الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست وستين وثلاثمائة
فيها كما قال في «الشذور» حجّت جميلة بنت ناصر الدولة أبي محمد بن حمدان، فاستصحبت أربعمائة جمل عليها محامل عدّة، فلم يعلم في أيّها كانت، فلما شاهدت الكعبة، نثرت عليها عشرة آلاف دينار، وأنفقت الأموال الجزيلة. انتهى [1] .
وفيها مات ملك القرامطة، الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنّابي القرمطي.
والجنّابي: بفتح الجيم، وقيل: بضمها، وتشديد النون، آخره موحدة، نسبة إلى جنّابة، بلد بالبحرين.
وكان الحسن هذا قد استولى على أكثر الشام وهزم جيش المعزّ، وقتل قائدهم جعفر بن فلاح، وذهب إلى مصر وحاصرها شهورا، قبل مجيء المعزّ، وكان يظهر طاعة الطائع لله، وله شعر وفضيلة. ولد بالأحساء، ومات بالرملة. قاله في «العبر» [2] .
والقرمطي: بكسر القاف [3] وسكون الراء، وكسر الميم، وبعدها طاء مهملة.
[1] وانظر الخبر برواية أخرى عند الذهبي في «العبر» (2/ 346) .
[2]
(2/ 346- 347) .
[3]
قلت: وضبطها ابن منظور في «لسان العرب» (قرمط) بفتح القاف فراجعه.
والقرمطة في اللغة تقارب الشيء بعضه من بعض، ويقال: خط مقرمط ومشي مقرمط، إذا كان كذلك، لأن أبا سعيد، والد هذا المذكور، كان قصيرا مجتمع الخلق، أسمر كريه المنظر، فلذلك قيل له: قرمطي، ونسبت إليه القرامطة.
وفيها ركن الدولة، الحسين بن بويه، أبو علي، والد عضد الدولة، ومؤيد الدولة، وأخو معز الدولة، وعماد الدولة.
كان الحسين هذا صاحب أصبهان، والرّي، وعراق العجم [1] وكان ملكا، جليلا، عاقلا، نبيلا، بقي في الملك خمسا وأربعين سنة، ووزر له ابن العميد، ووزر لولده الصاحب بن عبّاد، ومات الحسين هذا بالقولنج، وقسم الممالك على أولاده، فكلهم أقام بنوبته أحسن قيام.
وفيها المستنصر بالله [2] أبو مروان الحكم، صاحب الأندلس، وابن صاحبها الناصر لدّين الله، عبد الرحمن بن محمد الأموي المرواني، ولي ستة عشر سنة، وعاش ثلاثا وستين سنة، وكان حسن السيرة، محبّا للعلم، مشغوفا بجمع الكتب والنظر فيها، بحيث إنه جمع منها ما لم يجمعه أحد قبله ولا جمعه أحد بعده، حتّى ضاقت خزائنه عنها، وسمع من قاسم بن أصبغ وجماعة، وكان بصيرا بالأدب والشعر، وأيام الناس، وأنساب العرب، متسع الدائرة، كثير المحفوظ، ثقة فيما ينقله، توفي في صفر بالفالج.
وفيها أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن زياد النيسابوري
[1] عراق العجم: إقليم واسع في الغرب الأوسط من إيران المعاصرة، منه همذان، والدّينور، وحربذقان، وأصبهان، والرّيّ، وقزوين، وما بين ذلك. انظر «المشترك وضعا والمفترق صقعا» لياقوت الحموي ص (95) .
[2]
في الأصل والمطبوع: «المنتصر بالله» وهو خطأ والتصحيح من «العبر» (2/ 347) و «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (8/ 677) .
المعدّل. سمع من مسدّد بن قطن، وابن شيرويه [1] ، وفي الرحلة من الهيثم بن خلف، وهذه الطبقة. وحدّث بمسند إسحاق بن راهويه، وعاش ثلاثا وثمانين سنة.
وفيها أبو الحسن علي بن أحمد البغدادي بن المرزبان، صاحب أبي الحسين بن القطّان، أحد أئمة المذهب الشافعي وأصحاب الوجوه.
قال الخطيب البغدادي [2] : كان أحد الشيوخ الأفاضل. قال: ودرس عليه الشيخ أبو حامد [الإسفراييني] أول قدومه بغداد.
وقال الشيخ أبو إسحاق [3] : وكان فقيها ورعا، حكي عنه أنه قال:
ما أعلم أنّ لأحد عليّ مظلمة، وقد كان فقيها يعرف [4] أن الغيبة من المظالم، ودرّس ببغداد، وعليه درس الشيخ أبو حامد [الإسفراييني] . توفي في رجب بعد شيخه ابن القطّان بسبع سنين.
والمرزبان: معناه كبير الفلاحين.
نقل عنه الرافعي في مواضع محصورة، منها: أن الآجرّ المعجون بالروث يطهر ظاهره بالغسل. قاله ابن قاضي شهبة.
وفيها أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن الحسن الجرجاني [5] القاضي بجرجان، ثم بالرّيّ.
ذكره الشيخ أبو إسحاق في «طبقاته» [6] فقال: كان فقيها، أديبا، شاعرا.
