المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الخامس 32 - عَنْ أُمِّ سَلَمَة زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ١

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتْابُ الطَّهَارَة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌بابُ الجنابةِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌بابُ التَّيَمُّمِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌بابُ الحيضِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كِتْابُ الصَّلَاة

- ‌بابُ المواقيتِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن والحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌بابُ فضلِ صلاة الجماعةِ ووجوبِها

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

الفصل: ‌ ‌الحديث الخامس 32 - عَنْ أُمِّ سَلَمَة زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله

‌الحديث الخامس

32 -

عَنْ أُمِّ سَلَمَة زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ إذَا رَأَتِ الْمَاءَ» (1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (278)، كتاب: الغسل، باب: إذا احتلمت المرأة، واللفظ له، و (130)، كتاب: العلم، باب: الحياء في العلم، و (3150)، كتاب: الأنبياء، باب: خلق آدم- صلوات الله عليه- وذريته، و (5740)، كتاب: الأدب، باب: التبسم والضحك، و (5770)، باب: مالا يستحيا من الحق للتفقه في الدين، ورواه مسلم (310 - 314)، (1/ 250 - 1/ 251)، كتاب: الحيض، باب: وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، وأبو داود (237)، كتاب: الطهارة، باب: في المرأة ترى مايرى الرجل، والنسائي (195، 196، 197)، كتاب: الطهارة، باب: غسل المرأة ترى في منامها مايرى الرجل، والترمذي (122)، كتاب، الطهارة، باب: ماجاء في المرأة ترى في المنام مثل ما يرى الرجل، وابن ماجه (600، 601)، كتاب: الطهارة، باب: في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل. =

ص: 392

* التعريف:

أم سلمة: اسمها هند بنت أمية بن عمرو بن مخزوم، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد، وهاجر بها إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعا، فولدت له بأرض الحبشة زينب، ثم ولدت سلمة، وعمر، ودرة، ثم مات أبو سلمة سنة أربع من الهجرة، وأبو سلمة ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب.

وأم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة من المهاجرات، وآخر من مات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على قول بعض العلماء، على ما تقدم.

تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة أربع، وتوفيت في ذي القعدة سنة تسع وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة، وقيل: صلى عليها سعيد ابن زيد.

روي لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مئة وثمانية وسبعون حديثًا،

= * مصَادر شرح الحَدِيث:

معالم السنن للخطابي (1/ 79)، والاستذكار لابن عبد البر (1/ 291)، وعارضة الأحوذي لابن العربي (1/ 187)، وإكمال المعلم للقاضي عياض (2/ 147)، والمفهم للقرطبي (1/ 568)، وشرح مسلم للنووي (3/ 219)، وشرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 99)، والعدة في شرح العمدة لابن العطار (1/ 215)، وفتح الباري لابن رجب (1/ 340)، والتوضيح لابن الملقن (4/ 640)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 388)، وعمدة القاري للعيني (2/ 211)، وكشف اللثام للسفاريني (1/ 419) ، ونيل الأوطار للشوكاني (1/ 275).

ص: 393

اتفقا على ثلاثة عشر حديثًا، ولمسلم مثلها.

روى عنها: ابنها عمر، وابنتها زينب، وسعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وكريب مولى ابن عباس، وسليمان بن يسار، وقبيصة بن ذؤيب، وعكرمة بن عبد الرحمن، وغيرهم.

روى لها الجماعة (1).

* ثم الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: قولها: «إن الله لا يستحيي من الحق» : توطئة واعتذار لما ستذكره بعد مما يُستحيي النساء من ذكره غالباً، وهو عند الكتاب والأدباء أصل في المكاتبات والمحاورات، ووجه ذلك: أن تقديم الاعتذار سبب لإدراك النفس المعتذر منه صافياً خالياً عن التعب، بخلاف ما إذا تأخر؛ فإن النفس تستقبل المعتذر عنه بقبحه، ثم يأتي العذر رافعا، وفي الأول يكون دافعا (2)، ولا يخفى عليك الفرق بين الرافع والدافع، وقريب من هذا عندي: الإعلام بالمكروه قبل وقوعه؛ فإن النفس تتوطن عليه؛ بخلاف ما إذا فاجأ على غفلة - والعياذ بالله-، وإن ذهب بعد ذلك.

