (5).
ومعنى قولها: «لم يأكل الطعام» ؛ أي: لم يستغن به ويصير له غذاءً عوضا عن الرضاع، لا أنه لم يدخل جوفه شيء قط؛ فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يأتون بأبنائهم ليدعو لهم، لا سيما عند شيء يجده أحدهم من مرض أو شبهة، ويؤيد ذلك جلوسه في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، إذ
(1) في (ق): "جيد بدل جميلا.
(2)
في (ق) زيادة: وهذا كله إذا قلنا: إن الجارَّ يتعلق بفعل، وأما من يقول: إنه يتعلق باسم، فليس من هذا الباب، لكونهما مفردين. والطعام .... .
(3)
انظر: «الصحاح» للجوهري (5/ 1974)، (مادة: طعم).
(4)
الخدري ليس في (ق).
(5)
رواه البخاري (1439)، كتاب: صدقة الفطر، باب: الصدقة قبل العيد، ومسلم (985)، كتاب: الزكاة، باب: زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير.
الصبي عند الولادة لا يجلس، ويقويه - أيضا -: قولها: «لم يأكل الطعام» ، ولم تقل: لم يرضع، ويبعد أن يكون عبر بالإجلاس عن الوضع كما قاله الباجي؛ لأنه خلاف الحقيقة والأصل (1).
والحَجر - بفتح الحاء وكسرها - لغتان مشهورتان.
الثاني: اختلف أصحابنا في نجاسة بول الصبي والصبية اللذين لم يأكلا الطعام على ثلاثة أقوال:
مشهورها، وهو قول مالك: أنه نجس.
وقال ابن وهب: بول الصبي الذي لم يأكل الطعام طاهر، لا يجب غسله، ويغسل بول الجارية لنجاسته.
هكذا حكاه الباجي في «المنتقى» ، ثم قال عقب ذلك: وبه قال الشافعي، يعني: التفرقة بين الصبي والصبية.
وليس كما قال رحمه الله، فإن الشافعي رحمه الله لم يختلف قوله: إن البول منهما نجس، وإن كان بول الصبي عنده ينضح، وبول الجارية يغسل، وابن وهب يقول بطهارة بول الصبي -على ما تقدم-، فليس قوله موافقًا لقول الشافعي، فليعلم ذلك.
والقول الثالث: وهو رواية الوليد بن مسلم عن مالك في «مختصر ما ليس في المختصر» : لا يغسل بول الجارية ولا الغلام حتى يأكل الطعام.
(1) انظر: «المنتقى في شرح الموطأ» للباجي (1/ 460).
قال الباجي: وهذه رواية شاذة، والصحيح المشهور ما تقدم، يريد: أنه يغسل منهما، أكلا الطعام، أم لا.
قال: ودليلنا من جهة القياس؛ أن هذا بول آدمي، فوجب غسل الثوب منه، أصل ذلك بول آكل الطعام، انتهى (1).
وممن قال بالفرق بينهما: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وجماعة من السلف، وأصحاب الحديث، وروي عن أبي حنيفة.
* فصل:
ذكر ح في «شرح مسلم» -بعد أن ذكر الخلاف المتقدم-: أن هذا الخلاف إنما هو في كيفية تطهير الشيء الذي بال عليه الصبي، ولا خلاف في نجاسته.
قال: وقد نقل بعض أصحابنا إجماع العلماء على نجاسة بول الصبي، وأنه لم يخالف فيه إلا داود الظاهري.
قال: وأما ما حكاه الحسن بن بطال، ثم القاضي عياض، عن الشافعي وغيره: أنهم قالوا: بول الصبي طاهر، فينضح، فحكاية باطلة قطعا. انتهى كلامه (2).
قلت: قوله: «لا خلاف في نجاسته» ، ليس كذلك؛ لما قدمناه من
(1) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(2)
انظر: «شرح مسلم» للنووي (3/ 195).
الخلاف الصريح فيه، وقوله:«فحكاية باطلة» ، كلام ليس بمحرر؛ إذ غير الشافعي اللذين حكيا - أعني: ابن بطال: والقاضي عياض - عنهم (1) طهارة بول الصبي هم الذين تقدم ذكرهم في التفرقة بين بول الصبي والصبية، فكان وجه الكلام أن يقول: ما حكياه عن الشافعي، من غير عطف غيره عليه، فهو رحمه الله بالغلط أولى؛ لنقله الإجماع في موضع الخلاف، وقد صرح بالخلاف - أيضا - ق في شرح هذا الكتاب، فقال: اختلف العلماء في بول الصبي الذي لم يطعم الطعام في موضعين:
أحدهما: طهارته أو نجاسته .... إلى آخر كلامه (2)، ثم إنه ناف، وغيره مثبت، وهو أولى من النافي، وبالله التوفيق.
توجيه:
وجه المشهور: القياس على سائر النجاسات، وتأويل الحديث بأنه لم يغسله؛ أي: غسلاً مبالغا فيه كغيره.
ق: وهو خلاف الظاهر، فيحتاج إلى دليل يقاوم الظاهر (3).
قلت: وهو كما قال، وقد تقدم.
ووجه النضح: التمسك بظاهر الحديث.
وأما وجه التفرقة بين الصبي والصبية: فقد اعتل بعضهم في هذا بأن بول الصبي يقع في محل واحد، وبول الصبية يقع منتشرا، فيحتاج إلى صب الماء في مواضع متعددة، ما لا يحتاج إليه في بول الصبي.
وقيل: إن النفوس أعلق بالذكور منها بالإناث (1)، فيكثر حمل الذكور، فيناسب التخفيف بالاكتفاء بالنضح؛ دفعا للعسر والحرج؛ بخلاف الإناث؛ لقلة هذا المعنى فيهن، فيجري على القياس في غسل النجاسة (2).
وقد قيل غير ذلك مما لا يستحق أن يحكى لضعفه، فاقتصرنا على هذا.
الثالث: في الحديث فوائد:
منها: التبرك بأهل الصلاح والفضل.
ومنها: استحباب حمل الأطفال إلى أهل الفضل والتبرك بهم.
ح: وسواء في هذا الاستحباب للمولود حال ولادته وبعدها.
ومنها: الندب إلى حسن المعاشرة، واللين والتواضع والرفق بالصغار وغيرهم (3).
الرابع: / قولها: «فبال على ثوبه» إلى آخره.
قال الباجي: يريد: أنه صب عليه من الماء ما غمره، وأذهب لونه وطعمه وريحه، فطهر بذلك الثوب.
قال: وهذه حجة مالك رحمه الله في أن قليل الماء لا ينجسه (4) قليل
(1) في (ق): "منها بالذكور بالإناث.
(2)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(3)
انظر: «شرح مسلم» للنووي (3/ 194).
(4)
في (ق): "فإن قليل الماء ينجسه، وهو خطأ.
النجاسة إذا غلب عليها، وليس يفتقر تطهير النجاسة إلى إمرار اليد، وإنما المقصود إزالة العين، والحكم بأي وجه كان من غلبة الماء عليها، أو غير ذلك، والله أعلم (1).
* * *
(1) انظر: «المنتقى في شرح الموطأ» (1/ 461).