الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة
فيها بدت من القاهر شهامة وإقدام، فتحيّل حتّى قبض على مؤنس الخادم وبليق، وابنه علي بن بليق، ثم أمر بذبحهم، وطيف برؤوسهم ببغداد، ثم أمر بذبح يمن، وابن زيرك [1] فاستقامت بغداد، وأطلقت أرزاق الجند، وعظمت هيبة القاهر في النفوس، ثم أمر بتحريم القيان والخمر، وقبض على المغنّين، ونفى المخانيث، وكسر آلات الطرب، إلا أنه كان لا يكاد يصحو [2] من السّكر ويسمع [3] القينات. قاله في «العبر» [4] .
وفيها توفي أبو حامد، ويقال: أبو تراب، أحمد بن حمدون بن أحمد بن عمارة بن رستم الأعمشي النيسابوري [5] الحافظ، وأبوه حمدون القصّار كان أعمى من الموثقين، وكان قد جمع حديث الأعمش كله وحفظه، فلقب بذلك.
سمع محمد بن رافع، وأبا سعيد الأشج، وطبقتهما. ومنه: أبو الوليد الفقيه [6] وأبو علي الحافظ، و [أبو أحمد] الحاكم.
[1] في الأصل: «ابن برك» وفي المطبوع: «زبرك» وكلاهما خطأ، والتصحيح من «العبر» (2/ 191) وانظر «دول الإسلام» (1/ 195) .
[2]
في «دول الإسلام» للذهبي: «لا يكاد يصبر» .
[3]
في «العبر» : «وسماع» وما جاء في الأصل والمطبوع موافق لما في «دول الإسلام» .
[4]
(2/ 191) .
[5]
«العبر» (2/ 191) وانظر «سير أعلام النبلاء» (14/ 553- 555) .
[6]
في الأصل والمطبوع: «أبو الوليد الثقة» وهو خطأ والتصحيح من «سير أعلام النبلاء» و «تذكرة الحفّاظ» (3/ 806) .
قال ابن بردس [1] : لا بأس به، وكان صاحب بسط ودعابة.
وفيها أحمد بن عبد الوارث بن جرير الأسواني العسّال [2] في جمادى الآخرة، وهو آخر من حدّث عن محمد بن رمح، ووثّقه ابن يونس.
وفيها أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطّحاويّ الحنفي [3] الأزديّ الحجريّ المصري [4] شيخ الحنفية، الثقة الثبت. سمع هارون بن سعيد الأيلي، وطائفة من أصحاب ابن عيينة، وابن وهب، ومنه: أحمد بن القاسم الخشّاب [5] ، والطبراني [6] ، وصنّف التصانيف، منها «العقيدة السّنيّة السّنيّة» [7] ، وبرع في الفقه والحديث. توفي في ذي القعدة وله اثنتان وثمانون سنة.
قال ابن يونس: كان ثقة ثبتا لم يخلف مثله.
وقال الشيخ أبو إسحاق [8] : انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر، وقرأ أولا على المزني.
قيل: وكان ابن أخته، فقال له يوما: والله لا جاء منك شيء. فغضب وانتقل إلى جعفر بن عمران الحنفي، ففاق أهل عصره، وكان يقول بعد:
[1] في الأصل والمطبوع: «ابن برداس» وهو خطأ.
[2]
«العبر» (2/ 191) وانظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 24) .
[3]
لفظة «الحنفي» لم ترد في المطبوع و «العبر» .
[4]
«العبر» (2/ 192) وانظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 27- 33) .
[5]
في الأصل والمطبوع: «الحساب» وهو خطأ، والتصحيح من «تذكرة الحفاظ» للذهبي (3/ 809) و «النجوم الزاهرة» (3/ 240) .
[6]
قوله: «ومنه أحمد بن القاسم الخشاب والطبراني» لم يرد في «العبر» .
[7]
وقد شرحها شرحا وافيا نافعا الإمام القاضي محمد بن علي بن أبي العز الحنفي الصالحي المتوفى سنة (792) هـ وسمى شرحه «شرح العقيدة الطحاوية» وقد طبع هذا الشرح عدة مرات في عدة بلدان إسلامية، ويعدّ هذا «الشرح» من خيرة المصنفات التي تحدثت عن العقيدة الإسلامية عند أتباع أهل السّنّة والجماعة.
[8]
يعني الشيرازي. انظر «طبقات الفقهاء» ص (142) .
رحم الله أبا إبراهيم- يعني المزني- لو كان حيّا لكفّر عن يمينه. وصنّف كثيرا. ونسبته إلى طحا، قرية بصعيد مصر [1] .
وفيها أبو علي أحمد [بن محمد] بن علي بن رزين الباشاني [2] بهراة. روى عن علي بن خشرم، وسفيان بن وكيع، وطائفة من الثقات.
وفيها الأمير تكين الخاصة [3] ولي دمشق ثم مصر وبها مات، ونقل إلى بيت المقدس.
وفيها أبو يزيد، حاتم بن محبوب الشامي [4] بهراة. حج وسمع محمد بن زنبور، وسلمة بن شبيب وكان ثقة.
