المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحادية عشرة فيها توفي النّبيّ صلى الله عليه وسلم في وسط - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ١

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الاول]

- ‌تقديم الكتاب

- ‌بسم الله الرّحمن الرّحيم مقدّمة المحقّق

- ‌الفصل الأول مشاهير المؤرخين السّابقين لابن العماد

- ‌1- ابن إسحاق

- ‌2- الواقدي

- ‌3- ابن هشام

- ‌4- ابن سعد

- ‌5- خليفة بن خيّاط

- ‌6- البخاريّ

- ‌7- ابن قتيبة

- ‌8- الفسوي

- ‌9- أبو زرعة الدّمشقي

- ‌10- أبو حنيفة الدّينوري

- ‌11- الطّبري

- ‌12- ابن أبي حاتم

- ‌13- المسعودي

- ‌14- ابن حبّان

- ‌15- أبو نعيم الأصبهاني

- ‌16- ابن حزم

- ‌17- الخطيب البغدادي

- ‌18- السّمعاني

- ‌19- ابن عساكر الدمشقي

- ‌20- السّهيلي

- ‌21- ابن الجوزي

- ‌22- المقدسي

- ‌23- ابن الأثير

- ‌24- المنذري

- ‌25- النّووي

- ‌26- ابن خلّكان

- ‌27- محبّ الدّين الطّبري

- ‌28- أبو الفداء

- ‌29- التّبريزي

- ‌30- الذّهبي

- ‌31- ابن شاكر الكتبي

- ‌32- الصّفدي

- ‌33- اليافعي

- ‌34- تاج الدّين السّبكي

- ‌35- ابن كثير

- ‌36- لسان الدّين ابن الخطيب

- ‌37- ابن خلدون

- ‌38- ابن ناصر الدّين

- ‌39- ابن قاضي شهبة

- ‌40- ابن حجر العسقلاني

- ‌41- ابن تغري بردي

- ‌42- السّخاوي

- ‌43- ابن طولون

- ‌44- العيدروس

- ‌45- الحلبي

- ‌مصادر ومراجع مختارة [1]

- ‌الفصل الثاني لابن العماد

- ‌مصادر ومراجع مختارة

- ‌الفصل الثالث القيمة الفنيّة لكتاب شذرات الذّهب

- ‌الفصل الرّابع عملنا في تحقيق الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌السنة الأولى من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل صلاة وتحية

- ‌وفي الثانية

- ‌السنة الثالثة

- ‌السنة الرابعة

- ‌السنة الخامسة

- ‌السنة السادسة

- ‌السنة السابعة

- ‌السنة الثامنة

- ‌السنة [1] التاسعة

- ‌السنة [1] العاشرة

- ‌الحادية عشرة

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني

- ‌السنة الثانية عشرة [1]

