الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة
فيها حلف توزون أيمانا صعبة للمتقي لله [1] فسار المتقي من الرّقّة واثقا بأيمانه، في المحرم، فلما قرب من الأنبار، جاء توزون، وتلقاه وقبّل الأرض، وأنزله في مخيّم ضربه له، ثم قبض على الوزير أبي الحسين بن أبي [2] علي بن مقلة، وكحل المتقي لله، فسمل عينيه، وأدخل بغداد مسمولا مخلوعا. وتوفي في شعبان سنة [خمسين، وقيل سنة سبع][3] وخمسين وثلاثمائة وله ستون سنة، وبويع عبد الله بن المكتفي ولقب المستكفي بالله فلم يحل الحول [4] على توزون، واستولى أحمد بن بويه على واسط، والبصرة، والأهواز، فسار توزون لحربه، فدام القتال والمنازلة بينهما أشهرا، وابن بويه في استظهار، ومرض توزون بعلّة الصّرع، واشتد الغلاء على ابن بويه، فردّ إلى الأهواز، ورد توزون إلى بغداد، وقد زاد به الصّرع.
وفيها تملك سيف الدولة بن حمدان حلب وأعمالها، وهرب متولّيها يانس المؤنسي إلى مصر، فجهز الإخشيذ جيشا، فالتقاهم سيف الدولة على
[1] في «العبر» : «للمتقي بالله» .
[2]
لفظة «أبي» لم ترد في الأصل وأثبتها من المطبوع.
[3]
ما بين حاصرتين سقط من الأصل وأثبته من المطبوع.
[4]
في الأصل: «فأحيل الحول» وأثبت لفظ المطبوع وهو موافق لما في «العبر» مصدر المؤلف.
الرّستن [1] فهزمهم، وأسر منهم ألف نفس، وافتتح الرّستن، ثم سار إلى دمشق فملكها، فسار الإخشيذ ونزل على طبريّة، فخامر خلق من عسكر سيف الدولة إلى الإخشيذ، فردّ سيف الدولة، وجمع وحشد، فقصده الإخشيذ، فالتقاه بقنسرين وهزمه، ودخل حلب، وهرب سيف الدولة.
وأما بغداد، فكان فيها قحط لم ير مثله، وهرب الخلق، وكان النساء يخرجن عشرين وعشرا، يمسك بعضهنّ ببعض يصحن: الجوع الجوع، ثم تسقط الواحدة بعد الواحدة ميتة، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 قاله في «العبر» [2] .
وفي شوال مات أبو عبد الله البريدي، وقام أخوه أبو الحسين مقامه، وكان البريدي هذا على ما قال ابن الفرات ظلوما عسوفا، وكان أعظم أسباب الغلاء ببغداد، لأنه صادر النّاس في أموالها، وجعل على كل كرّ [3] من الحنطة، والشعير خمسة دنانير، فبلغ ثمن كرّ الحنطة ثلاثمائة دينار وستة عشر دينارا، ثم افتتح الخراج في آذار، وحصد أصحابه الحنطة والشعير وحملوه بسنبله إلى منازلهم، ووظف الوظائف على أهل الذّمة، وعلى سائر المكيلات، وأخذ أموال التجار غصبا، وظلمهم ظلما، لم يسمع بمثله، واستتر أكثر العمال لعظم ما طالبهم به، فسبحان الفعّال لما يريد.
وفيها توفي الحافظ، حافظ فلسطين، أبو بكر أحمد بن عمرو بن جابر الطحّان [4] بالرّملة. رحل إلى الشام، والجزيرة، والعراق. وروى عن العبّاس بن الوليد البيروتي وطبقته. وعنه ابن جميع وطبقته.
[1] الرستن: بلدة بين حمص وحماة على الضفة الشرقية لنهر الميماس المعروف الآن بالعاصي.
وقد نسب إليها من العلماء أبو عيسى حمزة بن سليم العنبسي الرستني. انظر خبرها في «معجم البلدان» (3/ 43) .
[2]
(2/ 237- 239) وذكر الخبر مختصرا العامري في «غربال الزمان» ص (292) .
[3]
سبق أن ذكرت بأن الكرّ مكيال من مكاييل أهل العراق انظر ص (167) .
[4]
مترجم في «العبر» (2/ 239) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 461- 463) .
وفيها- على ما قال ابن بردس [1]- الحافظ محدّث الشام، خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي [2] أبو الحسن أحد الثقات. روى عن أحمد بن الفرج وطبقته، وعنه: ابن جميع، وابن مندة، وغيرهما.
قال الخطيب: ثقة ثقة.
وفيها قال ابن ناصر الدّين:
مثل الإمام المغربي حزّ الأدب
…
ذاك الفتى محمّد أبو العرب
كان ثقة، حافظا، نبيلا. كتب بيده ثلاثة آلاف كتاب وخمسمائة كتاب [3] .
وفيها أبو علي اللّؤلؤي محمد بن أحمد بن عمرو البصري [4] راوية «السنن» عن أبي داود. لزم أبا داود مدة طويلة يقرأ «السنن» للناس.
[1] قلت: في الأصل والمطبوع: «ابن درباس» والصواب «ابن بردس» وهو إسماعيل بن محمد بن بردس، صاحب «نظم وفيات تذكرة الحفاظ» الذي ينقل عنه المؤلف.
[2]
مترجم في «تذكرة الحفاظ» (3/ 858- 860) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 412- 416) .
[3]
مترجم في «سير أعلام النبلاء» (15/ 394- 395) وهو صاحب كتاب «طبقات علماء إفريقية وتونس» المطبوع بتحقيق الأستاذين علي الشابي ونعيم حسن اليافي.
[4]
مترجم في «العبر» (2/ 240) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 307- 308) .