الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة
فيها كما قال ابن الجوزي في «الشذور» مات عضد الدولة، والصحيح أنه مات في التي بعدها كما يأتي.
وفيها الإسماعيلي، الحبر الإمام الجامع، أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العبّاس الجرجاني [1] الحافظ الفقيه الشافعي، ذو التصانيف الكبار في الحديث والفقه بجرجان، في غرّة رجب، وله أربع وتسعون سنة. أول سماعه في سنة تسع وثمانين، ورحل في سنة أربع وتسعين، وسمع من يوسف بن يعقوب القاضي وإبراهيم بن زهير الحلواني وطبقتهما، وعنه: الحاكم، والبرقاني، وحمزة اليمني.
قال الحاكم: كان الإسماعيلي أوحد عصره وشيخ المحدّثين والفقهاء، وأجلّهم في الرئاسة والمروءة والسخاء. انتهى.
وقال الذهبي [2] : كان ثقة حجة كثير العلم. انتهى.
وفيها المطّوّعي، أبو العبّاس الحسن بن سعيد بن جعفر العبّاداني المقرئ، نزيل إصطخر، وأسند من في الدّنيا في القراءات. قرأ القراءات [3]
[1] تقدمت ترجمته في حوادث سنة (370) ص (379) .
[2]
انظر «العبر» (2/ 365) .
[3]
قوله: «قرأ القراءات» سقط من الأصل وأثبته من المطبوع.
على أصحاب الدّوري، وخلف، وابن ذكوان، والبزّي، وحدّث عن أبي خليفة، والحسن بن المثنّى، وضعّفه ابن مردويه.
وقال أبو نعيم: ليّن في روايته.
وقال في «العبر» [1] : عاش مائة سنة وسنتين، قال الخزاعي: كان أبوه سعيد واعظا محدّثا.
وفيها أبو محمد السّبيعي، واسمه الحسن بن أحمد بن صالح الهمداني الحلبي [2] .
قال ابن ناصر الدّين: كان على تشيع فيه ثقة، ومات في الحمام.
انتهى.
وفيها الزّبيبي [3] عبد الله بن إبراهيم بن جعفر، أبو الحسين البغدادي البزّار، في ذي القعدة، وله ثلاث وتسعون سنة. روى عن الحسن بن علّويه القطّان، والفريابي، وطائفة.
وفيها ابن التبّان، شيخ المالكية بالمغرب، أبو محمد عبد الله بن إسحاق القيرواني.
قال القاضي عياض: ضربت إليه آباط الإبل من الأمصار [لذبّه عن مذهب أهل المدينة][4] ، وكان حافظا بعيدا من التصنّع والرّياء فصيحا [كبير القدر][4] .
وفيها أبو زيد المروزي الإمام الشافعي القاشاني- بفاء وشين معجمة
[1](2/ 365) .
[2]
مترجم في «طبقات الحفاظ» للسيوطي ص (382) .
[3]
تحرّفت نسبته في الأصل المطبوع إلى «الزيني» وفي «العبر» إلى «الزيدي» والتصحيح من «الأنساب» (6/ 246) .
[4]
تكملة من «سير أعلام النبلاء» (16/ 320) .
ونون، نسبة إلى فاشان قرية من قرى مرو- واسمه محمد بن أحمد بن عبد الله الزاهد. حدّث بالعراق، ودمشق، ومكّة، وروى الصحيح عن الفربري ومات بمرو في رجب، وله سبعون سنة.
قال الحاكم: كان من أحفظ الناس لمذهب الشافعي، وأحسنهم نظرا، وأزهدهم في الدّنيا، سمعت أبا بكر البزّار يقول: عادلت [1] الفقيه أبا زيد من نيسابور إلى مكّة، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة. انتهى.
وقال الخطيب [2] : حدّث ب «صحيح البخاري» عن الفربري، وأبو زيد أجلّ من روى ذلك الكتاب.
وعنه أخذ أبو بكر القفّال المروزي وفقهاء مرو، وكان من أزكى النّاس قريحة، جاور بمكة سبع سنين.