- ‌السنة الثالثة عشرة

- ‌سنة أربعة عشرة

- ‌سنة خمس عشرة

- ‌سنة ست عشرة

- ‌سنة سبع عشرة

- ‌سنة ثماني عشرة

- ‌سنة تسع عشرة

- ‌سنة عشرين

- ‌سنة إحدى وعشرين

- ‌سنة اثنتين وعشرين

- ‌سنة ثلاث وعشرين

- ‌سنة أربع وعشرين

- ‌سنة خمس وعشرين

- ‌سنة ست وعشرين

- ‌سنة سبع وعشرين

- ‌سنة ثمان وعشرين

- ‌سنة تسع وعشرين

- ‌سنة ثلاثين

- ‌سنة إحدى وثلاثين

- ‌سنة اثنتين وثلاثين

- ‌سنة ثلاث وثلاثين

- ‌سنة أربع وثلاثين

- ‌سنة خمس وثلاثين

- ‌سنة ست وثلاثين

- ‌سنة سبع وثلاثين

- ‌سنة ثمان وثلاثين

- ‌سنة تسع وثلاثين

- ‌سنة أربعين

- ‌سنة إحدى وأربعين

- ‌سنة اثنتين وأربعين

- ‌سنة ثلاث وأربعين

- ‌سنة أربع وأربعين

- ‌سنة خمس وأربعين

- ‌سنة ست وأربعين

- ‌سنة سبع وأربعين

- ‌سنة ثمان وأربعين

- ‌سنة تسع وأربعين

- ‌سنة خمسين

- ‌سنة إحدى وخمسين

- ‌سنة اثنتين وخمسين

- ‌سنة ثلاث وخمسين

- ‌سنة أربع وخمسين

- ‌سنة خمس وخمسين

- ‌سنة ست وخمسين

- ‌سنة سبع وخمسين

- ‌سنة ثمان وخمسين

- ‌سنة تسع وخمسين

- ‌سنة ستين

- ‌سنة إحدى وستين

- ‌سنة اثنتين وستين

- ‌سنة ثلاث وستين

- ‌سنة أربع وستين

- ‌سنة خمس وستين

- ‌سنة ست وستين

- ‌سنة سبع وستين

- ‌سنة ثمان وستين

- ‌سنة تسع وستين

- ‌سنة سبعين

- ‌سنة إحدى وسبعين

- ‌سنة اثنتين وسبعين

- ‌سنة ثلاث وسبعين

- ‌سنة أربع وسبعين

- ‌سنة خمس وسبعين

- ‌سنة ست وسبعين

- ‌سنة سبع وسبعين

- ‌سنة ثمان وسبعين

- ‌سنة تسع وسبعين

- ‌سنة ثمانين

- ‌سنة إحدى وثمانين

- ‌سنة اثنتين وثمانين

- ‌سنة ثلاث وثمانين

- ‌سنة أربع وثمانين

- ‌سنة خمس وثمانين

- ‌سنة ست وثمانين

- ‌سنة سبع وثمانين

- ‌سنة ثمان وثمانين

- ‌سنة تسع وثمانين

- ‌سنة تسعين

- ‌سنة إحدى وتسعين

- ‌سنة اثنتين وتسعين

- ‌سنة ثلاث وتسعين

- ‌سنة أربع وتسعين

- ‌سنة خمس وتسعين

- ‌سنة ست وتسعين

- ‌سنة سبع وتسعين

- ‌سنة ثمان وتسعين

- ‌سنة تسع وتسعين

- ‌سنة مائة

الفصل: ‌ ‌الحادية عشرة فيها توفي النّبيّ صلى الله عليه وسلم في وسط

‌الحادية عشرة

فيها توفي النّبيّ صلى الله عليه وسلم في وسط نهار الإثنين، في ربيع الأول، وما قيل:

إنه توفي في الثاني عشر فيه إشكال، لأنه صلى الله عليه وسلم كانت وقفته في الجمعة في السنة العاشرة إجماعا، ولا يتصور مع ذلك وقوع الإثنين ثاني عشر شهر ربيع الأول من السنة التي بعدها، فتأمل.

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس أربعين، فأقام بمكة ثلاث عشرة [1]، وقيل: عشرا، وقيل: خمس عشرة، وأقام بالمدينة عشرا بالإجماع، وتوفي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح، وولد صلى الله عليه وسلم عام الفيل في شعب بني هاشم، وتوفي جده عبد المطّلب وهو ابن ثمان على قول وشهد بناء قريش الكعبة، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة على قول.

وفي «الصحيح» أنه كان ينقل معهم الحجارة وهو صغير، وكانوا يجعلون أزرهم على عواتقهم تقيهم الحجارة ففعل مثلهم، فسقط مغشيا عليه [2] .

[1] في المطبوع: «ثلاثة عشر» .

