الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وأربعين
في ربيع الأول منها سار أمير المؤمنين الحسن بن عليّ بجيوشه نحو الشّام، وعلى مقدمته قيس بن سعد بن عبادة، وسار معاوية بجيوشه فالتقوا بناحية [1] الأنبار [2] ، فوفّق الله الحسن، فحقن [3] دماء المسلمين، وترك الأمر لمعاوية كما هو مقرّر في «صحيح البخاري» [4] .
وظهر حينئذ صدق الحديث النبوي فيه حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» [5] . ولما تم الصلح بشروطه برز الحسن بين الصّفّين وقال: إني قد اخترت
[1] في المطبوع: «في ناحية» .
[2]
الأنبار: في العراق، بينها وبين بغداد ثلاثة عشر فرسخا، وهي مدينة صغيرة متحضرة لها سوق، وفيها قلعة وفواكه كثيرة، وهي على رأس نهر عيسى. «الروض المعطار» للحميري ص (36) .
[3]
في المطبوع: «في حقن» .
[4]
رواه البخاري رقم (2704) في الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي:«إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين» وقوله جلّ ذكره: فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما 49: 9.
[5]
رواه البخاري رقم (3746) في مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما، وفي الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي:«إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين» وفي الأنبياء باب علامات النبوة في الإسلام، وفي العتق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي:«إن ابني هذا لسيد» من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
ما عند الله وتركت هذا الأمر لمعاوية، فإن كان لي فقد تركته لله، وإن كان له فما ينبغي لي أن أنازعه، ثم قرأ: وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ 21: 111 [الأنبياء: 111] ، وكبّر النّاس فرحا، واختلطوا من ساعتهم، وسمّيت سنة الجماعة، وتمت الخلافة لمعاوية رضي الله عنه، ولله الحمد.
وفيها توفيت أمّ المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها، وقيل: في سنة خمس وأربعين، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم طلقها مرّة، فبكى عمر، واشتد عليه، فنزل جبريل وقال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة بنت عمر رحمة لعمر [1] .
وفي رواية: فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة [2] .
وفيها مات صفوان بن أميّة بن خلف القرشي الجمحي، وكان من أشراف قريش، ومسلمة الفتح، وكان هرب يومئذ إلى جدّة [3]، فاستؤمن له فرجع وطلب من النبيّ صلى الله عليه وسلم خيار شهرين فقال له:«لك أربعة» وشهد حنينا فأكثر له صلى الله عليه وسلم من غنائمها، فقال: أشهد بالله ما طابت بهذا إلا نفس نبي، وحسن إسلامه، وقدم المدينة فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم:«لا هجرة بعد الفتح» [4]
[1] ذكره الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (12/ 198) من طريق موسى بن عليّ بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر، فنزل عليه جبريل، فقال:«إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر» والذي في «سنن أبي داود» رقم (2283) ، و «النسائي» (6/ 213) ، و «ابن ماجة» رقم (2016) في الطلاق، عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها، وهو صحيح بهذا اللفظ.
[2]
رواه ابن سعد في «الطبقات» (8/ 84) من حديث قيس بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقها ثم ارتجعها وذلك أن جبريل قال له: «ارجع حفصة فإنها طوقة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة» وهو حديث مرسل. وانظر «مجمع الزوائد» للهيثمي (9/ 244) .
[3]
هي مدينة كبيرة على ساحل البحر الأحمر، تبعد عن مكة قرابة (30) ميلا. انظر خبرها في «معجم البلدان» لياقوت (2/ 114 و 115) ، و «الروض المعطار» للحميري ص (157) .
[4]
رواه البخاري في الجهاد، باب لا هجرة بعد الفتح، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي
فرجع إلى مكة، وكان من الأغنياء، قيل: ملك قنطارا من الذهب، [و] شهد اليرموك أميرا.
وفيها لبيد بن ربيعة الشّاعر العامري، الذي صدّقه النبيّ صلى الله عليه وسلم [1] ، وحسن إسلامه، وقيل: مات في خلافة عثمان بالكوفة عن مائة وخمسين سنة.
المغازي ومسلم رقم (1353) و (1864) من حديث عبد الله بن عباس، وعائشة رضي الله عنهما.
[1]
قال الحافظ ابن حجر في «الإصابة» في ترجمة لبيد (9/ 7) : وقد ثبت أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أصدق كلمة قالها الشاعر، كلمة لبيد» وهو قوله:
وانظر ص (116) من هذا المجلد.