المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بابُ المواقيتِ ‌ ‌الحديث الأول 44 - عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَاسْمُهُ: سَعْدُ - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ١

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتْابُ الطَّهَارَة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌بابُ الجنابةِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌بابُ التَّيَمُّمِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌بابُ الحيضِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كِتْابُ الصَّلَاة

- ‌بابُ المواقيتِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن والحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌بابُ فضلِ صلاة الجماعةِ ووجوبِها

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

الفصل: ‌ ‌بابُ المواقيتِ ‌ ‌الحديث الأول 44 - عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَاسْمُهُ: سَعْدُ

‌بابُ المواقيتِ

‌الحديث الأول

44 -

عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَاسْمُهُ: سَعْدُ بْنُ إيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ عز وجل؟ قَالَ: «الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا» ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي (1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (504)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها، و (2630)، كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل الجهاد والسير، و (5625)، كتاب: الأدب، السير والصلة، و (7096)، كتاب: التوحيد، باب: وسمىَّ النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عملا، ومسلم (85)، (1/ 89 - 90)، كتاب: الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، والنسائي (610) كتاب: المواقيت، باب: فضل الصلاة لمواقيتها، والترمذي (173)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الوقت الأول من الفضل، و (1898)، كتاب: البر والصلة، باب: منه. =

ص: 515

المختار في اشتقاق لفظ الصلاة: أنها من الدعاء، وعليه أكثر أهل العربية والفقه.

وقيل: لأنها ثانية الشهادتين، وتاليتهما، كالمصلي من السابق في الحلبة، واستضعف.

وقيل: بل هي من الصلوين، وهما عرقان مع الردف.

وقيل: عظمان ينحنيان في الركوع والسجود، وبه سمي المصلي من الخيل؛ لأن أنفه يأتي ملاصقًا صلَويا السابق، ومنه كتبت بالواو في

المصحف.

وقيل: بل من الرحمة، ومنه صلاة الله على عباده، أي: رحمته.

وقيل: أصلها: الإقبال على الشيء؛ تقربا إليه.

وقيل: معناها (1): اللزوم، من قولهم: صلَى بالنار.

= * مصَادر شرح الحَدِيث:

عارضة الأحوذي لابن العربي (1/ 284، 8/ 92)، وإكمال المعلم للقاضي عياض (1/ 349)، والمفهم للقرطبي (1/ 278)، وشرح مسلم للنووي (2/ 72)، وشرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 131)، وفتح الباري لابن رجب (3/ 39)، والنكت على العمدة للزركشي (ص: 61)، والتوضيح لابن الملقن (6/ 125)، وفتح الباري لابن حجر (2/ 9)، وعمدة القاري للعيني (5/ 13)، وكشف اللثام للسفاريني (1/ 534)، ونيل الأوطار للشوكاني (8/ 37).

(1)

في (خ): «معناه» .

ص: 516

وقيل: الاستقامة، من قولهم: صلَيت العود على النار: إذا قومته، والصلاة تقيم العبد على طاعة الله (1).

وهذا القول ظاهر الفساد، بين الخطأ، لأن لام الكلمة في الصلاة واو، وهي في صليت ياء، وكيف يصح الاشتقاق مع اختلاف الحروف الأصلية؟ وهذا كما تقدم في باب: الحيض في قول من أخذه من الحوض.

هذا كله إذا كانت اللام من صليت مخففة، وإن كانت مشددة؛ كما نقله الجوهري وغيره من أهل اللغة، وأنشد عليه:[الوافر]

فَلَا تَعْجَلْ بِأَمْرِكَ وَاسْتَدِمْهُ

فَمَا صَلَّى عَصَاكَ كَمُسْتَدِيمَ (2)

فيجوز أن يكون الأصل: صّلوت، فلما وقعت الواو رابعة، قلبت ياءً، على القانون المستمر عند أهل العربية، وكذا من قال: أصليت، وقرئ:{وَيُصَلَّى سَعِيرًا} [الانشقاق: 12]-بالتشديد-، قاله الجوهري (3).