[2]

رواه البخاري رقم (364) في الصلاة: باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها، و (1582) في الحج: باب فضل مكة وبنيانها، و (3829) في مناقب الأنصار: باب بنيان الكعبة، ومسلم رقم (340) (76) و (77) في الحيض: باب الاعتناء بحفظ العورة، وأحمد في «المسند» (3/ 310 و 333) . ولفظ الحديث في البخاري: حدّثنا مطر بن الفضل قال: حدّثنا روح قال: حدّثنا زكريّاء بن إسحاق، حدّثنا عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله يحدّث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمّه:

ص: 133

فإن حمل على أنّ قريشا بنت الكعبة مرتين، أو في أمر غير بناء الكعبة فلا إشكال، وإلا فأحد النقلين ساقط.

وتزوج خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، وهي بنت أربعين على الصحيح فيهما، ورجّح كثيرون أنها ابنة ثمان وعشرين وفرضت الصلاة بمكة ليلة الإسراء بعد النّبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر [1] .

وفرض الصوم بعد الهجرة.

وفرضت الزكاة قبل الصوم، وقيل: بعده.

وهو صلى الله عليه وسلم محمّد بن عبد الله، بن عبد المطّلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصيّ، بن كلاب، بن مرّة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن النّضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، ابن مضر، بن نزار، بن معدّ، بن عدنان.

هذا المتفق عليه.

وجدّه هاشم هو الذي سنّ لقريش الرّحلتين للتجارة، ومات بغزّة [2] من أرض الشام، البلدة التي ولد فيها الشافعيّ رحمه الله.

وفي السنة الحادية عشرة [3] أيضا من الهجرة، توفّيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبيها [صلى الله عليه وسلم] بستة أشهر، تزوجها عليّ رضي الله عنه وهي بنت خمس عشرة سنة، وخمسة أشهر ونصف، وعمره إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر، ولم يتزوّج عليها حتى ماتت، كأمّها لم يتزوج عليها النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى ماتت، وغسل فاطمة أسماء بنت عميس، وعليّ، ودفنها ليلا.

يا ابن أخي لو حللت إزارك فجعلته على منكبيك دون الحجارة. قال: فحله، فجعله على منكبيه فسقط مغشيا عليه، فما رئي بعد ذلك عريانا صلى الله عليه وسلم.

[1]

انظر تفصيل ذلك في «جامع الأصول» لابن الأثير (5/ 183، 184) .

[2]

انظر «معجم البلدان» لياقوت (4/ 202) ، و «الروض المعطار» ص (428) .

[3]

في الأصل: «الحادية عشر» وأثبتنا ما في المطبوع.

ص: 134

وفيها ماتت أمّ أيمن [1] حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمّه بعد أمّه، ومنزلتها من النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومنزلة زوجها وبنتها لا توصف ولا تكيّف [2] ، وخرجت مهاجرة وليس معها زاد ولا ماء، فكادت تموت من العطش، فلما كان وقت الفطر وكانت صائمة، سمعت حسّا على رأسها، فرفعته، فإذا دلو برشاء [3] أبيض معلّق فشربت منه حتى رويت، وما عطشت بقية عمرها.

وفيها مات عكّاشة الأسديّ [4] أحد السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب.

وفيها قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة في رهط من قومه بني حنظلة ممن منع الزكاة، وكان مالك من دهاة العرب، وكان عرض على خالد الصلاة دون الزكاة، فقال خالد: لا نقبل [5] واحدة دون الأخرى، فقال مالك: كذلك كان يقول صاحبك [6]، قال خالد: وما نراه لك صاحبا، والله لقد هممت أن أضرب عنقك، ثم تجادلا في الكلام، فقال خالد: إني قاتلك، قال: أو كذلك أمر صاحبك، قال خالد: وهذه ثانية بعد تلك، والله لأقتلنك، فكلمه عبد الله بن عمر، وأبو قتادة [7] في استبقائه فأبى، فقال له مالك: فابعثني إلى

[1] واسمها بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان. انظر «الإصابة» لابن حجر (13/ 177) ، و «سير أعلام النبلاء» للذهبي (2/ 223) ، و «زاد المعاد» لابن القيم (1/ 83) .

