الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة
فيها كما قال في «الشذور» حدثت علّة مركبة من الدم والصفراء، فشملت الناس، وعمّت الأهواز، وبغداد، وواسط، والبصرة، وكان يموت أهل الدار كلهم. انتهى.
وفيها رجع سيف الدولة من الرّوم مظفّرا منصورا، قد أسر قسطنطين بن الدّمستق، وكان بديع الحسن، فبقي عنده مكرّما حتّى مات.
وفيها توفي العلّامة أبو بكر، أحمد بن إسحاق بن أيوب الضّبعي [1] ، بالضم والفتح ومهملة نسبة- قال السيوطي- إلى ضبيعة بن قيس، بطن من بكر بن وائل، وضبيعة بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. انتهى.
وكان الضّبعي [1] هذا شيخ الشافعية بنيسابور، سمع بخراسان، والعراق، والجبال، فأكثر وبرع في الحديث، وحدّث عن الحارث بن أبي أسامة وطبقته، وأفتى نيفا وخمسين سنة، وصنّف الكتب الكبار في الفقه والحديث.
وقال محمد بن حمدون: صحبته عدة سنين، فما رأيته ترك قيام الليل.
قال الحاكم: وكان الضبعي [1] يضرب بعقله المثل، وبرأيه، وما رأيت
[1] قلت: الذي ذكره المؤلف ونسبه إلى السيوطي خطأ بيّن، فإن الصواب في نسبته «الصّبغي» نسبة إلى الصّبغ والصباغ المشهور، ويمكن لعمل الألوان التي ينقش بها أو يستعملها.
في مشايخنا أحسن صلاة منه، وكان لا يدع أحدا يغتاب في مجلسه.
وفيها أحمد بن عبيد الله أبو جعفر الأسداباذي- نسبة إلى أسدآباذ، بليدة قرب همذان- الهمذاني الحافظ. روى عن ابن ديزيل، وإبراهيم الحربي.
قال ابن ناصر الدين: وفي نسبه قول ثان، وهو أحمد بن عبيد بن إبراهيم بن محمد بن عبيد، أبو جعفر، الهمذاني. كان أحد الحفاظ المعدودين. انتهى.
وفيها إبراهيم بن المولّد، وهو إبراهيم بن أحمد بن محمد بن المولد الرّقّي، أبو الحسن، الزاهد الصوفي الواعظ، شيخ الصوفية. أخذ عن الجنيد وجماعة، وحدّث عن عبد الله بن جابر المصّيصي.
ومن كلامه: من تولاه الله برعاية الحق أجلّ ممّن يؤدّبه بسياسة العلم.
وقال: القيام بأدب العلم وشرائعه يبلغ بصاحبه إلى مقام الزيادة والقبول.
وقال: عجبت لمن عرف أن له طريقا إلى ربه، كيف يعيش مع غيره، والله تعالى يقول: وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ 39: 54 [الزّمر: 54] .
وقال: من قام إلى الأوامر لله كان بين قبول ورد، ومن قام إليها بالله، كان مقبولا لا شكّ.
وفيها الحسن بن يعقوب، أبو الفضل، البخاري العدل، بنيسابور.
روى عن أبي حاتم الرّازي وطبقته، ورحل وأكثر.
وفيها أبو محمد عبد الله بن شوذب الواسطي المقرئ. محدّث
الخراط. انظر «الأنساب» (8/ 33) و «الوافي بالوفيات» (6/ 239) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 483) و «تبصير المنتبه» (3/ 860) وقد تحرفت نسبته في «العبر» (2/ 81) و «طبقات الشافعية» للسبكي (2/ 81) كذلك إلى «الضبعي» فتصحح فيهما.
واسط، وله ثلاث وتسعون سنة. وروى عن شعيب الصّريفيني، ومحمد بن عبد الملك الدّقيقي، وكان من أعيان القرّاء.
وفيها عبد الرحمن بن حمدان، أبو محمد الهمذاني الجلّاب. أحد أئمة السّنّة بهمذان. رحل وطوّف، وعني بالأثر، وروى عن أبي حاتم الرّازي، وهلال بن العلاء، وخلق كثير.
وفيها أبو القاسم علي بن محمد القاضي [1] . ولد بأنطاكية سنة ثمان وسبعين ومائتين، وقدم بغداد، فتفقه لأبي حنيفة، وسمع في حدود الثلاثمائة، وولي قضاء الأهواز، وكان من أذكياء العالم، راوية للأشعار، عارفا بالكلام والنحو [2] . له ديوان شعر، ويقال: إنه حفظ ستمائة بيت في يوم وليلة. قاله في «العبر» [3] .