وقال ابن الأهدل: كان أول أمره فقيرا، ثم بسطت عليه الدّنيا عند كبره، وسقوط أسنانه، وانقطاعه عن الجماع، فقال مخاطبا لها: لا أهلا بك ولا سهلا، أقبلت حين لا ناب ولا نصاب، ومات وله تسعون سنة. انتهى.
وفيها محمد بن خفيف أبو عبد الله الشّيرازي، شيخ إقليم فارس، وصاحب الأحوال والمقامات. روى عن حمّاد بن مدرك وجماعة.
قال السّلمي: هو اليوم شيخ المشايخ، وتاريخ الزمان، لم يبق للقوم أقدم منه سنّا ولا أتم حالا، متمسّك [3] بالكتاب والسّنّة فقيه على مذهب الشافعي، كان من أولاد الأمراء فتزهد، توفي في ثالث رمضان عن خمس وتسعين سنة، وقيل: عاش مائة سنة وأربع سنين. قاله في «العبر» [4] .
[1] قال ابن منظور: عادل الرجل الرجل: ركب معه. انظر «لسان العرب» (عدل) .
[2]
انظر «تاريخ بغداد» (1/ 314) وقد نقل المؤلف عنه بتصرف واختصار.
[3]
في الأصل: «متمسكا» وأثبت لفظ المطبوع وهو الصواب.
[4]
(2/ 366- 367) .
قال ابن خفيف [1] : قدم علينا بعض أصحابنا، فاعتلّ بعلة البطن، فكنت أخدمه وآخذ من تحته الطست طول الليل، فغفوت [2] عنه مرة، فقال لي: نمت! لعنك الله! فقيل له: كيف وجدت نفسك عند قوله: لعنك الله؟
قال: كقوله: رحمك الله.
ومن كلامه: التوكّل [هو][3] الاكتفاء بضمانه، وإسقاط التّهمة عن قضائه.
وقال: الأكل مع الفقراء قربة إلى الله عز وجل.
وقال أحمد بن يحيى الشيرازي: ما أرى التصوف إلا يختم بأبي عبد الله بن خفيف.
وقال السبكي [4] : شيخ المشايخ، وذو القدم الراسخ في العلم والدّين، كان سيدا جليلا وإماما حفيلا، يستمطر الغيث بدعائه، ويؤوب المصرّ بكلامه عن إغوائه، من أعلم المشايخ بعلوم الظاهر، وممّن اتفقوا على عظيم تمسّكه بالكتاب والسّنّة.
وكانت له أسفار وبدايات، وأحوال عاليات ورياضات، لقي من النّسّاك شيوخا ومن السّلّاك طوائف، رسخ قدمهم في الطريق رسوخا، وصحب من أرباب الأحوال أحبارا وأخيارا، وشرب من منهل الطريق كاسات كبارا، وسافر مشرقا ومغربا، وصابر النفس حتّى انقادت له، فأصبح مثنى الثناء عليها، معربا ذا صبر على الطاعة لا يعصيه فيه قلبه، واستمرار على المراقبة، شهيد [5] عليه ربّه، وجنب لا يدري القرار، ونفس لا تعرف المأوى إلا البيداء، ولا مسكن [6] إلا القفار.
[1] انظر «طبقات الصوفية» ص (464) .
[2]
في الأصل والمطبوع: «فأغفلت» وما أثبته من «طبقات الصوفية» .
[3]
زيادة من «طبقات الصوفية» ص (465) .
[4]
انظر «طبقات الشافعية» للسبكي (3/ 149- 155) بتحقيق الطناحي والحلو.
[5]
في «طبقات الشافعية» : «شهيدة» .
[6]
في الأصل والمطبوع: «ولا سكن» وأثبت لفظ «طبقات الشافعية» .
وكان من أولاد الأمراء فتزهّد، حتّى قال: كنت أذهب وأجمع الخرق من المزابل، وأغسلها وأصلح منها [1] ما ألبسه.
وروى عنه القاضي أبو بكر بن الباقلاني وغيره، ورحل إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري، وأخذ عنه، وهو من أعيان تلامذته، وصنّف من الكتب ما لم يصنّفه أحد، وعمّر حتّى عمّ نفعه البلدان، وازدحم الناس على جنازته، وصلّي عليه نحو مائة مرة. انتهى ملخصا.
[1] في «طبقات الشافعية» : «وأغسله وأصلح منه» .