وذكره الثعالبي في «اليتيمة» [7] فقال: حسنة جرجان، وفرد الزمان،
[1] في الأصل والمطبوع: «وابن سيرويه» والتصحيح من «العبر» .
[2]
انظر «تاريخ بغداد» (11/ 325) وما بين حاصرتين زيادة منه.
[3]
انظر «طبقات الفقهاء» للشيرازي ص (117) .
[4]
في «طبقات الفقهاء» : «يعلم» .
[5]
قلت: الصواب أنه مات سنة (392) . انظر التعليق رقم (1) ص (355) .
[6]
انظر «طبقات الفقهاء» للشيرازي ص (122) وراجع «تاريخ جرجان» ص (318) .
[7]
انظر «يتيمة الدهر» (4/ 3) طبع دار الكتب العلمية ببيروت.
ونادرة الملك [1] ، وإنسان حدقة العلم، ودرّة تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر، جمع [2] خط ابن مقلة، ونثر الجاحظ، ونظم البحتري، وفيه يقول الصاحب بن عبّاد:
إذا نحن سلّمنا لك العلم كلّه
…
فدع هذه الألفاظ ننظم شذورها [3]
ومن شعره [4] :
يقولون لي فيك انقباض وإنّما
…
رأوا رجلا عن موقف الذّلّ أحجما
أرى النّاس من داناهم هان عندهم
…
ومن أكرمته عزّة النّفس أكرما
وما كلّ برق لاح لي يستفزّني
…
ولا كلّ من لاقيت [5] أرضاه منعما
وإني إذا ما فاتني الأمر لم أبت
…
أقلب كفي إثره متندما [6]
ولم أقض حقّ العلم إن كان كلّما
…
بدا طمع صيّرته لي سلّما
إذا قيل هذا منهل [7] قلت قد أرى
…
ولكنّ نفس الحرّ تحتمل الظّما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي
…
لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
أأشقى به غرسا وأجنيه ذلّة
…
إذا فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أنّ أهل العلم صانوه صانهم
…
ولو عظّموه في النّفوس تعظّما
ولكن أذلوه فهان [8] ودنّسوا
…
محياه بالأطماع حتّى تجهّما
[1] في «يتيمة الدهر» الذي بين يدي: «ونادرة الفلك» .
[2]
في «يتيمة الدهر» : «يجمع» .
[3]
البيت مع الخبر في «يتيمة الدهر» و «طبقات الشافعية» للسبكي (3/ 459) .
[4]
الأبيات في «معجم الأدباء» لياقوت (14/ 17- 18) و «طبقات الشافعية» للسبكي (3/ 460 461) بتحقيق الطناحي والحلو. و «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 349- 350) ، وبعضها في «يتيمة الدهر» (4/ 25) مع تقديم وتأخير في أبياتها.
[5]
في «معجم الأدباء» : «ولا كل أهل الأرض» .
[6]
هذا البيت لم يرد في «معجم الأدباء» .
[7]
في «معجم الأدباء» و «يتيمة الدهر» : «إذا قيل هذا مشرب» .
[8]
كذا في الأصل والمطبوع، و «طبقات الشافعية» للسبكي:«ولكن أذلوه فهان» وفي «معجم» .
وطاف المذكور في صباه الأقاليم، ولقي العلماء، وصنّف كتاب «الوساطة بين المتنبي وخصومه» أبان فيه عن فضل كبير، وعلم غزير.
ذكر الحاكم في «تاريخ نيسابور» أنه مات بها في سلخ صفر سنة ست وستين وثلاثمائة [1] ، وحمل تابوته إلى جرجان. ودفن بها. قاله الإسنوي في «طبقاته» .
ومن شعره أيضا:
ما تطعّمت لذّة العيش حتّى
…
صرت للبيت والكتاب جليسا
ليس شيء أعزّ عندي من العل
…
م فلا تبتغي [2] سواه أنيسا
إنّما الذّلّ في مخالطة النّا
…
س فدعهم وعش عزيزا رئيسا
وفيها أبو الحسن محمد بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل النيسابوري السرّاج المقرئ، الرجل الصالح. رحل وكتب عن مطيّن، وأبي شعيب الحرّاني، وطبقتهما.
قال الحاكم: قلّ من رأيت أكثر اجتهادا وعبادة منه، وكان يقرئ القرآن، توفي يوم عاشوراء.
وفيها أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيّويه النيسابوري ثم المصري، القاضي. سمع بكر بن سهل الدمياطي، والنسائي، وطائفة. توفي في رجب وهو في عشر التسعين أو جاوزها.
«الأدباء» : «ولكن أذلوه جهارا» .
[1]
قلت: الصواب أنه مات سنة (392) كما ذكر العلّامة خير الدّين الزركلي رحمه الله في تعليق مطول له في «الأعلام» (4/ 300) وانظر «سير أعلام النبلاء» (17/ 21) .
[2]
رواية البيت في «معجم الأدباء» (14/ 19) :
ليس شيء أعزّ عندي من العل
…
م فلم أبتغي سواه أنيسا
ورواية البيت في «مرآة الجنان» لليافعي (2/ 387) :
ليس شيء أعز عندي من العل
…
م فما أبتغي سواه أنيسا