الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة
فيها تمكّن الرّاضي بالله، بحيث أنه قلّد ولديه وهما صغيران [1] إمرة المشرق والمغرب.
وفيها محنة ابن شنبوذ القارئ، كان يقرأ في المحراب بالشواذ، فطلبه الوزير ابن مقلة، وأحضر القاضي والقرّاء، وفيهم ابن مجاهد، فناظروه [2] فأغلظ للحاضرين في الخطاب، ونسبهم إلى الجهل، فأمر الوزير بضربه لكي يرجع، فضرب سبع درر [3] ودعا على الوزير بقطع اليد، فقطعت، وسيأتي تمام القصة عند ذكر وفاته إن شاء الله تعالى [4] .
وفيها هاشت الجند وطلبوا أرزاقهم، وأغلظوا لمحمد بن ياقوت، وأخرجوا المحبوسين، ووقع القتال والجد، ونهبت الأسواق، وبقي البلاء أياما، ثم أرضاهم ابن ياقوت، وبعد أيام قبض الراضي بالله على ابن ياقوت وأخيه المظفر، وعظم شأن الوزير ابن مقلة، وتفرد بالأمر [5] ، ثم هاجت عليه الجند، فأرضاهم بالمال.
[1] في «العبر» : «صبيان» .
[2]
في الأصل والمطبوع و «غربال الزمان» ص (283) : «فناظره» وأثبت لفظ «العبر» .
[3]
الدّرّة: بالكسر التي يضرب بها. «مختار الصحاح» (درر) .
[4]
انظر ص (148- 150) من هذا المجلد.
[5]
في «العبر» : «بالأمور» .
وفيها استولت بنو عبيد الرافضة على مدينة جنوة بالسيف.
وفيها فتنة البربهاري [1] ، شيخ الحنابلة، فنودي أن لا يجتمع اثنان من أصحابه، وحبس جماعة منهم، وهرب هو.
وفيها وثب ناصر الدولة، الحسن بن عبد الله بن حمدان أمير الموصل على عمّه سعيد بن حمدان، فقتله لكونه أراد أن يأخذ منه الموصل، فسار لذلك ابن مقلة في الجيش، فلما قرب من الموصل، نزح عنها ناصر الدولة، ودخلها ابن مقلة، فجمع منها نحو أربعمائة ألف دينار، ثم أسرع إلى بغداد لتشويش الحال، ثم هزم ناصر الدولة جيش الخليفة ودخل الموصل.
وفيها أخذ أبو طاهر القرمطي- لعنه الله- الركب العراقي، وانهزم الأمير لؤلؤ، وبه ضربات، وقتل خلق من الوفد، وسبيت الحريم، وهلك محمد بن ياقوت في السجن، وسلّم إلى أهله، وأخذ الراضي بالله ماله وأملاكه ومعاملاته، وأطلق أخاه المظفّر بن ياقوت بشفاعة الوزير ابن مقلة، بعد أن حلف له أن يواليه بخير ولا ينحرف عنه، ولا يسعى له، ولا لولده بمكروه، ثم غدر به، وقبض عليه بعد أن جمع عليه الحجرية، فاجتمعوا مع المظفّر بن ياقوت، وقبضوا على ابن مقلة في سنة أربع وثلاثين، وسعوا في عزله من الوزارة وقطع يده كما يأتي إن شاء الله تعالى [2] .
وفيها جمع محمد بن رائق أمير واسط، وحشد وتمكن، وأضمر الخروج.
وفيها توفي الحافظ أبو بشر أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب الكندي المصعبي المروزي. روى عن محمود بن آدم وطائفة، وهو أحد
[1] سترد ترجمته في ص (158- 164) من هذا المجلد.
[2]
انظر ص (144) من هذا المجلد.
الوضّاعين الكذّابين، مع كونه كان محدّثا إماما في السّنّة والرد على المبتدعة.
قاله في «العبر» [1] .
وقال ابن ناصر الدّين في «بديعته» :
كالواضع الموهن المكذّب
…
ذاك الفقيه أحمد بن مصعب
وفيها الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر البغدادي [2] . روى عن عبّاس الدّوري وطبقته، ورحل إلى أصحاب عبد الرزاق، وكان الدارقطني يقول: هو أستاذي.
قال ابن ناصر الدّين: هو ثقة مأمون.
وفيها نفطويه النحوي، أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة العتكيّ الواسطي [3] ، صاحب التصانيف. روى عن شعيب بن أيوب الصّريفيني وطبقته، وعاش ثمانين سنة. وكان كثير العلم، واسع الرواية، صاحب فنون.
ولد سنة أربع وأربعين أو سنة خمسين ومائتين بواسط، وسكن بغداد، ومات بها يوم الأربعاء لست خلون من صفر بعد طلوع الشمس بساعة، ودفن ثاني يوم بباب الكوفة.
قال ابن خالويه: ليس في العلماء من اسمه إبراهيم وكنيته أبو عبد الله سوى نفطويه.
ومن شعره ما ذكره أبو علي القالي في كتاب «الأمالي» وهو:
قلبي أرقّ عليك [4] من خدّيكا
…
وقواي أوهى من قوى جفنيكا
[1](2/ 203- 204) وانظر «الأنساب» (11/ 346)
[2]
«العبر» (2/ 204) وانظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 68) .
[3]
«وفيات الأعيان» (1/ 47- 49) و «العبر» (2/ 204) وانظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 75 77) .
[4]
في «الأمالي» (1/ 209) و «وفيات الأعيان» : «قلبي عليك أرق» .
