الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وثمانين وثلاثمائة
فيها توفي القاسم بن الثلّاج، عبد الله بن محمد البغدادي الشاهد.
في ربيع الأول، وله ثمانون سنة. روى عن البغوي وطائفة، واتّهم بالوضع.
وفيها أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن خلف بن سهل المصري البزّاز، ويعرف بابن أبي غالب. روى عن محمد بن محمد الباهلي، وعلي بن أحمد بن علّان، وطائفة وكان من كبراء المصريين ومتموّليهم.
وفيها، وقيل: في التي قبلها، وبه جزم ابن ناصر الدّين في «بديعته» فقال:
ابن أبي اللّيث النّصيبيّ المصري
…
فاضلهم في شأننا وشعر
وهو أحمد بن أبي اللّيث نصر بن محمد النّصيبيّ [1] المصريّ، أبو العبّاس، كان من الحفّاظ الأيقاظ، آية في الحفظ.
وفيها الإمام الكبير الحافظ، ابن بطّة، أبو عبد الله، عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان بن بطّة العكبري، الفقيه الحنبلي، العبد الصالح. توفي في المحرم، وله ثلاث وثمانون سنة.
[1] في الأصل والمطبوع: «النصيبيني» وهو خطأ، والتصحيح من «سير أعلام النبلاء» (16/ 561) .
قال في «العبر» [1] : كان صاحب حديث، ولكنه ضعيف من قبل حفظه.
روى عن البغوي، وأبي ذر بن الباغندي، وخلق، وصنّف كتابا كبيرا في السّنّة.
قال العتيقي: كان مستجاب الدعوة. انتهى كلام «العبر» .
وقال ابن ناصر الدّين: كان أحد المحدّثين العلماء الزهّاد، ومن مصنفاته «الإبانة في أصول الديانة» . انتهى.
وقال ابن أبي يعلى في «طبقاته» [2] : سمع من خلائق لا يحصون فإنه سافر الكثير إلى مكّة، والثغور، والبصرة، وغير ذلك، وصحبه جماعة من شيوخ المذهب، منهم: أبو حفص [العكبري، وأبو حفص] البرمكي، وأبو عبد الله بن حامد، [وأبو علي بن شهاب] ، وأبو إسحاق البرمكي في آخرين.
ولما رجع من الرحلة لازم بيته أربعين سنة، فلم ير في سوق ولا رئي مفطرا إلا في يوم الفطر، والأضحى، وأيام التشريق.
وقال عبد الواحد بن علي العكبري: لم أر في شيوخ أصحاب الحديث، ولا في غيرهم، أحسن هيئة من ابن بطة.
وكان أمّارا بالمعروف، ولم يبلغه خبر منكر إلا غيّره.
وقال أبو محمد الجوهري: سمعت أخي أبا عبد الله يقول: رأيت النّبيّ، صلى الله عليه وآله وسلم، في المنام، فقلت له: يا رسول الله، أي المذاهب خير؟ أو قال:
قلت: على أي المذاهب أكون؟ فقال: «ابن بطة، ابن بطة، ابن بطة» فخرجت من بغداد إلى عكبرا، فصادف دخولي يوم جمعة، فقصدت الشيخ
[1](3/ 37) .
[2]
انظر «طبقات الحنابلة» (2/ 144- 147) وما بين حاصرتين سقط من الأصل والمطبوع واستدركته منه، وقد نقل المؤلف عنه باختصار وتصرّف.
أبا عبد الله بن بطة إلى الجامع، فلما رآني قال لي: ابتداء: صدق رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، صدق رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال أبو عبد الله بن بطة: ولدت يوم الاثنين لأربع خلون من شوال، سنة أربع وثلاثمائة، وولد ابن منيع، رحمه الله، سنة أربع عشرة ومائتين، ومات يوم الفطر سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وقرأت عليه «معجمه» في نفر خاص في مدة عشرة أيام أو أقل أو أكثر، وذلك في آخر سنة خمس عشرة وأول سنة ست عشرة.
وكان بعين ابن بطة ناصور، وقد وصف له ترك العشاء، فكان يجعل عشاءه قبل الفجر بيسير، ولا ينام حتّى يصبح، وكان عالما بمنازل النّيّرين [1] .
واجتاز ابن بطّة بالأحنف العكبري، فقام له، فشق ذلك عليه، فأنشأ الأحنف:
لا تلمني على القيام فحقي
…
حين تبدو أن لا أملّ القياما
أنت من أكرم البرية عندي
…
ومن الحق أن أجل الكراما
فقال ابن بطّة متكلفا له الجواب:
أنت إن كنت- لاعدمتك- ترعى
…
لي حقا وتظهر الإعظاما
فلك الفضل في التقدم والع
…
لم ولسنا نحب منك احتشاما
فاعفني الآن من قيامك أو لا
…
فسأجزيك بالقيام قياما
وأنا كاره لذلك جدّا
…
إنّ فيه تملقا وآثاما
لا تكلف أخاك أن يتلقا
…
ك بما يستحلّ فيه الحراما
وإذا صحّت الضّمائر منا
…
اكتفينا أن نتعب الأجساما
كلنا واثق بود أخيه [2]
…
ففيم انزعاجنا وعلام
ويقال: إنه أفتى وهو ابن خمس عشرة سنة، ومصنفاته تزيد على مائة، رحمه الله تعالى.
