الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعلوم الإسلام، وأوسعهم مع توسّعه في علم اللسان، والبلاغة، والشعر، والسّير، والأخبار.
وقال ابن خلّكان: كان حافظا، عالما بعلوم الحديث، مستنبطا للأحكام من الكتاب، والسّنّة
…
وكان متفننا في علوم جمّة، عاملا بعلمه، زاهدا في الدّنيا بعد الرياسة التي كانت له ولأبيه من قبله في الوزارة وتدبير الملك، متواضعا ذا فضائل وتآليف كثيرة.
ولكنه كان كثير الوقوع في العلماء المتقدمين، لا يكاد أحد يسلم من لسانه، فنفرت عنه القلوب، واستملل من فقهاء وقته، فمالوا على بغضه، وردّوا قوله، وأجمعوا على تضليله، وشنّعوا عليه، وحذّروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامّهم عن الدنوّ إليه، والأخذ عنه، فأقصته الملوك، وشرّدته عن بلاده.
وقال ابن العريف: كان لسان ابن حزم، وسيف الحجّاج شقيقين.
مات مشردا عن بلده من قبل الدولة ببادية لبلة [1] بقرية له، ليومين بقيا من شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة.
قلت: وقد أشتهر ابن حزم بكتابيه «المحلى» وهو في الفقه، وقد نشر في مصر، وقام بتحقيقه العلّامة الشيخ أحمد محمد شاكر، والشيخ عبد الرحمن الجزيري، وأتمه الشيخ محمد منير الدمشقي، وقد صدر في أحد عشر مجلدا.
و «جمهرة أنساب العرب» وهو من خيرة كتب الأنساب، وقد نشر في دار المعارف بمصر عام 1382 هـ بتحقيق الأستاذ المحقّق عبد السلام محمد هارون، وهي طبعة جيدة متقنة مفهرسة.
17- الخطيب البغدادي
هو أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي، أبو بكر،
[1] انظر «معجم البلدان» لياقوت (5/ 10) ، و «الروض المعطار» للحميري ص (507- 508) .
المعروف، بالخطيب [1] ، أحد الأئمة الأعلام، وصاحب التآليف المنتشرة في الإسلام، وأشهرها «تاريخ بغداد» و «الكفاية في علم الرواية» ، و «شرف أصحاب الحديث» ، و «اقتضاء العلم العمل» ، وغير ذلك من المصنفات.
ولد في شهر جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة في غزية بمنتصف الطريق بين الكوفة ومكة، ونشأ في بغداد، ورحل إلى البصرة، وأصبهان، وخراسان، والحجاز، والشام، والكوفة، والدينور، وغير ذلك من الأمصار، وشيوخه أكثر من أن يذكروا، منهم القاضي أبو الطيب الطبري، وأبو الحسن المحاملي، وأبو عمر بن مهدي، وابن الصلت الأهوازي.
قال السّمعاني: كان إمام عصره بلا مدافعة، وحافظ وقته بلا منازعة، صنّف قريبا من مائة مصنّف صارت عمدة لأصحاب الحديث.
وقال الأمير ابن ماكولا: كان أحد الأعيان ممّن شاهدناه: معرفة، وحفظا، وإثباتا، وضبطا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفننا في علله وأسانيده، وعلما بصحيحه وغريبه، وفرده ومنكره، قال: ولم يكن للبغداديين بعد الدارقطني مثله.
وقال ابن الأهدل: تصانيفه قريب من مائة مصنف في اللغة، وبرع فيها، ثم غلب عليه الحديث والتأريخ.
وقال أبو علي البرداني: لعلّ الخطيب لم ير مثل نفسه.
قال ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمد يحدّث عن أبي الفضل بن خيرون أو غيره، أن الخطيب ذكر أنه لما حجّ شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله ثلاث حاجات، أخذا بالحديث:«ماء زمزم لما شرب له» [2] .
الحاجة الأولى: أن يحدّث بتاريخ بغداد بها [3] .
[1] وهذه النسبة إلى الخطابة على المنابر.
[2]
وهو حديث صحيح (ع) .
[3]
لفظة «بها» سقطت من «طبقات الحفّاظ» للسيوطي صفحة (325) بتحقيق الأستاذ علي محمد عمر، وانظر «تذكرة الحفّاظ» للذهبي (3/ 1159) .
الثانية: أن يملي الحديث بجامع المنصور.
الثالثة: أن يدفن عند بشر الحافي.
فقضى الله له ذلك.
وقال أبو الحسن الهمذاني: مات هذا العلم [1] بوفاة الخطيب، وقد كان رئيس الرؤساء [2] تقدم إلى الوعاظ والخطباء ألّا يرووا حديثا حتى يعرضوه على أبي بكر، وأظهر بعض اليهود كتابا بإسقاط النبيّ صلى الله عليه وسلم الجزية عن الخيابرة، وفيه شهادة الصحابة، فعرضه الوزير على أبي بكر فقال: هذا مزوّر، قيل: من أين قلت هذا؟ قال: فيه شهادة معاوية، وهو أسلم عام الفتح بعد خيبر، وفيه شهادة سعد بن معاذ، ومات قبل خيبر بسنين.
ومات الخطيب في السابع من شهر ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربع مائة.
قلت: وقد قامت شهرته على كتابه «تاريخ بغداد» وهو كتاب عظيم جليل القدر يضمّ سبعة آلاف وثمانمائة وثلاثة وستين ترجمة كما ذكر الأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري في مؤلفه النافع «موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد» ص (87) ، وقد طبع «تاريخ بغداد» في مطبعة السعادة في مصر سنة (1349) هـ، وصدر في أربعة عشرة مجلدا [3] .
[1] أي فن الحديث النبوي.
[2]
في «طبقات الحفّاظ» للسيوطي: «رئيس الخطباء» .
[3]
قال الأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري في كتابه «موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد» حاشية الصفحة (87) ما ملخصه: في طبعة «تاريخ بغداد» المشار إليها سقط كثير، وأخطاء متعددة، منها ما يتعلق بتصحيف الأسماء وقلبها، واختلاط إسناد رواية بإسناد رواية أخرى، مع سقط الرواية الأولى، أو سقوط اسم وسط السند، وغير ذلك.
قلت: وأنا أسأل الله تعالى أن يلهم الأستاذ الدكتور أكرم العمري أن يتصدى لمهمة تحقيق هذا الكتاب العظيم سيّما وقد درسه وسبر غوره ووقف على ما فيه من الأغلاط لدى إعداده لكتابه المشار إليه، إنه تعالى خير مسؤول.