الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
56 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَثْقَلُ الصَّلاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ ، وَصَلاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا؛ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ، فَتُقَامَ ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً، فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ، مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ، إلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ؛ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (618)، كتاب: الجماعة والإمامة، باب: وجوب صلاة الجماعة، و (626)، باب: فضل العشاء في الجماعة، و (2288)، كتاب: الخصومات، باب: إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة، و (6797)، كتاب: الأحكام، باب: إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة، ومسلم (651)، (1/ 451، 452)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة، واللفظ له، بزيادة:«إن» في أول الحديث، وأبو داود (548)، كتاب: الصلاة، باب: في التشديد في ترك الجماعة، والنسائي (848)، كتاب: الإمامة، باب: التشديد في التخلف عن الجماعة، والترمذي (217)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب، وابن ماجه (791)، كتاب: المساجد والجماعات، باب: التغليظ في التخلف عن الجماعة. =
* الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: الثقل: ضد الخفة، تقول منه: ثقل الشيء ثِقَلًا؛ مثل: صغر صغرا، فهو ثقيل، والثَّقَل -بالتحريك-: متاع المسافر وحَشَمه، ويقال: وجدت ثقلة في جسدي؛ أي: ثِقَلًا وفتورا، حكاه الكسائي، وثَقِلَةُ القوم -بكسر القاف-: أثقالهم، وأثقلت المرأة، فهي مُثْقِلٌ؛ أي: ثقل حملها في بطنها، قال الأخفش: صارت ذات ثقل؛ كما يقال: أَتْمَرْنَا؛ أي: صرنا ذوي تمر، وقولهم: ألقى عليهم مثاقيله؛ أي: مأونته (1).
فقد تحصل من هذا أن الثقل يستعمل حقيقة، وذلك في الأجسام، ومجازا، وذلك في المعاني، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة
= * مصَادر شرح الحَدِيث:
«الاستذكار» لابن عبد البر (2/ 139)، و «إكمال المعلم» للقاضي عياض (2/ 622)، و «المفهم» للقرطبي (2/ 276)، و «شرح مسلم» للنووي (5/ 153)، و «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 163)، و «العدة في شرح العمدة» لابن العطار (1/ 348)، و «فتح الباري» لابن رجب (4/ 12)، و «النكت على العمدة» للزركشي (ص: 73)، و «التوضيح» لابن الملقن (6/ 415)، و «طرح التثريب» للعراقي (2/ 307)، و «فتح الباري» لابن حج (2/ 125)، و «عمدة القاري» للععيني (5/ 159)، و «كشف اللثام» للسفاريني (2/ 105)، و «سبل السلام» للصنعاني (2/ 18)، و «نيل الأوطار» للشوكاني (3/ 150).
(1)
انظر: «الصحاح» للجوهري (4/ 1647)، (مادة: ثقل).
الفجر» (1)؛ أذ الصلاة ليست بجسم.
ويؤخذ منه؛ أعني: قوله عليه الصلاة والسلام: «أثقل الصلاة على المنافقين» : أن الصلوات (2) كلها ثقيلة عليهم؛ لما تمهد من أن «أفعل» للمشاركة والتفضيل، لا بد من حصول ثقل في غيرهما، حتى يكون العشاء والصبح أثقل عليهم منها، وفي قوله تعالى:{وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى} [التوبة: 54] دليل على ذلك (3).
وهذا كله في صلاة الجماعة، وإن لم تذكر؛ لقوة السياق الدال على ذلك، ألا ترى إلى قوله:«لأتوهما (4) ولو حبوا» ، «ولقد هممت» إلى قوله:«لا يشهدون الصلاة» ، كل ذلك مشعر بأن المقصود حضورهم إلى جماعة المسجد، وإنما كانت هاتان الصلاتان أثقل على المنافقين من غيرهما؛ لقوة الداعي إلى ترك حضور الجماعة فيهما، وقوة الصارف عن الحضور.
أما العشاء، فلأنها وقت الإيواء إلى البيوت، والاجتماع مع الأهل، واجتماع ظلمة الليل، وطلب الراحة من متاعب السعي بالنهار.
وأما الصبح، فلأنها في وقت لذة النوم، فإن كانت في زمن البرد، ففي وقت شدته؛ لبعد العهد بالشمس؛ لطول الليل، وإن كانت
(1) صلاة العشاء وصلاة الفجر ليس في (ق).
