الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست عشرة وثلاثمائة
فيها دخل القرمطي الرحبة بالسيف واستباحها، ثم نازل الرّقّة وقتل جماعة بربضها، وتحوّل إلى هيت، فرجموه [1] بالحجارة، وقتلوا صاحبه أبا الزوّار، فسار إلى الكوفة [2] ، ثم انصرف وبنى دارا سمّاها دار الهجرة، ودعا إلى المهديّ، وتسارع إليه كل مريب، ولم يحج أحد، ووقع بين المقتدر وبين مؤنس الخادم، واستعفى ابن عيسى من الوزارة، وولي بعده أبو علي بن مقلة الكاتب.
وفيها توفي بنان الحمّال بن محمد بن حمدان بن سعيد، أبو الحسن [3] الزاهد الواسطي، نزيل مصر وشيخها. كان ذا منزلة عظيمة في النفوس، وكانوا يضربون بعبادته المثل. صحب الجنيد، وحدّث عن الحسن بن محمد الزّعفراني وجماعة. وثّقه أبو سعيد بن يونس وقال: توفي [4] في رمضان وخرج في جنازته أكثر أهل مصر، وكان شيئا عجيبا.
وقال السيوطي في «حسن المحاضرة» [5] : جاءه رجل فقال: لي على
[1] في «العبر» : «فرموه» .
[2]
قوله: «وقتلوا صاحبه أبا الزوار، فسار إلى الكوفة» سقط من «العبر» طبع الكويت.
[3]
انظر «العبر» (2/ 169- 170) و «سير أعلام النبلاء» (14/ 488- 490) .
[4]
قوله: «وقال توفي» سقط من «العبر» المطبوع في الكويت.
[5]
(1/ 513) .
رجل مائة دينار، وقد ذهبت الوثيقة، وأخشى أن ينكر، فادع لي. فقال له:
إني رجل قد كبرت، وأنا أحبّ الحلوى، فاذهب فاشتر لي رطلا وأتني به حتّى أدعو لك، فذهب الرجل فاشترى، فوضع له البائع الحلوى في ورقة، فإذا هي وثيقته بالمائة دينار، فجاء إلى الشيخ فأخبره، فقال: خذ الحلوى فأطعمها صبيانك.
وقال السخاوي [1] : هو من جلّة المشايخ، والقائلين بالحق، له المقامات المشهورة، والآيات المذكورة. كان أستاذ أبي الحسن النّوري.
قال بنان: من كان يسرّه ما يضرّه متى يفلح؟.
وقال: إن أفردته [2] بالرّبوبية، أفردك بالعناية. والأمر بيدك، إن نصحت صافوك، وإن خلّطت جافوك [3] .
وقال: أجلّ أحوال الصوفية الثّقة بالمضمون، والقيام بالأوامر، ومراعاة السّر، والتخلّي عن الكونين بالتشبّث بالحق.
وقال: رؤية الأسباب على الدوام قاطعة عن مشاهدة المسبب والإعراض عن الأسباب جملة [4] يؤدّي بصاحبه إلى ركوب البواطل.
وقال: ليس بمتحقّق في الحبّ من راقب أوقاته، أو تحمّل [5] في كتمان حبه، حتّى يهتك [6] ويفتضح ويخلع العذار، ولا يبالي عمّا يرد عليه
[1] لعل المؤلف ينقل عن «طبقات الصوفية» للسلمي باختصار. انظره ص (291- 294) .
[2]
يعني إن أفردت الله عز وجل.
[3]
في الأصل والمطبوع: «خلوك» وما أثبته من «طبقات الصوفية» ص (293) .
[4]
لفظة «جملة» تقدمت سهوا في الأصل والمطبوع فأثبتت إلى جوار لفظة «الأسباب» التي مضت قبل سطر، فأعدتها إلى مكانها الصحيح معتمدا في ذلك على «طبقات الصوفية» ص (294) .
[5]
في الأصل والمطبوع: «تجمل» وما أثبته من «طبقات الصوفية» ص (294) .
[6]
في «طبقات الصوفية» : «ينهتك» والهتك: خرق السّتر.
من جهة محبوبه أو بسببه، ويتلذذ بالبلاء [في الحبّ][1] كما يتلذذ [2] الأغيار بأسباب النعم.
وأنشد على أثره:
لحاني العاذلون فقلت مهلا
…
فإنّي لا أرى في الحبّ عارا
وقالوا قد خلعت فقلت لسنا
…
بأول خالع خلع العذارا
وأسند في «الحلية» [3] عن أبي علي الرّوذباري قال: كان سبب دخولي مصر حكاية بنان، وذلك أنه أمر ابن طولون بالمعروف، فأمر أن يلقى بين يدي السبع، فجعل السبع يشمّه ولا يضرّه، فلما أخرج من بين يدي السبع، قيل له: ما الذي كان في قلبك حين شمّك السبع؟ قال: كنت أتفكر في اختلاف الناس في سؤر السباع ولعابها.
واحتال عليه أبو عبيد الله القاضي، حتّى ضرب سبع درر، فقال له:
حبسك الله بكل درّة سنة. فحبسه ابن طولون سبع سنين.
ومن كلامه: الحرّ عبد ما طمع، والعبد حر ما قنع [4] .
وبنان: بضم الباء الموحدة ونون، وبعد الألف نون، ولقّب بالحمّال لأنه خرج إلى الحج سنة وحمل على رقبته زاده، وكان متوكلا، فرأته عجوز في البادية فقالت: أنت حمّال ما أنت متوكل. ما ظننت أن الله يرزقك حتّى حملت إلى بيته.
