الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الحيضِ
الحديث الأول
39 -
عَنْ عَائِشَةَ- رضي الله عنها: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ، سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إنِّي أُسْتَحَاضُ، فَلا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ؟ قَالَ (1):«لا، إنَّ ذَلِكَ عِرْقٌ؛ وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي، وَصَلِّي» (2).
وَفِي رِوَايَةٍ: (3) «وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ؛ فَاتْرُكِي
(1) في (ق): "فقال.
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (319)، كتاب: الحيض، باب: إذا حاضت في شهر ثلاث حيض، واللفظ له.
(3)
قال الصنعاني في حاشيته على الإحكام: (1/ 465): لا أدري لم زاد: في رواية؛ فإن هذا اللفظ في الصحيحين معا في باب: الاستحاضة، في سياق واحد من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وكأنه يشير إلى أنه لفق عن روايات منها، نعم، للبخاري في باب: غسل الدم بلفظ: وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك، فدعي الصلاة، وإذا أدبرت، فاغسلي عنك الدم.
الصَّلاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا، فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ، وَصَلِّي» (1).
(1) رواه البخاري (300)، كتاب: الحيض، باب: الاستحاضة، واللفظ له، ورواه أيضا:(226)، كتاب: الوضوء، باب: غسل الدم، و (314)، كتاب: الحيض، باب: إقبال المحيض وإدباره، و (324)، باب: إذا رأت المستحاضة الطهر. ورواه مسلم (333)، كتاب: الحيض، باب: المستحاضة وغسلها وصلاتها، وأبو داود (282، 283)، كتاب: الطهارة، باب: من روى أن الحيضة إذا أدبرت لا تدع الصلاة، والنسائي (201)، كتاب: الطهارة، باب: ذكر الاغتسال من المحيض، و (212)، باب: ذكر الأقراء، و (217، 218، 219)، باب: الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، و (349)، كتاب: الحيض والاستحاضة، باب: ذكر الاستحاضة وإقبال الدم وإدباره، و (359)، باب: ذكر الأقراء، و (364، 365، 366، 367)، باب: الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، والترمذي (125)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة، وابن ماجه (621)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
معالم السنن للخطابي (1/ 86)، والاستذكار لابن عبد البر (1/ 337)، وعارضة الأحوذي لابن العربي المالكي (1/ 197)، وإكمال المعلم للقاضي عياض (2/ 174)، والمفهم للقرطبي (1/ 590)، وشرح مسلم للنووي (4/ 16)، وشرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 121)، والعدة في شرح العمدة لابن العطار (1/ 258)، وفتح الباري لابن رجب (1/ 497)، والنكت على شرح العمدة للزركشي (ص: 55)، والتوضيح لابن الملقن (5/ 120)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 409)، وعمدة القاري للعيني (3/ 141)، وكشف اللثام للسفاريني (1/ 501)، وسبل السلام للصنعاني (1/ 63)، ونيل الأوطار للشوكاني (1/ 282).
الحيض أصله: سيلان الدم، قالوا: وله ستة أسماء: الحيض، والطمث، والعراك، والضحك، والإكبار، والإعصار.
وللحائض ثمانية أسماء: حائض، وطامث، وطامس، وعارك، وفارك، وضاحك، ودارس، وكابر.
وهو دم ترخيه المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة.
والاستحاضة: سيلانه في غير أوقاته، وهو يسيل من عرق فمه في أدنى الفرج، يسمى: العاذل - بالعين المهملة وكسر الذال المعجمة -، يقال: حاضت المرأة حيضا، ومحيضا، ومحاضا، فهي حائض.
قال الفراء: ويقال: حائضة في لغة قليلة، ودرست، وطمثت، ونفست - بفتح النون وكسر الفاء -، وربما فتحت وضمت، وأعصرت، وأكبرت، وضحكت (1).
ع: قيل: أصله من قول العرب: حاضت السَمُّرَة: إذا خرج منها ماء أحمر؛ فكأنه من الحمرة، قال: ولعل السمرة إنما شبهت بالمرأة.
وقيل: الحيض والمحيض: اجتماع الدم هناك، ومنه سمي الحوض؛ لاجتماع الماء فيه (2).