(2)
في (خ): أن الصلاة.
(3)
في (ق) زيادة: أيضا.
(4)
في (ق): "لأتوها.
في زمن الحر، فهو وقت البرد والراحة من أثر حر الشمس؛ لقرب العهد بها، فلما قوي الصارف عن الفعل، ثقلت على المنافقين.
وأما المؤمن الكامل الإيمان، فهو عالم بزيادة الأجر لزيادة المشقة، لا سيما إن استحضر حديث:«بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» (1)، ونحو ذلك من الأحاديث، فتصير هذه الأمور الشاقة على المنافق سائقة للمؤمن، وداعية له إلى الفعل، كما كانت صارفة للمنافق، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:«و (2) لو يعلمون ما فيهما» ؛ أي: من الأجر والثواب، «لأتوهما ولو حبوا» (3).
الثاني: المنافق: عبارة عنمن أظهر الإيمان، وأبطن الكفر، وهو مشتق من النافقاء، وهي أحد جحر (4) اليربوع، وذلك أنه يكتمها (5)، ويظهر غيرها، وهي موضع (6) ترفقه، فإذا أتي من قبل القاصعاء وهو
(1) رواه أبو داود (561)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلم، والترمذي (223)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في فضل العشاء والفجر في جماعة، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه.
(2)
الواو زيادة من (ق).
(3)
انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 163).
(4)
في (ق): "إحدى حجر.
(5)
في؟ (ق): "يكميها.
(6)
في (ق): "في موضع.
الجحر الذي يقصع فيه؛ أي: يدخل، ضرب النافقاء برأسه فانتفق؛ أي: خرج، يقال منه: نفق اليربوع تنفيقا، ونافق؛ أي: أخذ في نافقائه (1).
فكذلك (2) المنافق كتم خلاف ما أظهر، كما كتم اليربوع النافقاء، وأظهر القاصعاء، والله أعلم.
الثالث: قد تقدم أن صلاة الجماعة في غير الجنمعة سنة مؤكدة عند الجمهور، وذهب عطاء، والأوزاعي، وأبو ثور، وابن المنذر، وابن خزيمة، وداود إلى أنها فرض عين؛ أخذا بظاهر هذا الحديث.
فإن من قال: إنها فرض كفاية يقولون له: قد قام فرض الكفاية بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه، ومن قال: إنها سنة، يقولون له: لا يقتل أحد بترك السنن، فتعين أن تكون فرضا على الأعيان.
وأجاب الجمهور عنه؛ بأن هؤلاء المتخلفين كانوا منافقين، وسياق الحديث يقتضيه؛ فإنه لا يظن بالمؤمنين من الصحابة رضي الله عنهم التخلف والتقاعد عن صلاة الجماعة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفي مسجده.
ويشهد له أيضا: ما جاء في الصحيح: «لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين، لشهد العشاء» (3)، وهذه
(1) انظر: «الصحاح» للجوهري (4/ 1560)، (مادة: نفق).
(2)
في (ق): "وكذلك.
(3)
رواه البخاري (618)، في كتاب: الجماعة والإمامة، باب: وجوب صلاة الجماعة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وعنده:«عرقا سمينا» .
ليست صفة للمؤمنين، لا سيما أكابر المؤمنين، وهم الصحابة.
قالوا: وإذا كانت في المنافقين، كان التحريق للنفاق، لا لترك الجماعة، فبطل الدليل على العينية (1)(2).
ع: وقد قيل: إن هذا في المؤمنين، وأما المنافقون، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم معرضا عنهم، عالما بطوياتهم، كما أنه لم يعترضهم في التخلف، ولا عاتبهم معاتبة كعب وأصحابه من المؤمنين (3).
ق: وأقول: هذا إنما يلزم إذا كان ترك معاقبة المنافقين واجبا على الرسول عليه الصلاة والسلام، فحينئذ يمتنع أن يعاقبهم بهذا التحريق.
وأما أن نقول ترك عتاب (4) المنافقين وعقابهم كان مباحا للنبي صلى الله عليه وسلم مخيرا فيه، فعلى هذا لا يتعين أن يحمل هذا الكلام على المؤمنين؛ إذ يجوز أن يكون في المنافقين لجواز معاقبته عليه الصلاة والسلام لهم (5)، وليس في إعراضه عليه الصلاة والسلام عنهم بمجرده، ما يدل على وجوب ذلك عليه، ولعل قوله -عليه الصلاة والسىلام-: عند ما طلب منه قتل بعضهم: «لا يتحدث الناس أن محمدا
(1) في (ق): "المعينة.