وفيها ابن مردك، أبو الحسن، علي بن عبد العزيز بن مردك البرذعي [1] البزّاز ببغداد، حدّث عن عبد الرّحمن بن أبي حاتم وجماعة، ووثقه الخطيب [2] ، وتوفي في المحرم، وكان عبدا صالحا.
وفيها فخر الدولة، علي بن ركن الدولة الحسن بن بويه الدّيلمي، سلطان الرّيّ، وبلاد الجبل، وزر له الصّاحب بن عبّاد، وكان ملكا شجاعا مطاعا جمّاعا للأموال، واسع الممالك، عاش ستا وأربعين سنة، وكانت أيامه أربع عشرة سنة، لقّبه الطائع ملك الأمة، وكان أجلّ من بقي من ملوك بني بويه، وكان يقول: قد جمعت لولدي ما يكفيهم ويكفي عسكرهم خمس عشرة سنة.
قال ابن الجوزي في كتابه «شذور العقود» : توفي في قلعة بالرّيّ، وكانت مفاتيح خزائنها مع ولده، ولم يحضر، فلم يوجد له كفن، فابتيع من قيم الجامع الذي تحت القلعة ثوب، فلف فيه، واختلف الجند، فاشتغلوا عنه حتّى أراح [3] ، فلم يمكنهم القرب منه، فشدّ بالحبال وجرّ على درج القلعة من بعد حتّى تقطع، وكان قد ترك ألفي ألف دينار وثمانمائة وخمسة وستين ألفا، وكان في خزانته من الجوهر، والياقوت، والؤلؤ، والبلخش [4] والماس أربعة عشر ألفا وخمسمائة قطعة، قيمتها ألف ألف دينار، ومن أواني
[1] في «العبر» (3/ 37) : «البردعي» بالدال المهملة وهو تصحيف.
[2]
انظر «تاريخ بغداد» (12/ 30) .
[3]
أي أصبحت رائحة جيفته ظاهرة مشمومة.
[4]
في الأصل: «البلخس» وهو خطأ وأثبت لفظ المطبوع وهو الصواب. قال ابن الأكفاني في كتابه «نخب الذخائر في معرفة الجواهر» ص (14- 15) : ويسمّى (اللّعل) بالفارسية، وهو جوهر أحمر شفّاف مسفر صاف يضاهي فائق الياقوت في اللون والرونق.
الفضة ما وزنه ثلاثة آلاف ألف من، ومن الأثاث ثلاثة آلاف حمل، ومن السلاح ألفا حمل، ومن الفرش ألفان وخمسمائة حمل. انتهى ما ذكره ابن الجوزي.
وفيها أبو ذر، عمّار بن محمد بن مخلد التميمي، نزيل بخارى. روى عن يحيى بن صاعد وجماعة، ومات في صفر، وروى عنه عبد الواحد الزبيري، الذي عاش بعده مائة وثمان سنين، وهذا معدوم النظير.
وفيها أبو الحسين بن سمعون، الإمام القدوة، الناطق بالحكمة، محمد بن أحمد بن إسماعيل البغدادي الواعظ، صاحب الأحوال والمقامات.
روى عن أبي بكر بن أبي داود وجماعة، وأملى عدّة مجالس. ولد سنة ثلاثمائة، ومات في نصف ذي القعدة ولم يخلف ببغداد مثله.
قال ابن خلّكان [1] : كان وحيد دهره في الكلام على الخواطر، وحسن الوعظ، وحلاوة الإشارة، ولطف العبارة. أدرك جماعة من [جلّة] المشايخ، وروى عنهم، منهم: الشيخ أبو بكر الشبلي رحمه الله، وأنظاره، ومن كلامه ما رواه الصّاحب بن عبّاد قال: سمعت ابن سمعون يوما وهو على الكرسي في مجلس وعظه يقول: سبحان من أنطق باللحم، وبصر بالشحم، واسمع بالعظم، إشارة إلى اللسان، والعين، والأذن، وهذه من لطائف الإشارات، ومن كلامه أيضا: رأيت المعاصي نذالة، فتركتها مروءة فاستحالت ديانة، وله كل معنى لطيف.
كان لأهل العراق فيه اعتقاد كثير، ولهم به غرام شديد، وإياه عنى الحريري صاحب «المقامات» في المقامة الحادية والعشرين، وهي الرازية [2] بقوله: رأيت بها [ذات] بكرة، زمرة إثر زمرة، وهم منتشرون انتشار الجراد،
[1] انظر «وفيات الأعيان» (4/ 304- 305) .
