الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وسبعين
فيها توفي عوف بن مالك الأشجعيّ الحبيب الأمين، وكان ممن شهد فتح مكة [1] .
وأبو سعيد بن المعلّى [2] الأنصاريّ له صحبة ورواية.
وربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي عمّ محمّد بن المنكدر، له رواية عن عمر.
وفيها نازل الحجّاج ابن الزّبير فحاصره، ونصب المنجنيق على أبي قبيس [3] ، ودام القتال أشهرا، وتفرّق عن عبد الله أصحابه، فأخبر أمّه بذلك
[1] للتوسع في دراسة سيرته رضي الله عنه راجع «أسد الغابة» لابن الأثير (4/ 312، 313) ، و «تهذيب الأسماء واللغات» للنووي (2/ 40، 41) و «الإصابة» لابن حجر (7/ 179) .
[2]
هو الحارث بن نفيع بن المعلى وهو أصح ما قيل فيه. انظر «أسد الغابة» لابن الأثير (6/ 142)، و «الإصابة» لابن حجر (11/ 165) . توفي سنة (73 هـ) وقيل:(74 هـ) . وليس له في البخاري سوى حديث واحد في فضل سورة الفاتحة، وظن بعضهم أنه أبو سعيد الخدري، منهم الإمام الغزالي أبو حامد، والفخر الرازي والبيضاوي، وهو وهم منهم لأن الحديث لأبي سعيد بن المعلّى، وهو الحارث بن نفيع بن المعلى.
[3]
قال ياقوت: أبو قبيس: بلفظ التصغير كأنه تصغير قبس النار: وهو اسم الجبل المشرف على مكة، وجهه إلى قعيقعان ومكة وبينهما، أبو قبيس من شرقيها، وقعيقعان من غربيها، قيل:
سمي باسم رجل من مذحج كان يكنى أبا قبيس، لأنه أول من بنى فيه قبة. وانظر تتمة كلامه في «معجم البلدان» (1/ 80، 81) .
واستشارها، فقالت: يا بنيّ إن كنت قاتلت لغير الله فقد هلكت وأهلكت، وإن كان لله فلا تسلّم نفسك، فقاتلهم، ولم يزل يهزمهم عند كلّ باب حتى أصابته رمية في رأسه، فنكس رأسه وهو يقول:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا
…
ولكن على أقدامنا تقطر الدّما
فلما سقط، قالت جارية له: وا أمير المؤمنين، فعرفوه، ولم يكونوا عرفوه من لباس الحديد، فشدّوا عليه من كلّ جانب، وقتلوه قريبا من باب المسجد من ناحية الصّفا، وذلك في جمادى الأولى [1] وطافوا برأسه في مصر [2] وغيرها.
قال النواوي في «شرح مسلم» [3] مذهب أهل الحقّ أنّ ابن الزّبير كان مظلوما و [أن] الحجّاج ورفقته خارجون عليه. ودخل الحجّاج على أمّه بعد قتله فقال: كيف رأيتني صنعت بابنك؟ فقالت: أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم، أنّ في ثقيف مبيرا وكذّابا، فأمّا الكذّاب فرأيناه- يعني المختار- وأما المبير فلا إخالك [4] إلا إيّاه [5] .
والمبير المهلك.
قتل وله [6] اثنتان وسبعون سنة، وكانت ولايته تنيف على ثمان سنين،
[1] وذلك يوم الثلاثاء في السابع عشر منه، كما ذكر النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 367) .
[2]
في «الكامل» لابن الأثير، و «تاريخ الإسلام» للذهبي، أن رأس عبد الله بن الزّبير رضي الله عنه أرسل إلى الشام.
[3]
«صحيح مسلم بشرح النووي» (16/ 99) .
[4]
في المطبوع: «أخالك» ، وهو تحريف.
[5]
الحديث في «صحيح مسلم» رقم (2545) في فضائل الصحابة: باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها.
[6]
أي لعبد الله بن الزّبير رضي الله عنه.
وكان ابن الزّبير صوّاما، قوّاما مستغرق الساعات في الطّاعات، بطلا شجاعا، ومناقبه شهيرة كثيرة، رضي الله تعالى عنه.
وقتل معه عبد الله بن صفوان بن أميّة بن خلف الجمحيّ رئيس مكة، وابن رئيسها، ولد في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولما حجّ معاوية قدّم له ابن صفوان ألفي شاة.
وقتل معه أيضا عبد الله بن مطيع بن الأسود العدويّ، الذي ولي الكوفة لابن الزّبير قبل غلبة المختار.
وقتل معه عبد الرّحمن بن عثمان بن عبد الله التيميّ، ممن أسلم يوم الحديبية.
وتوفّيت أمّ عبد الله بن الزّبير بعد مصاب ابنها بيسير، وهي أسماء بنت أبي بكر الصّدّيق، وهي في عشر المائة، وهي من المهاجرات الأول، ومن أهل السّوابق في الإسلام، وهي ذات النّطاقين [1] ، رضي الله عنها.
وفيها استوثق الأمر لعبد الملك بن مروان بمقتل ابن الزّبير، وولي الحجّاج أمر الحجاز، ونقض بناء ابن الزّبير الكعبة [2] وأعادها إلى بنائها في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم بمشاورة عبد الملك بن مروان.
وسبب هدم ابن الزّبير الكعبة، أنها كانت قد تهدّمت وتشعّثت من حجر المنجنيق الذي كان يرمي به الحصين بن نمير وأصحابه، وحدّثته خالته عائشة أنّ قريشا قصّرت بهم النفقة- يعني الحلال التي كانوا جمعوها لبنائها-
[1] سميت ذات النطاقين، لأنها هيأت للرسول صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة سفرة، فاحتاجت إلى ما تشدها به، فشقت خمارها نصفين، فشدت بنصفه السفرة، واتخذت النصف الآخر منطقا لها.
[2]
في المطبوع: «للكعبة» .
فاقتصروا عن قواعد إبراهيم ستة أذرع أو سبعة، وهي الحجر، ولما عزم ابن الزّبير على ذلك فرقت الناس، وخرج بعضهم هاربا إلى الطائف، وإلى عرفات، ومنى وطلع ابن الزّبير بنفسه واتّخذ معه عبدا حبشيا دقيق السّاقين رجاء أن يكون ذا السّويقتين الحبشي الذي يهدم الكعبة [1] ، وأما الحجّاج فلم يهدمها إلّا أنفة أن يبقى هذا الشّرف والمكرمة لابن الزّبير، واختلفوا كم بنيت مرّات، فقيل: سبعا، وقيل: خمسا، ومنشأ الخلاف أنّها هل بنيت قبل بناء إبراهيم، أو هو أول من بناها؟.
[1] قلت: وذلك أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: «يخرّب الكعبة ذو السّويقتين من الحبشة» رواه البخاري رقم (1596) في الحج: باب هدم الكعبة، ومسلم رقم (2909) في الفتن: باب لا تقوم الساعة حتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء، ورواه النسائي (5/ 216) في الحج: باب بناء الكعبة. وقال ابن الأثير في «جامع الأصول» (9/ 302) : ذو السويقتين: الساق: ساق الإنسان، وهي مؤنثة، وتصغيرها: سويقة بالتاء، على قياس تصغير أمثالها، وتثنيتها: سويقتان، بإثبات التاء في التثنية، لأن تثنيتها مصغرة، وإنما صغرها لأنه أراد ضعفها ودقتها، لأن عامة الحبشة في أسواقهم دقّة وحموشة.