المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 30 - عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ١

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتْابُ الطَّهَارَة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌بابُ الجنابةِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌بابُ التَّيَمُّمِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌بابُ الحيضِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كِتْابُ الصَّلَاة

- ‌بابُ المواقيتِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن والحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌بابُ فضلِ صلاة الجماعةِ ووجوبِها

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 30 - عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى

‌الحديث الثالث

30 -

عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضُوءَ الْجَنَابَةِ؛ فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاثاً، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ ، أَوْ الْحَائِطِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاثاً، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ ، ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ ، ثُمَّ تَنَحَّى ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ، فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا؛ فَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ (1).

(1) * تجريج الحديث: رواه البخاري (270)، كتاب: الغسل، باب: من توضأ في الجنابة، ثم غسل سائر جسده، ولم يعد غسل مواضع الوضوء مرة أخرى، واللفظ له، ورواه أيضا:(254)، باب: الغسل مرة واحدة، و (256)، باب: المضمضة والاستنشاق في الجنابة، و (257)، باب: مسح اليد بالتراب ليكون أنقى، و (262)، باب: تفريق الغسل والوضوء، و (263)، باب: من أفرغ بيمينه على شماله في الغسل، و (272)، باب: نفض اليد من الغسل عن الجنابة، و (277)، باب: التستر في الغسل عند الناس. ورواه مسلم (317)، (1/ 254)، كتاب: الحيض، باب: صفة غسل الجنابة، وأبو دواد (254)، كتاب: الطهارة، باب: الغسل من الجنابة، والنسائي (253)، كتاب: الطهارة، باب: غسل الرجلين في غير =

ص: 379

* التعريف:

ميمونة بنت الحارث - زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ابن حزن بن بحير (1) -، بفتح الباء الموحدة بعدها حاء مكسورة - بن الهُزمِ (2) بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة، الهلالية.

تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ست من الهجرة، وقيل: سنة سبع.

وروي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع ورجلاً من الأنصار، فزوجاه ميمونة، وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي رهم (3) بن عبد العزى من

= المكان الذي يغتسل فيه، والترمذي (103)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في الغسل من الجنابة، وابن ماجه (573)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في الغسل من الجنابة.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

عارضة الأحوذي لابن العربي (1/ 152)، وإكمال المعلم للقاضي عياض (2/ 156)، والمفهم للقرطبي (1/ 577)، وشرح مسلم للنووي (3/ 227)، وشرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 95)، والعُدة في شرح العمدة لابن العطار (1/ 204)، وفتح الباري لابن رجب الحنبلي (1/ 315)، والتوضيح لابن الملقن (4/ 601)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 383)، وعمدة القاري للعيني (3/ 211)، وكشف اللثام للسفاريني (1/ 403)، وسبل السلام للصنعاني (1/ 90)، ونيل الأوطار للشوكاني (1/ 309).

(1)

قلت: المعروف أنه بجير، بضم الباء الموحدة، وفتح الجيم، وسكون المثناة تحت.

(2)

قلت: بضم الهاء وفتح الزاي المعجمة.

(3)

قلت: بضم الراء المهملة وسكون الهاء.

ص: 380

بني مالك بن حسل.

ويقال: إنها التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم.

ويقال: إن التي وهبت نفسها هي زينب بنت جحش.

ويقال: أم شريك العامرية، من بني عامر بن لؤي.

وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة قبل أن يخرج.

وروي عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة في سفره في عمرة القضية، وكان الذي زوجه إياها العباس بن عبد المطلب، وكانت أختها أم الفضل تحت العباس، وهي أم عبد الله بن عباس، فهي خالة ابن عباس، وخالد بن الوليد.

روي لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وأربعون حديثًا، اتفقا على سبعة، وللبخاري حديث، ولمسلم خمسة.

روى عنها: ابن عباس، ومولاه كُريب، وعبد الله بن شداد بن الهاد، وإبراهيم بن عبد الله ابن معبد، ويزيد بن الأصم.

توفيت بسرف، وهو ماء بينه وبين مكة تسعة أميال، وقيل: اثنا عشر ميلاً، وصلى عليها عبد الله بن عباس، ودخل قبرها هو، ويزيد بن الأصم، وعبد الله بن شداد، وهم أبناء أخواتها، وعبيد الله بن شداد، وكان يتيما في حجرها.

وكانت وفاتها سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ثلاث وستين، وقيل: سنة ست وستين.

ص: 381

ودخل النبي صلى الله عليه وسلم بها في سرف الموضع الذي توفيت فيه، وهي آخر من تزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي آخر أزواجه موتا، على المشهور.

وقيل: إن أم سلمة كانت آخرهن موتا، والصحيح الأول، وأما أنها آخر هن زواجا، فلا نعلم فيه خلافًا.

روى لها الجماعة، رضي الله عنها (1).

* ثم الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: قولها: «وضوء الجنابة» : هو بفتح الواو، وقد تقدم أن الوضوء- بفتح الواو- هل هو اسم لمطلق الماء، أو للماء مضافًا إلى الوضوء؟

ق: وقد يؤخذ من هذا اللفظ: أنه اسم لمطلق الماء؛ فأنها لم تضفه إلى الوضوء، بل إلى الجنابة (2).