[2]

في الأصل: «لا يوصف ولا يكيف» وما أثبتناه من المطبوع.

[3]

الرشاء: الحبل. انظر «القاموس المحيط» للفيروزآبادي (4/ 336) .

[4]

هو عكاشة بن محصن الأسدي، أبو محصن، السعيد الشهيد، حليف قريش، من السابقين الأولين البدريين، وقع ذكره في «الصحيحين» في السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب كما ذكر المؤلف. انظر «سير أعلام النبلاء» للذهبي (1/ 307) ، و «جامع الأصول» لابن الأثير (9/ 190، 191) .

[5]

في المطبوع: «لا تقبل» وهو تصحيف.

[6]

يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[7]

هو الحارث بن ربعي رضي الله عنه، فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: اسمه «النعمان» وقيل:

«عمرو» .

ص: 135

أبي بكر فيكون هو الذي يحكم في، فقال خالد: يا ضرار [1] قم فاضرب عنقه، فقام فضرب عنقه واشترى زوجه [2] من الفيء، وتزوّجها، فأنكر عليه عمر، والصحابة، وسأل عمر أبا بكر قتل خالد بمالك أو حدّه في زواج زوجته، فقال أبو بكر: إنه تأوّل فأخطأ، فسأله عزله، فقال: ما كنت لأشيم [3] سيفا سلّه الله عليهم [4] أبدا.

ولمتمّم بن نويرة [5] في أخيه مراث كثيرة مشهورة من أعجبها قوله:

لقد لامني عند القبور على البكا

صحابي لتذرف الدّموع السّوافك

فقالوا: أتبكي كلّ قبر رأيته؟

لغير ثوى بين اللّوى والدكادك [6]

فقلت لهم: إنّ الشّجا يبعث الشّجا

دعوني فهذا كلّه قبر مالك [7]

ولحافظ دمشق ابن ناصر الدّين [8] قصيدة سمّاها «بواعث الفكرة في

[1] هو ضرار بن الأزور الأسدي، أبو الأزور، ويقال: أبو بلال، أحد الأبطال في الجاهلية والإسلام، وكان شاعرا مطبوعا، له صحبة، مات سنة (11) هـ. انظر «الإصابة» لابن حجر (5/ 188- 190) و «الأعلام» للزركلي (3/ 215) .

وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» : إن ضرار بن الأزور قتل مالك بن نويرة بأمر خالد ابن الوليد، وقال: فوافق أنه قتل، ولم يكن قتله من أجل المرأة، كما ظن.

[2]

في الأصل: «زوجته» . وأثبتنا ما في المطبوع.

[3]

قال الفيروزآبادي: شام سيفه يشيمه: أغمده. «القاموس المحيط» (4/ 139) .

[4]

أي على المشركين.

[5]

انظر «شرح أبيات مغني اللبيب» للبغدادي (1/ 201) بتحقيق الأستاذين عبد العزيز رباح، وأحمد يوسف الدقاق، طبع دار المأمون للتراث بدمشق، و «الأعلام» للزركلي (5/ 74) .

[6]

البيت في «الكامل» للمبرد (1/ 152) :

وقالوا أتبكي كل قبر رأيته

لميت ثوى بين اللوى فالدكادك

[7]

البيت في «الكامل» للمبرد:

فقلت لهم إن الأسى يبعث البكا

ذروني فهذا كله قبر مالك

[8]

تقدم التعريف به في الصفحة (72- 73) .

