الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاثين وثلاثمائة
فيها كان الغلاء المفرط، والوباء ببغداد، وبلغ الكرّ [1] مائتين وعشرة دنانير، وأكلوا الجيف.
وفيها وصلت الرّوم، فأغارت على أعمال حلب، وبدّعوا، وسبوا عشرة آلاف نسمة.
وفيها أقبل أبو الحسين [2] علي بن محمد البريدي في الجيوش، فالتقاه المتّقي، وابن رائق فكسرهما، ودخلت طائفة من الدّيلم دار الخلافة، فقتلوا جماعة، وهرب المتقي وابنه وابن رائق إلى الموصل، واختفى وزيره أبو إسحاق القراريطي، ووجدوا في الحبس كورتكين، وكان قد عثر عليه ابن رائق فسجنه، فأهلكه البريدي، ووقع النهب في بغداد، واشتد القحط، حتّى بلغ الكرّ ثلاثمائة وستة عشر دينارا، وهذا شيء لم يعهد في العراق، ثم عمّ البلاء بزيادة دجلة، فبلغت عشرين ذراعا، وغرق الخلق، ثم خامر توزون، وذهب إلى الموصل.
وأما ناصر الدولة بن حمدان، فإنه جاءه محمد بن رائق إلى خيمته، فوضع رجله في الرّكاب، فشبّ به الفرس، فوقع، فصاح ابن حمدان:
[1] مكيال لأهل العراق، سبق التعريف به. انظر «لسان العرب» (كرر) .
[2]
في الأصل: «وفيها أقبل الحسين» وهو خطأ وأثبت لفظ المطبوع.
لا يفوتنّكم، فقتلوه، ثم دفن وعفا [1] قبره، وجاء ابن حمدان إلى المتّقي، فقلّده مكان ابن رائق، ولقّبه ناصر الدولة، ولقّب أخاه عليّا سيف الدولة، وعاد وهما معه، فهرب البريدي من بغداد، وكانت مدة استيلائه عليها ثلاثة أشهر وعشرين يوما، ثم تأهّب [2] البريدي، فالتقاه سيف الدولة بقرب المدائن، ودام القتال يومين، فكانت الهزيمة أولا على بني حمدان والأتراك، ثم كانت على البريدي، وقتل جماعة من أمراء الدّيلم، وأسر آخرون، وردّ إلى واسط بأسوأ حال، وساق وراءه سيف الدّولة، ففرّ إلى البصرة.
وفيها توفي في رجب بمصر أبو بكر محمد بن عبد الله الصّيرفي الشافعي [3] ، له مصنّفات في المذهب، وهو صاحب وجه. روى عن أحمد ابن منصور الرّمادي.
قال الإسنوي: كان إماما في الفقه والأصول. تفقه على ابن سريج، وله تصانيف موجودة، منها «شرح الرسالة» ، وكتاب في الشروط أحسن فيه كل الإحسان.
قال القفّال الشاشي: كان الصيرفيّ أعلم الناس بالأصول بعد الشافعي. انتهى.
وفيها أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال النيسابوري [4] .
روى عن الذّهلي، والحسن الزعفراني، وطبقتهما، بخراسان، والعراق، ومصر.
وفيها أبو يعقوب النّهرجوري [5] ، شيخ الصوفية، إسحاق بن محمد.
[1] في «العبر» : «عفّي» وكلاهما بمعنى.
[2]
في «العبر» : «تهيأ» .
[3]
مترجم في «العبر» (2/ 227) و «وفيات الأعيان» (4/ 199) .
[4]
مترجم في «العبر» (2/ 227) .
[5]
مترجم في «العبر» (2/ 227) و «طبقات الصوفية» ص (378- 381) .
صحب الجنيد وغيره، وجاور مدة، وكان من كبار العارفين.
قال السخاوي في «طبقاته» : صحب الجنيد، وعمرو [بن عثمان] المكّي [1] ، وأبا يعقوب السّوسي، وغيرهم من المشايخ.
أقام بالحرم سنين كثيرة مجاورا. ومات بها [2] . كان أبو عثمان المغربي يقول: ما رأيت في مشايخنا أنور من النّهرجوري.
قال: الفناء هو فناء رؤية قيام العبد لله، والبقاء رؤية قيام الله في الأحكام.
وقال: الصدق موافقة الحقّ في السّرّ والعلانية، وحقيقة الصدق القول بالحق في مواطن الهلكة [3] .
وقال: العابد يعبد الله تحذيرا، والعارف يعبد الله تشويقا.
وقال في قوله، صلى الله عليه وسلم، «احترسوا من النّاس بسوء الظّنّ» [4] أو كما قال، صلى الله عليه وسلم، فقال: بسوء الظن في أنفسكم [5] بأنفسكم، لا بالناس.