والحسن بن محمد بن النّضر [5] أبو علي بن أبي هريرة [6] بأصبهان.
روى عن إسماعيل بن يزيد القطان، وأحمد بن الفرات. وعنه: ابن مندة وهو من أكبر شيوخه [7] .
وفيها أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب البصري الجبّائي [8] شيخ المعتزلة وابن شيخهم. توفي في شعبان ببغداد.
وفيها أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي البصري [9] اللغوي العلّامة، صاحب التصانيف. أخذ عن الرّياشي، وأبي حاتم
[1] انظر «معجم البلدان» (4/ 22) .
[2]
«العبر» (2/ 192) وانظر «سير أعلام النبلاء» (14/ 523) وما بين حاصرتين مستدرك منهما.
[3]
«العبر» (2/ 192) وانظر «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (8/ 273) .
[4]
«العبر» (2/ 193) وانظر «تهذيب الكمال» (1/ 524) مصوّرة دار المأمون للتراث (ضمن ترجمة سلمة بن شبيب) .
[5]
في «العبر» : «الحسن بن محمد البصري، أبو علي» .
[6]
«العبر» (2/ 193) و «ذكر أخبار أصبهان» لأبي نعيم (1/ 270) .
[7]
في «العبر» : «وهو من كبار شيوخ ابن مندة» .
[8]
«العبر» (2/ 193) وانظر «النجوم الزاهرة» (3/ 242) و «غربال الزمان» ص (281) .
[9]
«العبر» (2/ 193) وانظر «النجوم الزاهرة» (3/ 240- 241) .
السّجستاني، وابن أخي الأصمعي. وعاش ثمانيا وتسعين سنة.
قال أحمد بن يوسف الأزرق: ما رأيت أحفظ من ابن دريد، ما رأيته قرئ عليه ديوان إلّا وهو يسابق في قراءته.
وقال الدّارقطني: تكلموا فيه. قاله في «العبر» .
وقال ابن خلّكان [1] : إمام عصره في اللغة، والآداب، والشعر الفائق.
قال المسعوديّ في كتاب «مروج الذهب» [2] في حقه: كان ابن دريد ببغداد ممّن برع في زماننا هذا في الشعر، وانتهى في اللغة، لم يوجد مثله في فهم كتب المتقدمين، وقام مقام الخليل بن أحمد فيها، وكان يذهب بالشعر كل مذهب، فطورا يجزل، وطورا يرق، وشعره أكثر من أن نحصيه، فمن جيّد شعره قصيدته المقصورة التي أولها:
إمّا تري رأسي حاكى لونه
…
طرّة صبح تحت أذيال الدّجى
واشتعل المبيضّ في مسودّه
…
مثل اشتعال النّار في جمر [3] الغضا
وكان من تقدم من العلماء يقول: إن ابن دريد أعلم الشعراء وأشعر العلماء.
ومن مليح شعره قوله:
غرّاء لو جلت الخدور [4] شعاعها
…
للشمس عند شروقها [5] لم تشرق
غصن على دعص تأوّد فوقه
…
قمر تألّق تحت ليل مطبق
[1] في «وفيات الأعيان» (4/ 323) .
[2]
(3/ 320- 321) .
[3]
في «مروج الذهب» و «وفيات الأعيان» : «في جزل» . والجزل ما عظم من الخطب ويبس.
انظر «مختار الصحاح» (جزل) .
[4]
في الأصل والمطبوع: «عزراء لو جلت الخدور» وأثبت لفظ «وفيات الأعيان» .
[5]
في «وفيات الأعيان» : «طلوعها» .
لو قيل للحسن احتكم لم يعدها
…
أو قيل خاطب غيرها لم ينطق
فكأننا من فرعها في مغرب
…
وكأننا من وجهها في مشرق
تبدو فيهتف بالعيون ضياؤها
…
الويل حلّ بمقلة لم تطبق
وكانت ولادته بالبصرة في سكة صالح سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ونشأ بها وتعلم فيها، وسكن عمان وأقام بها ثنتي عشرة سنة، ثم عاد إلى البصرة وسكنها زمانا، ثم خرج إلى نواحي فارس، وصحب ابني ميكال، وكانا يومئذ على عمالة فارس، وعمل لهما كتاب «الجمهرة» وقلداه ديوان فارس، فكانت تصدر كتب فارس عن رأيه، ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيعه، فأفاد معهما أموالا عظيمة، وكان لا يمسك درهما سخاء وكرما، ومدحهما بقصيدته المقصورة، فوصلاه بعشرة آلاف درهم، ثم انتقل إلى بغداد، وعرف الإمام المقتدر بالله خبره ومكانه من العلم [1] ، فأمر أن يجرى عليه خمسون دينارا في كل شهر، ولم تزل جارية عليه إلى حين وفاته.
وكان واسع الرواية، لم ير أحفظ منه. وسئل عنه الدارقطني أثقة هو أم لا؟ فقال: تكلموا فيه.
وقيل: إنه كان يتسامح في الرواية فيسند إلى كل واحد ما يخطر له.