(1) انظر: تحرير ألفاظ التنبيه للنووي (ص: 44). وانظر: المخصص لابن سيده (2/ 158)، والصحاح للجوهري (3/ 1073)، وأساس البلاغة للزمخشري (ص: 149)، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير (1/ 468)، والمطلع على أبواب المقنع لابن أبي الفتح (ص: 39).
(2)
انظر: إكمال المعلم للقاضي عياض (2/ 123).
قلت: قولهم: ومنه سمي الحوض لاجتماع الماء فيه، رده الفارسي رَدًّا عنيفًا، وخطأ قائله من جهة اللفظ والمعنى، فقال: هذا زلل ظاهر؛
لأن الحوض من الواو، ويقال: حُضْتُ، أحوضُ؛ أي: اتخذتُ حوضاً، واستحوض الماء: إذا اجتمع، والحائض تسمى حائضا عند سيلان الدم منها، لا عند اجتماع الدم في رحمها، وكذلك المستحاضة عند استمرار السيلان بها، فإذن أخذُ الحيضِ من الحوض خطأ لفظًا ومعنى (1).
قلت: أما كونه خطأ من جهة اللفظ، فظاهر من حيث اختلاف الاشتقاقين.
وأما من جهة المعنى، ففيه نظر؛ لأن السيلان فرع ثبوت الاجتماع، فهو يجتمع، ثم يسيل، لا يقال حالة اجتماعه: لا تسمى المرأة حائضا حتى يسيل؛ لأنا نقول: إنها تسمى حائضا، إن لم يكن حقيقة، فمجازا، لا سيما والفقهاء يقولون: ما قارب الشيء فله حكمه، وسيلان الدم قريب من اجتماعه، فلا يقطع بالخطأ والحالة هذه. والله أعلم.
والحيض شيء كتبه الله -تعالى- على بنات آدم عليه السلام، وجعله حفظًا للأنساب، وعلامة يستدل بها على براءة الرحم في الأغلب، وقلنا: في الأغلب؛ لأن الحامل قد تحيض، وقد حده الشيخ أبو عمرو بن الحاجب -رحمه الله تعالى-: بكونه الدمَ الخارجَ بنفسه من فرج الممكِنِ
(1) انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 121).
حملُها عادة، غير زائد على خمسة عشر يَوْمًا، من غير ولادة (1).
وزاد ابن شاس (2): ولا مرض.
وأحكامه مبسوطة في كتب الفقه.
* ثم الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: قول عائشة رضي الله عنها: «أن فاطمة بنت أبي حُبيش سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله!» ولم تقل: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قالته السائلة يحتمل أمرين:
أحدهما: أن ذلك خشية تكرير اللفظ الواحد؛ فإنه مستهجَنٌ في العادة غالبا.
والثاني: أن فيه إثبات النبوة والرسالة بالتصريح دون التضمين، وشبيه بهذا ما جاء في الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام عند النوم:«آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» ، حتى أمر القائل: وبرسولِكَ الذي أرسلتَ أن يقول: «وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» (3)، وإن كان قد قيل في هذا الأخير: إنه تحرز ممن أُرسل من الملائكة؛ فإن أحدهم رسولٌ، لا نبي، والله أعلم.
(1) انظر: جامع الأمهات لابن الحاجب (ص: 75).
(2)
انظر: عقد الجواهر الثمينة لابن شاس (1/ 72).
(3)
رواه البخاري (244)، كتاب: الوضوء، باب: فضل من بات على الوضوء، ومسلم (2710)، كتاب: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: ما يقول عند النوم وأخذ المضجع، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما.
الثاني: قولُها: «أُستحاض» : قد تقدم معنى الاستحاضة، والماضي منه استُحيضت المرأة -مبنيا للمفعول لا غير-، فهو من باب: حُمَّ، وزُهِيَ؛ مما لا يُستعمل إلا مبنيا للمفعول (1)، والأصل: أُسْتَحْيَضُ، فنقلت حركة (2) الياء إلى الحاء الساكنة قبلها، فتحركت الياء في الأصل، وانفتح ما قبلها الآن، فانقلبت ألفًا، كما هو في: يُقال ويُباع، ونحوِ ذلك، والأصلُ منه: الحاء، والياء، والضاد، والزوائد اللاحقة للمبالغة؛ كقَرَّ، واستقَرَّ، وأعشبَ المكانُ، واعْشَوْشَبَ، وأشباهِ ذلك.