ومن خّفف، فهو من قولهم: صَلِي فلان النار- بالكسر- يصلى صليا، وهذا - أيضا - يحتمل أن الأصل: صَلِوَ، لكن قُلبت الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها، فاعرفه.

وقيل: لأنها صلة بين العبد وربه.

(1) انظر: إكمال المعلم للقاضي عياض (2/ 234).

(2)

البيت لقيس بن زهير العبسي، كما ذكر الجوهري.

(3)

انظر: الصحاح للجوهري (6/ 2402)، (مادة: ص ل ا).

ص: 517

وقيل غير ذلك.

وأما المواقيت: فجمع ميقات، والأصل: مِوْقات؛ لأنه من الوقت، فهو كميعاد، وميزان من الوعد والوزن، سكنت الواو، وانكسر ما قبلها، قلبت ياء.

قال الجوهري: وهو الوقت (1) المضروب للفعل، والموضع، يقال: هذا ميقات أهل الشام: للموضع الذي يحرمون منه، ويقول: وقته فهو موقوت: إذا بين للفعل وقتا يفعل فيه، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات، والتوقيت: تحديد الأوقات، تقول: وقّته ليوم كذا؛ مثل أجلْته، والموقت: مفعل من الوقت.

قال العجاج:

وَالجَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمِ الْمَوْقِتِ (2)

انتهى.

* التعريف:

أبو عمرو الشيبانيُّ: تابعي، واسمه سعد (3) بن إياس، الكوفي، ويقال: البكريُّ، وهو من شيبان بن ثعلبة بن عكاية بن الصعبِ بنِ

(1) في (ق): " «من الوقت» .

(2)

انظر: الصحاح للجوهري (1/ 269)، (مادة: وقت).

(3)

في (ق) زيادة: «ابن بكر بن إياس» .

ص: 518

الصعب بن علي بن بكر بن وائل.

أدرك الجاهلية، عاش مئة وعشرين سنة، وأدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

روى عن: عبد الله بن مسعود، وزيد بن أرقم، وأبي مسعود الأنصاري.

روى عنه: الوليد ابن العيزار، والحسن بن عبيد، والحارث بن شبل، والأعمش.

أخرج عنه في الصحيحين رضي الله عنه (1).

* ثم الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: قوله: «حدثني صاحب هذه الدار» : فيه الاستغناء بالإشارة عن التصريح بالاسم، وربما كان ذلك أوقع إذا كان المشار إليه معروفًا مميزا؛ لأنه يصير بحيث يوضع اليد عليه، والاسم العلم ربما تطرق إليه الاشتراك، ولهذا - والله أعلم - ذهب بعض النحويين إلى أن

اسم الإشارة أعرف من العلم، وإن كان غير الصحيح من حيث النقل.

الثاني: سؤاله عن أفضل الأعمال طلب منه لمعرفة أهمها،

(1) وانظر ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد (1/ 68)، والتاريخ الكبير للبخاري (4/ 47)، والثقات لابن حبان (4/ 273)، والاستيعاب لابن عبد البر (2/ 583)، وأسد الغابة لابن الأثير (2/ 421)، وتهذيب الكمال للمزي (10/ 258)، وسير أعلام النبلاء للذهبي (4/ 173)، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (3/ 254)، وتهذيب التهذيب له أيضا (3/ 406).

ص: 519

وما ينبغي تقديمه منها على غيره عند التعارض؛ ليتأكد القصد إليه، وتستمر (1) المحافظة عليه (2).

الثالث: الأظهر أن يكون المراد بالأعمال هنا: البدنية دون القلبية؛ لأن من الأعمال القلبية ما هو أفضل من الصلاة وسائر العبادات، وهو الإيمان الذي لا يقاومه شيء على الإطلاق، وقد جاء مصرحا بذلك في الحديث، في رواية: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: الأعمال أفضل؟ فقال: «إيمان بالله» ، قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» ، قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» (3)، فيؤخذ من هذا الحديث: أنه أريد به الأعمال مطلقًا؛ قلبية كانت، أو بدنية، وقد تقدم في حديث:«الأعمال بالنيات» الكلام على الأعمال، وهل يتناول أعمال القلوب، أو لا؟ على ما تقرر.

