الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وثمانين وثلاثمائة
تمادت الرافضة [1] في هذه الأعصر في غيّهم بعمل عاشوراء باللطم والعويل، وبنصب القباب، والزينة، وشعار الأعياد، يوم الغدير، فعمدت غالية السّنّة وأحدثوا في مقابلة يوم الغدير، يوم الغار، وجعلوه بعد ثمانية أيام من يوم الغدير، وهو السادس والعشرون من ذي الحجّة، وزعموا أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر اختفيا حينئذ في الغار، وهذا جهل وغلط، فإن أيام الغار إنما كانت بيقين في صفر، وفي أول شهر ربيع الأول، وجعلوا بإزاء يوم عاشوراء بعده بثمانية أيام، يوم مصرع مصعب بن الزّبير، وزاروا قبره يومئذ بمسكن، وبكوا عليه، ونظّروه بالحسين لكونه صبر وقاتل، حتّى قتل، ولأن أباه ابن عمة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وحواريه، وفارس الإسلام، كما أن أبا الحسين، ابن عم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وفارس الإسلام، فنعوذ بالله من الهوى والفتن، ودامت السّنّة على هذا الشعار القبيح مدة سنين. قاله في «العبر» [2] .
وفيها توفي أحمد بن محمد بن عابد- بالموحدة- الأسدي الأندلسي القرطبي [3] أبو عمر، مات كهلا لم يبلغ التعمير، وكان عنده حفظ وتحرير.
قاله ابن ناصر الدّين.
[1] في المطبوع: «الشيعة» .
[2]
(3/ 44) .
[3]
مترجم في «طبقات الحفاظ» للسيوطي ص (404) .
وفيها أبو محمد المخلدي- بفتح أوله واللام، نسبة إلى جدّه مخلد، الذي سيذكر- الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن مخلد النيسابوري المحدّث، شيخ العدالة، وبقية أهل البيوتات، توفي في رجب، وروى عن السّراج، وزنجويه اللّباد، وطبقتهما.
وفيها أبو علي، زاهر بن أحمد السّرخسي، الفقيه الشافعي، أحد الأئمة، في ربيع الآخر، وله ست وتسعون سنة. روى عن أبي لبيد السّامي، والبغوي، وطبقتهما.
قال الحاكم: شيخ عصره بخراسان، وكان قد قرأ على ابن مجاهد، وتفقه على أبي إسحاق المروزي، وتأدب على ابن الأنباري.
وأخذ علم الكلام عن الأشعري، وعمّر دهرا.
وقال ابن قاضي شهبة: كان يقول عند الموت: لعن الله المعتزلة، موّهوا ومخرقوا، ومات وله ست وتسعون سنة.
وفيها أبو محمد بن أبي زيد القيرواني المالكي، عبد الله بن أبي زيد، شيخ المغرب، إليه انتهت رئاسة المذهب.
قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدّين والدّنيا، ورحل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخص المذهب وملأ البلاد من تآليفه، حج وسمع من أبي سعيد بن الأعرابي وغيره، وكان يسمى مالكا الأصغر.
قال الحبّال [1] : توفي للنصف من شعبان.
[1] هو إبراهيم بن سعيد النعماني المصري أبو إسحاق، من حفّاظ الحديث، كان يتجر بالكتب.
له كتاب «وفيات الشيوخ» ، وهو الذي نقل عنه الذهبي وتبعه المؤلف رحمهما الله تعالى، مات سنة (482) هـ، وسوف ترد ترجمته في المجلد الخامس من كتابنا هذا إن شاء الله، وانظر «الأعلام» (1/ 40) .
وفيها أبو الطيب بن غلبون، عبد المنعم بن عبيد الله [1] بن غلبون الحلبي المقرئ الشافعي، صاحب الكتب في القراءات. قرأ على جماعة كثيرة، وروى الحديث، وكان ثقة محققا بعيد الصيت، توفي بمصر في جمادى الأولى، وله ثمانون سنة، وأخذ عنه خلق كثير.
قال السيوطي في «حسن المحاضرة» [2] : قرأ على إبراهيم بن عبد الرزاق، وقرأ عليه ولده، ومكي بن أبي طالب [3] وأبو عمر الطّلمنكي، وكان حافظا للقراءة، ضابطا، ذا عفاف ونسك، وفضل، وحسن تصنيف. ولد في رجب سنة تسع وثلاثين، ومات بمصر في جمادى الأولى. انتهى.
وفيها أبو القاسم بن حبابة المحدّث، عبيد الله بن محمد بن إسحاق البغدادي البزّاز المتّوثي- بفتح الميم وضم التاء المثناة من فوق المشددة، آخره مثلثة، نسبة إلى متّوث بلد بين قرقوب والأهواز- وهو راوي «الجعديات» عن البغوي، توفي في ربيع الأخر.
وفيها أبو الهيثم الكشميهني- بالضم والسكون والكسر، وتحتية، وفتح الهاء، نسبة إلى كشميهن، قرية بمرو- محمد بن مكّي المروزي، راوية البخاري عن الفربري، توفي يوم عرفة، وكان ثقة، وله رسائل أنيقة.
وفيها قاضي القضاة لصاحب مصر، أبو عبد الله، محمد بن النّعمان بن محمد بن منصور الشيعي في الظاهر، الباطني في الباطن. ولد قاضي القوم وأخو قاضيهم.
[1] في الأصل والمطبوع: «ابن عبد الله» وهو خطأ والتصحيح من «معرفة القرّاء الكبار» للذهبي (1/ 355) و «حسن المحاضرة» .
[2]
(1/ 490- 491) .
[3]
في الأصل والمطبوع: «وبكر بن أبي طالب» وهو خطأ، والتصحيح من «معرفة القرّاء الكبار» و «حسن المحاضرة» .
قال ابن زولاق: لم نشاهد بمصر لقاض من الرئاسة ما شاهدناه له، ولا بلغنا ذلك عن قاض بالعراق، ووافق ذلك استحقاقا لما فيه من العلم، والصيانة، والهيبة، وإقامة الحق، وقد ارتفعت رتبته حتّى إن العزيز أجلسه [1] معه يوم الأضحى على المنبر، وزادت عظمته في دولة الحاكم، ثم تعلّل وتنقرس، ومات في صفر، وله تسع وأربعون سنة، وولي القضاء بعده ابن أخيه الحسين بن علي الذي ضربت عنقه في سنة أربع وتسعين.
[1] في المطبوع: «أجلس» وهو خطأ.