الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وسبعين
فيها بعث الحجّاج لحرب شبيب عتّاب بن ورقاء الرياحي [1] بالباء الموحدة فلقي شبيبا [2] بسواد الكوفة، فقتل شبيب أيضا عتّابا، وهزم جيشه، ثم جهّز الحجّاج له الحارث بن معاوية الثقفيّ فقتل الحارث أيضا، فوجّه الحجّاج له أبا الورد البصريّ فقتله أيضا، فوجّه له طهمان عثمان، فقتله أيضا، ففرق الحجّاج وسار بنفسه، فاقتتلوا شديدا أشد القتال، وتكاثروا على شبيب فانهزم.
وقتلت غزالة امرأة شبيب، وكانت قد قاتلت في تلك الحروب قتالا عجز عنه كمّل الرّجال، وكانت بحيث يضرب بشجاعتها المثل، وكانت نذرت أني تأتي مسجد كوفة فتصلّي فيه ركعتين بسورة البقرة، وآل عمران، فخرجت إليه في سبعين رجلا ووفت نذرها، فقال الناس:
وفت الغزالة نذرها
…
يا ربّ لا تغفر لها
وقال الشاعر في الحجّاج بن يوسف:
أسد عليّ وفي الحروب نعامة
…
فتخاء تنفر من صفير الصافر
[1] في الأصل، والمطبوع:«عتاب بن ورقاء الرباحي» وهو تصحيف. والتصحيح من «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم الأندلسي ص (227) ونسبه للرياحي، و «الأعلام» (4/ 200) .
[2]
في المطبوع: «فلقي شبيب» .
هلّا كررت على غزالة في الوغى
…
بل كان قلبك في جناحي طائر
ونجا شبيب بنفسه في فوارس من أصحابه إلى الأهواز.
وبها محمّد بن موسى بن طلحة التيميّ، فخرج لقتاله، فبارزه، فقتله شبيب، وسار إلى كرمان [1] فتقوّى، ثم رجع إلى الأهواز، فبعث إليه الحجّاج سفيان بن الأبرد الكلبيّ، وحبيب بن عبد الرّحمن، فاقتتلوا حتى حجز بينهم الليل، ثم ذهب شبيب وعبر على جسر نهر دجيل [2] فقطع به فغرق، وقيل:
بل نفر به فرسه وعليه الحديد الثقيل فألقاه في الماء، فقال بعض أصحابه:
أغرقا يا أمير المؤمنين؟ فقال: ذلك تقدير العزيز العليم، فألقاه دجيل ميتا على ساحله، فحمل على البريد إلى الحجّاج، فأمر بشقّ بطنه، واستخرج قلبه، فإذا هو كالحجر، إذا ضرب به الأرض نبا عنها، فشقّ، فإذا قلب صغير كالكرة الصغيرة، فشقّ أيضا، فوجد في داخله علقة دم، وكانت شجاعته خارجة أكثر ما يكون في مائة نفس فيهزمون الألوف.
وفيها غزا عبد الملك الرّوم بنفسه، وافتتح مدينة هرقلة [3] وافتتحت أيضا في خلافة العباسيّين [4] ولعلّها عادت إليهم.
[1] إقليم في إيران. قال ياقوت: قال محمد بن أحمد البنا البشاري: كرمان: إقليم يشاكل فارس في أوصاف ويشابه البصرة في أسباب، ويقارب خراسان في أنواع: لأنه قد تخم البحر، واجتمع فيه البرد والحر، والجوز والنخل، وكثرت فيه التمور والأرطاب، والأشجار والثمار، ومن مدنه المشهورة: جيرفت، وموقان، وخبيص، وبم، والسيرجان، ومزماسير، وبردسير.
وانظر «معجم البلدان» لياقوت (4/ 454- 456) ، و «الروض المعطار» للحميري ص (491، 492) و «الأمصار ذوات الآثار» للذهبي ص (101) بتحقيقنا، طبع دار ابن كثير.
[2]
قال ابن منظور: دجيل: نهر صغير متشعّب من دجلة. «لسان العرب» «دجل» (2/ 1330) .
[3]
في الأصل، والمطبوع:«مدينة هرقل» والتصحيح من «تاريخ الإسلام» للذهبي (3/ 125) ، و «دول الإسلام» للذهبي (1/ 56) .
[4]
وذلك على يدي الخليفة هارون الرشيد. انظر «معجم البلدان» لياقوت (5/ 398) .
وفيها توفّي أبو تميم الجيشانيّ [1] وكان قرأ القرآن على معاذ، وكان من عبّاد أهل مصر وعلمائهم.
[1] هو عبد الله بن مالك بن أبي الأسحم، من أئمة التابعين، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم المدينة زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. حدّث عن عمر، وعلي، وأبي ذر، ومعاذ بن جبل، انظر «سير أعلام النبلاء» للذهبي (4/ 73، 74) .