الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
40 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اُسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلاةٍ» (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (321)، كتاب: الحيض، باب: عرق الاستحاضة، واللفظ له، وعنده: «
…
فأمرها أن تغتسل، فقال:«هذا عرق» ، فكانت تغتسل لكل صلاة»، وسيأتي تنبيه المؤلف على ذلك قريبا. ومسلم (334)، (1/ 263 - 264)، كتاب: الحيض، باب: المستحاضة وغسلها وصلاتها، وأبو داود (285)، كتاب: الطهارة، باب: من قال: إذا أقبلت الحيضة، تدع الصلاة، و (288، 289، 290، 291، 292،)، باب: من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة، والنسائي (203، 204، 205، 206، 207،)، كتاب: الطهارة، باب: ذكر الاغتسال من الحيض، و (209، 210)، باب: ذكر الأقراء، و (356، 357)، كتاب: الحيض، باب: ذكر الأقراء، والترمذي (129)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة أنها تغتسل عند كل صلاة، وابن ماجه (626)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة إذا اختلط عليها الدم، فلم تقف على أيام حيضها. =
هذا (1) الحديث مغلوط فيه، قيل: إنه سقط بين قوله: «فأمرها أن تغتسل» وبين قوله: «لكل صلاة» : فكانت تغتسل لكل صلاة، فيكون أصل الحديث هكذا:«فأمرها أن تغتسل، فكانت تغتسل لكل صلاة» ، فليس فيه أمر منه صلى الله عليه وسلم لها بالغسل لكل صلاة البتة، وإنما كانت تغتسل لكل صلاة من عند نفسها، لا أنها مأمورة بذلك، وهكذا هو عند مسلم.
وفي «البخاري» : أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تغتسل، وقال:«هذا عرق» ، فكانت تغتسل لكل صلاة، فسقط منه حينئذ قوله:«فكانت تغتسل لكل صلاة» ، وهكذا هو في كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي، وقال بعده ما قال مسلم: قال الليث: ولم يذكر ابن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
= * مصَادر شرح الحَدِيث:
معالم السنن للخطابي (1/ 86)، والاستذكار لابن عبد البر (1/ 343)، وإكمال المعلم للقاضي عياض (2/ 178)، والمفهم للقرطبي (1/ 592)، وشرح مسلم للنووي (4/ 22)، وشرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 125)، والعدة في شرح العمدة لابن العطار (1/ 226)، وفتح الباري لابن رجب (1/ 524)، والتوضيح لابن الملقن (5/ 134)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 426)، وعمدة القاري للعيني (3/ 310)، وكشف اللثام للسفاريني (1/ 508).
(1)
في (ق): "زيادة: «قد تقدم ذكر الخلاف في أيهما كانت تستحاض، هذه أو أختها زينب بنت جحش، أو هما جميعا وهذا» .
أم حبيبة أن تغتسل لكل صلاة، ولكنه شيء جعلته هي (1).
فثبت بهذا كله أنه ليس في الصحيحين، ولا أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل لكل صلاة.
وأما الأحاديث الواردة في سنن أبي داود (2)، والبيهقي، وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل، فليس فيها شيء ثابت، فقد بين البيهقي وغيره ضعفها (3)، وإنما صح من ذلك ما تقدم من أمره صلى الله عليه وسلم بمطلق الغسل، دون أن تغتسل لكل صلاة.
وهكذا قال الشافعي -رحمه الله تعالى-، ولفظه: وإنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل، وتصلي، وليس فيه
أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، قال: ولا أشك - إن شاء الله تعالى- أن غسلها كان تطوعا غير ما أُمرت به، وذلك واسع، والله أعلم (4).
وقد روي عن ابن عمر، وابن الزبير، وعلي، وابن عباس رضي الله عنهم: أنهم قالوا بوجوب الغسل على المستحاضة لكل صلاة.
وروي أيضا عن عطاء بن أبي رباح، وجاء ذلك أيضا في رواية ابن إسحاق خارج الصحيح.
لكن حمله الجمهور على مستحاضةٍ ناسيةٍ للوقت والعدد، يجوز
(1) انظر: الجمع بين الصحيحين للحمدي (4/ 87).
(2)
تقدم تخريجه في حديث الباب برقم (292).
(3)
انظر: السنن الكبرى للبيهقي (1/ 350).
(4)
انظر: الأم للإمام الشافعي (1/ 62).
في مثلها أن ينقطع دمها عند وقت كل صلاة.
ودليل الجمهور: أن وجوب الغسل إنما يكون بالشرع، ولم يصح في ذلك حديث، فلا وجوب، بل جاء في الحديث المتقدم: «اغتسلي
وصلِّي»، ولم يأمرها بتكرار الغسل لكل صلاة، ولو كان واجباً، لأمرها به، والله أعلِمَ (1).
وهذا الخلاف - والله أعلم - ينبني على مسألة أصولية: وهو أن الأمر هل يقتضي التكرار، أو لا؟ والله أعلم (2).
* * *
(1) انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 125).
قال الحافظ في الفتح (1/ 428): والجمع بين الحديثين بحمل الأمر بالغسل على الندب أولى، انتهى. قال السفاريني في كشف اللثام (1/ 512): ولهذا استحبه الإمام أحمد رضي الله عنه.
(2)
انظر: شرح مختصر ابن الحاجب للأصفهاني (2/ 31).