كأنه يريد: أنه لو كان إنما يطلق على الماء مضافًا إلى الوضوء، لم تضفه للجنابة، والذي يظهر لي: أن الوضوء - بالفتح -: هو الماء

(1) وانظر ترجمتها في: الطبقات الكبرى لابن سعد (8/ 132)، والثقات لابن حبان (3/ 407)، والاستيعاب لابن عبد البر (4/ 1914)، وأسد الغابة لابن الأثير (7/ 262)، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي (2/ 619)، وتهذيب الكمال للمزي (35/ 312)، وسير أعلام النبلاء للذهبي (2/ 238)، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (8/ 126)، وتهذيب التهذيب له أيضا (12/ 480).

(2)

انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 95).

ص: 382

المعد للطهارة من حيث الجملة، وضوءًا كان، أو جنابة، والله أعلم.

الثاني: قولها: «فأكفأ» ؛ أي: قلب، واختلف: هل يستعمل رباعيا وثلاثيا بمعنى واحد، أو كفأت -ثلاثيا- بمعنى: قلبت، وأكفأت -رباعيا - بمعنى: أملت، وهو مذهب الكسائي وغيره (1).

الثالث: يقال: يمين ويمنى، ويسار ويسرى، وهما مؤنثان.

«ومرتين وثلاثًا» منصوبان على الظرف، والعامل فيهما: أكفأَ.

الرابع: قال الجوهري: الفرجُ العورة (2).

وفي هذا التفسير نظر؛ فإنه يلزم منه أن يقع الفرج على السوءتين: القبل والدبر؛ إذ هما عورة بلا خلاف، والمعروف أن الفرج مختص

بالقبل، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«من أفضى بيده إلى فرجه، فليتوضأ» (3).

والاستُ: الدُّبر، ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه: فَخَرَرْتُ لاستي (4)، فتأمله.

ق: والبدايةُ بغسل الفرج لإزالة ما علَقَ به من أذى، وينبغي أن

(1) انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض (1/ 344).

(2)

انظر: الصحاح للجوهري (1/ 333)، (مادة: فرج).

(3)

رواه الإمام أحمد في المسند (2/ 333)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 74)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 133)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 195)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وانظر الكلام عن الحديث في التمهيد.

(4)

رواه مسلم (31)، كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً.

ص: 383

يغسل في ابتداء الغسل من الجنابة؛ لئلا يحتاج إلى غسله مرة أخرى، وقد يقع ذلك بعد غسل أعضاء الوضوء، فيحتاج إلى إعادة غسلها، فلو اقتصر على غسلة واحدة لإزالة النجاسة، والغسل عن الجنابة، فهل يكتفى بذلك، أم لا بد من غسلتين؛ مرة للنجاسة، ومرة للطهارة عن الحدث؟

فيه خلاف لأصحاب الشافعي رحمه الله، ولم يرد في الحديث إلا مطلق الغسل من غير ذكر تكرار، وقد يؤخذ منه الاكتفاء بغسلة واحدة؛ من حيث إن الأصل عدم غسله ثانيا (1).

الخامس: قولها: «ثم ضرب يده بالأرض» : كأنه من المقلوب، والأصل: ضرب الأرض بيده؛ لأن اليد هي الآلة، والباء لا تدخل إلا على الآلة، كضربت بالعصا، وخطت بالإبرة، وكتبت بالقلم، وأشباه ذلك، وقد جاء القلب كثيرا في كلامهم، قالوا: عرضت الناقة على الحوض، والأصل: عرضت الحوض على الناقة، وقالوا: أدخلت القلنسوة في رأسي، والأصل: أدخلت رأسي في القلنسوة، ومنه قوله تعالى:{لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القصص: 76]؛ أي: العصبة تنوء بالمفاتيح لثقلها، على ما قيل (2)، والله أعلم.

وضربه صلى الله عليه وسلم يده بالأرض والحائط؛ لإزالة ما عساه علق باليد من الرائحة، مبالغة في التنظيف.

(1) انظر: «شرح عمدة الأحكام) لابن دقيق (1/ 95).

(2)

انظر: «تفسير الثعلبي» (2/ 42).

ص: 384

السادس: قولها: «ثم تمضمض واستنشق» : قد تقدم تفسير المضمضة والاستنشاق، وذكر أحكامهما، وذكر اختلاف العلماء في وجوبهما، وأن الصحيح: أنهما سنتان في الوضوء والغسل، لا واجبتان، وليس في الحديث ما يدل على وجوبهما.

وليس لقائل أن يقول: إن مطلق أفعاله صلى الله عليه وسلم تدل على الوجوب؛ لأن (1) المختار: أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يدل على الوجوب، إلا إذا كان بيانا لمجمل تعلق به الوجوب، وليس الأمر بالغسل من الجنابة من قبيل المجلات، والله أعلم.