لم لا ترقّ لمن يعذّب [1] نفسه
…
ظلما ويعطفه هواه عليكا
وفيه يقول أبو عبد الله محمد بن زيد بن علي بن الحسين الواسطي المتكلم المشهور، صاحب كتاب «الإمامة» وكتاب «إعجاز القرآن الكريم» وغيرهما:
من سرّه أن لا يرى فاسقا
…
فليجتهد أن لا يرى نفطويه
أحرقه الله بنصف اسمه
…
وصيّر الباقي صراخا عليه
وتوفي أبو عبد الله محمد المذكور سنة سبع، وقيل: ست وثلاثمائة.
ونفطويه: بكسر النون وفتحها، والكسر أفصح.
قال الثعالبي [2] : لقب نفطويه لدمامته وأدمته تشبيها [له] بالنّفط. وزيد ويه نسبة إلى سيبويه لأنه كان يجري على طريقته ويدرّس كتابه.
وفيها الحافظ أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني [3] الحافظ، الجوّال، الفقيه، الإستراباذي. سمع علي بن حرب، وعمر بن شبّة وطبقتهما.
قال الحاكم: كان من أئمة المسلمين، سمعت أبا الوليد الفقيه يقول:
لم يكن في عصرنا من الفقهاء أحفظ للفقهيات وأقوال الصحابة بخراسان من أبي نعيم الجرجاني، ولا بالعراق من أبي بكر بن زياد.
وقال أبو علي النيسابوري: ما رأيت بخراسان بعد ابن خزيمة مثل أبي نعيم، كان يحفظ الموقوفات والمراسيل كلها [4] كما نحفظ نحن المسانيد.
انتهى.
[1] في «الأمالي» : «لمن تعذّب» .
[2]
انظر كتابه «لطائف المعارف» ص (48) بتحقيق الأستاذين محمد أبو الفضل إبراهيم، وحسن كامل الصيرفي.
[3]
«العبر» (2/ 204- 205) وانظر «سير أعلام النبلاء» (14/ 541- 547) .
[4]
لفظة «كلها» لم ترد في «العبر» .
وله «كتاب الضعفاء» في عشرة أجزاء، وممّن أخذ عنه ابن صاعد مع تقدمه، وأبو علي الحافظ، وأبو سعيد الأزدي.
قال الخطيب [1] : كان أحد الأئمة من الحفّاظ لشرائع الدّين، مع صدق وتيقظ وورع [2] . انتهى.
وفيها قاضي الكوفة، أبو الحسن، علي بن محمد بن هارون الحميري [3] الكوفي الفقيه. روى عن أبي كريب، والأشج، وكان [ثقة][4] يحفظ عامة حديثه.
وفيها علي بن الفضل بن طاهر بن نصر أبو الحسن البلخي [5] الحافظ، الثقة، الجوّال. روى عن أحمد بن سيّار المروزي، وأبي حاتم الرّازي، وهذه الطبقة، وعنه: الدارقطني وقال: ثقة حافظ، وابن شاهين.
قال الخطيب [6] : كان ثقة، حافظا، جوّالا في الحديث، صاحب غرائب.
وفيها أبو عبيد المحاملي، القاسم بن إسماعيل بن محمد الضبيّ [7] القاضي الإمام العلّامة الحافظ البحر. ولد سنة خمس وثلاثين ومائتين وأخذ عن الفلّاس، والدّورقي وغيرهما، وعنه: دعلج، والدارقطني، وابن جميع.
وأثنى عليه الخطيب [8] .
[1] في «تاريخ بغداد» (10/ 428) .
[2]
في «تاريخ بغداد» : «مع صدق وتورع، وضبط وتيقظ» .
[3]
«العبر» (2/ 205) وانظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 13- 14) و «غربال الزمان» ص (284) .
[4]
زيادة من «العبر» مصدر المؤلف.
[5]
«تذكرة الحفاظ» (3/ 871- 872) وانظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 69- 70) .
[6]
في «تاريخ بغداد» (12/ 47) وقد نقل المؤلف كلامه بتصرف.
[7]
«العبر» (2/ 205) وانظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 258- 263) .
[8]
قلت: وذلك في قوله عنه في «تاريخ بغداد» (8/ 20) : وكان فاضلا، صادقا، ديّنا.
وفيها موسى بن العبّاس، أبو عمران الجويني [1] . حدّث عن جماعة وعنه جماعة، صنّف على «صحيح مسلم» مصنفا صار له عديلا، وكان حافظا، مجوّدا، ثقة، نبيلا، وكان يقوم الليل يصلي ويبكي طويلا. قاله ابن ناصر الدّين.
وفيها أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمارة الدمشقي العطار [2] وله ست وتسعون سنة. روى عن أبي هشام [3] الرفاعي وطبقته.
وفيها الحافظ محمد بن أحمد بن أسد الهروي الأصل السلامي البغدادي أبو بكر بن البستنبان [4]- نسبة إلى حفظ البستان- كان إماما، ثقة، ثبتا.
[1] انظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 235- 236) .
[2]
«العبر» (2/ 205) و «تهذيب الكمال» (3/ 1290) مصوّرة دار المأمون للتراث، ضمن ترجمة (أبو هشام محمد بن يزيد بن محمد بن كبير بن رفاعة العجلي الرفاعي) .
[3]
في الأصل والمطبوع: «روى عن أبي هاشم الرفاعي» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» و «تهذيب الكمال» .
[4]
انظر «البداية والنهاية» (11/ 183) .