الثالث: قولها: «فلا أَطهر» : نفيٌ للطهارة على طريق المبالغة؛ لأنَّ (لا) تنفي المستديم، بخلاف (لن)؛ فإنها تنفي ما قرب.
قال ابن خطيب زملكا: وسرُّ ذلك: أن الألفاظ مشاكلة للمعاني، و (لا) آخرُها ألف، والألف يمكن امتداد الصوت به؛ بخلاف النون؛ فإنها - وإن طال اللفظ بها - لا يبلغ طوله مع (لا)، فطابق كلُّ لفظ معناه.
قلت: ولا يُلتفت إلى قول الزمخشري في «مفصَّله» : إن (لن) لتأكيد ما تُعطيه (لا) من نفي المستقبل (3)؛ لأنه مبنيٌّ على مذهبه في الاعتزال استدراجا إلى قوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: 143]، ونحو
(1) لا غير، فهو من باب حُمَّ وزُهي؛ مما لا يُستعمل إلا مبنياً للمفعول ليس في «ق» .
(2)
في (ق): "فتحة.
(3)
انظر: المفصل للزمخشري (ص: 407).
ذلك، وهذه المسألة مبسوطة في كتب علم البيان، وإنما قصدنا التنبيه على القاعدة من حيث الجملة.
إذا ثبت هذا، فالمراد بالطهارة هنا - والله أعلم -: اللغويةُ، وهي النظافةُ، وكنت بها عن عدم النظافة من الدم؛ لأن الطهارة -وإن كانت (1) يراد بها استعمال المطهر-، فيقال للوضوء: طهارة، وكذلك الغسل، ويراد بها أيضا الحكم الشرعي المرتب على استعمال المطهر (2)، فيقال لمن ارتفع حدثه: هو على طهارة، فلا ينبغي أن تُحمل على استعمال المطهر؛ لأن النساء لم يكنَّ يستعملنَ المطهر في ذلك الوقت، وهي غير عالمة بالحكم الشرعي؛ لأنها جاءت تسأل عنه، فتعين حملُه على الوضع اللغوي، كما تقدم، والله أعلم (3).
الرابع: قولها: «أفأدع الصلاة؟» : هو كلام من تقرر عنده مانعية الحيض للصلاة؛ كما أجمع عليه السلف والخلف، ولم يخالف في ذلك إلا الخوارج.
وقد حكي عن بعض السلف: أنه استحب للحائض إذا دخل وقت الصلاة؛ أن تتوضأ، وتستقبل القبلة، وتذكر الله تعالى، وأنكره بعضهم (4).
(1) في (ق): "كان.
(2)
من قوله: فيقال للوضوء: طهارة إلى هنا ليس في «ق» .
(3)
انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 122).
(4)
المرجع السابق، (1/ 123).
وكأنه إنما أنكر لكونه لم يرد فيه شيء من الشارع، وإلا، فكان ذلك إشارة إلى بذل الوسع في نهاية ما تقدر (1) عليه.
وهو شبيه بما نقل عن الشيخ أبي عمرو بن الحاجب -رحمه الله تعالى-: أنه لما سُجن كان إذا أظلته الجمعة، تهيأ لها بالغسل والطيبِ، وغير ذلك من سننها (2)، ثم يمشي إلى باب السجن، فإذا رد، قال: اللهم إن هذا نهاية ما أقدر عليه، أو كلاماً ذا معناه.
ولكن المعوَّلَ عليه الوقوف مع السنة، وما كان عليه سلف هذه الأمة رضي الله عنهم أجمعين.
الخامس: قوله عليه الصلاة والسلام: «لا، إنَّ ذلك عِرْقٌ» : هو بكسر الكاف من «ذلك» ؛ لأنه يخاطب امرأة.