(2)
انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 164).
(3)
انظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (2/ 623).
(4)
في (ق): "عقاب.
(5)
له ليس في (ق).
يقتل أصحابه» (1) مشعرا بما ذكرنا من التخيير؛ لأنه لو كان يجب عليه ترك قتالهم، لكان الجواب بذكر المانع الشرعي، وهو أنه لا يحل قتلهم.
ومما يشهد لمن قال: إن ذلك في المنافقين -عندي-: سياق الحديث من أوله، وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«أثقل الصلاة على المنافقين» ، ووجه آخر في تقرير كونه في المنافقين (2)؛ أن نقول: هم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتحريق يدل على جوازه، وتركه التحريق يدل على جواز هذا الترك، فإذن يجتمع جواز التحريق وجواز تركه في حق هؤلاء القوم، وهذا المجموع لا يكون في المؤمنين فيما هو حق من حقوق الله تعالى (3).
قلت: ويقوي ذلك أيضا: ما في أبي داود عن ابن مسعود رضي الله عنه: ولقد رأيتنا و (4) ما يتخلف عنها إلا منافق بين النفاق، ولقد رأيتنا وإن الرجل ليهادى (5) بين الرجلين حتى يقام في الصف، الحديث (6).
(1) رواه البخاري (3330)، كتاب: المناقب، باب: ما ينهى من دعوى الجالهلية، ومسلم (2584)، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: نصر الأخ ظالما أو مظلوما، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(2)
في (ق): "للمنافقين.
(3)
انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 164).
(4)
الواو زيادة من (ق).
(5)
في (ق): "ليتهادى.
(6)
رواه أبو داود (550)، كتاب: الصلاة، باب: في التشديد في ترك الجماعة.
ع: والحديث حجة على داود، لا له؛؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هم، ولم يفعل؛ ولأنه لم يخبرهم: أن من تخلف عن الجماعة، فصلاته غير مجزئة، وهو موضع البيان (1).
قلت: ومما يرد قول (2) داود: ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» ، وما تقرر من أن (أفعل) للمشاركة والتفضيل، فلولا أن في صلاة الفذ فضيلة، لما ساغ أن يقال: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ؛ لعدم المشاركة على ما تقدم تمهيده؛ إذ لا يجوز أن يجتمع (3) في الصلاة الواحدة الفضيلة وعدم الإجزاء.
وبهذا أيضا يستدل على الإمام أحمد - رحمه الله تعالى- في إحدى الروايتين عنه: أن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان (4)، غير شرط في صحة الصلاة؛ إذ لا تجتمع (5) الفضيلة والإثم في صلاة واحدة، مع ما قيل من أن الغالب أن ما وجب في العبادة كان شرطا فيها.
(1) انظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (2/ 622).
قلت: والمؤلف رحمه الله قد نقله عن ابن دقيق في «شرح العمدة» ، فليتنبه.
(2)
في (ق): "يرد على داود.
(3)
في (ق): "ولا يجوز أن يجمع.
(4)
انظر: «مجموع الفتاوى» لشيخ الإسلام (23/ 353).
(5)
في (ق): "يجمع.
وأيضا فقد اختلف في هذه الصلاة التي هم النبي صلى الله عليه وسلم بالمعاقبة عليها: فقيل: العشاء، وقيل: الجمعة، وقد وردت المعاقبة على كل واحدة منهما مفسرة في الحديث، وفي بعض الروايات: العشاء (1)، والفجر، فإذا كانت هي الجمعة، والجماعة شرط فيها، لم يتم الدليل على وجوب الجماعة مطلقا في غير الجمعة.
ق: وهذا يحتاج إلى أن ينظر في تلك الأحاديث التي بينت فيها تلك الصلاة؛ أنها الجمعة، أو العشاء، أو الفجر.
فإن كانت أحاديث مختلفة، قيل بكل واحد منها.
وإن كانت (2) حديثا واحدا اختلف فيها، فقد يتم هذا الجواب؛ إن عدم الترجيح بين بعض تلك الروايات وبعض، وعدم إمكان أن يكون الجمع مذكورا، ترك بعض الرواة بعضه؛ بأن يقال: النبي صلى الله عليه وسلم أراد إحدى الصلاتين -أعني: الجمعة، أو العشاء- مثلا، فعلى تقدير أن تكون هي الجمعة، لا يتم الدليل، وعلى تقدير العشاء، يتم، فإذن (3) تردد الحال، وقف الاستدلال.