السابع: قولها: «ثم تنحى، فغسل رجليه» : قد يقتضي ظاهره تأخير غسل الرجلين عن إكمال الوضوء، وهو (2) أحد الأقوال الثلاثة في مذهبنا (3).

قال الإمام أبو عبد الله المازري: استحب بعض العلماء أن يؤخر غسل الرجلين إلى آخر غسله من الجنابة؛ ليكون الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء، وأخذ ذلك من حديث ميمونة هذا، وليس فيه تصريح، بل هو محتمل؛ لأن قولها:«توضأ وضوءه للصلاة» ، الأظهر فيه إكمال وضوئه، وقولها آخرا:«تنحى، فغسل رجليه» يحتمل أن يكون لما نالهما من تلك البقعة (4).

(1) في (ق): "بل المختار.

(2)

في (ق): "وهذا.

(3)

انظر: الذخيرة للقرافي (1/ 312).

(4)

انظر: المعلم للمازري (1/ 374).

ص: 385

وقال ع: ظاهر قوله في الأحاديث إتمام الوضوء، وإليه نحا ابن حبيب من أصحابنا، قال: يتوضأ وضوءه كله.

وروي عن مالك: ليس العمل على تأخير غسل الرجلين، وليتم وضوءه في أول غسله، فإن أخرهما، أعاد عند الفراغ وضوءه.

وروي عنه: أن تأخيرهما واسع.

قال (1): وفي تنحيه لغسل رجليه حجة في أن التفريق اليسير غير مؤثر في الطهارة. انتهى (2).

قلت: هذه الحجة إذا قلنا: إنه لم يكمل وضوءه، وإلا، إن قلنا: إنه أكمله فلا حجة.

وبالجملة: ففي المسألة لأصحابنا ثلاثة أقوال - كما تقدم -، التأخير، وعدمه، وهو المشهور، والثالث: التفريق بين أن يكون الموضع نظيفًا،

فلا يؤخر، أو وسخا فيؤخر،

ع: ولم يأت في شيء من وضوء الجنب ذكر التكرار، فقال بعض شيوخنا: إن التكرار في الغسل لا فضيلة فيه انتهى (3).

وانظر الفرق بينه وبين الوضوء؛ فإنه لم يتحرر (4) لي.

(1) قال ليس في ق.

(2)

انظر: إكمال المعلم للقاضي عياض (2/ 157).

(3)

المرجع السابق، (2/ 155).

(4)

في ق: لم يتحر.

ص: 386

الثامن: قولها: «فأتيته بخرقة، فلم يردها» : أخذ الشافعي من هذا الحديث كراهة التنشف، والظاهر: أنه لا دليل له في ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعل ينفض الماء بيده، والنفض في معنى التنشف، أو هو هو؛ لأن كل واحد منهما إنما هو إزالة الماء عن البدن، وأما رده الخرقة أو المنديل، فقيل: واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال، فيجوز أن يكون لا لكراهة التنشف، بل لأمر يتعلق بالخرقة، أو غير ذلك (1).

قال الإمام المازري: وأما تنشيف الماء عن الأعضاء في الطهارة، فلا خلاف أنه لا يحرم، ولا يستحب، ولكن هل يكره ذلك؟ للصحابة فيه ثلاثة أقوال:

فروي عن أنس بن مالك: أنه قال: لا يكره في الوضوء والغسل، وبه قال مالك، والثوري، وحجتهم: ما رواه قيس بن سعد بن عبادة: دخل علينا (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعت له الغسل، فاغتسل، فأتيته بملحفة، فالتحف، فرأيت الماء والورس على كتفيه.

وروى معاذ: أنه عليه الصلاة والسلام كان يمسح وجهه بطرف ثوبه، فدل ذلك على أنه لا يكره.

وروي (3) عن ابن عمر: أنه كرهه، وبه قال ابن أبي ليلى، وإليه مال أصحاب الشافعي، وحجتهم ظاهر حديث ميمونة، ولأنه أثر

(1) انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 97).

(2)

في «خ» : دخلنا على.

(3)

في «خ» زيادة: ذلك.

ص: 387

عبادة، فيكره قلعه (1)؛ كدم الشهيد، وخلوف فم الصائم، على أصل من نهى عنه.

وروي عن ابن عباس: أنه يكرهه في الوضوء دون الغسل، وحجته: ما روي أن أم سلمة ناولته الثوب ليتنشف به، فلم يأخذه،

وقال: «إني أحب أن يبقى علي أثر الوضوء» (2)، ولم يثبت عنده في الغسل دليل قاطع على الكراهة (3).

ع: يحتمل أن يكون رده للمنديل لمعنى رآه فيه، أو لاستعجاله للصلاة، أو تواضعا، أو خلافًا لعادة أهل الترفه، ويكون الحديث الآخر في أنه كانت له خرقة يتنشف بها عند الضرورة وشدة البرد؛ ليزيل برد الماء عن أعضائه صلى الله عليه وسلم (4).

* * *

(1) في «ق» : فعله.

(2)

لم أقف عليه هكذا، والله أعلم.

(3)

انظر: المعلم للمازري (1/ 375).

(4)

انظر: إكمال المعلم للقاضي عياض (2/ 158).

ص: 388