وقال: مفاوز الدّنيا تقطع بالأقدام، ومفاوز الآخرة تقطع بالقلوب.
وقال: من كان شبعه بالطعام لم يزل جائعا، ومن كان غناه بالمال، لم يزل فقيرا، ومن قصد بحاجته الخلق، لم يزل محروما، ومن استعان في أمره بغير الله، لم يزل مخذولا.
[1] في الأصل والمطبوع: «وعمر المكي» وهو خطأ، والتصحيح من «طبقات الصوفية» للسلمي، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 233) وما بين حاصرتين زيادة منهما.
[2]
يعني بمكة المكرمة، وفي «طبقات الصوفية» :«وبه مات»
[3]
في «طبقات الصوفية: «التهلكة» .
[4]
ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 89) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وقال:
رواه الطبراني في «الأوسط» وفيه بقية بن الوليد وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات. وقد ذكره الحافظ ابن حجر في «الفتح» من رواية الطبراني في «الأوسط» عن أنس وقال: وهو من رواية بقية بالعنعنة عن معاوية بن يحيى، فله علتان. أقول: فالحديث بهذا ضعيف.
[5]
قوله: «في أنفسكم» لم يرد في «طبقات الصوفية» للسلمي.
وقال: الدّنيا بحر، والآخرة ساحل، والمركب التقوى، والناس سفر.
وقال: لا زوال لنعمة إذا شكرت، ولا بقاء لها إذا كفرت.
وقال: اليقين مشاهدة الإيمان بالغيب.
وقال: من عرف الله لم يغتر بالله.
انتهى ملخصا.
وفيها تبوك بن أحمد بن تبوك السّلمي [1] بدمشق. روى عن هشام بن عمّار.
وفيها المحاملي، القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الضّبّي البغدادي [2] ، في ربيع الآخر، وله خمس وتسعون سنة. وهو ثقة مأمون، وأول سماعه في سنة أربع وأربعين من أبي هشام الرفاعي، وأقدم شيخ له أحمد بن إسماعيل السّهمي صاحب مالك.
قال أبو بكر الدّاودي: كان يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل يكتبون عنه.
وقال ابن بردس: روى عن الفلّاس، والدّورقي، وغيرهما. وعنه:
دعلج، والدارقطني، وابن جميع.
أثنى عليه الخطيب [3] . انتهى.
وفيها قاضي دمشق، أبو يحيى، زكريا بن أحمد بن يحيى بن موسى ختّ البلخي [4] الشافعي، وهو صاحب وجه. روى عن أبي حاتم الرّازي
[1] مترجم في «العبر» (2/ 227) و «مختصر تاريخ دمشق» لابن منظور (5/ 300) طبع دار الفكر بدمشق.
[2]
مترجم في «العبر» (2/ 228) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 258- 263) .
[3]
حيث قال عنه في «تاريخ بغداد» (8/ 20) : وكان فاضلا، صادقا، ديّنا.
[4]
مترجم في «العبر» (2/ 228) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 293- 294) ، و «مختصر تاريخ دمشق» لابن منظور (9/ 52) طبع دار الفكر بدمشق.
وطائفة، ومن غرائب وجوهه: إذا شرط في القراض، أن يعمل ربّ المال مع العامل جاز. قاله في «العبر» .
وقال الإسنوي: فارق وطنه لأجل الدّين، ومسح عرض الأرض، وسافر إلى أقاصي الدّنيا في طلب الفقه، وكان حسن البيان في النظر، عذب اللسان في الجدل.
وذكره ابن عساكر في «تاريخ الشام» فقال: كان أبوه وجدّه عالمين، وولّاه المقتدر بالله قضاء الشام، وتوفي بدمشق في ربيع الأول، وقيل في ربيع الآخر.
ونقل عنه الرافعي: أنه كان يرى أن القاضي يزوج نفسه بامرأة هو وليّها.
قال: وحكي عنه أنه فعله لما كان قاضيا بدمشق.
قال العبّادي في «الطبقات» [1] : قال أبو سهل الصعلوكي: رأيت ابنه من هذه المرأة يكدي [2] بالشام. انتهى ملخصا.
وفيها عبد الغافر بن سلامة أبو هاشم الحمصي [3] بالبصرة، وله بضع وتسعون سنة. روى عن كثير بن عبيد وطائفة.
وفيها عبد الله بن يونس القبري [4] الأندلسي [5] صاحب بقي بن مخلد، وكان كثير الحديث مقبولا.