ص: 136

حوادث الهجرة» أحببت أن أثبتها هنا لما فيها من الفوائد وهي:

سنوا هجرة المختار فيها حوادث

فخذ نثرها من كلّ عام واحكم

مصلّى قبا في أول ثمّ مسجدا

بني وبيوتا والصّلاة فأتمم

وخلف أذان جمعة مات أسعد

براء وعبد الله أسلم فاسلم

وثان صيام فطرة أمّ كعبة

وغزوة ودّان بواط المغنّم

عشير وبدر عرس عائش [1] مثله ال

بتول وموت لابن مظعون أكرم

سويق سليم قينقاع ومسور

ومروان والنّعمان سرّوا بمقدم

كذا ابن زبير مثل موت رقيّة

أبو بنت هند أنمار كانت بمعلم

غزا أحدا في ثالث قتل حمزة

وذا أمر والخمر ردّت فحرّم

وحمراء مع بدر أخيرا بناؤه

بزينب ذات البرّ كسبا لمعدم

كذا حفصة مع أمّ كلثوم زوّجت

أتى حسن قبل الحسين المقدّم

وفي رابع تزويج هند معونة

نضير وقصر والتيمّم فافهم

مريسيع إفك والرّقاع وموعد

ورجم وموت امّ المساكين عظّم

وصلّى لخوف ثم في الخمس خندق

قريظة سعد مات دومة قدّم

ضمام أتى إسلام عمرو وخالد

وعثمان الداري التزلزل فاعلم

وفي سادس لحيان ذو قرد به

حديبية استسقى ابن خولة أعظم

مقوقس أهدى والظّهار وخاتم

لشيرويه الطّاعون حجّ لمسلم

وخيبر في سبع صفيّة رملة

زواجهما ذو الحبس آبوا بأنعم

قدوم أبي هرّ هدانا عطية

قضا عمرة تزويج ميمونة أتمم

وثامن عام مؤتة الفتح أسلموا

ومولد إبراهيم نجل المعظّم

[1] في الأصل: «عائشة» .

ص: 137

حنين غلاء طائف نصب منبر

وبنت رسول الله زينب سلّم

بتسع تبوك والوفود وجزية

وحج أبي [1] بكر وموت أمّ كلثم

ومات ابن بيضا والنجاشي وعروة

قتيل ثقيف والسّلوليّ فافهم

لعان وإيلاء وبوران ملّكت

لقتل فتى شيرويه بتظلّم

وفي العاشر ابراهيم مات ومولد

لنجل أبي بكر محمد أعظم

جرير اهتدى ضلّت بأسود عنسة

كسوف بخلف حجة التّمّ أعجم

وسبع وعشرون المغازي ومثلها

سراياه مع عشرين أرّخ لمقدم

أصبنا لإحدى عشرة بنبيّنا

فيا عظمه رزءا لدى كلّ مسلم

بها بايعوا الصّدّيق ردّة وابكين

لفاطمة مع أمّ أيمن واختم

انتهى ما أورده ابن ناصر الدّين، وما ذكره في منظومته تقدّم غالبه، وبقيته مفهوم سوى قصّة الظّهار أحببت إيرادها لما فيها من الفوائد فأقول:

قال العلّامة الشّيخ علي الحلبي في «سيرته» : وقبل خيبر، وقيل: بعد خيبر، نزلت آية الظّهار قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها 58: 1 [المجادلة: 1] ، وسبب ذلك أنّ أوس بن الصّامت، لا عبادة بن الصّامت، كما قيل، أي وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه، وفي لفظ: كان به لمم [2] ، أي نوع من الجنون، وكان فاقد البصر، قال لزوجته خولة بنت ثعلبة [3] ، وفي لفظ بنت خويلد، وكانت بنت عمه [4]، وقد راجعته في شيء فغضب فقال لها: أنت

[1] في المطبوع: «أبو» .

[2]

في الأصل: «يلم» وما أثبتناه من المطبوع.

[3]

وهو الصواب. وقال الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (12/ 231) : خولة بنت مالك بن ثعلبة.

[4]

في المطبوع: «بنت عمره» وهو خطأ.

ص: 138

عليّ كظهر أمّي، وكان ذلك في زمن الجاهلية طلاقا، أي كالطلاق في تحريم النساء، ثم راودها عن نفسها، فقالت: كلا لا تصل إليّ وقد قلت ما قلت، حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي لفظ: إنه لما قال لها: أنت عليّ كظهر أمّي أسقط في يده، وقال:

ما أراك إلا قد حرمت عليّ، انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأليه، فدخلت عليه وهو يمشط رأسه، أي عنده ماشطة، وهي عائشة تمشط رأسه.