وقال ابن خلّكان [4] : أبو القاسم [5] علي بن محمد بن أبي الفهم [6] داود بن إبراهيم بن تميم بن جابر بن هانئ بن زيد بن عبيد [7][بن مالك][8] بن مريط بن سرح بن نزار بن عمرو بن الحارث [بن صبح بن عمرو بن الحارث][8] ، وهو أحد ملوك تنوخ الأقدمين. التنوخيّ الأنطاكي [9] كان عالما بأصول المعتزلة والنجوم.
[1] انظر «العبر» (2/ 366) وفيه: «علي بن محمد بن أبي الفهم التّنوخي القاضي» .
[2]
كذا في الأصل والمطبوع: «عارفا بالكلام والنحو» ، وفي «العبر» مصدر المؤلف:«عارفا بالكلام والنجوم» ، وفي «وفيات الأعيان» :«كان عالما بأصول المعتزلة والنجوم» وانظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 499- 500) .
[3]
(2/ 266) .
[4]
في «وفيات الأعيان» (3/ 366- 369) .
[5]
في الأصل والمطبوع: «أبو الحسن» وهو خطأ.
[6]
في الأصل: «ابن أبي القاسم» وهو خطأ وأثبت ما في المطبوع.
[7]
في الأصل والمطبوع: «بن عمر» وهو خطأ، والتصحيح من «وفيات الأعيان» .
[8]
زيادة من «وفيات الأعيان» وانظر تتمة نسبه فيه.
[9]
في الأصل والمطبوع: «أنطاكي» وأثبت ما جاء في «وفيات الأعيان» .
قال الثعالبي في حقه: هو من أعيان أهل العلم والأدب، وأفراد الكرم وحسن الشيم، وكان يتقلد [1] قضاء البصرة والأهواز بضع سنين، وحين صرف عنه ورد حضرة سيف الدولة بن حمدان زائرا ومادحا، فأكرم مثواه وأحسن قراه، وكتب في معناه إلى الحضرة ببغداد، حتّى أعيد إلى عمله، وزيد في رزقه ورتبته. وكان الوزير المهلبيّ وغيره من وزراء العراق يميلون إليه ويتعصبون له ويعدّونه ريحانة الندماء، وتاريخ الظرفاء. وكان في جملة الفقهاء والقضاة الذين ينادمون الوزير المهلبي، ويجتمعون عنده في الأسبوع ليلتين على اطّراح الحشمة والتبسّط في القصف والخلاعة، وهم: القاضي أبو بكر بن قريعة، وابن معروف، والتنوخي المذكور، وغيرهم، وما منهم إلا أبيض اللحية طويلها، وكذلك كان المهلبي، فإذا تكامل الأنس، وطاب المجلس، ولذّ السماع، وأخذ الطرب منهم مأخذه، وهبوا ثوب الوقار للعقار [2] ، وتقلبوا في أعطاف العيش من الخفة والطيش، ووضع في يد كل واحد منهم طاس ذهب فيه ألف مثقال، مملوء [3] شرابا قربليا [أو عكبريا][4] فيغمس لحيته فيه بل ينقعها حتّى تشرب أكثره ويرش [5] بعضهم بعضا، ويرقصون بأجمعهم وعليهم المصبغات، ومخانق [6] المنثور والبرم، فإذا صحوا [7] عادوا كعادتهم في التوقّر والتحفّظ بأبهة القضاء وحشمة المشايخ الكبراء، وأورد من شعره:
وراح من الشمس مخلوقة
…
بدت لك في قدح من نهار
[1] في «وفيات الأعيان» : «وكان تقلد» .
[2]
العقار: الخمر لمعاقرتها: أي لملازمتها. انظر «المختار من القاموس المحيط» للزاوي (عقر) .
[3]
في الأصل: «مملوءا» .
[4]
سقطت من الأصل والمطبوع واستدركتها من «وفيات الأعيان» .
[5]
في الأصل: «ويدش» وأثبت ما في المطبوع و «وفيات الأعيان» .
[6]
في المطبوع: «ومخارق» وهو خطأ.
[7]
في «وفيات الأعيان» : «فإذا أصبحو» .