وفيها أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث الحافظ السّجستاني [5] بن الحافظ. ولد بسجستان سنة ثلاثين ومائتين، ونشأ بنيسابور
[1] ما بين حاصرتين سقط من الأصل والمطبوع واستدركته من «طبقات الصوفية» .
[2]
في المطبوع: «كما تتلذذ» .
[3]
انظر «حلية الأولياء» (10/ 324) .
[4]
ورد قوله هذا في المطبوع على هيئة بيت الشعر، والصواب ما جاء في الأصل وهو موافق لما في «حلية الأولياء» مصدر المؤلف.
[5]
انظر «العبر» (2/ 170- 171) و «سير أعلام النبلاء» (13/ 221- 237) .
وغيرها وسمع من محمد بن أسلم الطّوسي، وعيسى بن زغبة، وخلائق بخراسان، والشام، والحجاز، ومصر، والعراق، وأصبهان. وجمع وصنّف، وكان عنده عن أبي سعيد الأشجّ ثلاثون ألف حديث. وحدّث بأصبهان من حفظه بثلاثين ألف حديث.
وقال ابن شاهين: كان ابن أبي داود يملي علينا من حفظه، وكان يقعد على المنبر بعد ما عمي، ويقعد تحته بدرجة ابنه أبو معمر، وبيده كتاب يقول له: حديث كذا، فيسرد من حفظه، حتّى يأتي على المجلس.
وقال محمد بن عبد الله بن الشّخّير: كان زاهدا ناسكا.
وقال عبد الأعلى بن أبي بكر بن أبي داود: صلّي على أبي ثمانين مرة.
وممّن روى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وأبو أحمد الحاكم وغيرهم.
وقال في «المغني» [1] : عبد الله بن سليمان السجستاني، ثقة، كذبه أبوه في غير حديث. انتهى [2] .
وفيها محمد بن خريم أبو بكر العقيلي [3] محدّث دمشق، في جمادى الآخرة، روى عن هشام بن عمّار وجماعة.
وفيها العلّامة أبو بكر بن السّرّاج، واسمه محمد بن السّريّ [4] البغدادي النحوي، صاحب الأصول في العربية. له مصنفات كثيرة، منها «شرح كتاب سيبويه» أخذ عن المبرّد وغيره، وأخذ عنه السيرافي وغيره، ونقل عنه الجوهري في «صحاحه» .
[1] انظر «المغني في الضعفاء» (1/ 341) .
[2]
أقول: وانظر «لسان الميزان» لابن حجر (3/ 297) حيث قال: إنما ذكرته لأنزهه. (ع) .
[3]
انظر «العبر» (2/ 171) و «تلخيص المتشابه» للخطيب البغدادي (1/ 268- 269) بتحقيق الأستاذة سكينة الشهابي، طبع دار طلاس بدمشق، و «سير أعلام النبلاء» (14/ 428- 429) .
[4]
انظر «العبر» (2/ 171) و «سير أعلام النبلاء» (14/ 483- 484) .
قال في «العبر» [1] : كان مغرى بالطرب والموسيقا. انتهى.
وقال ابن الأهدل: من شعره:
ميّزت بين جمالها وفعالها
…
فإذا الملاحة بالخيانة [2] لا تفي
حلفت لنا أن لا تخون عهودنا
…
وكأنما حلفت لنا أن لا تفي
والله لا كلّمتها ولو انها
…
كالبدر أو كالشمس أو كالمكتفي
قال اليافعي [3] : يحسن استعارة هذه الأبيات لوصف الدنيا.
وفيها محمد بن عقيل بن الأزهر البلخي [4] الحافظ، شيخ بلخ ومحدّثها. صنّف «المسند» و «التاريخ» وغير ذلك. وسمع علي بن خشرم، وعبّاد بن الوليد الغبري وطبقتهما. ومنه [محمد بن] عبد الله الهندواني، وعبد الرحمن بن أبي شريح. وكان حسن الحديث.
وفيها أبو عوانة، يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الإسفراييني [5] الحافظ، صاحب «الصحيح المسند» . رحل إلى الشام، والحجاز، واليمن، ومصر، والجزيرة، والعراق، وفارس، وأصبهان. وروى عن يونس بن عبد الأعلى، وعلي بن حرب وطبقتهما. وعنه أبو علي النيسابوري، والطبراني. ثقة جليل، وعلى قبره مشهد بإسفرايين، وكان مع حفظه فقيها شافعيا إماما.
[1](2/ 171) .
[2]
في الأصل والمطبوع: «بالجناية» وما أثبته من «إنباه الرواة» للقفطي (3/ 147) و «وفيات الأعيان» (4/ 340) و «غربال الزمان» للعامري ص (277) و «مرآة الجنان» (2/ 270) . وفيه البيتان الأول والثاني فقط، وانظر «المحمدون من الشعراء وأشعارهم» ص (471) بتحقيق صديقي الفاضل الأستاذ رياض عبد الحميد مراد، طبع مجمع اللغة العربية بدمشق.
[3]
انظر «مرآة الجنان» (2/ 270) وفيه قال اليافعي: وهذان البيتان يحسن استعارتهما لوصف الدنيا. وقيل إنهما لابن المعتز، وقيل لعبيد الله بن عبد الله بن طاهر.
[4]
انظر «العبر» (2/ 171) و «سير أعلام النبلاء» (4/ 415- 416) .
[5]
انظر «العبر» (2/ 171) و «سير أعلام النبلاء» (14/ 417- 422) .