[1] واسمه الكامل «طبقات الشافعيين» وهو مطبوع كما ذكر العلّامة الزركلي في ترجمته في «الأعلام» (5/ 314) ولكنه غير متوفر بين يدي، وصاحبه الإمام القاضي أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن عباد الهروي، المتوفى سنة (458) وسوف ترد ترجمته في المجلد الخامس إن شاء الله تعالى.
[2]
أي قلّ خيره. (ع)
[3]
مترجم في «العبر» (2/ 228) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 294) .
[4]
في الأصل والمطبوع: «القيري» وهو تصحيف، والتصحيح من «تاريخ علماء الأندلس» و «معجم البلدان» .
[5]
مترجم في «تاريخ علماء الأندلس» (1/ 226) طبع الدار المصرية للتأليف والترجمة و «معجم البلدان» (4/ 305- 306) . «العبر» (2/ 228) و «تاج العروس» (قبر)(13/ 358) .
وفيها عبد الملك بن أحمد بن أبي حمزة [1] البغدادي الزّيّات [2] روى عن الحسن بن عرفة وجماعة، وهو من كبار شيوخ ابن جميع.
وفيها الحافظ أبو الحسن علي بن محمد بن عبيد البغدادي البزّار [3] .
روى عن عبّاس الدّوري، ويحيى بن أبي طالب. وعنه: الدارقطني، وابن جميع. وثّقه الخطيب [4] وغيره، ووصفوه بالحفظ.
وفيها محمد بن عبد الملك بن أيمن القرطبيّ [5] أبو عبد الله الحافظ، وله ثمان وسبعون سنة. رحل إلى العراق سنة أربع وتسعين، وصنّف كتابا على «سنن أبي داود» وسمع من محمد بن إسماعيل الصائغ، ومحمد بن الجهم السّمّري [6] وطبقتهما. وعنه: ابنه أحمد.
قال ابن بردس: هو مسند الأندلس، وهو ثقة ثقة.
وفيها عمر بن سهل بن إسماعيل الحافظ المجوّد أبو حفص الدّينوري [7] . رحّال. روى عن إبراهيم بن أبي العنبس، وأبي قلابة الرّقاشي.
وعنه: أبو القاسم بن ثابت الحافظ، وصالح بن أحمد الهمداني. ذكره أبو يعلى في «الإرشاد» فقال: ثقة، إمام، عالم.
وفيها محمد بن عمر بن حفص الجورجيري [8] بأصبهان. سمع إسحاق بن الفيض [9] ، ومسعود بن يزيد القطّان، وطبقتهما.
[1] تصحفت في الأصل والمطبوع إلى «حمرة» .
[2]
مترجم في «العبر» (2/ 229) .
[3]
مترجم في «العبر» (2/ 229) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 286- 287) .
[4]
حيث قال عنه في «تاريخ بغداد (12/ 74) : وكان ثقة، أمينا، حافظا، عارفا.
[5]
مترجم في «العبر» (2/ 229) ، و «سير أعلام النبلاء» (15/ 241- 243) .
[6]
نسبة إلى «سمّر» من أعمال «كسكر» بين واسط والبصرة. انظر «الأنساب» (7/ 137) .
[7]
مترجم في «تذكرة الحفاظ» (3/ 879- 880) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 337- 339) .
[8]
مترجم في «العبر» (2/ 229) و «الأنساب» (3/ 256) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 271- 272) .
[9]
الذي في «سير أعلام النبلاء» (15/ 271)«إسحاق بن إبراهيم الفارسي» .
وفيها محمد بن يوسف بن بشر، أبو عبد الله الهروي الحافظ [1] ، غندر [2] من أعيان الشافعية، والرحّالين في الحديث. سمع الرّبيع بن سليمان، والعبّاس بن الوليد البيروتي، وطبقتهما. ومنه: الطبراني، والزّبير بن عبد الواحد، وهو ثقة ثبت.
وفيها الزاهد العابد، أبو صالح [3] صاحب المسجد المشهور بظاهر باب شرقي [4]، يقال: اسمه مفلح [5] ، وكان من الصوفية العارفين.
[1] مترجم في «العبر» (2/ 229- 230) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 252- 254) .
[2]
أقول: المعروف بلقب غندر، محمد بن جعفر الهذلي أبو عبد الله البصري ولم أجد من قال عن الهروي بأنه غندر. (ع) .
[3]
مترجم في «العبر» (2/ 230) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 84- 85) و «دول الإسلام» (1/ 203) و «النجوم الزاهرة» (3/ 275) .
[4]
يعني الباب الشرقي لسور مدينة دمشق القديمة.
[5]
قلت: وذكر في «النجوم الزاهرة» أن اسمه «مفلح بن عبد الله الدمشقي» .