وفي لفظ: كان الظّهار أشدّ الطّلاق، وأحرم الحرام، إذا ظاهر الرجل من امرأته لم يرجع أبدا، فأخبرته، فقال لها:«ما أمرنا بشيء من أمرك ما أراك إلا قد حرمت عليه» ، فقالت: يا رسول الله والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر الطلاق، وإنه أبو ولدي، وأحبّ النّاس إليّ، فقال:«حرمت عليه» ، فقالت:

أشكو إلى الله فاقتي وتركي بغير أحد، وقد كبر سنّي، ودقّ عظميّ.

وفي لفظ أنها قالت: اللهم إني أشكو إليك شدّة وحدتي، وما شقّ عليّ من فراقه، وما نزل بي وبصبيتي.

قالت عائشة رضي الله عنها: فلقد بكيت وبكى من كان في البيت رحمة لها ورقّة عليها.

وفي لفظ قالت: يا رسول إن زوجي أوس بن الصامت تزوّجني وأنا ذات مال وأهل، فلما أكل مالي، وذهب شبابي، ونفضت بطني، وتفرّق أهلي، ظاهر مني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما أراك إلا قد حرمت عليه» ، فبكت وصاحت، وقالت: أشكو إلى الله فقري، ووحدتي، وصبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليّ جاعوا، وصارت

ص: 139

ترفع رأسها إلى السماء، فبينما فرغ صلى الله عليه وسلم من شق رأسه، وأخذ في الآخر، أنزل الله عليه الآية، فسرّي عنه، وهو يبتسم، فقال لها:

«مريه فليحرّر رقبة» ، فقالت: والله ما له خادم غيري، قال:«فمريه فليصم شهرين متتابعين» ، فقالت: والله إنه لشيخ كبير، إنه إن لم يأكل في اليوم مرتين يندر بصره، أي لو كان مبصرا، فلا ينافي ما تقدّم أنه كان فاقد البصر، قال:«فليطعم ستين مسكينا» ، فقالت: والله ما لنا اليوم وقية، قال:«مريه فلينطلق إلى فلان- يعني شخصا من الأنصار- أخبرني أن عنده شطر وسق من تمر، يريد أن يتصدّق به، فليأخذه منه» . وفي رواية: «مريه فليأت أمّ المنذر بنت قيس فليأخذ منها شطر وسق من تمر فليتصّدق به على ستين مسكينا وليراجعك» ، ثم أتته فقصّت عليه القصّة فانطلق ففعل.

أي وفي لفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأنا سأعينه بعرق [1] من تمر» فبكت، وقالت: وأنا يا رسول الله سأعينه بعرق [1] آخر، قال:«قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدّقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرا» . وفي رواية لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أعلم إلا قد حرمت عليه» ، قالت لها عائشة: وراءك، فتنحّت، فلما نزل عليه الوحي وسرّي عنه قال:«يا عائشة أين المرأة؟» ، قالت: ها هي هذه، قال:«ادعيها» [2] ،

[1] في الأصل، والمطبوع:«بفرق» بالفاء. والعرق: زبيل منسوج من نسائج الخوص، وكل شيء مضفور فهو عرق بفتح الراء فيهما. «النهاية» لابن الأثير (3/ 219) .

[2]

في الأصل، والمطبوع:«ادعها» وهو خطأ.