(1) وانظر ترجمتها في: الطبقات الكبرى لابن سعد (8/ 86)، والاستيعاب لابن عبد البر (4/ 1920)، وأسد الغابة لابن الأثير (7/ 329)، وتهذيب الكمال للمزي (35/ 317)، وسير أعلام النبلاء للذهبي (2/ 201)، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (8/ 150)، وتهذيب التهذيب له أيضا (12/ 483).

(2)

انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 99).

ص: 394

وقد اختلف العلماء في معنى قولها: «إن الله لا يستحيي من الحق» ، فقيل: معناه: أن الله (1) لا يمتنع من بيان الحق وضرب المثل بالبعوضة وشبهها؛ كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]، وكذا (2) أنا، لا أمتنع

عن سؤالي عما أنا محتاجة إليه.

وقيل: معناه: إن الله لا يأمر بالحياء في الحق، ولا يبيحه.

وقيل: إن سنة الله وشرعه أن لا يستحيا من الحق.

ق: أما تأويله على أن لا يمتنع من ذكره، فقريب؛ لأن المستحيي يمتنع من فعل ما استحيا منه، فالامتناع من لوازم الحياء، فيطلق الحياء

على الامتناع؛ إطلاقًا لاسم الملزوم على اللازم.

وأما قولهم: لا يأمر بالحياء فيه، ولا يبيحه، فيمكن في توجيهه أن يقال: التعبير بالحياء عن الأمر بالحياء؛ لأن الأمر بالحياء متعلق

بالحياء، فيصح إطلاق الحياء على الأمر به على سبيل إطلاق المتعلِّق على المتعلَّق، وإذا صح إطلاق الحياء على الأمر بالحياء، صح إطلاق عدم الحياء من الشيء على عدم الأمر به.

وهذه الوجوه من التأويلات تذكر لبيان ما يحتمله اللفظ من المعاني؛ ليخرج ظاهره عن النصوصية، لا على أنه يجزم بإرادة

(1) إن الله ليس في «ق» .

(2)

في «ق» : وكذلك.

ص: 395

المعين، إلا أن يقوم على ذلك دليل.

وأما قولهم: معناه: أن سنة الله وشرعه أن لا يستحيا من الحق، فليس فيه تحرير بالغ؛ فإنه إما أن يسند فعل الاستحياء إلى الله تعالى، أو يجعله فعلاً لم يسم فاعله، فإن أسنده إلى الله تعالى، فالسؤال باقٍ بحاله، وغاية ما في الباب: أنه زاد قوله: سنة الله وشرعه، وهذا لا يخلص من السؤال.

وإن بنوا الفعل لما لم يسم فاعله، فكيف نفسر فعلاً بني للفاعل، والمعنيان متباينان، والإشكال إنما ورد على بنائه للفاعل؟

قال: والأقرب أن يجعل في الكلام حذف تقديره: إن الله لا يمتنع من ذكر الحق، والحق هاهنا خلاف الباطل، ويكون المقصود من الكلام: أن تقتدي بفعل الله- سبحانه وتعالى في ذلك، وتذكر هذا الحق الذي دعت الحاجة إليه من السؤال عن (1) احتلام المرأة،

انتهى كلامه رحمه الله تعالى (2).

الثاني: قال أهل العربية: استحيا يستحيي - بياءين -، ويقال أيضا: يستحي - بياء واحدة -، وأصله يستحيي كالأول، فاستثقلت الكسرة تحت الياء الأولى التي هي عين الكلمة، فنقلت إلى الحاء، واستثقلت الضمة على الياء الثانية التي هي لام الكلمة، فحذفت،

فاجتمع ساكنان، فحذفت الأولى فيما يظهر.

(1) في «خ» : عند.

(2)

المرجع السابق، (1/ 99).

ص: 396

قال ابن عطية: وقرأ ابن كثير في بعض الطرق عنه، وابن محيصن، وغيرهما:{يستحي} - بكسر الحاء -، وهي لغةٌ تميم (1)

الثالث: قولها: «إذا هي» : الذي يظهر أن (هي) زائدة لتوكيد المعنى وتحقيقه، وإن كان الأصل عدم الزيادة لوجهين:

أحدهما: أن المعنى على ذلك، ألا ترى أنها لو سقطت، لم يختل أصل المعنى؟

والثاني: أن (إذا) هنا فيها معنى الشرط، وهي لا تليها الأسماء عند البصريين، غير الأخفش، فلا يجوز أن تكون في موضع المبتدأ، ولا يجوز أن تكون فاعلاً بفعل مضمر يفسره ما بعده من باب قوله تعالى:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1]؛ لأن الفاعل لا يكون

ضميرا منفصلاً بغير واسطة، فتعين زيادتها، نعم، يصح، أن تكون مبتدأ عند الكوفيين والأخفش على أصلهم، وبالله التوفيق.