الرابع: ينبغي أن تعلم (4) أن الأحاديث جاءت مختلفة في فضائل الأعمال، وتقديم بعضها على بعض، وأشبه ما أجيب به عن ذلك: أنها منزلة بحسب الأشخاص والأحوال، فيكون أفضلها في حق الشجاع الباسل مثلاً: الجهاد، وفي حق الجبان الفقير: بر الوالدين،

(1) في (ق): " «ولتستمر» .

(2)

انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 131).

(3)

رواه البخاري (26)، كتاب: الإيمان، باب:{فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَوَاةَ} [التوبة: 5]، ومسلم (83)، كتاب: الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

في (ق): " «تعلم» .

ص: 520

أو الذكر، ونحو ذلك، وفي حق الغني: الصدقة، والبذل الشرعي، ونحو ذلك، وفي حق الفطن النبيل: طلب العلم، وفي حق الحديد الخلق، أن لا يغضب؛ كما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام للذي قال له: أَوْصِني، فقال له:«لَا تَغْضَبْ» (1)، كأنه - والله أعلم - تسبب في أن لا تغضب؛ فإن الغضب عند شرطه جبلة في الإنسان لا يمكنه دفعه إلا بمقدمات رياضة، أو أمور مقارنة للغضب؛ كالاستعاذة؛ كما في الحديث، أو الانتقال من حال إلى حال؛ كالقائم يقعد أو يضطجع، والجالس يقوم أو يضطجع - أيضا -، أو يصب عليه ماء، أو نحو ذلك، فيكون الأفضل في حق هذا مخالفًا للأفضل في حق غيره؛ بحسب ترجيح المصلحة (2) التي تليق به (3)؛ لكن يبقى في النفس شيء من حيث عموم المشروعية في حق كل مكلف، فليتأمل ذلك، والله الموفق.

الخامس: قوله عليه الصلاة والسلام: «على وقتها» ، أي: إيقاعها أداءً لا قضاءً، بل ينبغي أن يكون المراد: أول الوقت، وإن لم يكن في لفظ الحديث ما يشعر بذلك، وإنما ظاهره أن توقع الصلاة أداءً لا قضاء؛ لكنه جاء في سياق السؤال عن الأفضل (4)، ومعلوم أن

(1) رواه البخاري (5765)، كتاب: الأدب، باب: الحذر من الغضب، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

في (ق): " «المسألة» .

(3)

انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 132).

(4)

في (ق): " «الأصل» .

ص: 521

أول الوقت أفضل من التأخير، على تفصيل مذكور في كتب الفقه، ويرجح ذلك ويقويه تصريح الرواية الأخرى بذلك، وهي قوله عليه الصلاة والسلام:«لأول وقتها» (1)، وقد تقدم أن الحديث إذا جمعت (2) طرقه، فسر بعضها بعضا (3)، وأما من حيث المعنى، فإن في ذلك المبادرة لامتثال الأمر، وبراءة الذمة، والخروج عن العهدة، والتأخير بخلاف ذلك.

السادس: البر خلاف العقوق، والمبرة مثله، تقول: بررت والدي - بالكسر - أبره برا، فأنا بر به، وبار، وجمع البر -بالفتح: الأبرار، وجمع البار: البررة، وفلان يبر خالقه، ويتبرره؛ أي: يطيعه، والأم برة بولدها (4). انتهى. هذا معنى البر في اللغة.

وأما معناه في الشرع، وما يجب منه: فالغالب أنه يعسر ضبطه، وقد أّلف الناس فيه تصانيف مفردة؛ كالطرطوشي، وغيره.

وألخص ما رأيت في ذلك ما قاله ابن عطية في سورة {سبحان} [الإسراء: 1] عند قوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23].

(1) رواه الترمذي (170)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الوقت الأول من الفضل، من حديث أم فروة رضي الله عنها. وقد صححه ابن السكن، وضعفه الترمذي. وله شواهد كما ذكر الحافظ في التلخيص الحبير (1/ 145).

(2)

في (ق): " «اجتمعت» .

(3)

كما قاله الإمام ابن دقيق في شرح العمدة.