ص: 140

فدعتها، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:«اذهبي فجيئي بزوجك» فذهبت فجاءت به وأدخلته على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فإذا هو ضرير البصر، فقير، سيّء الخلق، فقال له:«أتجد رقبة؟» ، قال: لا، وفي لفظ قال:

ما لي بهذا من قدرة، قال:«أتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» ، قال: والذي بعثك بالحق إني إذا لم آكل المرة والمرتين والثلاثة يغشى [1] عليّ، وفي لفظ إني إذا لم آكل في اليوم مرتين كلّ بصري، أي لو كان موجودا قال:

«فتستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟» ، قال: لا، إلا أن تعينني بها، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكفّر عنه. وفي رواية: أنه أعطاه مكتلا يأخذ خمسة عشر صاعا فقال: «أطعمه ستين مسكينا» . قال بعضهم: وكانوا يرون أن عند أوس مثلها حتى يكون لكلّ مسكين نصف صاع، وفيه أنه خلاف الروايات من أنه لا يملك شيئا، فقال: على أفقر مني، فو الله الذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه مني، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«اذهب به إلى أهلك» . وهذا أول ظهار وقع في الإسلام [2] .

[1] في المطبوع: «يغثى» وهو تحريف.

[2]

وقد أورد قصة خولة بنت ثعلبة مع زوجها الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (12/ 231، 232) و «فتح الباري» (9/ 433، 434) وناقشها فيه، فارجع إلى كلامه في المصدرين المشار إليهما. وانظر أيضا «سنن أبي داود» الحديث (2214) في الطلاق: باب في الظهار، و «سنن النسائي» (6/ 167، 168) ، و «سنن ابن ماجة» الحديث رقم (2063) ، و «أسد الغابة» لابن الأثير (7/ 91، 92) في ترجمة خولة، و «تفسير ابن كثير» (4/ 319- 321) ، و «زاد المسير» لابن الجوزي (8/ 180- 186) ، و «التنبيه والإعلام» للسهيلي «مخطوط» الورقة (60) .

ص: 141

ومرّ عمر رضي الله عنه بخولة هذه في أيام خلافته، فقالت: قف يا عمر، فوقف لها، ودنا منها، وأصغى إليها، وأطالت الوقوف، وأغلظت القول، أي قالت له: هيها يا عمر، عهدتك وأنت تسمّى عميرا، وأنت في سوق عكاظ ترعى القيان [1] بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سمّيت عمر، ثمّ لم تذهب الأيام حتى سمّيت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي الفوت، فقال لها الجارود [2] : قد أكثرت أيّتها المرأة على أمير المؤمنين، فقال عمر: دعها.

وفي رواية فقال له قائل: حبست النّاس لأجل هذه العجوز، قال:

ويحك وتدري من هذه؟ قال: لا، قال: هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات، هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت حتى تقضي حاجتها. انتهى.

قلت: ومما يناسب المقام ذكر ابن صيّاد، فإن أخباره وقعت ولا بد بعد الهجرة، ولكني لم أقف على تاريخها، وسأثبته إن عثرت عليه، فلنورد ما ورد

[1] أي الإماء والعبيد. قال ابن منظور: قال أبو بكر: قولهم: فلانة قينة معناه في كلام العرب الصانعة، والقين: الصانع. قال خباب بن الأرت: كنت قينا في الجاهلية، أي صانعا، والقينة هي الأمة، صانعة كانت أو غير صانعة، قال أبو عمرو: كل عبد عند العرب قين، والأمة قينة، قال: وبعض الناس يظن القينة المغنية خاصة، قال: وليس هو كذلك. «لسان العرب» «قين» (5/ 3799) .

[2]

هو الجارود بن المعلّى، ويقال: ابن عمرو بن المعلى، وقيل: الجارود بن العلاء، وقيل: غير ذلك، ولقب الجارود لأنه غزا بكر بن وائل فاستأصلهم، قال الشاعر:

فدسناهم بالخيل من كل جانب

كما جرد الجارود بكر بن وائل

وكان سيد عبد القيس، وقدم سنة عشر في وفد عبد القيس الأخير وسر النبيّ صلى الله عليه وسلم بإسلامه وقربه وأدناه. انظر «الإصابة» لابن حجر (2/ 50، 52) ، و «أسد الغابة» لابن الأثير (1/ 311، 312) .

ص: 142