فيه: دليل على جواز الصلاة بالجرح، أو القرحِ السائِل دمُه وقيحُه، كما يقوله أصحابنا، ما لم يكثر فيستحب (3) غسلُه، وقد صلى عمر رضي الله عنه وجرحُه يَثْعَبُ دماً (4).
السادس: قوله عليه الصلاة والسلام: «قدرَ الأيامِ التي كنتِ تحيضين فيها» : فيه: دليل لقولِ مَنْ يقول من أصحابنا: إن
(1) في (ق): "تقرر.
(2)
في (ق): "سببها.
(3)
في (ق): "فيجب.
(4)
رواه الإمام مالك في الموطأ (1/ 39)، عن المسور بن مخرمة.
المستحاضة تقتصر على عادتها من غير استظهار، ولهم في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
العادة خاصة -كما تقدم-؛ فإنه صلى الله عليه وسلم ردها إلى العادة، ولم يأمرها باستظهار (1).
الثاني: العادة، والاستظهار بثلاثة أيام.
الثالث: خمسة عشر يَوْمًا.
وبالجملة: فالحُيَّضُ ضربان: مبتدأة، ومعتادة.
فالمبتدأة تترك الصلاة برؤية أول دم تراه إلى انقطاعه، وذلك تمام خمسة عشر يوما على المشهور عندنا، وقيل: تجلس قدر أيام لداتها،
وهنَّ (2) ذوات أسنانها من أهلها وغيرهن، فإن زاد على ذلك، فإن اعتبرنا الخمسة عشر، اغتسلت، وصلت، وكانت مستحاضة، وإذا (3) اعتبرنا أيام لداتها، استظهرت بثلاثة أيام ما لم يجاوز خمسة عشر يوما، وقيل: من غير استظهار.
وأما المعتادة: فعن مالك فيها روايتان:
أشهرهما: بناؤها على عادتها، وزيادة ثلاثة أيام.
والأخرى: جلوسُها إلى آخر الحيض، ثم تعملان على التمييز
(1) قوله: فإنه صلى الله عليه وسلم ردها إلى العادة، ولم يأمرها جاء بعد قوله «خمسة عشر يوما» في «ق» .
(2)
في (خ): وهي.
(3)
في (ق): "وإن.
إن كانتا من أهله، فإن عدمتا التمييز، صلتا أبدا، ولم تعتبرا لعادة.
وحكم المستحاضة عندنا حكم الطاهر اتفاقًا، غير أنه يستحب لها أن تغتسل عند انقطاع دم استحاضتها، وأن تتوضأ لفعل كل صلاة ما لم يشق عليها ذلك (1).
وأما وطؤها: فالجمهور على جوازه حال جريان الدم؛ كذا حكاه ابن المنذر في كتابه الإشراف له، ثم قال: وبه نقول.
قال: وروينا عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: لا يأتيها زوجها؛ وبه قال النخعي والحكم، وكرهه ابن سيرين.
وقال أحمد: لا يأتيها إلا أن يطول ذلك بها (2).
وعنه رواية: أنه لا يجوز وطؤها إلا أن يخاف زوجها العَنَتَ.
ودليل الجمهور: ما روى عكرمة عن حَمْنَةَ بنتِ جحش رضي الله عنها: أنها كانت مستحاضة، وكان زوجُها يجامعها، رواه أبو داود، والبيهقي، وغيرهما بإسناد حسن (3).
قال البخاري في صحيحه: قال ابن عباس: المستحاضة يأتيها
(1) انظر: التفريع لابن الحاجب (1/ 207).
(2)
انظر: الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (1/ 359)، وقد نقل المؤلف هذا عن النووي في شرح مسلم، فلتتنبه.
(3)
رواه أبو داود (310)، كتاب: الطهارة، باب: المستحاضة يغشاها زوجها، ومن طريقه: البيهقي في السنن الكبرى (1/ 329).
زوجها إذا صلَّت، الصلاة (1) أعظم (2).
ولأن المستحاضة كالطاهر في الصلاة، والصوم، وغيرهما، فكذا في الجماع، ولأن التحريم إنما يثبت بالشرع، ولم يرد الشرع بتحريمه (3).