الرابع: ق: الاحتلام في الوضع: افتعال من الحلْم - بضم الحاء وإسكان اللام -، وهو ما يراه النائم في نومه، يقال منه: حلَم - بفتح اللام -، واحتلَمَ، واحتلمْتُ به، واحتلمْتُه (2).

قلت: وأما حَلِمَ الأديمُ: إذا تثقب (3)، فبكسر اللام، وحَلُم: إذا صفَح وتجاوز، بضمهما، والله أعلم.

(1) انظر: المحرر الوجيز لابن عطية (1/ 110).

(2)

انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض (1/ 196).

(3)

في (ق): "انثقب.

ص: 397

قال: وأما في الاستعمال والعرف العام، فإنه قد خص هذا الوضع اللغوي ببعض ما يراه النائم، وهو ما يصحبه إنزال الماء، فلو رأى غير ذلك، لصح أن يقال له: احتلم وَضْعاً، ولم يصح عرفًا (1).

الخامس: قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا رأت الماء» : ظاهره بروز ماء المرأة إلى ظاهر الفرج، وهي مسألة خلاف، فذهب بعضهم إلى أنه لا يبرز، وأظنه صاحب «الطراز» ، وتبعه الفقيه ناصر الدين بن المنير (2) رحمه الله في ترجيزه للتهذيب، فقال:

إِنْ قُلْتَ كَيْفَ تُنْزِلُ النِّسَاءَ

وَهُنَّ لَا يَبْدُو لَهُنَّ الماءُ

فَاعْلَمْ بِأَنَّ فَرْجَهَا مَقْلُوبُ

يَعْرِفُ شَرْحَ ذَلِكَ الطَّبِيبُ

فنقول: إنما يعرف إنزالها بشهوتها خاصة.

وظاهر هذا الحديث يرد هذا المذهب، ويبعد جدا أن تحمل الرؤية هنا على رؤية القلب، وهو علمها بلذتها بانتقال مائها من مكان

(1) انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 100).

(2)

قلت: المنير: بضم الميم، وفتح النون، وياء مثناة من تحت مشددة مكسورة. كذا ضبطه، فليحفظ.

وهو الإمام القاضي الفقيه المالكي أحمد بن محمد بن منصور الاسكندراني، صاحب التآليف الحسنة المفيدة، المتوفى سنة (683 هـ).

انظر: الديباج المذهب لابن فرحون (ص: 71)، وطبقات المفسرين للداوودي (ص: 252).

ص: 398

إلى مكان آخر من باطن فرجها، والمعروف من المذهب التسوية بينها وبين الرجل في ذلك، والله أعلم.

فائدة: ح في شرح مسلم له: أنها إذا كانت ثيباً، فنزل المني إلى فرجها، ووصل إلى الموضع الذي يجب عليها غسله في الجنابة والاستنجاء، وهو الذي يظهر حال قعودها لقضاء الحاجة، وجب عليها الغسل بوصول المني إلى ذلك الموضع؛ لأنه في حكم الظاهر، وإن كانت بكرا لم يلزمها، ما لم يخرج من فرجها؛ لأن داخل فرجها كداخل إحليل الرجل (1).

السادس: ق وقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا رأت الماء» : يحتمل أن يكون مراعاة للوضع اللغوي في قوله: احتلمت؛ فإنا قد بينا أن الاحتلام رؤية المنام كيف كان وضعا، فلما سألت: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ وكانت لفظة احتلمت عامة، خصص الحكم بما إذا رأت الماء، أما لو حملنا لفظة احتلمت على المعنى العرفي، كان قوله:«إذا رأت الماء» كالتوكيد والتحقيق؛ لما سبق من دلالة اللفظ الأول عليه.

ويحتمل أن يكون الاحتلام الذي يحصل به الإنزال على قسمين:

تارة يوجد معه (2) البروز إلى الظاهر، وتارة لا، فيكون قوله -عليه

(1) انظر: شرح مسلم للنووي (3/ 220).

(2)

في (ق): "مع.

ص: 399

الصلاة والسلام-: «إذا رأت الماء» مخصصا للحكم بحالة البروز للظاهر، وتكون فائدة زائدة، ليست لمجرد التوكيد (1).

* * *

(1) انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 101).

ص: 400