وما ينبه عليه هاهنا: أن هذا الوعيد بالتحريق إذن ورد في صلاة معينة، وهي العشاء، أو الجمعة، أو الفجر، فإنما يدل على وجوب
(1) في (ق): "بالعشاء.
(2)
في (ق): "كان.
(3)
في (ق): "وإذن.
الجماعة في هذه الصلاة، فمقتضى (1) مذهب الظاهرية أن لا يدل على وجوبها في غير هذه الصلوات؛ عملا بالظاهر، وترك اتباع المعنى، اللهم إلا أن يأخذ قوله -عليه الصلاة والسلاىم- «أن آمر بالصلاة فتقام» على عموم الصلاة، فحينئذ يحتاج في ذلك إلى اعتبار لفظ الحديث وسياقه، وما يدل عليه، فيحمل (2) لفظ الصلاة عليه، إن أريد التحقيق وطلب الحق، والله أعلم انتهى (3).
قلت: وأما ما روى أبو داود عن ابن أم مكتوم: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني رجل ضرير البصر، شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني؛ أي: لا يوافقني ولا يساعدني، فهل [لي] رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال:«فهل تسمع النداء؟» قال: نعم، قال:«لا أجد لك رخصة» (4)، فمؤول على أنه لا رخصة لك؟ إن طلبت فضل الجماعة؛ وأنك (5) لا تحرز أجرها مع التخلف عنها بحال.
(1) في (خت) و (ق): "بمقتضى، والصواب ما أثبت.
(2)
في (خ): فحمل.
(3)
انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 166).
(4)
رواه أبو داود (552)، كتاب: الصلاة، باب: في التشديد في ترك الجماعة، وابن ماجه (792)، كتاب: المساجد والجماعات، باب: التغليظ في التخلف عن الجماعة، والإمام أحمد في «المسند» (3/ 423).
(5)
في (خ): ولأنك.
الرابع: قيل؟: في هذا الحديث دليل على أن العقوبة كانت في أول الأمر بالمال؛ لأن تحريق البيوت عقوبة مالية.
وقال بعضهم: أجمع على منع العقوبة في غير المتخلف عن الصلاة، والغال (1) من الغنيمة، واختلف السلف فيهما، والجمهور على منع منع تحريق متاعهما (2).
وقوله عليه الصلاة والسلام: «ثم آمر رجلا فيصلي (3) بالناس» : فيه: دليل استخلاف الإمام عند عروض الحاجة، وإنما هم بإتيانهم بعد إقامة الصلاة؛ لأن ذلك الوقت تتحقق مخالفتهم وتخلفهم (4).
وفيه: جواز الانصراف عند إقامة الصلاة لعذر (5).
وفيه: تقديم الوعيد والتهديد على العقوبة، وسره: أن المفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزواجر، اكتفي به (6) عن الأعلى (7).
وقوله عليه الصلاة والسلام: «فأحرق عليهمم بيوتهم بالنار» :
(1) في (ق): "والغلل.
(2)
انظر: «شرح مسلم» للنووي (5/ 153).
(3)
في (خ): يصلي.
(4)
المرجع السابق، (5/ 154).
(5)
في (ق): "بعد إقامة الصلاة للعذر
(6)
في (ق): "بها.
(7)
انظر: «شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق (1/ 167).
ظاهره: أنه أراد قتلهم، وحرقهم بالنار، إذ لو لم يرد ذلك، لقال: فأحرق بيوتهم، ولم يقل: عليهم، وهو يقوي ما تقدم من أن المراد بهم المنافقون؛ إذ المؤمن لا يقتل لترك صلاة الجماعة إجماعا.
وانظر وجه الجمع بين هذا الحديث، وحديث النهي عن التعذيب بالنار؛ فتإنه عليه الصلاة والسلام لا يهم إلا بما يجوز، وقد تقرر أن المعنى على قصد تحريقهم، وقتلهم بالتحريق، لا تحريق البيوت خاصة، إلا أن تقول: إن حديث النهي عن التعذيب بالنار ناسخ لهذا الحديث، فتحتاج إلى دليل يدل على ذلك؛ إذ النسخ على خلاف الدليل، والله أعلم.
* * *