فائدة: المستحاضات في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس:
حَمْنَةُ بنتُ جَحْشٍ، أختُ زينبَ بنتِ جحشٍ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
الثانية: أمُّ حَبيبة، ويقال: حَبيب، بغير هاء (4).
الثالثة: فاطمةُ بنتُ أبي حُبيش هذه، القرشيةُ (5) الأسديةُ.
الرابعة: سَهْلَةُ بِنْتُ سُهيل (6)، القرشيةُ العامرية (7).
الخامسة: سَوْدَةُ بنتُ زَمْعَةَ زوجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم (8).
وقد ذكر بعضهم أن زينبَ بنتَ جحش استُحيضت، والمشهور خلافُه، وإنما المستحاضةُ أختُها.
(1) في (ق): "والصلاة.
(2)
انظر: صحيح البخاري (1/ 125).
(3)
انظر: شرح مسلم للنووي (4/ 17).
(4)
في (ق) زيادة: «هاء التأنيث» .
(5)
في (ق): " «العربية» .
(6)
في (ق): " «سهل» .
(7)
رواه أبو داود (295)، كتاب: الطهارة، باب: من قال: تجمع بين الصلاتين، وتغتسل لهما غسلاً.
(8)
انظر: مختصر سنن أبي داود للمنذري (1/ 190).
قال أبو عمر: والصحيح عند أهل الحديث أنهما كانتا تستحاضان جميعاً (1).
السابع: اختار بعضهم، وأظنه الخطابي في قوله عليه الصلاة والسلام في رواية:«ليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة، فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها، فاغسلي عنك الدم وصلي» : كسرَ (2) الحاء، أي الحالة المألوفة المعتادة (3).
والحيضة: - بالفتح-: المرةُ من الحيض (4)، وظاهر تعلق الحكم بالإقبال والإدبار، يشعر بأنها مميزة، ضرورة كونها لا بد لها من علامة
تعرف بها إقبال الحيضة وإدبارها، فإقبالها: بدء الدم الأسود مثلاً، وإدبارها إدبار ما هو بصفة الحيض.
(1) انظر: الاستيعاب (4/ 1928)، والاستذكار كلاهما لابن عبد البر (1/ 343).
قلت: وقد جمعهنَّ البرماوي في قوله:
ستُّ نسوةٍ جاء استحاضتهنَّ في
…
زمان النبيِّ الهاشميِّ المشرَّفِ
كأم حبيبٍ ثم حمنةَ زينبٍ
…
بناتٍ لجحشٍ في الأخير توقَّفِ
وبنت سُهيلٍ سهلةٍ ثمَّ بنت أبي
…
حُبيشٍ كذا منهنَّ سودةُ فاعرفِ
كذا نقله السفاريني في كشف اللثام (1/ 510).
(2)
في (ق): " «كسر» .
(3)
انظر: معالم السنن للخطابي (1/ 83).
(4)
انظر: الصحاح للجوهري (3/ 1073)، (مادة: حيض).
ويحتمل أن تكون معتادة، وتكون علامة الإقبال: وجود الدم في أول أيام العادة، وإدبارها: انقضاء أيام العادة (1).
الثامن: استُشكل ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام: «فاغسلي عنك الدم وصلِّي» ؛ إذ لم يأمرها بالغُسل، حتى حمل بعضُهم هذا الإشكال (2) على أن جعل الإدبار انقضاء أيام الحيض والاغتسال، وجعل قوله:«فاغسلي عنك الدم» محمولاً على دم يأتي بعد الغسل.
ق: والجواب الصحيح: أن هذه الرواية -وإن لم يذكر فيها الغسل-، فقد ذكر في رواية أخرى صحيحة، قال فيها:«وَاغْتَسِلِي» (3). وفي الحديث: دليل على نجاسة دم الحيض، وعلى تحريم صلاة الحائض، وعدم قضائها؛ إذ لم يأمرها به، وذلك مجمَع عليه.
* * *
(1) انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 124).
(2)
في (ق): " الاستشكال.
(3)
رواه ابن ماجه (627)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في البكر إذا ابتدئت مستحاضة، أو كان لها أيام حيض فنسيتها، من حديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها.
وانظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 124).