وقال أبو منصور الأزهري [2] : دخلت عليه فرأيته سكران، فلم أعد إليه.
وقال ابن شاهين: كنّا ندخل عليه فنستحي [3][مما نرى] من العيدان المعلّقة والشراب المصفّى. وذكر أن سائلا سأله شيئا فلم يكن عنده غير دنّ [4]
[1] في المطبوع: «بالعلم» .
[2]
في الأصل والمطبوع: «البغوي» وهو خطأ، والتصحيح من «وفيات الأعيان» (4/ 326) وقد نقل ابن خلكان كلام الأزهري باختصار وتصرف. انظر «تهذيب اللغة» (1/ 31) بتحقيق العلّامة الأستاذ عبد السلام هارون.
[3]
في «وفيات الأعيان» : «ونستحي» وما بين حاصرتين زيادة منه.
[4]
الدّنّ: وعاء شبيه بالجرّة. انظر «لسان العرب» (دنن) و (حبب) .
من نبيذ فوهبه له، فأنكر عليه أحد غلمانه، وقال: تتصدق بالنبيذ؟ فقال: لم يكن عندي شيء سواه، ثم أهدي له بعد ذلك عشر دنان من النبيذ، فقال لغلامه: أخرجنا دنّا فجاءنا عشرة. وينسب إليه من هذه الأمور شيء كثير.
وعرض له فالج، فسقي الترياق فشفي [منه] ثم عاوده الفالج بعد حول لغذاء ضارّ تناوله، فبطل من محزمه إلى قدميه، وكان مع هذا الحال ثابت العقل صحيح الذهن [1] يردّ فيما يسأل ردّا صحيحا.
وقال المرزباني: قال لي ابن دريد: سقطت من منزلي بفارس، فانكسرت ترقوتي، فسهرت ليلتي، فلما كان آخر الليل غمضت عيني فرأيت رجلا طويلا أصفر الوجه كوسجا [2] دخل عليّ وأخذ بعضادتي الباب وقال:
أنشدني أحسن ما قلت في الخمر، فقلت: ما ترك أبو نواس لأحد شيئا، فقال: أنا أشعر منه، فقلت: من أنت؟ فقال: أنا أبو ناجية من أهل الشام، وأنشدني:
وحمراء قبل المزج صفراء بعده
…
أتت بين ثوبي نرجس وشقائق
حكت وجنة المعشوق صرفا فسلّطوا
…
عليها مزاجا فاكتست لون عاشق
فقلت له: أسأت. فقال: ولم؟ قلت: لأنك قلت: «حمراء» فقدمت الحمرة، ثم قلت:«بين ثوبي نرجس وشقائق» فقدمت الصفرة، فهلّا قدّمتها على الأخرى. فقال: وما هذا الاستقصاء يا بغيض؟.
وتوفي يوم الأربعاء لثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان.
ودريد: بضم الدال المهملة، وفتح الراء، وسكون الياء المثناة من تحتها، وبعدها دال مهملة، وهو تصغير أدرد، والأدرد: الذي ليس فيه سن،
[1] في «وفيات الأعيان» : «ثابت الذهن كامل العقل» .
[2]
قال ابن منظور: الكوسج: الأثطّ، وفي «المحكم» : الذي لا شعر على عارضيه. «لسان العرب» (كسج) .
وهو تصغير ترخيم لحذف الهمزة من أوله، كما تقول في تصغير أسود: سويد، و [تصغير] أزهر زهير. انتهى ما أورده ابن خلّكان ملخصا.
وفيها محمد بن هارون أبو حامد الحضرمي [1] محدّث بغداد في وقته، وله نيّف وتسعون سنة. روى عن إسحاق بن أبي إسرائيل، وأبي همّام السّكوني.
وفيها محمد بن مكحول البيروتي [2] وهو أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن عبد السلام الحافظ الثقة الثبت. سمع محمد بن هاشم البعلبكي، وأبا عمير بن النّحّاس، وطبقتهما بمصر، والشام، والجزيرة، وعنه: أبو سليمان بن زين، وأبو محمد بن ذكوان البعلبكي، والحاكم.
وفيها محمد بن نوح الحافظ أبو الحسن الجنديسابوري [3] الثقة.
روى عن الحسن بن عرفة وغيره، وعنه: الدارقطني وغيره.
وفيها مؤنس الخادم [4] الملقب بالمظفّر، عن نحو تسعين سنة. وكان أميرا معظّما شجاعا منصورا، لم يبلغ أحد من الخدّام منزلته، إلا كافور صاحب مصر.
[1]«العبر» (2/ 194) وانظر «النجوم الزاهرة» (3/ 242) .
[2]
«العبر» (2/ 193- 194) وانظر «النجوم الزاهرة» (3/ 242) .
[3]
«تذكرة الحفاظ» (3/ 826- 827) وانظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 34- 35) ، وقد تحرفت نسبته في الأصل إلى «الجند النيسابوري» وأثبت ما في المطبوع.
[4]
«العبر» (2/ 194) وانظر «النجوم الزاهرة» (3/ 242) .