(4)

انظر: الصحاح للجوهري (2/ 588)، (مادة: برر).

ص: 522

قال: وجملة هذا الباب: أن طاعة الوالدين لا تراعى في ركوب كبيرة، ولا في ترك فريضة على الأعيان، وتلزم طاعتهما في المباحات، وتستحب في ترك الطاعات الندب، ومنه أمر جهاد الكفاية، والإجابة للأم في الصلاة مع إمكان الإعادة، على أن هذا أقوى من الندب؛ لكن يعلل بخوف هلكها عليه ونحوه مما يبيح قطع الصلاة، فلا يكون أقوى من الندب.

قال: وخالف الحسن في هذا الفصل، فقال: إن منعته أمه من شهود عشاء (1) الآخرة شفقة عليه، فلا يطعها، انتهى (2).

قال (3) سفيان بن عيينة في قوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]: من صلى الصلوات الخمس، فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه أدبار الصلوات، فقد شكرهما (4)، والله أعلم.

السابع: تقديم البر على الجهاد يعطي تعظيم أمره، وتفخيم شأنه؛ لأن مزية الجهاد عظيمة في الشرع، بل القياس يقتضي أن يكون أفضل الأعمال التي هي وسائل؛ لأن الأعمال على قسمين: مقصود في نفسه، ووسيلة إلى غيره، والوسائل تتفاوت بحسب المتوسل إليه، ولما

كان الجهاد وسيلة إلى إعلاء كلمة الدين، وإظهاره على الكفر،

(1) في (ق): " «العشاء» .

(2)

انظر: المحرر الوجيز لابن عطية (4/ 349).

(3)

في) ق): «وقال» .

(4)

المرجع السابق، (4/ 349).

ص: 523

كان بحسب ما توسل إليه (1)، وقد جاء في بعض الأحاديث في ثاني رتبة من الإيمان في قوله:«إيمانٌ بالله، وجهاد في سبيله» (2)، والله أعلم.

الثامن: أوقع عليه الصلاة والسلام البر ثانيا بعد الصلاة؛ كما جاء ثانيا في قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36]، وفي قوله تعالى:{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14].

التاسع: قوله: «ثم أيُّ» ، ينبغي أو يتعين أن لا ينون؛ لأنه موقوف عليه في كلام السائل ينتظر الجواب منه عليه الصلاة والسلام، والتنوين لا يوقف عليه إجماعا، وإنما نبهت على هذا، وإن كان ظاهرا؛ لأني رأيت كثيرا من المحدثين، أو الأكثر ممن رأيته (3) ينونه، ويصله بما بعده، وهو خطأ -على ما تقرر-، بل ينبغي أن يقف عليه وقفة لطيفة، ثم يأتي بما بعده، والله أعلم (4).

العاشر: قوله: «حدثني بهنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم» : كأنه تأكيد وتقرير

(1) انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (1/ 132 - 133).

(2)

رواه البخاري (2382)، كتاب: العتق، باب: أي الرقاب أفضل، من حديث أبي ذر رضي الله عنه.

(3)

في (ق): " «رأيت» .

(4)

قلت: لكن يرد عليه قول ابن الخشاب النحوي الجزم بتنوينه؛ لأنه معرب غير مضاف. كما حكاه ابن الجوزي في مشكل الصحيحين (1/ 292).

ص: 524

لما تقدم، إذ لا شبهة ولا ارتياب في أن اللفظ الأول يعطي (1): أنه عليه الصلاة والسلام حدثه بذلك.

وأما قوله: «ولو استزدْتُه، لزادني» ، فيحتمل أن يريد: لزادني من هذا النوع المذكور؛ أعني: بمراتب الأعمال، وتفضيل بعضها على بعض، ويحتمل أن يريد: لزادني عما أسأله من حيث الإطلاق فيه على سعة علمه صلى الله عليه وسلم.

الحادي عشر: فيه: جواز تكرار (2) السؤال، والاستفتاء عن مسائل شتى في وقت واحد.

وفيه: رفق العالم، وصبره على السائل، والله أعلم.

* * *

(1) في (ق): " «في أن اللفظة تعطي» .

(2)

في (ق): " «تكرير» .

ص: 525