[2]
انظر «مقامات الحريري» ص (151- 152) وما بين حاصرتين مستدرك منه.
ومستنّون استنان الجياد، ومتواصفون واعظا يقصدونه، ويحلّون ابن سمعون دونه. ولم يأت في الوعّاظ مثله.
دفن في داره بشارع العباس [1] ثم نقل يوم الخميس حادي عشر رجب، سنة ست وعشرين وأربعمائة، ودفن بباب حرب، وقيل: إن أكفانه لم تكن بليت بعد، رحمه الله تعالى. انتهى ملخصا.
وقال ابن الأهدل: هو لسان الوقت المرجوع إليه في آداب الظاهر، يذهب إلى أسد المذاهب مع ما يرجع إليه من صحة الاعتقاد، وصحبة الفقراء، وكان الباقلاني والإسفراييني يقبّلان يده، ويجلّانه، وكان أول أمره ينسخ بالأجرة، ويبرّ أمه، فأراد الحج، فمنعته أمه، ثم رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول:«دعيه يحجّ، فإن الخيرة له في حجّه في الآخرة والأولى» فخرج مع الحاج فأخذهم العرب وسلبوه، فاستمر حتّى ورد مكّة. قال: فدعوت في البيت فقلت: اللهمّ إنك بعلمك غنيّ عن إعلامي بحالي، اللهمّ ارزقني معيشة أشتغل بها عن سؤال الناس. قال: فسمعت قائلا يقول: اللهمّ إنه ما يحسن يدعوك، اللهمّ ارزقه عيشا بلا مشقة، فأعدت ثلاثا، وهو يعيد، ولا أرى أحدا.
وروى الخطيب [2] أن ابن سمعون خرج من المدينة الشريفة إلى بيت الله ومعه تمر صيحاني، فاشتهى الرطب، فلما كان وقت الإفطار، إذا التمر رطب، فلم يأكله، فعاد إليه من الغد، فإذا هو تمر، فأكله. انتهى ملخصا أيضا.
وفيها أبو الطيب التّيملي- بفتح الفوقية وسكون التحتية وضم الميم ولام، نسبة إلى تيم الله بن ثعلبة [3] قبيلة، وتيم اللّات بطن من كلب، لا أدري
[1] في «وفيات الأعيان» : «بدرب العتابين» .
[2]
انظر «تاريخ بغداد» (1/ 275) .
[3]
وهو ما قاله السمعاني في «الأنساب» (3/ 114) .
إلى أيّهما ينسب صاحب الترجمة- محمد بن الحسين الكوفي. سمع عبد الله بن زيدان البجلي وجماعة وكان ثقة.
وفيها أبو الفضل الشيباني، محمد بن عبد الله الكوفي، حدّث ببغداد عن محمد بن جرير الطبري، والكبار، لكنه كان يضع الحديث للرافضة فترك.
وفيها أبو طاهر، محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة السّلمي النيسابوري. روى الكثير عن جدّه، وأبي العبّاس السرّاج، وخلق، واختلط قبل موته بثلاثة أعوام، فتجنّبوه.
وفيها محمد بن المسيّب، الأمير أبو الذّواد العقيلي، من أجلّ [1] أمراء العرب، تملك الموصل، وغلب عليها، في سنة ثمانين وثلاثمائة، وصاهر بني بويه، وتملك بعده أخوه حسام الدولة مقلّد بن المسيّب.
وفيها أبو القاسم السرّاج موسى بن عيسى البغدادي، وقد نيّف على التسعين. روى عن الباغندي وجماعة، ووثقه عبيد الله الأزهري.
وفيها نوح بن الملك منصور بن الملك نوح بن الملك نصر بن الملك أحمد بن الملك إسماعيل السّاماني [2] ، أبو القاسم، سلطان بخارى وسمرقند، وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة، وولي بعده ابنه منصور، ثم بعد عامين توثّب عليه أخوه عبد الملك بن نوح، الذي هزمه السلطان محمد بن سبكتكين، وانقرضت الدولة السّامانيّة.
قال ابن الفرات: استولى أبو القاسم محمود بن ناصر الدولة سبكتكين، وأخذ الملك من مجد الدولة، وأسره وأنفذ مقيدا إلى خراسان، وكتب إلى
القادر بالله يعلمه بذلك، فكتب إليه القادر عهدا على خراسان، والجبال، والسند، والهند، وطبرستان، وسجستان، ولقبه يمين الدولة، وناصر الملّة، نظام الدّين، ناصر الحق، نصير أمير المؤمنين.
قيل: وكان قبل ذلك يلقب بمولى أمير المؤمنين، ولقّب بالسلطان، وجلس على التخت، ولبس التاج، ودخل عليه البديع الهمذاني، وامتدحه بأبيات يقول فيها:
أظلت شمس محمود
…
على أنجم سامان
وأضحى آل بهرام
…
عبيدا لابن خاقان
انتهى.