هواء ولكنه جامد
…
وماء ولكنه غير جار
كأن المدير لها باليمين
…
إذا مال للسقي أو باليسار
تدرّع ثوبا من الياسمين
…
له فرد كمّ من الجلنار [1]
وأورد له أيضا:
رضاك شباب لا يليه مشيب
…
وسخطك داء ليس منه طبيب
كأنك من كلّ النفوس مركّب
…
فأنت إلى كل النفوس حبيب [2]
وحكى أبو محمد الحسن بن عسكر الصوفي الواسطي قال: كنت ببغداد في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة جالسا على دكة بباب أبرز للفرجة، إذ جاء ثلاث نسوة فأنشدنني الأبيات، وزادت إحداهنّ بعد البيت الأول:
إذا ما تأملتها وهي فيه
…
تأملت نورا محيطا بنار
فهذا [3] النهاية في الابيضاض
…
وهذا [4] النهاية في الاحمرار
فحفظت الأبيات منها، فقالت لي: أين الموعد [5] ؟ تعني التقبيل، أرادت مداعبته بذلك.
وقال الخطيب [6] : إنه ولد بأنطاكية يوم الأحد لأربع بقين من ذي الحجة، سنة ثمان وسبعين ومائتين، وقدم بغداد وتفقه بها على مذهب أبي حنيفة. وسمع الحديث وتوفي بالبصرة، يوم الثلاثاء سابع شهر ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة. انتهى ما أورده ابن خلّكان ملخصا.
وفيها الإمام أبو العباس السّيّاري القاسم بن القاسم بن مهدي ابن ابنة
[1] والأبيات في «يتيمة الدهر» للثعالبي (2/ 397) طبعة دار الكتب العلمية ببيروت.
[2]
البيتان في «يتيمة الدهر» (3/ 404) .
[3]
في الأصل: «فهذه» وأثبت لفظ المطبوع وهو موافق لما في «وفيات الأعيان» .
[4]
في الأصل: «وهذه» وأثبت لفظ المطبوع وهو موافق لما في «وفيات الأعيان» .
[5]
في «وفيات الأعيان» : «هذا الوعد» .
[6]
انظر «تاريخ بغداد» (12/ 77) .
أحمد بن سيّار المروزي الشيرازي، الزاهد المحدّث، شيخ أهل مرو.
من كلامه الخطرة للأنبياء، والوسوسة [1] للأولياء، والفكرة للعوام، والعزم للفتيان.
وقيل له: بماذا يروّض المريد نفسه؟ وكيف يروّضها؟ قال: بالصبر على الأوامر، واجتناب النواهي [2] ، وصحبة الصالحين، وخدمة الرّفقاء، ومجالسة الفقراء، والمرء حيث وضع نفسه. ثم تمثل وأنشأ يقول:
صبرت على اللّذات لمّا تولّت
…
وألزمت نفسي صبرها فاستمرّت
وكانت على الأيام نفسي عزيزة
…
فلما رأت عزمي على الذّل ذلّت
فقلت لها يا نفس موتي كريمة
…
فقد كانت الدّنيا لنا ثم ولّت
خليليّ لا والله ما من مصيبة
…
تمرّ على الأيام إلا تجلّت
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى
…
فإن أطعمت تاقت وإلا تسلّت [3]
وقال: حقيقة المعرفة أن لا يخطر بقلبك ما دونه.
وقال: المعرفة حياة القلب بالله، وحياة القلب مع الله.
وقال: لو جاز أن يصلى ببيت شعر لجاز أن يصلى بهذا البيت:
أتمنّى على الزمان محالا
…
أن ترى مقلتاي طلعة حرّ [4]
وفيها أبو الحسين الأسواري، محمد بن أحمد بن محمد الأصبهاني
[1] في الأصل والمطبوع: «والسوسة» وهو خطأ، والتصحيح من «طبقات الصوفية» للسلمي ص (445) و «العبر» (2/ 266) .
[2]
في الأصل والمطبوع: «واجتناب المناهي» وما أثبته من «طبقات الصوفية» ص (444) مصدر المؤلف في نقله.
[3]
الأبيات الأول والثاني والخامس في «طبقات الصوفية» مع بعض الخلاف، وقد تقدم البيت الأخير الذي في كتابنا عنده إلى البيت الثاني.
[4]
البيت في «طبقات الصوفية» ص (446) .
وأسوارية [1] من قرى أصبهان- سمع إبراهيم بن عبد الله القصّار، وأبا حاتم، ورحل وجمع.
وفيها محمد بن داود بن سليمان أبو بكر النيسابوري، شيخ الصوفية والمحدّثين ببلده، الحافظ، الثقة، طوّف، وكتب بهراة، ومرو، والرّيّ، وجرجان، والعراق، والحجاز، ومصر، والشام، والجزيرة، وصنّف الشيوخ، والأبواب، والزّهديات. توفي في شهر ربيع الأول، وسمع محمد بن أيوب بن الضّريس وطبقته، ومنه الحاكم، وابن مندة، وابن جميع.
[1] في الأصل: «وأسواري» وأثبت ما في المطبوع، وانظر «معجم البلدان» (1/ 190- 191) .